[align=justify]وضح بأن بعض مواقفها الحيادية لضرورات استثنائية حيث تتكافأ الخيارات وتوجد مصالح أكبر تحمي وحدة الصف..وحيث لا يشكل معها الأصل الذي تتحدد معه الرؤى والمواقف وبالأخص وهي تواجه بعض الخيارات الخطرة جداً.[/align]

[align=justify]العلامةالسيدعبدالله الغريفي: من أخطر الأفكار ما يُروّج حول «تحييد دور القيادة المرجعية» في حركة الواقع الاجتماعي والسياسي[/align]
(شبكة الفجر الثقافية) - (2010-04-24م)
قال آية الله العلامة السيد عبدالله الغريفي إن الشهيد السيد محمد باقر الصدر أحد أبرز المراجع العظام في هذا العصر، وواحد من أكبر المفكرين المبدعين المتميزين، ومن القادة الربانيين الذين حافظوا على مسيرة الرسالة، وحصنوا حركة الأجيال في مواجهة كل التحديات، لافتاً إلى أن وجود القيادة المرجعية ضرورة لحماية الإسلام، ولترشيد وحراسة الواقع الديني بكل أبعاده الفكرية والفقهية والروحية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وذكر السيد الغريفي وفقاً لصحيفة الوفاق البحرينية في حديث ليلة الجمعة من الأسبوع الماضي بمسجد الإمام الصادق (ع) في منطقة القفول بالبحرين" أن الفقهاء مراجع للدين وليسوا مراجع فتوى فقط، موضحاً أن الفرق بين مرجع الدين ومرجع الفتوى هو ممارسة الأول لدور القيادة للأمة ووضعها على خط الدين والعقيدة والفكر والفقه والأخلاق والاقتصاد والاجتماع والسياسة وجميع مساحات الحياة، بينما يمارس مرجع الفتوى دور الإفتاء فقط".
وأكد أن حضور القيادة المرجعية في حركة الواقع الاجتماعي والسياسي قد أفزع القوى المعادية للدين، ولذلك انطلقت هذه القوى بكل مخططاتها وأدواتها ومشروعاتها ومؤامراتها في مواجهة القيادة المرجعية، لافتاً إلى أن القوى المعادية سلكت مجموعة أساليب لمحاربة القيادة المرجعية، وفي سبيل تجميد دورها وحركتها في واقع الأمة، وخاصة الواقع السياسي والاجتماعي.
وأشار الغريفي إلى أن «من أخطر الأفكار التي يروج لها أعداء الدين، ومنذ زمن طويل، أن القيادات المرجعية والدينية ليست معنية بالشأن السياسي والاجتماعي، فذلك متروك للقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الساحة، وليس فقط ممنوع على القيادات الدينية أن تمارس أدواراً سياسية واجتماعية، بل ممنوع عليها كذلك أن تقول كلمة في الشأن السياسي والاجتماعي، معتبراً ذلك تجميداً لدور الدين وقيادات الدين في أخطر مفاصل الحياة، وبعبارة أكثر قبولاً عند الناس (تحييد دور القيادة المرجعية)».
وأضاف «ربما تتخذ القيادة المرجعية والدينية موقفاً حيادياً في الشأن السياسي لضرورات استثنائية، إلا أن هذا لا يشكل الأصل في موقف هذه القيادة، الأصل أن تحدّد القيادة الدينية الرؤى والمواقف، وخاصة حينما تكون الأمة أمام بعض الخيارات الخطرة جداً، ربما لا يكون هناك خطر على دين الناس ومصالحهم وربما تتكافأ الخيارات، وحينئذ لا يشكل موقف الحياد أي خطر، مادام هذا الحياد فيه مصلحة أكبر، ومادام هذا الحياد يحمي وحدة الصف».
وأوضح أن الأمر ليس كذلك في كثير من الأحيان، حيث يكون حياد القيادة الدينية سبباً في تيه وانحراف مواقف الناس أو في ضياع مصالحهم وحقوقهم أو في نشوء الصراعات والخلافات والتمزقات، مؤكداً أن اختيار القيادات المرجعية والدينية لموقف الحياد أو الصمت أو الحسم أمر يخضع لقناعات هذه القيادات، والقناعات ليست أمراً مزاجياً وذاتياً بقدر ما هو وظيفة تفرضها المسؤولية الشرعية.
وأردف «وهذه الوظيفة تشكل من خلال رؤية فقهية بصيرة، وفهم موضوعي رشيد، وسلوك محكوم للتقوى، وأنه حينما تغيب الرؤية الفقهية البصيرة تكون المواقف والقرارات بعيدة عن معايير الدين، وحينما يغيب الفهم الموضوعي الرشيد ترتبك الرؤية الفقهية، وحينما يتحكم هوى النفس تنحرف القناعات».
وشدد آية الله الغريفي على ضرورة أن تتوافر الأدوات الصحيحة لإنتاج الرؤية الفقهية البصيرة، والفهم الموضوعي الرشيد، مبدياً عدم الممانعة من أي دعوة صادقة لاعتماد الصيغ الصحيحة لتنضيج الرؤى الفقهية والسياسية من خلال اللقاءات والتشاورات المؤهلة، وأي دعوة صادقة تهدف إلى إبعاد الساحة عن الصراعات والخلافات والتمزقات، مادام ذلك وفق ضوابط الشرع والدين.

الغريفي : الساحات معبئة بمشروعات تستهدف الدين والقيم والاخلاق والحل بنقد انفسنا وحوزاتنا وسؤالها عن مشاريعنا التبليغية المعدة لمواجهة ذلك .
من جانب آخر ..وفي الجلسة الثانية للملتقى الأخلاقيّ الأوّل.. اوضح العلاّمة الغريفيّ: الساحة معبّئة بمشروعات تستهدف الدين ، حيث أشار سماحة العلاّمة السيد عبد الله الغريفيّ إلى أنّ: "الساحة معبّئة بمشروعات تستهدف الدين، وتستهدف القيم والأخلاق، أين ما تلقي بطرفك في هذه الساحة، تجد استهدافًا واضحًا لقيَمِنا ولأخلاقِنا، بؤر فساد، وواقع انحراف، دعارة، خمرة، مشروعات متنوعة، وهذه المشروعات ليست مجرّد ممارسة أفراد، مشروعات تتبنّاها قوى خارجيّة، (..) وتحرِّكها جمعيّات، مؤسّسات، أقلام، إعلام، ووسائل متعدّدة".
وأوضح سماحته إلى ضرورة أن نكون "صرحاء في مثل هذه الّلقاءات، ويجب أن نمارس نقدًا بنّاءً، وتقويمًا هادفًا، أن ننقد أنفسنا، مؤسّساتنا، حوزاتنا، جمعيّاتنا؛ حتى نكون بمستوى مسؤوليتنا في هذه المرحلة؛ فالسّاحة معبّئة بهذا الكمّ الرّهيب بالمشروعات الخطيرة"، متسائلاً "هل حوزاتنا تملك مشروعًا تبليغيًّا في مواجهة هذه المشروعات التي تستهدف الدين وقيم الدين؟".
وبيّن سماحته وجود أربع مهمّات أساسيّة للحوزات الدينيّة معتبرًا أنّها "تتداخل فيما بينها، فهي ليست مهمّات متفاصلة، ولكن للتصنيف أضع هذه المهمّات الأربع كمهمّات أساس ورئيسة لحوزاتنا الدينية".
واعتبر سماحته أنّ المهمّة الأولى للحوزات الدينيّة هي في "إنتاج الكفاءات الإجتهاديّة، فحوزاتنا تخرّج فقهاء ومجتهدين، وهذا ما يشكّل حاجة كبيرة للأمّة وللطائفة، ويوم تعجز الطّائفة عن إنتاج فقهاء ومجتهدين سيشكّل ذلك حالة خطيرة جدًّا، فحوزاتنا هي التي ترفد واقعنا والمسيرة بفقهاء ومجتهدين يشكّلون القيمومة على المسيرة لهذه الأمّة"، مستدركًا "قد توجد حوزات عاجزة عن أن تنتج فقهاء ومجتهدين، إلاّ أنّ هذه مهمّة أساسيّة، يفترض أن تضع أيّ حوزة في حسابها مسؤوليّة إنتاج فقهاء ومجتهدين".
وأكمل: "أمّا المهمّة الثانية للحوزات الدينيّة فهي إنتاج كفاءات تدريسيّة، ومن الضرورة أن تنتج حوزاتنا كفاءات تدريسيّة قادرة على أن تحافظ على ديمومة واستمراريّة الرفد العلميّ والدّراسيّ في حوزاتنا، وأيّ حوزة لا تتوافر على كفاءات تدريسيّة تعجز، وتفشل، وتنتكس، وتفقد دورها في تحقيق أهدافها".
وأردف: "المهمّة الثالثة للحوزات الدينيّة هي في إنتاج كفاءات تخصصيّة في شتى المعارف الدّينيّة، وهذه المهمّة التي تكاد تكون غائبة في الكثير من الحوزات"، موضحًا "يعني مطلوب من الحوزة أن تنتج متخصصين في علوم العقيدة وعلوم القرآن والتاريخ والمفاهيم الإسلاميّة والإقتصاد الإسلاميّ، لديهم قدرات البحث والدّراسة والمحاضرة والحوار في هذه المفاهيم الإسلاميّة الدينيّة بدءً من العقائد وانتهاءً بالكثير من مفاهيم الدين".
وتابع: "إنتاج الكفاءات التبليغيّة التي تمارس دور الدعوة والتبليغ هي من المهمّات المركزيّة للحوزات الدينيّة، والأوسع والأشمل"، مشيرًا إلى أنّ القرآن الكريم استخدم كلمة النفر في التوجّه لطلب العلم بسورة التوبة لأنّه يعبّر عن حركة جهاديّة.
وأكّد على أنّه "حينما أتحدّث عن المشروع في الحوزات، أتحدّث عن مرحلتين في المشروع، المرحلة الأولى هي مرحلة الإعداد والتأهيل"، متسائلًا: "هل لدينا مشروع إعداد وتأهيل دعاة ومبلّغين في حوزاتنا"، ومضيفًا في المرحلة الثانية: "هل تمتلك حوزاتنا مشروعًا في مرحلة التنفيذ والتطبيق؟"، موضّحًا "نحن نحتاج إلى واقع يصوغ حالتنا التبليغيّة والدّعوتيّة بطريقة نستطيع أن نواجه بها".
وختم حديثه قائلاً: "الآخر المضادّ للدين وللقيم، يملك مشروعاته، واستنفر كل قدراته وإمكاناته، وطوّر كل وسائله وأدواته، فأين نحن؟، مؤكّدًا "مطلوب من حوزاتنا أن تمتلك مشروعها، ومن علمائنا أن يملكوا مشروعهم، أن يكون لهذا المشروع حضوره الواضح، أن تتواصل الحوزات كمنطلق للمشروع، أن تتواصل الحوزات مع المواقع الدينيّة والعلماء والرموز والمؤسّسات الدينيّة والمجلس العلمائيّ والجمعيّات، فكلّ هذا يخلق لدينا أرضيّة إلى أن ننطلق ونفكّر في المشروع الذي يواجه الاستهدافات الدينيّة والأخلاقيّة".