الجالية اللبنانية أبّنت فضل الله في حسينية معرفي كان واحدا في رأيه.. وأمة في همومه واهتماماته
السفير اللبناني مستقبلا المعزين (تصوير أيمن ذياب)
حسين حاجي
واصلت الحسينيات في البلاد مجالس العزاء والتأبين للمرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله الذي شيع جثمانه امس الاول، حيث اقامت الجالية اللبنانية امس الاول في حسينية معرفي عزاء تأبينيا بمشاركة العديد من السفراء وعلماء الدين والكثير من المعزين من مواطنين ومقيمين.
وقال السفير اللبناني في البلاد بسام نعماني ان فضل الله ترك اثرا طيبا لانه كان امام الاعتدال والفكر الاسلامي المتنور الذي مزج بين الحداثة والحياة السريعة وبين العقيدة والشريعة الاسلامية السمحاء مؤكدا انه وفق فيما سعى اليه.
واكد نعماني ان للفقيد دوراً كبيراً في الفترة الصعبة التي مر بها لبنان من حروب استمرت وصراعات داخلية، وكان انسانا يدعو للحوار والاتحاد، مبينا انه كان من الشخصيات التي دعت الى توحد اللبنانيين من جهة ومحاربة العدو الصهيوني من جهة اخرى.
شخصية عالمية
من جانبه، قال القائم باعمال السفارة الايرانية سيد محمد شهابي ان الراحل لم يكن يخص لبنان وحده، بل كان شخصية عالمية ليس لها مثيل، كاشفا انه ومنذ قيام الثورة الاسلامية كان داعما للمجاهدين فيها وفي كل انحاء العالم ويتجلى دوره في ما قام به من خدمات للعالم الاسلامي ولبنان ورفعه وعزة المسلمين فيه.
وقدم شهابي تعازيه الى الشعب اللبناني والمسلمين في انحاء العالم والى البشرية لخسارتها شخصية اسلامية فذة، مؤكدا ان الفقيد عمل جاهدا طوال 75 عاما على اعلاء مقام المسلمين والاسلام.
وبدوره، قال عريف مراسم العزاء المحامي حسيب سبيتي ان صاحب هذه المناسبة كبير بكل صفاته ولا توجد أي كلمة يمكن أن تعطيه حقه كاملا لأنها شخصية تسمو على مستوى الكلمات، مرددا ان كل الكلمات التي قيلت في العلماء والعظماء لا تفيه حقه.
بصمة لن تمحى
وأوضح سبيتي ان فضل الله له بصمة لا يمكن أن يمحوها الزمن في مجالات متعددة كونه راعي الوحدة الإسلامية وتحاور الحضارات والأديان، متطرقا إلى دوره في رعاية المحتاجين كذوي الاحتياجات الخاصة والمبرات التي ترعى الفقراء والمساكين وأبناء السبيل.
ومن جانبه، قدم متولي مسجد السيد هاشم بهبهاني في منطقة العدان السيد جابر بهبهاني أحر التعازي إلى جميع المراجع العظماء والمسلمين في العالم أجمع بذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم وبوفاة السيد محمد حسين فضل الله، مبينا أنه كانت تتجمع فيه خصائص الإنسانية وهو شخصية تعيش به الأمة وترتقي بأجوائه الروحية.
إبراهيمي
واستطرد بهبهاني قائلا «ان السيد كان ابراهيميا في انطلاقته كما كان في نسبه، واصبح أمة في همومه واهتماماته، واقتدى بجده رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلم يترك أي ميدان من ميادين الحياة إلا وكان له فيه صولة وجولة»، موضحا أنه كان الآية العظمى والعلم الهادي والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والمقاوم والمجاهد والراعي للأيتام واليد العطية للمحتاجين والمتسامح في علاقاته.
وأضاف بهبهاني ان كل تلك الأوصاف ومن دون مبالغة هي مجرد عناوين لعطايا الفقيد، مبينا انه عايش الفقيد على مدى 30 عاما عن طريق حملات الحج السنوية والزيارات المتكررة والمؤتمرات الدولية والعالمية، موضحا ان تواضعه في التعامل مع البشر هو سر حب الناس له.
وتابع: «ان كل فرد يصعب عليه استيعاب كل ما قام به، ولكنهم سيصدقون إذا علموا من دون مبالغة أني كنت برفقته وهو يعمل في بعض الأوقات لمدة 20 ساعة في اليوم»، مستدركا أنه كان يعمل على حماية لبنان بحرقة قلب على المسلمين والوطن وصمد بمواجهة ومقاومة العدو الاسرائيلي بإمكانات مادية متواضعة وامكانات معنوية مرتفعة وعالية.
وختم بهبهاني بقوله «انه يصعب التكلم عن هذه الشخصية العظيمة في هذه الدقائق المعدودة، لما لها من انجازات كثيرة»، وهذا يدل على عقيلة السيد التي تحاكي أحدث التطورات العلمية.
حامل شعلة التنوير
ومن جانبه، قال الشيخ الدكتور صلاح الدين أرقدان «عندما سمعت الخبر رأيت البشر يعزون ويتقبلون التعازي في الوقت نفسه، وتردد في قرارة قلبي انه ليس شخصاً واحداً قد قضى، بل انه أمة قد قضت»، مشيراً إلى ان فضل الله حمل شعلة التنوير لأكثر من نصف قرن كحركة ومنهاج يحمي بها مستقبل الأمة.
وأفاد أرقدان بان الراحل كانت مجالسه عامرة بذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت حركته مناراً للفكر الإسلامي، معتمداً بها على القرآن والسنة، مؤكداً انه من الخاطئ ان تفصل كل طائفة من الطوائف الإسلامية الدين كما تراه بمعاييرها، وليس بمعيار الإسلام المثالي، ولكن مدرسة السيد محمد حســين فضل الله كانت تسبح في عكس التيار وباتجاه الحق.
وبين أرقدان ان -المرحوم- تميز بحكمته في التعامل مع الحرب الأهلية التي عاناها لبنان من خلال استقامته بالتعامل ومشاركته الناس في أفراحهم وأحزانهم، خاتماً بأن لبنان والأمة العربية فقدوا نبراس الوحدة ونور الأمة التي أنارت الدروب المظلمة بظلمة الطائفية والنور في ظل السياسة العوجاء.
النهضة الإسلامية
ومن طرفه، قال الدكتور أحمد نصر الله إن السيد فضل الله من أبرز علماء الإسلام في العقود الأخيرة ومن الذين عايشوا وساهموا في النهضة الإسلامية الحديثة من خلال توجيهه وتسييره للجيل الحديث للأمة الإسلامية، مبيناً ان الفقيد بحكمته وصلابته رعى القضايا التي ساهمت في مقاومة ومحاربة الكيان الصهيوني الإسرائيلي، خصوصا في جنوب لبنان.
واضاف ان الراحل يختصر بتجربته وصفاته الكثير مما تحتاجه الامة على المستويات التربوية والاجتماعية والخيرية او السياسية وقيادة او رعاية الجهاد الاسلامي، مستدركا انه يصعب الحصول على صفاته مجتمعة في رجل واحد غيره.
مدرسة فكرية
وبدوره قال نادر معرفي ان فضل الله كان مرشدا واماما للامة الاسلامية ودائم التوافق واصلاح ذات البين بين جميع فئات المجتمع وطوائفه الاسلامية، مؤكدا انه كان من كبار المجاهدين في سبيل الله في حياته وصاحب مدرسة فكرية.
واشار معرفي الى ان ما تركه الراحل من تراث علمي وفكري سيساهم في نهضة الامة الاسلامية، مشددا بقوله «يجب ان نحافظ ونكمل المسيرة التي بدأها الفقيد وعلى ما اوصانا به من وحدة اسلامية وتسامح بالتعايش بين الاديان».
خالطوا العلماء
وكان آخر المتحدثين خطيب المنبر الحسيني الشيخ قاسم مشعل الذي بين في خطبته فضل العالم على العابد كما ورد في الاحاديث الشريفة، مشددا على ان يخالط الناس العلماء لما لهم من منزلة ولما لهم بقاء لذكراهم طوال الدهر.
واشار الشيخ قاسم الى ما قيل في حق فضل الله من قائد الثورة الاسلامية علي الخامنئي بأنه فيض إلهي وعلم من اعلام الفلك الشيعي، مؤكدا ان ذلك ليس بغريب عليه وعلى آبائه كونه ينحدر من سلالة السيد حسن المثنى وهو من ولد الامام الحسن بن علي بن ابي طالب.
وبين ان فضل الله اعجب معظم العلماء بتميزه في التعلم وشهد بذلك كبار العلماء كالسيد الخوئي والسيد الحكيم والشاهرودي، وهو رجل وصل الى هذه الرتبة فلن يوفي مدحنا حقه، خاتما بذكر مصاب جلل اصاب اهل بيت النبوة باستشهاد الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع).
مشاركة عزاء
شاركت الكثير من الشخصيات الكويتية بتقديم واجب العزاء للجالية اللبنانية في الكويت، مما يدل على مكانة الفقيد لدى الشعب الكويتي.
منابع علمه لا تنضب
قال القائم بأعمال السفارة الايرانية سيد محمد شهابي ان الفراغ الذي سيتركه فضل الله لا يمكن لأي شخص ان يملأه او يقوم بالجهود والاعمال نفسها التي قام بها، مضيفا قوله «ولكن البركة ستستمر بتلامذته الذين نهلوا العلوم من منابعه التي لن تنضب».
تفاخر
بيّن متولي مسجد السيد هاشم بهبهاني في منطقة العدان السيد جابر بهبهاني ان حب الفقيد للناس كان سبب التفاف الجماهير حوله، وذانك الالتفاف والحب كانا مانعين للمؤامرات التي كانت تطبخ من الكيان الصهيوني لمحاربته، مبينا ان الكثير من الشخصيات المعروفة بالساحة حاليا تفاخرت بالتتلمذ على يدي الفقيد واشهرها السيد حسن نصر الله.
انتماءات مختلفة
شارك في تأبين الفقيد فضل الله كثيرون وذوو انتماءات وولاءات متعددة، مما يبين دور الفقيد ومكانته في الدفاع عن حقوق الغير ومساهمته في وحدة الامة العربية والاسلامية.
النعماني مع شهابي ونصرالله
مجتبي المهري يتوسط المعزين
مواطنان يقدمان واجب العزاء