صوت الرضوان وصمت الحملان

أثناء الأزمة اللبنانية الأخيرة والتي نشبت بين تيار الموالاة والمقاومة الاسلامية بسبب قرارات متسرعة اتخذتها الحكومة اللبنانية بشان سلاح حزب الله وشبكة اتصالاته , وبينما تبذل الجهود على الصعيدين الوطني والقومي من حكماء العرب والمسلمين داخل لبنان وخارجه لتحجيم الأزمة وإبعاد نار الفتنة الطائفية عن لبنان وبينما الأمور تتجه نحو التهدئة , إذا بمفتي عام الديار السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ يصرح في محاضرة ألقاها في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض أمام مدير ووكلاء الجامعة وعمداء الكليات والعمادات المساندة وجمع من الطلاب معنيا حزب الله : هؤلاء جاءوا ليهيئوا المكان لليهود وللدول الكبرى ويهيئوا لهم الجو ويسهلوا عليهم الدخول ويعينوهم على السيطرة على بلاد الإسلام بكل ما تحمله الكلمة !!! ويذهب وزير الخارجية السعودي إلى أبعد من هذا ويصف الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بأنه شارون !!! لأنهما اتفقا على اجتياح بيروت !!! وقال بعد أن خلع برقع الحياء ( إن إيران هي التي تتولى إدارة الحرب وحزب الله يريد أن يفرض على لبنان دولة الولي الفقيه، وعلينا القيام بكل ما يلزم لوقف هذه الحرب وإنقاذ لبنان ولو تطلب الامر إنشاء قوة عربية تتولى الانتشار سريعاً في لبنان وتعيد إليه الأمن وتحمي الشرعية القائمة)
وتأتي الاجابة سريعا على المستوى الرسمي والشعبي والديني من حكماء أهل لبنان وقادتهم الشيخ فتحي يكن ورئيس الوزراء السابق الدكتور سليم الحص والسيد عمر كرامي وغيرهم منددين بقرارات الحكومة ووصفها بالمشبوهة والوقوف إلى جانب حزب الله ودعمه وتأييده وهاجمت صحف معارضة المقررات الحكومية وعنونت في صدر صفحتها الأولى "الحكومة تدفع نحو الانفجار"واعتبر رئيس تيار التوحيد اللبناني وئام وهاب ان العربية السعودية تدفع لبنان الي الفوضي وقال إن لهجمة المفاجئة التي شنتها الحكومة هي ترجمة واضحة لأمر الوزير السعودي , ورأى ان السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة يلعب دوراً مكملاً لدور كونداليزا رايس في التحريض على المعارضة الوطنية .
واليوم وبعد أن استكمل حزب الله سلسلة انتصاراته التي بداها عام 2000 وأكدها في 2006 وبعد أن أعاد اسراه ورفات شهدائه وشهداء لبنان وفلسطين سمير قنطار ورفاقه ليصبح أول بلد عربي يسترد اسراه وياخذ بحق شهدائه , نسأل مفتي الديار الوهابية هل مازالت عند فتواك المشبوهة مدفوعة الأجر بشأن حزب الله ورجاله , هل مازال وزير الخارجية السعودي يرى قائد المقاومة والأمين العام لحزب الله أنه شارون ؟ وهل هذا هو رأي شارون ورفاقه في الحروب التي خاضها معهم حسن نصر الله ورجاله معهم منذ أكثر من ربع قرن ؟
ففي الأراضي المحتلة بدت خيبة الأمل الإسرائيلية كبيرة بعد أن خرقت المحرّمات التي كانت وضعتها لنفسها ووافقت حتى على إطلاق القنطار رغم كل ما كانت تقوله عن استحالة ذلك , وانتقد وزير خارجية العدو الإسرائيلي الأسبق سيلفان شالوم عملية الرضوان لتحرير الأسرى مرجحاً أنّ "هذه العملية ستجعلنا ندفع ثمناً باهظاً لإطلاق جلعاد شاليط الذي لا يزال حيا , متسائلاً لماذا قمنا بهذه الحرب إذا كنا سنلجأ في النهاية إلى عملية تبادل ؟
وانتقد أيضا رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية للاحتلال الإسرائيلي النائب تصاحي هنيغبي من حزب "كاديما" عملية الرضوان لتحرير الأسرى مع "حزب الله" معتبراً أنها "كشفت كسابقاتها ضعف القيادة الإسرائيلية ومواطن الخلل لدى المجتمع الإسرائيلي".
إلى ذلك ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن صوت البكاء والصراخ ارتفع في منزلي الجنديين الإسرائيليين، بعد اكتشاف مصيرهما بعدما سلم "حزب الله" الصليب الأحمر نعشين يحتويان جثتي رغيف وإيهود غولدفاسر, كما اعتبر داني هاران، شقيق الشرطي الصهيوني الذي قتل أثناء تنفيذ سمير القنطار لعملية نهاريا أنه شعر "بالذل والهزيمة" لدى رؤيته نعشي الجنديين الإسرائيليين الأسيرين. وتابع قائلا: "كان الأمر أخف وطأة إذا كان احد الأسيرين حيا، لكن عندما رأينا النعشين عرفنا كيف تم التلاعب بنا".
وفي تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية يعتبر محللون ان تبادل الاسرى المتوقع سيكسب حزب الله مزيدا من القوة عبر التأكيد على صواب منطق "المقاومة" ومبدأ استخدام السلاح في مواجهة اسرائيل.
صحيح أن دولة آل سعود لم تضطر أن تدخل في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان الصهيوني لاسترداد اسراها أو رفات شهدائها الذين فقدتهم في حروبها المتوالية مع العدو الاسرائيلي ؟ فالتاريخ يشهد أنه لم يكن لآل سعود شهداء أو اسرى في أي حرب خاضتها بلاد المسلمين مع الكيان الصهيوني ؟ كل بلاد المسلمين احترقت بنار الحرب مع العدو الاسرائيلي وكان لها شهداء واسرى بالمئات والآلاف من مصر ولبنان وسوريا وفلسطين ..... إلا السعودية التي بلغت من الحذر والحيطة ألا تضطر يوما أن تثير غضب اليهود من قريب أو من بعيد , بل تبادر بالهجوم على من يهدد دولتهم ويؤرق مضاجعهم كما فعلت مع حزب الله والمقاومة الاسلامية قبل ايام ؟ بل وما هي الحروب التي خاضتها القوات المسلحة السعودية أو الجيش السعودي خلال الأربع حروب الطاحنة السابقة مع العدو الصهيوني وانتهاكاته المتكررة للاراضي اللبنانية والفلسطينية واعتداءاته المتكررة وتدنيسه لأولى القبلتين وثاني الحرمين الأقصى الشريف ؟ بل أين هو هذا الجيش السعودي الذي لم نشعر بوجوده يوما إلا عند الحديث عن صفقات اليمامة أو القواعد الأمريكية في المنطقة وتوفير الحماية لها ولمشاة البحرية في مساكنهم ونواديهم من بطش رجال الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف لئلا يقعوا في أيديهم بطريق الخطأ ويحدث ما لا يحمد عقباه !!!
محمود جلال
Mgalal311@hotmail.com