في ذكرى

17 صفر بالعراق

من عام 1977م وفي السابع عشر من صفر إنطلقت مواكب المشاة من النجف بإتجاه كربلاء، وكان قد أبلغ النظام الحاكم منعه لها ، ولكنّ الإحتقان الذي يعيشه هذا القطّاع الكبير من أبناء العراق من منع الحكومة ممارسة شعائرهم بحرية، جعلهم يخرجون على قرار المنع ويستهترون بالحياة دون ماتعتقداتهم.
وكان القائمون على هذه المواكب قد إتفقوا على أن ينسّلوا من النجف زرافات غير ملفتة للنظر ووحدانا تفويتاً لتدخّل أمن الدولة من الإمساك بزمام الأمر.
وحتّى إذا تمّ لهم الخروج من النجف تجمّعوا في موكب واحد له جلال وهيبة، فخشي النظام من تداعيات هذه التظاهرة العملاقة .
وحسب النظام أنّ الإمام الشهيد محمّد باقر الصدر هو من وراء هذا التجمّع المنظّم ، لمعرفته بعقلية السيد الشهيد ، إذ لم يعهد النظام من قبل ظاهرة تنظيمية في إطار الشعائر الحسينية .
فإتصل المسؤولون بالإمام الشهيد فأرسل إبن النجف البار عضده المفدى السيد محمّد باقر الحكيم شهيد المحراب وذهب الإمام الحكيم الى المتظاهرين وأوصاهم بمواصلة مشوارهم، حسبما تراه المرجعية الدينية، وأمرهم بتجنّب الإثارات التي تستفزّ النظام.
ولم يرق للنظام هذا المعنى فدخلت بمواجهة مع المتظاهرين وهم عزّل لا يملكون سلاحاً يدافعون به عن أنفسهم، ومع كلّ ذلك فقد واصلوا مشوارهم بغضب وإصرار حتّى دخلوا كربلاء.
وكان قد أعدّ النظام قوّاته من الجيش والشرطة والأمن الداخلي بكثافة متناهية، ممّا وقع بأيديهم مجموعة كبيرة من المتظاهرين.
وسيقت هذه الجموع الغفيرة الى السجون ولحقها العناء والعذاب، وشكّل النظام محكمة صورية، فاُعدم من اُعدم ، ولحق الباقين السجن المؤبد ومن بينهم الإمام الحكيم شهيد المحراب، والبعض الآخر احكاماً متفرّقة، في ظلّ نظام لا يرعى حرمة لمواطنيه، ولا يعترف بحق التعبير لهم ، بل ولا يحترم حقوق الإنسان.