 |
-
بيانات مقتدى.. التصعيد والتهدئة والطفولة المتأخرة
بيانات مقتدى.. التصعيد والتهدئة والطفولة المتأخرة
عبد السلام الهاشمي
يشكل خطاب مقتدى الصدر نقطة تحول جديدة في نوعية الخطابات وطريقة كتابتها وربما جاء الخطاب هذه المرة مرتبكا بعض الشيئ وفيه قفز على المواضيع هنا وهناك غير انه جاء بقرارات جديدة ورؤيا جديدة لسلوك جيش المهدي في المرحلة القادمة وهذا الرؤية جاءت تدعو الى التهدئة بعد ان كانت تدعو الى الحرب المفتوحة وبزمن قصير فهل كانت الضربات القوية التي وجهتها القوات العراقية هي السبب الرئيس في تغيير لغة الخطاب ام ان هناك اعلان عن الانسحاب الضمني والحفاظ على ماء الوجه بانتظار ان تتدخل قوى سياسية لفض النزاع وعلاج الازمة ؟. في خطابه الأخير يحاول مقتدى ان يعيد النظر في خطاباته السابقة والى لغتها القوية وكأنه يعلن الانسحاب والبراءة منها والتي كانت الدماء تسيل من حروفها بعد اعلانه الحرب المفتوحة على الجيش والشرطة والتي اشار فيها الى انه لا يقاتل هذه القوات بصورة مباشرة بل انه يقاتل المنظويين تحتها والمقصود بهم منظمة بدر وكأنه يريد ان يوهم العالم بان المعركة هي مع بدر ، وهذا تحول خطير في ضوء ما صرح به من قبل ان القتال فقط في ساحة قوات الاحتلال وربما تكون هذه النقطة بالذات هي السبب المباشر في تحول عدد من انصاره الى كتل اخرى وانسحاب عدد كبير منهم لأنهم لا يرتضون محاربة اخوتهم في الدين والعقيدة واعلانهم المباشر عن وقوعهم ضحية خديعة كبرى اسمها جيش المهدي .
ورغم الادعاءات والتظليل الذي حاول ممارسته على الشعب فأن هذه الحيلة لم تنطل عليه بعد ان اكتشف زيف الادعاءات والمتاجرة بأسم الدين وبأسم المهدي ، وهذه اللعبة التي يمارسها الآن من خلال الخطابات التحريضية التي يعتبرها انصاره بمثابة الفتوى لعدم وجود مشرع او مرجع يجيز القتال ضد القوات العراقية ، وان بيان التهدئة يضاف الى هذه الحصيلة من اللعب الطفولية والقرارات الطائشة التي لا تنم عن عقلية راجحة او رؤيا سياسية لقراءة الاحداث بصورة صحيحة ، الملاحظ على البيانات السابقة هي صعود لغة التهديد الى مستوى عال خسر العراق على اثرها الآف الأرواح من الابرياء وتهدمت بنيته التحتية واحترقت الدور والمحلات وخسر الأقتصاد العراقي ملايين الدولارات بعد الشلل الذي اصابه نتيجة حظر التجوال ونتيجة المعارك الدموية .
ان هذه البيانات توضح بالتأكيد طفولية عقل مقتدى وقصر نظره حيث انه لم يستقر على رأي ولم يكن له وجهة نظر صائبة في الامور لأن هذه المسائل اكبر من حجمه واكبر من عقله وهو ان حشر نفسه فيها فقد دخل في عنق الزجاجة ولا يستطيع الخروج منها ، فتارة نراه يهدد وتارة يهدأ وتارة يكتب شعرا واشياء كثيرة مرتبكة لا تنم الا على عدم الاستقرار والتوتر ، فهل ادرك ان كل كلمة منه يسيل منها ولأجلها دم طاهر كثير ؟ وهل ادرك ان هذه البيانات التي لايفهمها مؤيدية وانصاره دفع العراق ثمنها ودفع المواطن البريء الاعزل ثمنها ؟ فهو قد صرح قبل فترة سابقة انه اعتزل العمل السياسي وعزا ذلك لعدة اسباب منها سيطرة المكاسب الدنيوية على نفوس البعض ولم يردعهم الدين او الأخلاق ، وان هذه الفترة التي مارس فيها العمل السياسي ابعدته عن نيل العلوم الدينية وابتعد عنها ، واعتقد ان هذا الابتعاد ليس عن العلوم حسب بل انه ابتعد حتى عن الله فالمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ، والمسلمون لم يسلموا من يده ولا من لسانه الذي يصرح كل يوم بالقتل والتهجير والحرق والتدمير اضافة الى ان دراسته خطر على الاسلام والمسلمين فالتيار الصدري الآن ليس لديه عقيدة ثابتة ولا يستند على شرعية وتخويل او تفويض من اي مرجع شريف والدراسة الحوزوية التي سيصبح بعدها مقتدى مرجعا والعياذ بالله ستفتح الباب امام سيل من الفتاوى القاتلة وهو اذا كان بهذه العقلية من التخبط بين التصعيد والتهدئة وفق المزاج والحالة النفسية واملاء الغير ، فكيف يمكن ان يفتي وتكون رقاب المسلمين ذمة في عنقه وهو لا يملك ابسط القواعد العلمية الدينية ولا يعرف اركان وفروع الدين ؟ فهل سنتحول الى طالبان اخرى تفتي حسب رأيها ولديها رجال دين تسيرهم حسب رغباتها اذا ما اصبح زعيمهم مجتهدا يعطي اجازة الاجتهاد للمراجع ؟ ، ومهما كان من جنوحه الى الهدوء والاعتزال والانعزال فهو لم يستطع ان يمارس حياته المعتادة كباقي طلاب العلم بل انه يمارس العمل اليومي مع شيطانه الذي لم يفارقه لحظة واحدة حتى داخل الى المؤسسة الحوزوية .
والخطاب هنا جاء لأعادة التنفس بحرية واعادة لصق ما تهشم من زجاج صورته المشوهة امام الشعب واعادة تاهيل جيشه ولعق جراحة والعودة بقوة كرة ثانية الى الساحة وهذا حلم بعيد المنال بعد القوة الكبيرة التي اظهرتها القوات العراقية والتفاف الجماهير حولها ومطالبتها الملحة بمطاردة فلول المنهزمين من جيش المهدي في كل مكان ؟،فالحياة لن تستقر ولن يعود الهدوء بوجود هؤلاء المجرمين.
ان مصداقية خطابات مقتدى تعيدنا الى الوراء الى خطابات القائد الضرورة حين يشعر انه محاصر من جميع الجهات ولا سبيل الى النجاة فيبدأ بالهذيان واعتقد انه وصل هذه المرحلة فلن تنفع مناوراته في تحريك العواطف واستمالة جهة سياسية ما لأن الجميع ادرك ان لا دولة في ظل السلاح ولا يمكن ان يستقيم مسار الأمن والهدوء وخطر اسمه جيش المهدي موجود على الساحة يتحرك بحريتة ، فالمعركة التي ادعى انها مفتوحة مع الامريكان انفتحت على العراقيين ، والبعثيين الذين كرر في خطاباته وبياناته انهم اعدائه اصبحوا بين ليلة وضحاها من الاصدقاء الخلص والذين ارتمى في احضانهم لتخليصة من الموقف الصعب بعد ان اغلقت كل الابواب في وجهه ، فهل سيشهد هذا البيان تأثيرا في الشارع ؟ اشك في ذلك .
ان الكثير من بيانات التهدئة قوبلت بالرفض من انصاره رغم دعواه اكثر من مرة الى الهدوء وضبط النفس الا اللهم ان الخطاب يدعو ظاهره الى الهدوء وباطنه الى القتال وهذا ما يؤكده الواقع المعاش وله ما يناقضه في فحوى الخطاب نفسه فهو يدعو الى الهدوء من جهة والى عدم القتال داخل المدن من جهة اخرى بالجمع بين النقيضين والاعلان عن التجميد المستمر مع وجود القتال يؤكد على صدق نظريتنا ، وهي حالة ليست غريبة عليه لأنه يحمل التناقض في كل شيء ، فالعراقيون لا يريدون من هذه البيانات الا ان تكون بمثابة الجواب الذي تنتظره منذ سنين عن المدة التي تنتهي بها الميليشيا ومتى يقضى على جيش اتخذ من اسم المهدي شعارا له ؟، فالحل ليس بالخطاب الاعلامي والشعارت المزيفة ، الحل بالفعل والقول وما يؤيده على الواقع ، فمن يملك الحل ومن يملك قدرة الهمس بأن مقتدى : كفاك قتلا لأنك ستتحمل وزر هذه الدماء ، ومن سن سنة سيئة .....
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |