rri


مهر العروس






الحقيقة أن فرصة الفتاة لإيجاد عريس بسرعة ازدادت بقدر سخاء مهرها في حين أن شح المهر كان سببا من أسباب عدم زواجها في الوقت المناسب . فيقال في الأرياف : "الأوراق المالية تزوج البشعات والنقود الفضية تزوج القبيحات" .. وكانت لكل واحد من والدي الفتاة مساهمته في فمهرها إذ فكان على الوالد أن يخص ابنته برقعة من الأرض الزراعية وكذلك بكمية من المال وعد رؤوس حيوانات في حين أنه كان من واجب الوالدة أن تعد لابنتها كل ما يلزمها في المنزل من أدوات وقطع أثاث و مفروشات إضافة إلى طقم كامل من الملابس و الأحذية للأيام العادية وآخر للأعياد .. ولكن قيمة المهر كانت منوطة بالحالة المادية لأسرة الفتاة مع أن المجتمع الريفي كان قد حدد على مدار الزمن الحد الأدنى للمهر الذي يتوجب على كل أسرة جمعه وفقا لحالتها المادية كما سنرى في الدقائق التالية في بحثه حول العرس التقليدي ذكر سيميون ماريان المهر الذي كان على الأسرة ذات المستوى المادي المتوسط جمعه و إعطاءه لابنتها في يوم زواجها : فكان لا بد أن يضم المهر كما أسلفت طقما كاملا من الجزم والملابس الشتوية من فرو الخروف للأيام العادية و آخر لأيام العيد إضافة إلى ثورين و بقرة مع عجلين وعدد من النعاج وبعض البراميل الخشبية لجمع الحليب وكذلك رقعة من الأرض الزراعية وكمية من المال .. لكن أباء الفتيات الجميلات كثيرا ما كانوا يخفضون قيمة المهر قناعة منهم بأن فتاة جميلة كابنتهم لن تبقى عانسا ..أما إذا كانت الفتاة بشعة فكانوا يزيدون من قيمة المهر لمساعدتها على الزواج ..ومن هنا مقولة شعبية أخرى تقول المئات تزوج القبيحات و الآلاف المعوقات.. و لاحظ الباحث أن ضم رقعة الأرض الزراعية إلى مهر العروس تم حديثا وأن أراضي العائلة كانت توزع في الماضي على أبنائها فقط إذ لم تكن البنات يحصلن على أية حصة منها إلا إذا لم يكن لديهن أخوة . و من جهتها كانت والدة الفتاة تعد لابنتها بساطا من الصوف و غطاء سرير من الصوف أيضا وطقم سرير من الشراشف و الوسائد و البطانيات إضافة إلى مناشف و أغطية الموائد وكلها مطرزة .. وكانت الوالدة تهدي إلى ابنتها أيضا صدريات من الصوف وقمصانا مطرزة و مناديل الرأس و أحزمة بعضها للأيام العادية و البعض الآخر للأعياد.. و الجدير ذكره أن العديد من المفروشات و الملابس كانت من إنتاج عائلة الفتاة و الفتاة نفسها التي كانت على الغالب تجيد غزل الصوف وحياكة السجاجيد ونسج الأقمشة على أنواعها و التطريز و الخياطة ..وإذا كانت عائلة الفتاة ثرية كان المهر يضم أيضا أدوات منزلية أثاثا .. كانت الأسرة الحريصة على جمع المهر المناسب لبناتها تحظى باحترام المجتمع الريفي الذي كان يمدحها على اهتمامها بمصير بناتها وكان يصف ابنة مثل هذه الأسرة بمحظوظة أما الأسرة التي لم تقدم لبناتها مهرا جيدا فكانت تثير ازدراء سائر القرويين خاصة إذا كانت ميسورة الحال إذ كان الناس يتهمونها بالبخل وينتقدونها ويسخرون منها في كل مناسبة .. أما إذا كانت عائلة الفتاة فقيرة فكان مهرها شحيحا و يقتصر على بضع سجاجيد و منسوجات رديئة النوعية وبعض الملابس من القماش العادي الرخيص .. في بعض الأحيان كان أولياء الفتيات يعدون أسرة الشاب بمهر وفير ثم يتراجعون عنه .. ففي يوم العرس بأن كانت أسرة الشاب تشعر بارتباك وهي ترى الفتاة تأتي إلى بيت الزوجية بأقل بكثير من الأشياء الموعودة . وقال الباحث سيميون ماريان إن مثل هذا السلوك كان يدفع بعائلة الشاب إلى رفع دعوى قضائية ضد أسرة الفتاة بتهمة الخداع .. ماذا عن الأشياء التي كانت أسرة الشاب تهديها لابنها في يوم زواجه .. رغم أنها أقل عددا و أدنى قيمة من مهر العروس إلا أن الآباء من الفئات الوسطى أو الثرية كانوا يخصون أبناءهم في يوم الزواج برقعة أرض لبناء بيت الزوجية . كما كان الوالد يساعد ابنه في زراعة الأرض الممنوحة من عائلة الفتاة و لكن في العام الأول لزواجه فقط على أن يقوم هو و زوجته لاحقا بزراعتها و الاعتناء بالمزروعات ..وكانت والدة الشاب تعده لابنها قميصا وسروالا وصدرية و معطفا من فور الخروف وآخر من الصوف .. كان العرف الاجتماعي يقتضي أن يعتني الزوج بمهر زوجته و يستثمره .ولكن في بعض الأحيان كان الزوج يخسر مهر زوجته وخاصة الأرض الزراعية و المواشي بسبب كسله أو إهماله أو إدمانه على الكحول . وفي تلك الحالة كانت عائلة الفتاة ترفع دعوى قضائية ضده لاستعادة المهر كاملا كما كان في يوم الزفاف .. ولتفادي أية مشاكل لاحقا كان والدا الفتاة يعدان ما سمي بقائمة المهر أو يطلبان من أحد القرويين المتعلمين إعدادها إن كانا من الأمين وكانت قائمة المهر تضم جميع الأشياء المقدمة لابنتها وتقرأ على والدي الشاب بحضور شهود ثم كان الجميع يوقع عليها ..