منذ احتلال العراق حاولت الولايات المتحدة أن تجرب في العراق عدة مشاريع في آن واحد ، واختارت رجالا تم تأهيلهم في دورات خاصة وسريعة بعضها أشهر وبعضها أسابيع معينة .
بالاضافة الى من تملكهم ممن جندته لصالح مخابراتها منذ عشرات السنين واستعانت ببعض أبناء العوائل المعروفة بولائها للانكليزوتحولت اليها
والملاحظ أن جُل هؤلاء فشل في تجربته سواءا في المنصب التنفيذي أو التشريعي .
لقد كان مشروع الولايات المتحدة في العراق يشوبه الغموض والدقة في الرؤيا هذا ان ابتعدت عن نظرية المؤامرة واكتفي بحسن النية ،وقد وجدت الحيرة
في وجوه وتصريحات المسؤولين الامريكين والعراقيين الذن جاءوا معهم وتقلبا واضحا في أرائهم وتكاد كل مؤسسة امريكية تتبع منهجا بعيدا عن الاخرى
ولم تكن هناك خطة متكاملة المعالم بالنسبة للعراق.
وربما تغيرت هذه الخطط أو اُربكت ولم تنفذ كلملة بسبب رجال واحزاب عراقية والمؤسسة الدينية العراقية المتمثلة بالمرجعية.
وبالرغم من انتشار الكثير من المعاهد والمراكز التي تعد وتقدم دراسات ونصائح ستراتيجية الى الادارة الامريكية الا انها كانت تنظر بعين واحدة بسبب اعتمادها على الاعلام العربي سواءا في المؤسسات الرسمية او شبه الرسمية وأوقعت الإدارة الأمريكية السابقة في الكثير من المطبات ،وربما توقع ادارة اوباما- بايدن في نفس المطبات ان لم تُحسن التصرف وتستفيد من تجربة الادارة السابقة ، ولكنها لاتملك الخبرة الكافية عن التغيير في العراق
لان الديمقراطيين كانوا بعيدين نوعا ما عن تفاصيل كثيرة فيما جرى في العراق بل إن الرئيس السابق بوش كان قد ضيق الحلقة التي تدير الملف العراقي
الى أشخاص معدودبن ،وهو ما أثار سخط الجمهوريين قبل الديمقراطيين .
كما أن تاريخ الحزب الحزب الديمقراطي لايبشر بخير لارتباط المؤسسات الحاكمة العربية به التي مارست دور( النمام السياسي) تجاه العراق الجديد
وان الحزب لايؤمن بالانتخابات في العالم العربي ويمكننا مراجعة عدة تقارير نقلت عن الرئيس اوباما بعد نجاح العراقيين في انتخابات مجالس المحافظات ربما تؤدي الى تغيير وجهة نظره .
ومن الطبيعي في السياسات الدولية أن تبحث الدول عن مصالحها لاسيما الولايات المتحدة التي تسعى الى ضمان العراق كحليف ستراتيجي وأن لايكون مصدر توتر في الشرق الاوسط كما تعلن أو ساحة لانطلاق أعدائها المفترضين .
ولكنها قد تخطئ إذا ماحاولت التدخل في سير الانتخابات العراقية لان الجماهير العراقية مازالت لاتملك الثقة الكافية بكل الادارات الامريكية المتعاقبة على مدى الست عقود الماضية .
وإن الجماهير العراقية تملك تحسسا واضحا للخيار الوطني وتتلهف للمشروع الوطني الذي بدأت ملامحه تلوح في الافق وإن أي محاولة لوأده ربما يؤدي الى نتائج غير مضمونة لمستقبل العلاقة بين العراقيين والولايات المتحدة.
وربما التجربة القريبة أثبتت فشل فرض حكومة على الشعب العرقي بعد ان انهى الحاكم المدني بول بريمر أعماله في العراق خلف خلالها تركة الفشل والخلل في كل مفاصل العراق الجديد غارقا في مراهقة متأخرة وأحلام القياصرة لاسباب شخصية اضافة لمن حوله من أعضاء مجلس الحكم الذي أسسه .
.وخلف لنا رئيسا للحكومة أثبت فشله بكل مقايسس الفشل في الحكم وترك هو أيضا تركة ثقيلة أنهكت الحكومة التي بعده وزاد في جرمه عندما أخلى مخازن الدولة وخزينتها الى حد الفراغ مع وزراء فاسدين مازالوا مطلوبين للعدالة العراقية ولكن الحصانة الامريكية افلتتهم من قبضة العدالة العراقية.
ومن هنا لابد للولايات المتحدة أن تتعامل مع الواقع الجديد وأن تتعامل مع من يختاره العراقيون وتترك المشاريع الجاهزة فقد أثبتت التجارب الماضية ان نظرية التوافق والمحاصصة يجعل العراق ساحة للصراع بينها وبين الاخرين وساحة للتدخلات الاخرى ويكون ملاذا آمنا للارهاب ولعصابات الجريمة المنظمة .
لذلك نقول للولايات المتحدة دعونا نقرر ونختار وعند ذاك تعاملوا وفق هذا الاختيار ،وان المشاريع الجاهزة تفشل مع الشعوب الحية ومنها الشعب العراقي
الذي يسعى لاثبات الذات وإعادة الهوية المفقودة منذ عشرات السنين .
واعتقد ان أي سياسي حكيم لايرغب في استعداء الولايات المتحدة وهناك اتفاقية ملزمة للطرفين ،كما أن العراق مازال بحاجة لها في كل الاصعدة ،
ولهذا فإن ترك الخيار للشعب العراقي يبعد ذهنية المواطن العراقي عن نظرية المؤامرة ولايثير حساسية الكراهية لديه .
وان أي فرض وتدخل في سير الانتخابات سيؤدي الى تنامي موجات الكره والاستعداء للولايات المتحدة ،وهو مايؤدي الى توتر جديد قد يؤدي الى ان يتراجع
الرئيس اوباما عن وعده الرئيسي للناخب الامريكي ،وما يليه من كوارث نأمل أن يتجنبها الشعبين العراقي والامريكي.
لقد قلنا للولايات المتحدة شكرا عندما أسقطت الطاغية وتناسينا أسباب إبقائه وإفشال كل محاولات الاطاحة به ضمن ستراتيجية الاحتواء التي كانت كارثة على الشعب العراقي .
وسنقول للولايات المتحدة شكرا إذا ما التزمت جانب الحياد وتكتفي بالرعاية دون أن تكون طرفا في الانتخابات ودون أن تفرض شكل الحكم في العراق
2010 لهذا نقول دعونا نقرر وتعاملوا وفق الامر الواقع فهذا انجح لكم ولمستقبل علاقاتكم ووجودكم في العراق .
عبدالامير علي الهماشي