جلال الطالباني.. إستقالة لم تتم، مذكرات لم تكتب


آخر تحديث: الثلاثاء, 30 نوفمبر 1999 00:00 مهدي مجيد عبدالله السبت, 02 يناير 2010 18:14
في أواخر تسعينيات القرن المنصرم أصابتني نوبة الوحدة إعتزالت على أثرها من حولي، كنت أبلغ من العمر (16) عاما أتنقل ما بين كردستان شتاءً للدراسة، و بغداد صيفاً للعمل في مطاعمها و فنادقها، خليلتي الوحيدة التي لم أتذمر منها في ظروف المرارة التي مررت بها أنذاك(نفسيا و ماديا) كانت القراءة، خصوصا ما تعلق منها بفكر و سيرة السياسيين و الفلاسفة و الادباء المشهورين، لا أخفيك عزيزي القارئ اني كنت من المعجبين بشخصية جلال الطالباني السياسية و ذكائه الدبلوماسي، و لولا هفواته و زلاته الكثيرة الكبيرة (ذكرت بعضها في مقالات سابقة ) لكان الأن أحد قادة العالم المشهورين الذين يعتد بمشورتهم و كلامهم في المحافل الدولية و الإقليمية، و يحسب الجميع له الف حساب، لكن مع الاسف الشديد لا تسير الرياح بما تشتهي السفن، منذ ذاك الوقت و لحد يومنا هذا قرأت معظم ما تعلق بالطالباني من (حوارات، لقاءات، مقالات...) و الذي لفت نظري في اغلبها حديثه عن إستقالته العمل السياسي و كتابته لمذكراته.
-1-
قي شهر مارس عام 1999 أجرت صحيفة عربية لقاءً مع الطالباني و سألته عن تطلعاته و ما ينوي فعله في حال ما أنقشعت غمة البعث عن سماء العراق، أتت إجابته ( سأستقيل من قيادة الأتحاد الوطني و أتفرغ لكتابة مذكراتي).
بعد أشهر قليلة تحديدا سبتمبر 1999 أجرت جريدة الكفاح العراقية الصادرة في لندن أنذاك حوارا معه أيضا و سألته نفس السؤال، فأجاب الطالباني ( سأستقيل من الإتحاد الوطني و أسكن بغداد، و أصدر جريدة إلى جانب كتابة مذكراتي).
عام 2001 أستضافته فضائية (إل.بي.سي)اللبنانية في برنامجها المُبث أنذاك (حديث الساعة)، و من ضمن أسئلته وجه مقدم البرنامج سؤال ( ماذا ستفعل إذا ما تحرر العراق من الديكتاتورية)، إجابه الطالباني (سأستقيل العمل السياسي و أتفرغ لكتابة مذكراتي و أنشئ صحيفة ) تلاه المقدم بسؤال (و هل بإمكانك القيام برئاسة تحرير جريدة بعد أن أخذت السياسة كل همتك و قوتك)،إجاب الطالباني (إذا لم أستطع ذلك سأقوم بكتابة مقالات لجريدة الشرق الأوسط ).
عام 2002 بعد الأزمة التي حدثت بينه و بين نائبه كوسرت رسول علي انذاك أجرت صحيفة كردية مستقلة حوارا مع الطالباني قال فيه ( إنه مستعد للإستقالة من الاتحاد الوطني الكردستاني عند تخلصهم من نظام صدام حسين كي يتفرغ لكتابة مذكراته).
-2-
عقب تحرر العراق عام 2003 أجرت صحيفة الإتجاه الأخر الصادرة في سوريا حوارا مع الطالباني حول مستقبله و مستقبل حزبه، قال في جانب منه( إنه سيستقيل من الاتحاد الوطني الكردستاني و يتفرغ لكتابة مذكراته، و كتابة بحث أدبي حول الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري الذي يحفظ الطالباني كثيرا من شعره).
عام 2004 حدثت خلافات عميقة بين كل من الطالباني و نائبيه أنذاك (نوشيروان مصطفى، كوسرت رسول علي) على إثرها صرح الطالباني لصحيفة آوينة الكردية المستقلة الصادرة في كردستان العراق( إنه مستعد للإستقالة من منصبه كأمين عام للأتحاد الوطني الكردستاني كي يتفرغ لكتابة مذكراته، بعد أن يقوم بتثبيت حقوق الكورد في الدستور العراقي)
و منذ توليه رئاسة جمهورية العراق عام 2006 و الطالباني في حواراته و لقاءاته كافة ( و هي كثيرة) يطرح فكرة إستقالته و كتاباته لمذكراته، أخرها كانت مع جريدة الشرق الأوسط اللندنية قبل أيام.
صديقي القارئ منذ سنة 1999 و لحد وقتنا هذا 2010 و أنا بإنتظار إستقالة جلال الطالباني كي أقرأ مذكراته... ياترى متى يأتي هذا اليوم؟!
-3-
نقطة أخرى لاحظتها في كلام الطالباني، عند توليه مناصب الرئاسة حزبية كانت أم وطنية، و هي (إنه لايرغب فيها و من حوله يكلفونه بها و هو مضطر أن ينصاع لتكليفهم من أجل خدمة الشعب).
و كما هو معلوم لدى القاصي و الداني إن المناصب الرئاسية و الحكومية في العراق حاليا، لا تأتي عن طريق التكليف بل توزع بطريقة المحاصصة الطائفية و القومية، سواء أكان الشخص المرشح مناسبا أم لا، يرغب الشعب به أم لا.
و في أخر أستطلاع أجراه مركز الأمل حول شخصية بعض السياسيين الكورد الحاليين، أشارت النتائج الى تدني كبير(حزبيا و جماهيريا) في شعبية الشخص الذي قال عن قيام دولة كردية عند زيارته لتركيا قبل شهور (بإنه جزء من أحلام الشعراء)، فضلا عن إصداره في منتصف العام المنصرم قرارا بصورة غير قانونية، يقضي بالافراج عن الطيار الذي ضرب مدينة حلبجة بالقنابل الكيميائية و الذي أدى إلى قتل ما يناهز (5000) شخص بريء، ناهيك عن عدم أستعماله ورقة الفيتو لتفادي ضياع 15 مقعدا كرديا في البرلمان العراقي المقبل