[align=center]مقتدى الصدر يقلد من ؟[/align]

د. خلود عدنان

ما دفعني الى الكتابة حول هذا الموضوع بالذات ما وصلت إليه الأمور في العراق من احداث عنف ازهقت العديد من الارواح وراح ضحيتها الابرياء الذين لا يملكون حولا ولا قوة بعد قيام فئات ضالة ومنحرفة بسلوك غير متزن واتباع أوامر قيادات نصبت نفسها كمرجعية دينية تستطيع من خلال علميتها البسيطة ان تصدرفتاوى بتجويز القتل والدمار

عمل المكلف بلا تقليد باطل ، هذه اولى الكلمات والقواعد البديهية للعمل والتي يقسمها الشارع الى مقلد ومرجع ، واي عمل بدون العودة الى رأي الفقيه فيه يعتبر باطلا وغير مبرئ للذمة وقيل " من افتى بغير علم اكبه الله على وجهه في نار جهنم " فلايجوز العبث بهذه الخطوط الحمراء المحصورة بشخصيات ذات ورع وعلم وحلم ونالت هذه الدرجة بعد عناء ودرس واجتهاد ، والاهم من ذاك الاجتباء والاختيار الألهي والتوفيق والتسديد وهي خصال لا يمكن اكتسابها بالقول فقط بل يجب ان يتوفر ما يدعمها من الفعل وان يكون الظاهر كالباطن فضلا عن المعرفة التامة باغلب الامور الدنيوية حتى يكون علمه متمما لعمله ، نحن هنا لا نريد الخوض في هذا المضمار فان فيه أحاديث كثيرة ويعرفها اقل متعلم اطلع على الرسائل العملية او سمع من رجال الدين او غيرهم ،ما يهمنا في هذا الموضوع ان عملية التقليد ركن اساسي من اركان عمل المكلف ولا يكتسب أي عمل شرعيته ما لم يمر في غرفة اختبار المرجع وهو الذي يصدر امره الذي استمده من القران ومن السيرة ومن أقوال المعصومين ، فأي عملية تخالف هذا المضمون عملية باطلة .
ما دفعني الى الكتابة حول هذا الموضوع بالذات ما وصلت إليه الأمور في العراق من احداث عنف ازهقت العديد من الارواح وراح ضحيتها الابرياء الذين لا يملكون حولا ولا قوة بعد قيام فئات ضالة ومنحرفة بسلوك غير متزن واتباع أوامر قيادات نصبت نفسها كمرجعية دينية تستطيع من خلال علميتها البسيطة ان تصدرفتاوى بتجويز القتل والدمار.
والحديث الدائر هنا حول تقليد مقتدى الصدر والى اي مرجع ، فهو أكد أكثر من مرة انه يعود بالتقليد الى السيد كاظم الحائيري كان آخرها في اللقاء الأخير الذي بثته قناة الجزيرة ولم يكن هناك ادنى شك حول تقليد مقتدى لكاظم الحائري معتمدا كما قال على وصية السيد محمد صادق الصدر بالرجوع في المسائل المستحدثه الى السيد كاظم الحائري وهي وصية طالما تكررت وفي اكثر من مناسبة وهي ذات الوصية الى ادعى بها اليعقوبي، ما يهمنا ان الذي يقلد مرجعا ما عليه ان يعود اليه في كل الامور الصغيرة منها والكبيرة ، فكيف قام مقتدى بتشكيل جيش المهدي وبدون اذن؟، هل هو باذن من الحائري الذي دعى اكثر من مرة الى حقن الدماء والقاء السلاح ام بتصريح وفتوى منه شخصيا ؟ اضافة الى ان السيد الحائري اسس قبل الانتخابات الاخيرة حزبا اسماه تيار الاصلاح والنهوض واشترك في العملية السياسية مستفيدا من مرجعية محمد صادق الصدر وبعد ان أسس المرجع الآخر محمد اليعقوبي حزب الفضيلة ليدخل في قائمة الصراع في العمل السياسي فضلا عن التكليف الشرعي بقيادة الامة .
وفي اللقاء الاخير قال مقتدى وبلسان عربي فصيح انه يتبع مرجعية السيد الحائري، وهذا ما يدفع الى التساؤل وفي اكثر من جانب هل ان مقتدى يستمع الى توجهيات الحائري ويطبقها وهل ما أصدره من بيانات كانت بعلم السيد السيد الحائري ام لا ؟، لأن فيها إراقة لدماء المسلمين، فهل هو يتمتع بهذه الشرعية من إصدار البيانات واتخاذ القرارات نيابة عن المرجع ؟ .
من الجدير بالذكر ان السيد الحائري حين اوكل الى مقتدى في النجف أعطاه الوكالة في الأمور الحسبية فقط ولم يخوله مطلقا بتشكيل جيش المهدي وتحت اي ظرف او حاجة ،وشعر حينها انه استغل هذه الوكالة الى موارد غير مقبولة ولعدم التزامه بالتوجيهات التي أصدرها له في بداية سقوط النظام الصدامي سحبها منه ، وان وكيله في العراق الآن السيد قاسم الاسدي مدير مكتب النجف ، وهذا اعلان واضح بان مقتدى قائد غير شرعي لتيار وجيش غير شرعي ، فهل مازال يعمل تحت راي التقليد ام وصل الى درجة الاحتياط التي تؤهله لاصدار الفتوى الخاصة بعمله ؟ ، كذلك لدينا جواب اخر حول سؤال الشرعية وهو البيان الذي اصدره مقتدى والذي رمى الكرة في ملعب المرجعية لحل جيش المهدي فلو كان مطيعا للسيد كاظم الحائري ومقلدا له لما طلب من بقية المراجع الفتوى بهذا الامر بل كان المفترض ان يستفتي مرجعه الذي يقلده حول هذا الموضوع ويستمع الى رأيه أولا دون الآخرين لأنه المسؤول أمام الوحيد عنه أمام الله ،وعن كل عماله في الدنيا ، ولأنه صاحب القرار الذي لايناقش ، فالدليل هنا ان مقتدى لايقلد السيد الحائري وكان ادعائه على القناة ادعاءا باطلا وافتراء وكذب .
وحتى تكتمل الصورة فقد ورد في باب الاسئلة و الاجوبة في الموقع الرسمي لسماحة السيد الحائري رداً على احد الاسئلة حول وكالة مقتدى له في النجف قال(( السيد مقتدى كانت لديه وكالة في الاُمور الحسبية ولكن مشروطة بطاعة وتنسيق مع مكتبنا في النجف الأشرف ولكنه لا ينسق مع مكتبنا فسقطت وكالته. وأمّا الحقوق الشرعية فارجعوا بها إلى مكتبنا في النجف الأشرف- والذي هو حالياً بإشراف سماحة الشيخ قاسم الأسدي حفظه الله- أو إلى من يعينه لكم مكتبنا . )) .و في معرض الرد على استفتاء اخر حول تشكيل جيش المهدي اكد سماحته ان ((ارجعوا إلى مكتبنا في النجف الأشرف والذي هو حاليّاً بإشراف سماحة الشيخ قاسم الأسدي حفظه الله لأخذ مستحدثات الاُمور إن كنتم ترجعون إلينا في التقليد. أمّا تشكيل جيش المهدي فلم يكن بأمرنا)) .
بعد كل ما تقدم يضاف اليها ان مقتدى حاول لقاء السيد الحائري اكثر من مكرة دون جدوى وقد رفض طلبه بعد الاحداث الاخيرة في العراق والتي راح ضحيته المئات من الأبرياء وكانت هدرا للدماء الشيعية يتبين ان مقتدى لا يقلد السيد الحائري وان ادعائه كان باطلا، وقد ابلغه السيد الحائري كلامه مباشرة دون اللمح والاشارة كما ورد في بياناته من حرمة القتال والقاء السلاح من خلال مكتبه في النجف بانه يتحمل المسؤولية الاولى والاخيرة عما حصل في البصرة وفي بغداد والمدن الاخرى ودعاه صراحة الى حل جيش المهدي والى اتباع اوامر المرجعية ان كان يقلده فعلا كما قال في لقاء الجزيرة.
ولم يستطع السيد الحائري ان يخفي امتعاضه من تصريحات مقتدى الاخيرة من أخباره الغير مرضيه التي وصلت اليه لأنه كما قال" لم يستشرني عندما شكل جيش المهدي و انا غير مسؤول عن كل ما يفعله هؤلاء ". وهؤلاءالذين اشار اليهم السيد الحائري اكثر من مرة في بياناته هم جيش المهدي والذين فجّروا أو حطّموا المُنشآت الحيويّة كخطوط الطاقة وأنابيب النفط حرق الاسواق الشعبية و الرسمية و سرقة مخازن الادوية و الغذاء وهم يمثلون الامريكان في عملهم وادعائهم بالقتال ضد القوات الاميريكية ادعاء باطل وان هناك عناصر بعثية متغلغلة داخل التيار وداخل الجيش هي التي تحركه الى غاياتها وهي السبب الرئيس عن كل الجرائم التي تحصل ،وان مقتدى صار لعبة بيدها تحركه كيف تشاء . ولهذا أمره السيد الحائري ولأكثر من مرة بوجوب حل الجيش والقاء السلاح ولكنه لم يستجب مما زاد في امتعاضه منه والاضطرار الى القول صراحة(( انه عاق ولا يتبعه في التقليد ))، في إشارة واضحة الى التعاون مع الاميريكان والادعاءات الكاذبة بمقاتلتهم وهي افعال تخالف الاقوال التي يتحدث بها مقتدى .وكأنها إعلان واضح وصريح بعدم شرعية جيش المهدي . فهل مقتدى الصدر يتبع السيد الحائري في التقليد فلو قلده كما اشار في لقائه وتصريحاته لقام بما يريد منه ولساهم مساهمة فاعلة في حقن الدماء بدلا من اهدارها وحفظ المال العام وعدم العبث مع اتخاذ أسلوب الحوار الهادئ في التعامل مع الجميع وضرورة ان تكون الاخلاق هي المعيار الرئيس في السلوك وهذه حقيقة لايمكن التغاضي عنها . والنظرة العامة عنه انه غير ملتزم وغير مطيع وهو صغير ويحتاج الى الكثير من الدروس وان الاحترام الذي كان البعض يهبه اياه هو كرامة لأجل والده محمد صادق الصدر ولكن الاحترام شيئ والخروج عن الطاعة شيء آخر. فمن يقلد مقتدى والى من يرجع في أموره الدنيوية وفي رقبة من هذه الدماء ومن يتحملها ،

فمن يقلد مقتدى يا ترى ؟،