 |
-
الصفة الحزبية في حكومة التفرقة الوطنية وبرلمان طك عطية
رئيس الجمهورية "بصفته الحزبية" ووزير الخارجية "بصفته السياسية" في ظل "حكومة التفرقة الوطنية" وبرلمان "طك عطية"!
بقلم رياض الحسيني: كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل
www.alhusaini.bravehost.com
بداية لابد ان نسجّل هنا انه لايحق لاي عراقي الاعتراض على دخول ايهود باراك رئيس حزب العمل الحالي ورئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق منظمة ومن ثم مؤتمر الاشتراكية الدولية فهو شأن خاص بأعضاء المنظمة والقائمين عليها رغم ان الجميع يعلم ان اسرائيل وبكل مكوناتها اليمينية المتطرفة والليبرالية لاتؤمن بالاشتراكية بل وتحاربها انطلاقا من الرأسمالية التي تؤمن بها جملة وتفصيلا. لكن هل يحٌق لنا كمواطنين ان نعترض على مصافحة رئيسنا السيد جلال الطالباني فيما هو رئيس لكل العراقيين حسب الدستور لهذا العدو ام لا؟ طبعا الامر لايخلو من الطرافة والصفاقة معا خصوصا وان وزير الخارجية هوشيار زيباري قد سبقه لهذا الفعل من قبل!
أولا، مكتب الرئيس الطالباني سارع وقبل الجميع الى تفسير المصافحة الحميمية المصحوبة بالابتسامة العريضة على وجه الرئيس والتي التقطتها كاميرات العالم أجمع، سارع بالتبرير ان مصافحة الرئيس لباراك كانت "بصفته الحزبية" وليس رئيسا للعراق! بدورنا نتسائل أين كان الطالباني من الاشتراكية الدولية واختيارها له نائبا لرئيسها طوال العقود الماضية؟ لماذا لم يتم انتخاب الطالباني نائبا لرئيس الاشتراكية الدولية الا بعد ان اصبح رئيسا للعراق؟ اذن والحقيقة الناصعة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار انه لايمكن لتلك الاشتراكية العرجاء ان تعرف مكان حضور الطالباني الا بعد ان اصبح رئيسا للعراق! لابد من الاعتراف ان رئاسة الطالباني لجمهورية العراق سببا رئيسيا لاختياره نائبا لرئيس الاشتراكية الدولية وليس "الصفة الحزبية"!
ثانيا، ترى ماذا سيقول الاكراد لو ان رئيس الوزراء المالكي مثلا او اي زعيم كان شيعيا او سنيا او تركمانيا قد زار تركيا مثلا وادلى بتصريحات لاتتماشى مع مطامح الاحزاب الكردية ثم اصدر توضيحا من مكتبه ان ما ادلى به كان "بصفته الحزبية" وليس الحكومية، هل كانت الاحزاب الكردية ستتفهم الامر وتتجاوزه وتتعامل معه مثلما يتم التعامل اليوم مع الطالباني؟ كلنا يتذكر اسباب وقوف الكرد بالضد من ترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري لرئاسة الوزراء ويأتي في مقدمتها زيارته الى تركيا ولقائه بالمسؤولين الاتراك من دون اذن مسبق من الاحزاب الكردية وهو ماتراه تلك الاحزاب كفر في عراق مابعد صدام. ترى لماذا لم يتم التعامل مع زيارة الجعفري على انها في اطار "الصفة الحزبية"؟! بل زادت تلك الاحزاب على ذلك ان رفضت حتى نتائج الانتخاب التي قام بها الائتلاف العراقي الموحد حينها للخروج من الازمة والتي حصل الجعفري من خلالها على ترشيحه رئيسا للوزراء.
ثالثا، لماذا تتعامل الاحزاب الكردية وكأنها تعيش في بلد اخر غير العراق وعلى كوكب غير كوكبنا الاخضر. فاذا ماواجهوا تهديدا تركيا على الحدود مثلا طالبوا الحكومة المركزية بتحمل التزاماتها وعلى الجيش العراقي ان يتحرك لحماية حدود الوطن.اما اذا مااستنشقوا عبير الحرية تصرفوا بكل حرية حينا وبلامسؤولية احيانا كثيرة. وما توقيع اتفاقيات النفط مع الشركات العالمية من دون موافقة مجلس النواب والحكومة الفيدرالية الا دليل ليس وحيد على تلك السياسة التي لاترقى الى المواطنة الصالحة والمسؤولة. بيد ان اي تحرك كردي بالضرورة سيؤثر على العراق وكل العراقيين سلبا كان او ايجابا طالما ان المحافظات الثلاث في شمال الوطن لازالت جزءا لايتجزء من خارطة العراق الجغرافية والسياسية والاقتصادية والبشرية. والامر كذلك فما الفائدة المرجوة من تصوير الامور الحساسة والمصيرية على انها خاصة بحزب وليس بوجود امة ومصلحة شعب وحضارة ووجود؟!
البيان الذي اصدره مكتب الطالباني ونشر على موقع رئاسة الجمهورية برر هذه المبادرة الغير مسؤولة بالقول "خلال حضور رئيس الجمهورية جلال الطالباني مؤتمر الاشتراكية الدولية المنعقد حالياً في العاصمة اليونانية أثينا، حيث ألقى الرئيس خطابه، بادر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتقديم أيهود باراك رئيس حزب العمل الإسرائيلي لمصافحة الرئيس الطالباني". استغرب حقيقة واكاد اخرج من ثيابي على تلك الصياغة والعذر الذي جاء بمثابة اقبح من فعل، كيف يبادر محمود عباس لتقديم ايهود باراك الى الطالباني مثلا؟ هل يعني ذلك عنوة مثلا او ان الطالباني لايعرف ايهود باراك او ان الاخير نكرة مثلا؟! بهذه الصياغة يحاول البيان جاهدا ان يوحي بان الطالباني لم يشأ لولا مبادرة محمود عباس! الغريب في الامر ان من ينظر الى الصورة لايجد عناءا في تحديد وبكل سهولة ان ايهود باراك لم يتحرك من مكانه وان الطالباني هو من تقدم للسلام عليه وما عباس الا كان بوضع المترجم ليس الا وهذا ما اكده البيان من دون شعور طبعا فهي كبوة الفارس كما يقولون حيث ذكر البيان "يود مكتب رئيس الجمهورية التأكيد على أن الرئيس الطالباني الذي استجاب لطلب الرئيس الفلسطيني تعامل مع الأمر بصفته الأمين العام للإتحاد الوطني الكردستاني و نائب رئيس الاشتراكية الدولية و ليس بصفته رئيس جمهورية العراق". وفعل "استجاب" هنا يدل على الفعل المصحوب بالارادة والتصميم والعزم ومن ثم الحركة. ثم مامصلحة عباس في ان يرتّب لقاءا من هذا القبيل كان وزير خارجيتنا الموقر هوشيار زيباري قد سبقه اليه يوم صافح وزير البنية التحتية الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر في الاردن وذلك ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي في اواخر ايار من العام 2005. حينها برر زيباري فعلته ايضا بانها "لاتمثل موقفا سياسيا"! الغريب ان المصافحة جاءت بعد مطالبة وزير الخارجية الاسرائيلي سليفان شالوم بضرورة تشجيع ما أسماه "روابط الاعمال بين الاسرائيلين وغيرهم من أجل تحقيق مزايا اقتصادية للجانبين"! الفرق بين الحدثين ان زيباري صرّح بان المصافحة واللقاء لم تكن مرتبة من قبل بينما أكّد الطالباني انها مرتبة ولكن من جهة محمود عباس!
رئيس جمهورية العراق جلال الطالباني سار على خطا هوشيار زيباري الذي من المفترض انه وزير خارجية العراق وهما بذلك حتما وضرورة قد فتحا بابا ستكون الاحزاب الكردية اول المتضررين منه لانه ليس بمقدورهم بعد تلك المصافحة والعذر ان يعترضوا على اي فعل يقوم به اي مسؤول عراقي اخر في اي دولة ومع اي طرف كان لان العذر والمخرج قد اوجده الطالباني نفسه فيما هو "الصفة الحزبية" وهو تنصّل عن تحمل تبعات الفعل وتهرب عن المسؤولية بشكل لايختلف عليه اثنان من العقلاء. وبنفس الدرجة التي تفهّمنا بها موقف الرئيس الطالباني من بعد وموقف زيباري من قبل وفعلهما رغم عدم قناعتنا فاننا نطالب الحزبين الكرديين تحديدا ان يتقبلا القادم من الافعال وردودها من الاخرين بنفس الروح الرياضية التي نتحلى بها اليوم.
اخيرا لنا تسائل ينقط براءة وعفوية ترى اذا كان رئيس الجمهورية يتصرف في المحافل الدولية بصفته الحزبية ووزير خارجيتنا بصفته السياسية فيما هي حزبية في النهاية ترى فمن يمثل العراق بصفته الحكومية؟! الكرة في ملعب الاحزاب الكردية اولا و "حكومة التفرقة الوطنية" وبرلمان "طك عطية" ثانيا مع شديد احترامنا لكل غيور ووطني وهم قلة بطبيعة الحال والواقع!
نقلا عن جريدة السياسة الكويتية
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |