باحث:المفاوض العراقي إنتزع جزءاً من صلاحيات الرئيس الأمريكي في الإتفاقية




20 October, 2008

بغداد/ أصوات العراق: حذر باحث ومحلل سياسي عراقي، الاثنين، من “ضياع” فرصة توقيع الاتفاقية الامنية المزمع عقدها بين العراق والولايات المتحدة قبل الانتخابات الامريكية الوشيكة، واصفا الوفد العراقي المفاوض بأنه استطاع ان ينتزع جزءا من صلاحيات الرئيس الامريكي الحصرية، لأول مرة في التاريخ.


واوضح ابراهيم الصميدعي لـ(أصوات العراق) أن “الوصول إلى اتفاقية أمنية متطورة بالشكل الذي تم التوصل إليه في المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة، يحسب للمفاوض العراقي الذي استطاع الوصول إلى نص قدمت فيه الولايات المتحدة تنازلات، لم تقدمها لأكثر من ثمانين دولة عقدت معها اتفاقيات سابقة”. مبينا ان النص الاخير للاتفاقية “يتضمن نقاط مهمة حصل عليها العراق من الجانب الامريكي، ابرزها تخلي الرئيس الأمريكي جورج بوش لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة عن الصلاحيات الحصرية المتعلقة بقيادة الجيش الأمريكي إلى اللجان المشتركة العراقية الامريكية، هو سابقة لا يمكن أن تتكرر، ولن يقبل بها الرئيس الأمريكي القادم سواء كان اوباما او مكين”.


وتنص المادة الرابعة من الاتفاقية على أن تُجرى جميع العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها بموجب هذه الاتفاقية بموافقة حكومة العراق وبالتنسيق الكامل مع السلطات العراقية وتشرف على عملية تنسيق كل تلك العمليات العسكرية لجنة مشتركة لتنسيق العمليات العسكرية (JMOCC) يتم تشكيلها بموجب هذه الاتفاقية.


واضاف الصميدعي ان “المسودة الاولى نفسها كانت تحقق جزءا كبيرا من مصالح العراق في حال تم الاكتفاء بها”، مبررا ذلك بأن “العراق أصلا، يعاني من هشاشة الوضع الداخلي سواء كان امنيا ام سياسيا او حتى على صعيد العلاقة بين مكوناته، فضلا عن الضغوط الاقليمية التي تساهم في تثبيت هذه الهشاشة، وهذا ما يعني عدم القدرة على فعل شيء دون اتفاقية ضامنة هي هذه الاتفاقية التي يجري الجدل حولها”.


وتثير الاتفاقية المزمع عقدها بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، جدلا واسعا بين الأوساط الحكومية والدينية والشعبية في العراق، ففي حين يقول مسؤولون حكوميون إن الجانب الأمريكي قدم تنازلات كبيرة للوصول إلى مسودة نهائية للاتفاقية، يقول سياسيون إنها تحتوي على بنود تمس بسيادة العراق واستقلاله.


وسيتم بموجب الاتفاقية، في حال أقرت، تحديد وضع القوات الأمريكية في العراق بعد انتهاء التفويض الأممي الممنوح لها نهاية العام 2008، وبحسب مسودة الاتفاقية، فان التواجد الأمريكي في العراق سيستمر حتى الـ31 من شهر كانون الأول ديسمبر 2011، ويكون من حق الحكومة العراقية بعد هذا التاريخ، الطلب من الإدارة الأمريكية سحب قواتها من العراق.


وبِشأن الموقف المتغير للكتل السياسي حول نص الاتفاقية، قال الصميدعي أن “مواقف التيارات والكتل السياسية في العراق تتلخص في موقفين، أحدهما موقف واضح وصريح يمثله موقف كتلة التحالف الكردستاني الداعم للاتفاقية والتيار الصدري الرافض لها بالكامل،” والموقف الثاني هو “موقف الائتلاف العراقي الموحد وجبهة التوافق العراقية وبقية الإطراف الذي يسوده التذبذب، بسبب السعي الدؤوب للحصول على مكاسب سياسية تسبق إعلان الموافقة على نص الاتفاقية”.


وابدى التحالف الكردستاني الذي يحوز على 53 مقعدا من مقاعد البرلمان ذي الـ275، تأييده لاقرار المسودة الحالية للاتفاقية، مبينا على لسان رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني ان توقيع الاتفاقية يحقق مصلحة العراق، فيما اعلن التيار الصدري (شيعي) رفضه للاتفاقية جملة وتفصيلا، محذرا خلال مظاهرات شهدتها العاصمة بغداد السبت الماضي من توقيع الحكومة العراقية للاتفاقية باعتبارها تمس سيادة البلاد.


ويحوز التيار الصدري على 30 مقعدا في البرلمان.

وأشار الصميدعي إلى أن “جبهة التوافق (سنية - 38 مقعدا) تسعى إلى وضع بصمتها على مراحل إقرار الاتفاقية من خلال الضغط باتجاه عقد بروتوكولات ملحقة مع الولايات المتحدة، تمنحها تعهدات سياسية أمريكية واضحة بزيادة حصتها في التمثيل السياسي في العراق، وضمان عدم عودة الاستهداف الطائفي لها من قبل المنافسين لها”. فيما “وقع الائتلاف العراقي (شيعي - 83 مقعدا) بين مطرقة الولايات المتحدة والسندان الإيراني، وهو موقف لا يحسد عليه”.


ويمضي الصميدعي قائلا ان “الائتلاف يحاول الان مسك العصا من الوسط، فلا يريد ان يفرط بالثابت الداعم والمتحالف معه منذ عقود طويلة وهو الموقف الإيراني، ولا أن يفرط في موقفه مع الولايات المتحدة التي ضمنت وصوله للحكم من خلال التزامها بنتائج الانتخابات التي قادته للسلطة”.


ويضيف الصميدعي قائلا ان الائتلاف “يريد ترحيل موضوع الاتفاقية بالكامل للإدارة القادمة، وهذا دلالة على أن الائتلاف يفتقد للخبرة السياسية التي تشير بشكل واضح إلى أنهم يجب أن يستثمروا الصيغة الحالية للاتفاقية وعدم التسرع بعرقلتها أو إعلان رفضه لها” مبينا أن الاتفاقية “وصلت إلى هذه المرحلة بعد أشهر طويلة من المفاوضات، أن والإدارة الأمريكية مستعدة لإقرارها قبل الانتخابات الأمريكية القادمة”. ، محذرا الائتلاف العراقي من “ضياع الفرصة، لأن اي ادارة امريكية قادمة ستعدل الاتفاقية في حال لم تمرر قبل الانتخابات الامريكية الوشيكة، وبشكل اكثر تشددا، ما يعني ضياع اي مكتسبات حققتها الحكومة العراقية اثناء رحلة المفاوضات التي استمرت اكثر من ثمانية اشهر”.


معربا عن اعتقاده بأن الديمقراطيين “سيعملون على إيجاد صيغ أكثر تشددا تراعي تحفظات دول الجوار العربي على التوازنات السياسية في العراق، ما قد يتسبب في تدخلها المباشر في نتائج الانتخابات، وهذا ما يعني فقدان الائتلاف لجزء من حجمه السياسي”، أما في حالة فوز الجمهوريين، بحسب الصميدعي، “فانهم (أي الجمهوريين) سينظرون إلى موقف الائتلاف بعد كل ما قدمته الإدارة الجمهورية لحكومة المالكي من دعم، على انه نكران للجميل”.