بقلـــم : جواد كاظم الخالصي
الإعلام العربي والبحث عن ماء في قدر مثقوب

09 January, 2009 11:55:00
ليس غريبا أن يبقى الإعلام العربي يبحث عن سبل للغوص في مياه راكدة أملا في الوصول الى غاية هي قديمة حديثة لأجل زرع الفتنة في بنية النظام الاجتماعي العراقي الذي بدأ يتعافى بفضل الجهود المضنية من قبل الحكومة والفعاليات السياسية تفاعلا مع العشائر العراقية التي كان لها الدور الكبير في ترسيخ هذه القاعدة الوطنية التي تلصق المواطن العراقي بوطنه وأهله وأن يعود ابن العراق الى سابق عهده ويسحق بقدميه على منهجية الفتنة الطائفية التي استشرت في البلاد بفعل الأفكار الجهنمية لتنظيم القاعدة الإجرامي والدول الإقليمية التي دعمته ماديا ومعنويا من أجل بقاء العراق مقزّما غير معافى ويكون ندّا لتلك الدول التي لم يكن لها ذلك الدور والتأثير السياسي عندما كان العراق في سابق عهده.

لقد كان الشعب العراقي ولا زال هو حجر العثرة أمام بعض الدول الخليجية التي لا تريد له الخير اقتصاديا فاستخدمت أبشع طرق المحاربة الاقتصادية وهي إشعال الوضع العراقي وشق الصف الوطني من خلال زرع الخلافات العرقية والطائفية حتى لا ينهض العراق مرة أخرى وتخلو الساحة الاقتصادية لهم وليبقى النفط العراقي حبيس أرضه.

أما هل ما زالت أجندات العرب تريد ذلك وبعد مرور خمسة سنوات من الدمار وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية؟ الجواب نعم لا زالت قسم من هذه الدول تريد ذلك ولن تترك هذه الأجندة حتى يتغير من هم في سدة الحكم في العراق حاليا وهذا ما نستوحيه من خلال إعلامهم الذي يحاول الإيغال بدماء العراقيين لأنك أحيانا تجد أن الرسالة الإعلامية هي أكثر جرما في تفشي الخلاف والمذهبية بين الأعراق والمذاهب في أي مجتمع كان وبما أن الذين حاولوا أن يمحو العراق من الخارطة ويفتتوه الى مناطق متنازعة لم يستطيعوا ذلك لمواجهتهم الجدار الوطني العراقي الصلب بدؤوا اليوم من خلال وسائلهم الخبيثة التي طالما نفخوا فيها نظام صدام حتى انتفخ عليهم وأهان كرامتهم وهذه الوسائل هي الإعلام المغرض حيث طالعتنا جريدة الشرق الأوسط بأن حكومة المالكي لم تضخ الأموال المخصصة لإعمار محافظة الأنبار العراقية وذلك على لسان الميجور الجنرال كيلي والذي وصفته الجريدة بأنه قائد عسكري أمريكي بارز والذي تناولت حديثه من وكالة( أسوشييتد برس ) حيث يقول السيد كيلي(إن إخفاقه الأكبر تمثل في عجزه عن دفع حكومة بغداد والسنة في الانبار لتوحيد صفوفهما من أجل الاستفادة من التراجع الحاد في أعمال العنف ) حيث يطالب السيد كيلي الحكومة العراقية بضخ الأموال الى الانبار لأجل الاعمار بعد التحسن الأمني، ومع إنه يستدرك قائلا إن مهمتي ليست الطلب من الحكومة العراقية بدفع الأموال الى المحافظة ((السنية)) وهنا أضع الكلمة بين القوسين لأنني على ثقة أن هذا القائد العسكري لم يضع هذه المفردة ولكنها من الإعلاميين العرب ، أما مسألة الأموال المخصصة لإعمار مدينة الرمادي فهي خاضعة لوزارة المالية والتخطيط والوزارات الخدمية ، ولكل محافظة ميزانية خاصة بها يعتمدها مجلس الوزراء والبرلمان العراقي المتمثل بجميع فئات الشعب العراقي ثم أن هناك تخطيط مركزي في الحكومة الاتحادية وتخطيط مجالس المحافظات ويكون بموافقات وزارة المالية فهذه عملية خاضعة بأجمعها الى القانون والدستور العراقي الذي يحكم البلد وليس لأحد أن يتصرف بشكل فردي لا رئيس الوزراء ولا رئيس الجمهورية أو رئيس البرلمان وإنما القانون فوق هؤلاء جميعا وبطبيعة هذا الأمر يختلف عما في دولكم العربية التي تخضع فيها ميزانية البلاد لمزاجيات رجل واحد أو عائلة مالكة واحدة فهنا في العراق اليوم القانون هو الذي يحكم وليس الأفراد وقد حوّلت الكثير من الأموال المخصصة في الميزانية الى المحافظات العراقية على مدار العام الماضي .

وليس صحيحا أن نقول أن لا تواصل أو توافق بين الحكومة العراقية والسنة في الرمادي لأن الوقائع تشيرالى أن هنالك لقاءات متواصلة بينهم منذ أن طردت القاعدة من مناطقهم وقد دعمتهم الحكومة كثيرا في هذا الجانب.

تذكر جريدة الشرق الأوسط مسألة خطيرة وتوحي بها إعلاميا دون ذكر الحقائق علي سبيل تلك العبارة (( وتأتي تعليقات كيلي بمثابة تعبير عام عن آراء أعرب عنها قادة عسكريون أميركيون آخرون سرًّا. ويرى هؤلاء القادة أن الحكومة العراقية تتبع سياسية تتسم بازدواجية المعايير، من خلال دعمها لمدينة البصرة الشيعية الجنوبية، بينما لا توفر أموالاً للمناطق التي ينتمي غالبية سكانها إلى السنة، مثل مدينة الموصل الشمالية، حيث يخوض المتمردون القتال ضد القوات الأميركية والعراقية)) أين هؤلاء القادة الأمريكان الذين تحدثوا سرا وفي اعتقادي أن العسكري الأمريكي عندما يريد أن يقول شيأ يقوله دونما تردد فلماذا يتحدثون في السر، ولكن في رأي هذه يراد بها إثارة النعرة الطائفية بين طوائف الشعب العراقي الذي قبرها منذ أكثر من عام ويحاول هذا الإعلام المغرض أن يشنج الأوضاع بينهم من خلال دفع الاتهام الى الشارع العراقي بأن الحكومة العراقية الشيعية تدعم محافظة ذات أغلبية شيعية وتهمل محافظة ذات أغلبية سنية .

أقول لهؤلاء إن هذه المعزوفة المشروخة فهمها جميع أبناء الشعب العراقي والسني قبل الشيعي وكذلك الكردي قبل العربي والمسيحي قبل المسلم،، أنصح هذا الإعلام أن يستفيد من وقته ويصرفه على أبناء شعوب الدول التي تدعمهم ويصلحوا ما هو فاسد في دولهم.