 |
-
الاسلام السياسي بين الجمود والانحرف
الاسلام السياسي بين الجمود والانحراف//عبد الامير علي الهماشي
الثلاثاء 08 /7/ 2008
يعتبر الوضع العراقي الجديد أمرا نادر الحدوث وتجربة جديدة من خلال مشاركة الاحزاب والتيارات الاسلامية في العملية السياسية مع وجود قوات أجنبية جاءت
محررة ثم محتلة بقرار من الامم المتحدة ثم مفوضة لحفظ الامن وهذا ما بحاجة الى تنظير فكري وتأصيل شرعي يستوعب هذه الحالة ولازلنا نعاني من فراغ حقيقي في هذا المجال منذ التغيير في التاسع من نيسلن عام 2003
واختلط الامر على الكثيرين بين مقاومة هذا الوجود الاجنبي عسكريا او سياسيا وبما أن المقاومة العسكرية لها طريقها المعروف فإنني أبحث عن الطريق السياسي الذي تشعب هو أيضا واعتبرت أو فُهمت المشاركة السياسية على أنها تعاون مع المحتل و((خيانة )) عُظمى وتخل عن المبادئ وماإلى ذلك من تسميات بالرغم
من الاحزاب والتيارات الاسلامية التي اختارت المشاركة في العملية السياسية لم ترحب بالمحتل ولم نقرأ لها أو نسمع انها رحبت ببقائه ولاشك أن الطريق السلمي هو الاصعب فالجلوس على طاولة المفاوضات أصعب بكثير من التخندق وحمل البندقية والكر والفر في الميدان وقد فشلت أو لم تحقق الكثير من الحركات التي حملت السلاح على المستوى العالمي عند المفاوضات ما حققته من نصر عسكري في الميدان وجاءت النتائج مخيبة للامال
ولخصوصية الاحزاب الاسلامية التي تعتمد دساتيرها وأدبياتها على الحكم الاسلامي المستنبط من القران والسنة المطهرة نجد أن الوضع العراقي الجديد أفرز ثلاثة اتجاهات تجاه المشاركة السياسية بعد أن تجمد العمل المسلح لاخراج القوات الاجنبية لعدم وجود فتاوى واضحة من مراجع النجف الكبار كما اُصطلح عليهم كما أن المراجع خارج العراق لم يفتوا صراحة بالجهاد المسلح ربما لعدم توفر الظروف الموضوعية لمثل هذا الامر وكان خيار العمل السياسي هو المطروح وإن قال بعضهم ان الامر ليس بحاجة لفتوى لاخراج القوات ((الكافرة )) أو ((الغازية )) من دار الاسلام وكان الخيار السياسي هو المطروح الذي انتج ثلاثة أراءه هي
أولا: عدم المشاركة في العملية السياسية للحفاظ على المبادئ التي اُنشأت من أجلها الاحزاب الاسلامية والبقاء على الاسلوب القديم في الدعوةوهو مايمثل الجمود ويتسلح هؤلاء باننا سنفقد بريقنا ونتخلى عن مبادئنا وسنتعامل مع الولايات المتحدة التي هي شر كله وستحاول اسقاطنا بكل ما اُوتيت من قوة بالرغم من ادعائها انها تحترم خيار الشعب العراقي وهي تمتلك كل نقاط القوة اضافة الى دهائها وخبثها السياسي وامتلاكها لاكثر من ورقة ضاغطة في الساحة العراقية
وهناك مثال حي حينما مارست ما مارسته مع نتائج الانتخابات ومع حكومة الائتلاف الاولى برئاسة الدكتور (ابراهيم الجعفري) وقد فقدت الاحزاب الاسلامية الكثير الكثير ولم تقدم للمواطن ما كان يرجوه من وصول هذه الاحزاب الى الحكم او مشاركتها في الحكم
وقد فقدت الكثير من الاساسيات التي كانت تنادي بها في أدبياتها وأنظمتها الداخلية كما أن التجربة أسقطت شخصيات الحركة سياسيا واجتماعيا
ثانيا: هناك من طالب بالغاء اسلامية هذه الاحزاب والتحول الى أحزاب سياسية وطالبها بكتابة أدبيات جديدة بعيدة عن تلك التي تبنتها وجاهدت من اجلها عشرات السنين
وبعض حاول أن يجعل من الديمقراطية أو الليبرالية وعاءا للاسلام في عملية مزج هجينة بدلا من جعل الاسلام وعاءا للديمقراطية او غيرها من المصطلاحات التي تتبناها الولايات المتحدة التي جيء بها الى العراق بعد التغيير وربما اُسميها بالانحراف عن المبادئ
ثالثا : وبين هذين الاتجاهين او هذين الفريقين نجد فريقا ثالثا او اتجاه آخر يسير بطريقة عملية في المشهد السياسي العراقي ويمكن تسميتها بالمرونة السياسية حيث لا إفراط ولاتفريط لا جمود ولاانحراف عن الخط الاصيل
فمن الممكن تأجيل المطالبة بالاهداف الكبيرة والعمل بالواقعية السياسية ومن ثم توفير الارضية المناسبة لها ،وربما غاب عن الكثيرين أن المرونة في القوانين الاسلامية تتيح للعاملين والدعاة العمل في جميع الظروف وربما كانت تجربة العالم ((نصير الطوسي )) رمزا للعمل وتجربة ناجحة مع المغول الذي لا يشبه الامريكان في مستوى الاهداف المعلنة لكلا الطرفين
كما أن الدولة الاسلامية وإن كانت مطلبا رئيسيا فلابد من موافقة وتأييد الجماهير لها واختيارها كشكل من أشكال الحكم
ومن هنا قد تتغير الاساليب ولكن تبقى هناك ثوابت في المبادئ وإن جاز لي التعبير فأسميها بالثابت والمتغير
وربما يُشكل بعضهم فيقول :انها انتهازية سياسية وبهذا لاتختلف الاحزاب الاسلامية عن غيرها
وللاجابة عن هذا الاشكال المطروح بعيدا عن تفسير مفردة الانتهازية لغويا نقول :ان السياسة تتيح للجميع استخدام الوسائل الممكنة والمتوفرة ولا ((منطق في السياسية))والفرق في نظافة الوسائل فنحن اسلاميون سياسيون ولسنا اسلاميين سياسين وعندما يلجأ الاسلاميون الى الوسائل الغير مشروعة فيمكن لنا أن نُسميها انتهازية سياسية او غيرها من التسميات وإن كانت الغاية تُنظف الوسيلة
وربما الاشكال الحقيقي هو ماقلته في بداية حديثي من غياب تنظير والتربية السياسية للواقع السياسي والتحرك الاسلامي في مثل هذه الظروف بالرغم من ظهور مصطلحات اطلقها بعض الاسلاميين لكنها لم تُلحق بتفسيرات وأحاديث وكتابات لنستطيع القول أنها اُسس لتنظير اسلامي جديد وبدلا من أن يلاحقنا الاسلاميون بكلامهم بدأنا نلاحق مفرداتهم للوصول الى تنظير للعمل الحركي في العراق الجديد
وبقي الاداء مستندا الى الواقعية السياسية والجهود الفردية دون مشاركة جماهيرية ولم يُلتفت اليها في عملية التوعية والتربية الاسلامية السياسية وهو ما بحاجة الى تفصيل ربما أتناوله في موضوع قادم مع مراجعة لاداء الخطاب الاسلامي وماذا انتج هذا الخطاب
وربما ستفقد الحركة الاسلامية بجميع فصائلها أهم اسلحتها وهي قاعدتها الجماهيرية إن بقت تعتمد على عاطفة الجماهير الاسلامية لانها لايمكن ان تستمر او تتفاعل دون توعية وتنظير حقيقي وتربية هادفة في هذا المجال وهو ما نحتاجه ونحن مقبلين على انتخابات محلية قد تعتبر تميهدا لانتخابات عامة وقياسا لمدى الحضور الاسلامي لدى هذه الجماهير
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |