 |
-
العقم لدى الأجانب والبحث عن الحل في الوطن الأصلي
محمد أمزيان
28-10-2008
العقم ظاهرة كونية لا فرق فيها بين عالم الأغنياء وعالم الفقراء. والرغبة في الذرية يشترك فيها الأزواج من كل الأجناس والأعراق والثقافات. إلا أن ثقافات معينة دون غيرها ما تزال تنظر إلى المرأة على أنها السبب في عدم الإنجاب فتتعرض لنظرات ازدراء سالبة للكرامة.
مرقد أحد الأولياء
ورغم استقرار المهاجرين منذ خمسة عقود في المجتمع الهولندي الذي يتميز بما حققته المرأة على الخصوص من حقوق شخصية جعلتها "سيدة" نفسها، ما تزال المرأة المهاجرة تعاني من وطأة التقاليد الموروثة والضغط الاجتماعي، وقبل كل شيء من رغبة أفراد العائلة الحاثة على الإسراع في الإنجاب. وإذا تأخر الإنجاب، لسبب من الأسباب، تراها تلتمس الخلاص بكل السبل؛ على أيدي أطباء أخصائيين، وغالبا باستحضار "بركة" الأولياء في بلدان الأصل.
بين الطبيب والولي الصالح
العقم لدى الأجانب المقيمين في هولندا كان موضوع دراسة علمية أجرتها المؤسسة الهولندية للعلوم التطبيقية ((TNO، تحت عنوان: "مشاكل معالجة العقم لدى الأتراك والمغاربة". وأظهرت الخلاصات التي نشرت مؤخرا وجود "اختلافات" بينة بين التعاطي مع هذا المشكل بين الأزواج من أصول أجنبية والأزواج الهولنديين، بل وحتى بين المهاجرين أنفسهم. فالأتراك على سبيل المثال "يفضلون" عرض أنفسهم على أطباء أتراك لثقتهم فيهم، وسرعة عملية الفحص والتشخيص، مقارنة مع الطريقة التي يعمل بها الأطباء الهولنديون. في حين يعرض المغاربة أنفسهم على الأضرحة والقهاء والأولياء الصالحين طلبا للخصوبة وطمعا في الذرية.
تقديم المغاربة زيارة الأولياء على الأطباء، يؤكده أيضا الدكتور صلاح سيدالي، طبيب نفساني في مؤسسة الرعاية النفسية "باوتن أمستيل" (Buitenamstel) في أمستردام، في تصريح خاص لإذاعة هولندا العالمية : "هذا يرجع إلى العادات والتقاليد. كل أسرة تتمنى أن تكون لها ذرية. وإذا حدث ما يمنع الحمل، يصعب على الرجل المغربي مثلا عرض زوجته على طبيب ذكر، فيلتجئ إلى الأولياء والفقهاء، على اعتبار أن العقم قضاء وقدر". يتحدث الدكتور سيدالي كثيرا مع مراجعين أتراك ومغاربة يقصدونه في مسائل نفسية وصحية مختلفة. ويلاحظ فعلا وجود "فوارق ثقافية" بين المغاربة والأتراك بخصوص تلمس أسباب العلاج. فالأتراك أقرب ثقافة إلى الأوربيين، بينما معتقدات المغاربة ما تزال راسية على أصول خرافية كالسحر والمس والعين.
ألم الحياء
أجمعت النساء التي شملتهن الدراسة على أن طريقة تعامل الطبيب معهن أثناء الفحص السريري يصحبها الألم، فضلا عن خدشها للحياء. وعلى سبيل المقارنة استجوب الباحثون نساءا هولنديات مررن بنفس التجربة. إلا أن الهولنديات يعتبرن إجراءات الفحص وطريقة تنفيذها "عادية" جدا. يقول الدكتور سيدالي إن "الألم" الذي تشعر به المرأة المغربية أو التركية ناتج عن "غياب" التوعية منذ الصغر. فالشعور بالخجل من الطبيب الذكر و "جنسنة" الفحص الطبي يسببان الألم الجسدي لدى المرأة: "الإرشادات الجنسية في هولندا لا تعتبرا سرا من الأسرار، كما هو الشأن في ثقافتنا المغربية. ولذلك تعتبر المرأة المغربية الفحص السريري "حشومة"، (عيب) فتشعر بالألم".
وعلى عكس ما كان يفترضه الأطباء الهولنديون من كون حاجز اللغة هو السبب في عدم فهم مقاصد الطبيب المشخص لحالات العقم، أظهرت الدراسة أن كثيرا من الذين لا يفهمون "طرق" وأساليب العلاج الهولندية، يتحدثون اللغة الهولندية بشكل جيد. وهذا ما جعل الباحثين يرجعون "عدم التواصل" بين الطبيب والمريض إلى الاختلاف الثقافي والمانع الديني. الرجال، وخاصة المغاربة، عادة ما يتساءلون عما إذا كان عرض زوجاتهم على أخصائيي أمراض النساء من الأطباء الذكور، لا يتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية. ففضلا عن "استشارة" الأولياء يستفتي الأزواج في بلدانهم الأصلية الأئمة والفقهاء أيضا.
وكانت الصحافة الهولندية قد تطرقت خلال الأشهر الأخيرة إلى "رفض" بعض المسلمين القاطنين في هولندا، عرض زوجاتهم المريضات على أطباء ذكور، مستندين إلى الموانع الدينية. والسؤال هو: هل يحق للمسلم أن يختار الطبيب الذي يفحص زوجته، وخاصة إذا كان الفحص يتعلق بالخصوبة والتوليد؟ نعم يقول الدكتور سيدالي. "لك الحق أن تطلب مساعدة من طبيبة أنثى إن وجدت. لكن على المُراجع أن يتذكر في نفس الوقت أن عدم حصول الحمل يرجع بالدرجة الأساس إلى أسباب عضوية يكشف عنها الطب. والطب هنا متقدم ينبغي الاستفادة من خدماته
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |