يوميات سياسي فاشل
لبست العمامة ليس لأنني عالم نحرير وإنما لأن أبي كان مجتهداَ ويلبس العمامة، وأصبح لبس العمامة في أسرتنا تقليداَ أسرياَ يراد منه الحصول على بعض الهيبة وجلال القدر، مع بعض النقود في اليد. كنت دائماَ ميسور الحال ولم أعاني يوماَ أبدا من ضيق ذات اليد، لقد توفر لي كل شيئ أنا وإخواني وأخواتي.
تدهورت بعض الأوضاع في اكد وإذا بي أكتشف نفسي أنني في وسط حركة سياسية أحسست أنني لا أستطيع أن أتنفس من خلالها. جلست كما جلس أخي وأقاربي في المجلس. المجلس الذي أسسته الجمهورية لنا وشغلتنا كموظفين فيه. مرت الأيام هادئة رتيبة، كنت أسافر خلالها إلى هذا البلد العربي، أو ذاك البلد الأفريقي. محاولاَ أن أجمع بعض الخبرة في كيفية الإبتسام أمام كاميرات التلفزيون، وكنت أقف ساعات طويلة أمام المرآة مقلداَ هذا السياسي العربي مرة، وذاك القائد الأعجمي تارة أخرى. إضافة إلى ذلك كنت أنفذ التعليمات التي كانت تصدرها لي دائرة المخابرات في الجمهورية رقم 13.
تعلمت لبس النظارة السوداء كي أخفي من ورائها نظرات ضعف شخصيتي التي كانت تميز نظراتي. وتعلمت أيضاَ أن أضع علامة فارقة تميزني، لقد تعلمت أخيراَ أن أبتسم من دون سبب، حتى في حالة الإنفعال. لقد جعلتني هذه الإبتسامة أحس بالفخر بقدراتي لأنني كنت أجعل الآخرين يتساءلون عن معنى إبتسامتي هذه.
كل يوم يمر يجعلني أشعر أنني سياسي ماهر، ماهر جداَ حتى أنني فكرت أن أصبح رئيس أكد. ولكن يبدو أن الطريق طويل. مشكلتي أنني لا أمتلك دبلوماسية السياسي، فأنا عصبي المزاج، أثرت بي حالة الترف الذي عشته وحالة التنافس الذي عشته أنا وإخوتي في الصغر، إنني أعترف، أنا أغضب بسرعة، وعندما أغضب لا أسيطر على لساني. لقد قمت بفعل أخرق اليوم. كنا جالسين في مجلس فاتحة أحد الأموات. ولقد تطاول أحد المنافسين للمجلس على المجلس والجمهورية، فقمت بدوري برده بقوة، تطور النزاع إلى أن وصل الأمر إلى أن نمتشق النعال في الهجوم. يجب أن افعل شيئاَ أسيطر به على غضبي هذا.
عصبيتي إكتشفها غلامعلي، وأخبرني أن عصبيتي هذه هي رمز الشجاعة الموروثة في أكابر عائلتنا. وقد أخبرني أن الجمهورية قررت أن تؤسس شرطة أكون أنا مسؤولاَ عنهم لتسيير الأمور في أكد وسومر معاَ. لقد فرحت كثيراَ لهذا الخبر، أخيراَ سأثبت لأهل سومر وأكد كم أنا عبقري، كم أنا سياسي، كم أنا قاسي.
تطورت قليلاَ، حتى أصبح الكثيرون يقبلون يدي، لقد كان هذا الشيئ يجعلني أحس بشيئ من الإنتشاء لا أستطيع وصفه. ولكنني تورطت بشيئ جديد أخبرني به أخي نقلاَ عن الدائرة رقم 1 في مخابرات الجمهورية. لقد قرروا أن أقوم بدور المراسل بين المستر ماكفيلو في أمريكا وآغا غلامعلي في الجمهورية. لم أكن مستعداَ حتى أنني أصبت بالدوار وأنا أسمع بإسم المستر مكفيرلو. لم أتعلم الإنجليزية رغم أنهم أشاعوا عني أن عندي شهادة بكلوريوس. تحاملت على نفسي وذهبت وإلتقيت، وأصبحنا أصدقاء جداَ أنا والمستر مكفيرلو. لقد إستمرت صداقتنا 10 سنوات.
لقد حدثت المفاجأة اليوم..
التكملة في الحلقة القادمة.