مناقصة على منصب وزير الداخلية العراقي!
من كان اولى بها مني فليطرح دليله ...



بقلم: رياض الحسيني/ كاتب عراقي
www.geocities.com/numnmat





لا استطيع ضبط ايقاعاتي ولا تضاعف دقات قلبي، ولاصعود ضغطي، ولا تسارع نبض اوردتي! لا استطيع ان اجزم ان ذلك كله لن يحدث لي اذا ماتقلّدت منصب وزير الداخلية في الدولة العراقية الجديدة ؟!

ما الذي تملكه من مواهب تنظيمية وشهادات "عليا" لكي تحلم بمنصب رفيع كهذا؟ سألني احدهم؟

صحيح انني لست ممثلا لحزب او تيار او على الاقل "مدعوما" من احد الجيران او الخلّان، الا انني اجزم بانني مواطن من الدرجة الاولى، بل والممتازة. فعلى اقل الامور والتقديرات ان لي احساس بالذين يُقتلون كل يوم وترمّل نساؤهم وتيتّم اطفالهم. على الاقل ان لي واعز اخلاقي يمنعني من التحنط في كرسي "لا اهش فيه ولا انش"! لست متورطا باعمال سلب ونهب وتعدٍ على حرمات الله! على الاقل انني من عشيرة معروفة ومن نسب صاف لا خلط فيه ولا لبس! اصولي وجذوري ضاربة في هذا الوطن ولست دخيلا عليه! على الاقل لست ممن ادين بجرائم وسرقات من قوت الشعب والمقاومة! لم اكن خادما يوما لحزب البعث ولا لصدام! وفوق ذلك كله لست من المرتشين والمتسلطين او النفعيين والمتسلقين والمتحذلقين!

لم اكن يوما ضمن اي انقلاب عراقيا كان او عربيا! لم ادخل ضمن اي تجارة او مناقصة لا قبل الحرب ولا بعدها! بمعنى ادق (بعدني بالباكيت" ليس لي صديق او قريب في مجلس الحكم الموقر ولا في اي وزراة، الا اللهم في وزارة العاطلين والمعزولين والمهمّشين! افنيت نصف عمري في مقارعة الديكاتورية والتسلط والقمع والارهاب! وظّفت قلمي لنصرة قضايا الوطن والمواطنين من دون مقابل!

هل لديك معدومين او مسجونين او فارين في زمن العهد البائد، اضاف احدهم؟! نعم لدي من المعدومين ما لم يحز عليه اغلب وزراء العهد الجديد! ولم نذهب بعيدا فانا خير مثال على المنفيين، وأحد الذين حملوا السلاح ضد الديكتاتورية في وقت كان ثلث وزراء العهد الجديد يخدمون صدام وحزبه، والثلث الاخر يسرحون ويمرحون في فنادق النجوم الخمس برفقة اللحم الابيض والاشقر ومن كل الالوان والاصناف! لم تغطي اجسادهم كثبان الصحراء الرملية، ولم يلفح وجوههم هجيرها اللاهب، ولم تتكسر اضلاع اجسادهم تحت برد شتاءها القارص! لم يذوقوا الجوع، والعطش، والحرمان، والخيبة، والبكاء، والعويل، والفراق، والرعب، وهلم جرة!

لكنك لا تملك شهادة الدكتوراه ؟ قالها اخر بثقة مفرطة وابتسامة صفراء شامته!

صحيح سيدي انني لا املك شهادة الدكتوراه التي لن تغير من وزير الداخلية شيئا! ثم من مرَّ بمثل تلك الظروف فهل سيكون له مجال لتحصيل شهادة الدكتوراه؟! ناهيك عن انه ليس في الدستور ما ينص على ان وزير الداخلية يجب ان يكون من حملة الدكتوراه! ومن قال ان لشهادة الدكتوراه اي اعتبار في منصب وزير الداخلية؟ لو قلت في وزارة التكنولوجيا والعلوم لقلت نعم! لو اشترطت في وزارة الصناعة او النفط لقلت وجبت ورب الكعبة! لو طلبوها في منصب نائب رئيس الجمهوية او رئيس الجمهورية نفسه لخرجت بمظاهرة ولرفعت اعلام الاصدقاء والاعداء تأييدا لها! لو وجّبوها في منصب وزير الاعلام او الثقافة لاغلقت فمي ابد الدهر وما اعترضت مطلقا! لكن في منصب وزير الداخلية، ففي حلال هذه حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب!

وزارة الداخلية سيدي بحاجة الى عقل اكثر منها الى ورقة نقش عليها ان فلان الفلاني قد قدّم بحثا في الحيض او النفاس او في اسماء القائد او في حروب الردة واجتاز بتفوق، وكان الله يحب المحسنين! لا اريد هنا الانتقاص من حملة شهادات الدكتوراه رغم ان نصف هؤلاء في عالمنا العربي وخصوصا منطقة الخليج انما يفضلون الحصول عليها من السودان! سألني احدهم لماذا السودان بالذات؟ ففهمها لوحده بعد وهلة دون ان انبس ببنت شفة!

وزير الداخلية لابد وان يتمتع بحنكة ودراية بما يدور حوله، في كل شارع، في كل مدرسة، في كل زقاق ومحلة، ولا اكون متجاوزالحدود الافتاء اذا ما اجزمت حتى في بيته، وفي غرفة نومه!

كل ما يتوجب ان تتحلى به في منصب كهذا هو الفطنة والتفرّس والعلم بصغائر الامور قبل ان تكبر وتتعاظم! في منصب كهذا يتوجب عليك ان تعرف كم شعرة في رأس كل مواطن وكم شعرة في موضع اخر من اجساد المواطنين التي يحفظ كرامتها الدستور الجديد ويحرّم علينا البوح بها او الالتفاف حولها! عليك ان تفهم يا صديقي ان وزير الداخلية يجب ان يكون احد المستميتين واول رجل في الدولة الخفية! يهابه الرئيس ويحسب له الوزراء البقية الف حساب! يمشي المواطن في الشارع وهو يفكر كيف يرضي وزير داخليته! ترتج تحت قدميه البنايات المجاورة قبل ان يلج داخل مبنى وزارته! تمجّد صحف المعارضة قبل الرسمية بانجازاته في ابطال مفعول السيارات المفخخة، والاجساد العارية، وافلام الخلاعة! وزير الداخلية يجب ان يتميز برائحة شم تفوق تلك التي عند الكلاب المدربة والمستوردة في وزارته! يشم رائحة فكرة المتسللين عبر حدود الوطن قبل ان يصلوا الحدود بعشرة ايام على الاقل! وزير الداخلية يجب ان يعرف عن علاقة كل مواطن بالمواطن الاخر، وكل شريك مع شريكه! باختصار وزير الداخلية خليفة الله في الارض!

فهل يملك العراق اليوم وزيرا للداخلية بهذه المواصفات؟! ولان الاجابة معروفة ووفقا لكل ما تقدم فانا اولى بها من وزير الداخلية الحالي الاستاذ نوري البدران! ولانني مرشح ديمقراطي فانني ارحب بكل من يجد في نفسه الكفاءة ان يتقدم لمنافستي.





نقلا عن صحيفة القدس العربي اللندنية



http://www.alquds.co.uk:8080/archive...Mon/Quds22.pdf