اللف والدوران في تصويت البرلمان



قانون انتخاب مجالس المحافظات يختزن أشياء كثيرة ويكشف عن هويات متناقضة لا يستحق الشعب العراقي أن تمثله أو أن تنوب عنه لأنها خذلته في أكثر من مكان وتركته يجتر الأحزان , فخدمات متوقفة وإعمار مشوب بالرشا والخراب وبلاد يجثم عليها الإحتلال وتحاربها دول الجوار وتلعب فيها ميليشيات الأحزاب بأجندات الأغراب ولا أحد يسأل ولا أحد يعرف الجواب .
فوزارة الخارجية بالتدخلات الأجنبية غير معنية , ووزارة الداخلية جعلت من المحافظات جزرا غير محمية , ووزارة الدفاع لا تريد ان تجعل من كركوك وخانقين قضية ومجلس الوزراء ألف من ما يسمى بالمستشارين لجانا غير مرئية .
والوزراء والنواب يتمنون أن مددهم غير مقضية ولذلك فهم يديرون الأمور بطريقة تعرفها اللوبيات الأجنبية , فالتصويت على قانون مجالس المحافظات أصبح عنوانا ومشروعا للتهرب من مواجهة الحقيقة التي مفادها ان الشعب ضجر ويئس من كل الذين دخلوا في البرلمان وفي الحكومة التي لا تحل لهم قضية , فهم مستأثرون بالمصالح الشخصية وأسفارهم تكشف عن نواياهم المخفية فهم ما بين لندن وعمان وأمريكا ذات الولايات التي يشتهيها كل من لا يعرف الوطنية , وإيفاداتهم وحساباتها أرهقت الخزينة العراقية. وهم اليوم يشكلون لجانا عن التصويت غير معنية ورؤساء الكتل يختفون ولا يبادرون الى اجتماع لتدارس أمور الإنتخابات في المجالس المحلية لأنهم يخافون أن تؤخذ المقاعد التي حجزوها لكل مزور وأمي في الأبجدية وأصروا على ذلك رغم اعتراض الجماهير الشعبية .
ففي محافظة بابل رفض الناس ان تولى عليهم أمعات معروفة بالأمية ولكن كتلهم في البرلمان أصرت على استمرارهم في المقاعد الأمامية وهذا الإصرار هو اختزان للروح الدكتاتورية ولعدم الإيمان بالديمقراطية وللضحك على الجماهير المغلوبة على أمرها من أيام الإحتلال البريطاني في العشرينات حتى قدوم القوافل الأمريكية .
إن التصويت على قانون مجالس المحافظات أصبح أعجوبة من الأعاجيب وقصة من قصص الطرائف المنسية , وهم يريدون اليوم بعد استهلاك الأشهر والأيام الماضية وبعد تمتعهم بالعطلة الصيفية وابتداء موسم الفصل الذي يسمونه بالفصول التشريعية وهم لا يفعلون شيئا سوى الإستجمام والتبضع في الأسواق الحرة منها الأردنية ومنها الإماراتية والخليجية وعندما سبقهم المستوزر في المالية الى إيقاف الزيادات للموظفين الذين يواجهون أكثر من محنة معاشية لم يحرك نواب البرلمان شيئا ولم تتحرك فيهم الأريحية ويطالبوا بإنصاف الموظفين من الدرجات العادية لأنهم لا يفكرون إلا بأنفسهم وامتيازاتهم ذات الرواتب الخيالية والمخصصات السرية التي تستعصي على الكشف ومعرفة الجهة التي تمولها ومنها الجهات الأجنبية . وسيفاجئون الرأي العام المحلي والعالمي بضيق الوقت والحرص على إتمام وإنجاز الإنتخابات المحلية بإرجاعها وإبقائها على القانون السابق الذي يسمى بالقائمة المغلقة التي حملت بهاليل وسراويل الذين تصدروا للقضية بإدعاءات وشعارات فضفاضة أعجمية .
فواحد يريد إرجاع صحراء الرمادي الى كربلاء الطفوف والآخر لزيارة إسرائيل ملهوف وكثير منهم بأصفهان ولعبة الروزخانه يضربون الدفوف ,وعلى العراق والعراقيين يرمون الحتوف ويصدرون لهم آلافا من العبوات اللاصقة على كل الرفوف , فلعبة الموت أصبحت لديهم محببة لا يهمهم ان قطعت الرؤوس أو قطعت الكفوف .
فيا غيارى العراق هل بقي شيء غير مكشوف , فماذا تنتظرون بعد كل الذي حل بكم من الدمار المعروف والذبح بالسكاكين وبالسيوف و فهل تخسرون شيئا بعدما خسرتم سيادة وكرامة سيبقى عليها الدمع مذروفا وحزنكم سيكون كحزن يعقوب الذي آلمه من أبنائه غبرة وعزوف .
فيا اهل الرافدين ليس أمامكم سوى الإنتفاضة بوجه الذين استحلوا دماءكم ويريدون مزيدا من الصفوف التي تؤلف لهم حواشيا تصفق وحناجرا تهتف لدولة الخروف .
عار عليكم جميعا إذا لم تنتبهوا الى ما يحل بكم من الصروف وستشمت بكم جبالكم وسهولكم ونخيلكم ذات القطوف , فانتبهوا لما يحاك لكم من خيانات ودسائس من تحت السقوف , فلا تقولوا ولا تعتذروا إذا ما جئتم يوم الحساب فستجدون جواب السماء حاسما :
"بل الإنسان على تفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره "

د.علي التميمي