الديوانية /تركي حمود
بعد أن يئس من وعود المرشحين السابقين واللاحقين وشعاراتهم الجذابة التي أطروها برونق معالجة المشاكل وتوفير التعيينات والسكن والقضاء على الفقر... نفذ أبو علي الذي تجاوز عمره السبعين عاما قراره بأن يقتطع من منزله الطيني مساحة صغيرة لزراعة (الفجل) لبيعه على المواطنين بسعر(250) دينارا لإعالة عائلته الكبيرة وشعاره (الفجل ارحم للبطن من الوعود الانتخابية) التي تسرق أصوات الفقراء من أجل المناصب التي تعود عليهم بمبالغ طائلة وحظوة في المجتمع طوال أربع سنوات، فلا يراهم الفقير والمعوز فيها حتى يتكرر هذا السيناريو الانتخابي مجددا، على حد قول أبي علي، الذي يقول بألم: سنذهب للانتخابات ونسقط بطاقاتنا احتجاجا على الوعود الرنانة الخاوية من كل مصداقية! هذا لم يكن رأي أبي علي وحده وإنما رأي أغلب الساكنين في مناطق (التجاوز) في حي الفرات وسط مدينة الديوانية، فقد أكد معظم الناخبين إن صوتهم الانتخابي سيكون ثمنه باهظا وليس رخيصا كما يتصور الكثير من المرشحين بما حملوه من وعود تطرب لها الإذن ويرقص لها قلب الفقراء. ويقول المواطن كاظم جاسم الذي يبلغ عمره (45) عاما أريد أن أنتخب الإنسان الوطني الذي يدافع عن عقيدته التي أولها الكرامة والشرف، أما غيري الذي يريد بيتا وسيارة لكي يعيش برفاهية فهذا شانه، ويضيف: نحن كمتجاوزين في هذه المنطقة التي لا توجد فيها ابسط مستلزمات السكن والخدمات لا ننام الليل، فأنواع الحشرات غزت بيوتنا ونحن ننتظر الموت لكي نرتاح من هذه الحياة التعيسة. ويضيف: إن الظروف قادتنا للسكن هنا فانا خريج إعدادية الصناعة وراتبي التقاعدي لا يكفي لعائلتي حيث إنني كنت عسكريا سابقا، وليس هناك من المرشحين من يلبي طموحنا طالما هناك محتل لبلدنا ونحن لا نحتاج إلى الشعارات بل إلى التكاتف، داعيا السياسيين للتكاتف مع بعضهم بعيدا عن التسقيط واللهاث وراء أصوات الناخبين. فيما تصف أم كاظم شعارات بعض المرشحين بأنها (بعيدة عن الواقع) ، وتقول: كثيرة هي الشعارات التي سمعنا عنها من قبل وحتى في انتخابات مجالس المحافظات فقد رفع بعض المرشحين شعارات بأنهم سيوفرون دار سكن لكل مواطن وهذا بحد ذاته محال لأنهم لا يملكون الصلاحيات ولكنهم رفعوها لمجرد إنها شعارات تطلق ولا تطبق، أما اليوم فعادت تلك الشعارات نفسها ولكن بتغيير بعض أسماء ووجوه رافعيها، وتضيف: لقد أثبتت عاصفة الخميس كذب هذه الشعارات حيث إن اغلبها سقط على الأرض، متمنية أن تكون الشعارات واقعية وتصب في مصلحة المواطن وخصوصا الفقراء (المتجاوزين) والذين لا يملكون شبرا في هذا الوطن الكبير بمساحاته الشاسعة، بحسب وصفها. ويشير الحاج كحط وزير مروح والبالغ من العمر (68 ) عاما ان زوجته الأولى هجرته مع أولادها لأنه لايملك موردا ماليا لتغطية نفقات عائلته كما يقول، ويؤكد إن الفقراء أمثالنا أصبحوا "(قنطرة للعبور) لان اغلب الشعارات الرنانة هي تخص الفقراء ولكنها كاذبة بحسب وصفه، ويضيف إننا لم نقبض شيئا فلم يأت مسؤول لزيارتنا وتفقد أحوالنا، موضحا "إنني قدمت ثلاث معاملات من اجل شمولي بإعانات شبكة الحماية ولكني لم احصل على شيء وأنا الآن ابحث عن عمل لأغطي نفقات عائلتي الثانية لان زوجتي الأولى تركتني هي وأولادي لأنني لا املك شيئا. فيما تقول الحاجة أم عباس والبالغة من العمر (53 ) عاما: أنا لن انتخب أحدا لأنني لم احصل على شيء من المسؤولين، وتضيف وهي تحمل الخبز لعائلتها وتذرف الدموع وتشير إلى إن هذا الخبز اشتريته بالدين لأنني لا املك ثمنه فعائلتي أنا المسؤولة عنها لان زوجي متوف وولدي متزوج ولديه أربعة أطفال ولا يحصل على العمل إلا ماندر، وتصف حال عائلتها البائس فتقول: عندما يسقط المطر فالماء ينزل علينا من السقف ولا نعرف ماذا نفعل فهل يعرف المرشحون شيئا عن هذه الحياة القاسية؟! فيما يقول الشاب فرج فرحان البالغ من العمر (20 ) عاما انه لا يثق بالشعارات التي يطلقها المرشحون، ويضيف (لا نعرف البركة بأي حباية) وأنا سأنتخب الرجل المناسب الذي لا يطلق الشعارات فقط بل الذي يقول ويفعل، وأشار فرحان إلى انه مازال يبحث عن الشخص المنشود حتى هذه اللحظة، ويشير إلى انه يجد صعوبة في الحصول على فرصة عمل إضافة إلى كون عائلته تسكن بـ(التجاوز).