مسؤولون امريكيون:
الحصانة عائق رئيسي بوجه الاتفاقية الامنية مع العراق
بغداد - اصوات العراق
ذكرت صحيفة نيو يورك تايمزThe New York Times الامريكية، ان اتفاقية تمديد الوصاية العسكرية الامريكية في العراق الى ما بعد العام الحالي ـ التي كانت على وشك الاتمام في الشهر الماضي ـ، اوقفتها اعتراضات من جانب قادة عراقيين، وربما تواجه خطر الانهيار، طبقا لما نقلت عن مسؤولين عراقيين وفي ادارة بوش، مشيرة الى ان الحصانة هي الامر الرئيسي العالق.
وقالت الصحيفة في عددها الذي صدر اليوم الجمعة، ان الخلافات "تهدد ما يعد تتويجا لسياسة الرئيس بوش في العراق خلال الشهور المتبقية له في منصبه". فقد سبق، بحسب الصحيفة، ان قدمت الادارة الامريكية "تنازلات كبيرة الى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في اثناء المفاوضات، تضمنت ابداء الرغبة في القبول بوضع تارخ معين لانسحاب القوات الامريكية من العراق؛ أي في نهاية العام 2011".
وتضيف الصحيفة ان "نقطة الخلاف الرئيسية المتبقية تتعلق بالحصانة. فالولايات المتحدة تدافع عن فكرة ان تكون للقوات الامريكية والمتعاقدين العسكريين معها الحماية نفسها التي يحظون بها في بلدان اخرى لهم وجود فيها، اما العراق فيصر على ان يكونوا تحت سلطة النظام القضائي العراقي في اية جريمة يقترفونها خارج العمليات العسكرية، حسب ما يقول مسؤولون".
واشارت الصحيفة الى انه في لقاء جرى الاسبوع الحالي "ذكر المالكي مثالا عن عراقي قتل على يد جندي امريكي في احد الاسواق، قائلا ان هذه الحالة يجب ان تكون تحت سلطة المحاكم العراقية فورا". مبينا ان "هذا ما يرفضونه"، في اشارة الى الامريكيين.
من جانبه، كما تذكر الصحيفة، "اعرب البيت الابيض عن ثقته بان الاتفاقية ممكن التوصل اليها في نهاية كانون الاول ديسمبر المقبل، وهو موعد انتهاء تفويض الامم المتحدة للقوات الامريكية في العراق. لكن، وكعلامة على الاستعجال، تخطط الادارة الامريكية لارسال كبير مفاوضيها الى بغداد في الايام المقبلة لمحاولة اتمام اتفاقية كان مسؤولون قد خططوا اصلا لابرامها في تموز يوليو الماضي".
واضافت الصحيفة ان وزير الدفاع الامريكي الامريكي روبرت غيتس، "قال في لندن امس الخميس ان الادارة مستعدة لتقديم مقترحات حل وسط، في جهد منها لتجاوز الاعتراضات العراقية، التي اعترف انها تركز على الحصانة وسلطة احتجاز عراقيين واعتقالهم".
وقال غيتس ان المفاوضين الامريكيين "سيحملون معهم بعض الافكار التي لعلها ترضي المطالب العراقية ومطالبنا في بعض القضايا المتبقية."
وقالت الصحيفة ان بموافقته على وضع تواريخ محددة كهدف لانسحاب القوات الامريكية، فقد "خفف الرئيس بوش من تحذيراته التي اطلقها في وقت مبكر من ان وضع مواعيد نهائية امر غير مثمر. كما وافق بوش على انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية في تموز يوليو المقبل والتمركز في المناطق النائية نسبيا، باستثناء حالات العمليات العسكرية".
وشدد مسؤولون في الادارة على ان تلك المواعيد النهائية "في الطموح" ومن الممكن ان تتغير اذا لم يتحسن الوضع الامني في العراق.
مايكل اوهانلون، محلل في معهد بوكنغز في واشطن، قال، بحسب الصحيفة، ان "اعتراضات السيد المالكي عكست جملة عوامل، مشيرا الى الوطنية العراقية، وضرورات المالكي السياسية المحلية الخاصة به، والرغبة بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية الامريكية على اعتبار ان الرئيس القادم ربما يوفر شروطا مختلفة".
وقال اوهانلون ان المالكي "يعرف ان في نهاية الامر لا بد من التوصل الى اتفاق ـ حتى لو كان مع ادارة اوباما." واضاف "لكن من خلال محاولته الحصول على على ما يريد ـ او يُظهِر انه يحاول الحصول على ما يريد ـ فهو يدعّم موقعه في البلاد."
ثم ان المالكي، كما تعلق الصحيفة، "اثار للمرة الاولى احتمال السعي الى تمديد تفويض الامم المتحدة لدى مجلس الامن، وقال ان الامر اصبح معقدا بسبب التوتر بين امريكا وروسيا بشان الصراع في جورجيا".
ونقلت الصحيفة عن المالكي قوله في لقاء مع مدراء في قناة العراقية في يوم الاربعاء الماضي، قوله "حتى لو طلبنا تمديدا، وسنطلبه على وفق شروطنا ورفض الجانب الامريكي،" واضاف ان "القوات الامريكية لن تكون بغطاء قانوني ولن يكون امامها خيار سوى الانسحاب من العراق او البقاء على خلاف القانون الدولي."
وترى الصحيفة ان مثل هذه الملاحظات تعكس ثقة متزايدة بالنفس جعلت من الزعماء السياسيين العراقيين اكثر حزما في ما يتعلق بالسيادة.
علي الاديب، الذي تصفه الصحيفة بالعضو في حزب الدعوة ونائب رئيس كتلة المالكي في البرلمان، تحدث للصحيفة عن المخالفات الامريكية المتكررة سواء كانت رمزية او حقيقية. واشار الى "استخدام القصور والمواقع الثقافية كقواعد امريكية ومقار وعدم احترام المراة العراقية في اثناء قيامهم بعمليات تفتيش، ويقتلون العراقيين الذين يقتربون من دورياتهم".
وقال الاديب ان العراقيين يصرون على تحديد الحصانة "لان الامريكيين يتحركون بطريقة عبثية تقريبا في العراق من دون استشارة الحكومة العراقية."
واضاف "انهم يوقفون أي احد يريدون، ويرتكبون كل الاخطاء من دون حساب."
وتقول الصحيفة ان مسؤولين في الادارة الامريكية رفضوا مناقشة المفاوضات بتفاصيلها، الا ان "احد المسؤولين، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه لانه يناقش قضايا دبلوماسية، اكد ان حصانة الجنود الامريكيين والمتعاقدين هي العقبة الرئيسة".
وتكشف الصحيفة ان السفير الامريكي ببغداد، راين كروكر "قاد المفاوضات من الجانب الامريكي، مع مسؤولين اثنين كبيرين من واشنطن، هما ديفيد ساترفيلد من وزارة الخارجية، وبريت ماكغارك من مجلس الامن القومي. وهذا الاخيران امضيا شهورا في العراق في العام الحالي وسيعودان قريبا الى الولايات المتحدة، كما قال مسؤولون".
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول ان في اب اغسطس الماضي، "اشاد مسؤولون عراقيون بقبول بوش وضع تواريخ بالانسحاب، حتى وان كان ذلك على الورق فقط، في وقت كانت فيه المعاهدة تواجه تحولا يسد طريقها. وكانت وزير الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس في بغداد في حينها، وحثت على توخي الحذر".
واضافت الصحيفة ان رايس "قالت آنذاك وكانت تقف الى جانب وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، فقط اردت ان اشدد على اننا سنتوصل الى اتفاق عندما يكون لدينا اتفاق".