تورط السعودية وعلماءها الكبار في مجزرة "عاشوراء"..وتضليل الاعلام العربي
كتابات - اسعد راشد
سعى الاعلام العربي المدجن بشقيه الرسمي و"الشبه الرسمي ـ نحو تسليط الضوء على "امريكا" وقوات الاحتلال وتحميلها مسئولية ما يجري في العراق من عمليات قتل وارهاب متعمدة ضد الشيعة دون النظر والبحث وراء الدوافع الحقيقة لمثل تلك الاعمال الاجرامية التي اخذت منحى تصاعديا وحشيا في نسق واحد من العراق وحتى باكستان وافغانستان تقف وراءها جهات واطراف اقليمية تعمل على مستوى كبير من التخطيط والتنظيم والدعم الاعلامي واللوجستيكي يكون من الصعوبة بمكان ان يتمكن شخص او حتى مجموعة بمفردها القيام بمثل تلك العمليات العسكرية البربرية الخالية من اي شعور انساني اواحساس بالادمية لدي اولئك الذين يرتكبون تلك الجرائم البشعة والفظيعة التي لا تميز بين المذنب والبرئ بين العسكري والمدني بين المرأة والرجل ..وبين الصغير والكبير .. هؤلاء لولا وجود ضوء اخضر قد تلقوه بعد سقوط طاغية العراق ونظامه الفاشي العنصري الطائفي من قبل دول مجاورة وعلماء ومشايخ كانت لهم صولات في "علم الفتاوي" وتكفير البشر واستباحة دماءهم واموالهم واعراضهم من مسلمين ومسيحيين ويهود لما قاموا بمثل تلك الفظائع المقززة وتلك الجرائم التي يندي لها جبين الانسانية .. السعودية كنظام" اولا" مازالت تتحمل المسئولية عما حدث ويحدث في العراق من تفدجير وقتل للابرياء بالجملة فهي الدولة الوحيدة في العالم التي انطلقت منها جحافل "الارهاب" والوحش السلفي الوهابي التي كشرت عن انيابها ضد مخالفيها وخصومها التقليديين من الشيعة وقدتطور الامر
ليشمل كل من لا يوافقهم الراي او ينتمي الى مذهبهم الارهابي الفاسد وقامت ـ الدولة السعودية ـ بتقديم الدعم المالي الواسع لهم ومازالت ليومنا هذا تساندهم وتعمل على تبرير جرائمهم والتغطية عليها بشتى الطرق والوسائل وعبر اساليب ملتوية وخبيثة تتسم بالتضليل للرأي العام العالمي من خلال تقديم صورتين مختلفتين عن "السلفية الوهابية" ..صورة معتدلة واخرى متطرفة ومتشددة علما ان المذهب الوهابي لا يضم في تركبيته العقائدية ـ وهي الاهم والاساس ـ ‘التي تشكلت في الاصل على "حجر" التكفير واقيمت على فكرة غاية في الخطورة وارهابية
والمتمثلة في "تكفير" الشيعة (الرافضة) وحلية قتل اليهود والنصارى والكفار وسبي نسائهم والاستحواذ على ممتلكاتهم واموالهم ‘ هذا المذهب لا يضم بين دفتيه معتدلين انطلاقا من عقيدتهم التكفيرية تلك حيث كل من ينتمي لهذا المذهب او ياخذ بافكاره لا يمكن ان يكون معتدلا ..المعتدل فيهم متطرف والمتطرف فيهم ارهابي ومجرم وقد كشف بيان القاعدة الاخير الذي تبنته كتائب القتل والارهاب المسماة بـ "بكتائب ابوحفص المصري" والتي نفت فيه زورا وتضليلا اي دور لها في العمليات الاجرامية الاخيرة التي نفذتها اجسام نجسة وعقول عفنة من اتباعها في كربلاء والكاظمية كشف البيان اوجه التناقض في ما ادعته عبر عبارة واضحة لا لبس عليها وهي تحمل بداخلها فكرة "مشروعية " قتل الشيعة حيث يصف الشيعة ومدينة كربلاء بوصف تكفيري يشير بشكل صريح الى ان مدينة "كربلاء والكاظمية" هي "مدينة شركية" .. يقول البيان(( لقد قامت قوات الاحتلال الامريكية اليوم بمجزرة لقتل (الشيعة الابرياء) في مدينتهم (الشركية) كربلاء وبغداد )) !! فكيف يمكن التوفيق بين
جملة "قتل الشيعة الابرياء" و اخرى "مدينتهم الشركية" التي يحل للوهابيين ـ معتدلين ومتطرفين ـ سفك الدماء فيها وقتل زوارها كون انهم مشركين حسب ما تشير اليه العبارة المذكورة بكل وضوح .. بيت القصيد في عبارة "الشركية" التي يتبنّى فكرتها الوهابيون السلفيون بمختلف طبقاتهم .. فهم معتدلون فيما بينهم اما تجاه "المدينة الشركية" سواءا في كربلاء او كاظمية او حتى في نيويورك وواشنطن فكلهم متطرفون وارهابيون يحل لهم قتل ساكينها وسلب اموالهم وسبي نسائهم وتدمير اساس المدنية فيها كما فعلوا في 11 سبتمبر وسموها "بغزوة منهاتن" وقاموا بتكرارها في "كربلاء" وسموها "بمدينة الشرك" .. خطاب الرسمي العربي تجاه ما حدث في "عاشوراء" 2004 يتبنى "موقف" القاعدة والارهابيين السلفيين بتحميله "قوات الاحتلال" مسئولية تلك الجريمة الشنيعة وهو خطاب ذو شعب عدة ترمي عدة اشياء ومن اهمها :
اولا : تأليب الشيعة ضد "قوات الاحتلال" عبر دفعهم باتجاه التصادم المباشر معها وادخالهم في معركة خاسرة لن يستفيد منها الا القوى الطائفية وعناصر كانت لها مصلحة في استمرار معاناة العراقيين وخاصة الشيعة الذين يمثلون الاغلبية الساحقة من السكان وقد اشارت مقالات وتقارير خاصة نشرتها مواقع عربية واخرى طائفية الى هذا الامر وهي تدعوا"الشيعة" الى الالتحاق بما تسميه بـ(المقاومة) بعد احداث
كربلاء الاليمة .. وهذا يعني ان هناك ثمة جهات تريد لفت انظار الشيعة عن المجرمين الحقيقيين والمسببن لتلك الجرائم الوحشية وتركيزها على "جهة" قد لا يكون لها دور فيها بقدر ما انها تتحمل المسئولية في الجانب الفني والامني من القضية كغيرها من المؤسسات المدنية او الامنية التي يظهر عادة فيها القصور وهذا يحدث في كل مكان وليس المشهد العراقي فقط يختص بذلك ..
ثانيا: للضغط على القوات الامريكية للخروج من العراق قبل ان يستتب الامن وتتحقق عملية الانتقال للسلطة الى العراقيين سلميا .. حيث تحلم القوى الطائفية وقواعدها الارهابية من السلفيين وفلول النظام السابق ان يتم لها السيطرة مجددا على مقدرات العراق ومصيره خاصة وانها تتمتع بتسليح وتنظيم جيد منذ العهد الدموي البعثي السابق ..
ثالثا: وهو الاهم لتمرير صفقات سرية قد يحدث بها نفسه "النظام العربي" الطائفي من اجل ما يدعيه هذا النظام الفاسد حفظ "التوازن السياسي" ولو على حساب حقوق الاغلبية الشيعية التي لم يحقق لها ذلك "التوازن" المزعوم سوى "المقابر الجماعية" والقتل ونهب ثروات العراق ـ خاصة الجنوب الغنية بالنفط والثروة الزراعية ـ والتهميش الظالم ..
فاذا سلمنا ان الدولة السعودية تتحمل كامل المسئولية عن احداث كربلاء الفجيعة لاعتبارات تم ذكرها فانها ايضا المسئولة لحد هذه اللحظة عن استمرار كل العمليات الارهابية الاجرامية من قتل ودمار وخراب في انحاء مختلفة من العالم والتي تقوم بها جماعات "ياخيل الله اركبي" السلفية والوهابية ـ القاعدة ـ لانها لم تضغط على مشايخ وعلماء الارهابيين الوهابيين من الكف عن اصدار الفتاوي بتكفير الشيعة وغيرهم من اتباع المذاهب الاخرى والديانات في العالم ولم تمارس اي دور يذكر من اجل سحب تلك "الفتاوي" التكفيرية التي مازالت تتصدر خطب وبيانات تلك الجماعات وكان اخرها ما جاء بمناسبة تدشين ـ تم تاسيسه بدعم الحكومة السعودية ـ موقع "وهابي" (معتدل) كما يحاول بعض الاعلاميين العرب ترويجه نقلته صحيفة ايلاف الالكترونية حيث قال احد مؤسسيه "اننا لم نتخلى عن دعوتنا الى الاسلام وقيمه ونبذ "البدع" والممارسات البعيدة عن توحيد الله" !..وهو اشارة واضحة الى الشيعة الذين يزورون "الاماكن المقدسة" والقبور ويصلون بشكل سلمي فيها ويتوسلون الى
الله تعالى بالائمة الاطهار (ع).. فالخطاب التكفيري الذي تتبناه الجماعات السلفية ضد الشيعة والبشر يحظى بدعم من الحكومة السعودية فهي التي تمولهم عبر نشر خطبهم وطباعة كتبهم و مساعدتهم بالملايين من الاموال التي تتدفق عليهم عبر شتى الطرق ومن خلال مؤسسات "خيرية" رسمية وشبه رسمية ولم تقم الحكومة السعودية باي مسعى جاد من اجل منع تدفق الاموال وحظر "الفكر التكفيري" و تجفيف منابعه
التي تاخذ من المساجد والصحف والمنشورات التحريضية ـ كتب وبيانات ـ‘ التي توزع باالملايين في مختلف المناطق ‘ منطلقا لنشر الفكر الارهابي الوهابي وما يدعم ما ذهبنا اليه بتحمل الحكومة السعودية كامل المسئولية عن الدماء التي تسفك يوميا في كل مكان واخرها "مجزر عاشوراء" في كربلاء وكاظمية هو صمت الموقف الرسمي وعدم اصداره بيان واضح يندد بمرتكبيه وامتناع "هيئة كبار العلماء" في السعودية من ابداء رأيه او اصدار بيان وهذا ان دل على شيئ فانه يدل على تواطأ النظام السعودي وعلماءه الكبار في تلك المجزرة البشعة ومساهمتهم في ارساء "البنية التحتية" الفكرية والعقائدية للارهاب .. والذين استنكروا تلك الجريمة هم مثقفون ليبراليون وعلماء دين معظمهم شيعة وغير محسوبين على الخط السلفي الوهابي ولا على الحكومة السعودية رغم محاولة الاعلام العربي المدجن تجيير موقف المثقفين لصالح "الحكومة السعودية" التي صمتت على تلك الجريمة النكراء فهي محاولة دنيئة لتضليل الرأي العام العربي والعالمي ولتوجيه الانظار عن لب "المشكلة" والمسبب الرئيسي في عمليات القتل والارهاب وسفك الدماء والمتمثل في "الفتاوي" التكفيرية المنتشرة على الارض وفي فضاء الانترنيت الملوث بتلك الافكار السفيهة ..
واذا عرفنا لماذا لم تبادر الحكومة السعودية لحد هذا اليوم بضرب الافكار التكفيرية ولم تعمل على اجتثاثها من مناهجها التعليمية وامتداداتها في المؤسسات الاهلية الدينية والمدنية واذا عرفنا لماذا لم يصدر بيان من "هيئة كبار العلماء" بعد مضي اكثر من ثلاثة ايام على الفاجعة الانسانية في كربلاء والكاظمية وسكوت معظم مشايخ وعلماء السلفيين والوهابيين على تلك المأساة البشرية وصمت الدولة الرسمية لعرفنا بكل وضوح وبالتحديد من الذي يقف خلف الاعمال الارهابية ؟!
05-03-04