السيستاني: إياكم والسماح باعتقال الصدر
القبس ترصد استعدادات النجف لإحياء
«أربعينية الـحسين» في ظل التوتر وغياب «التحالف»
النجف - موفد القبس - نزار حاتم:
عقب ثلاثة ايام من التوتر والاعصاب المشدودة التي عاشتها النجف، بسبب المواجهات بين انصار السيد مقتدى الصدر وقوات التحالف، عاد الهدوء النسبي الى هذه المدينة التي اصبحت بالكامل تحت سيطرة الصدريين المدججين بمختلف انواع الاسلحة التقليدية (كلاشنكوفات، رمانات يدوية مشدودة على البطون، وقاذفات الآر بي جي). وفي معرض اعترافه ضمنا بالصعوبات التي تواجهها قوات التحالف على الارض، اعترف قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز بفقدان السيطرة على النجف والكوت، لكنه اكد ان التحالف سيستعيد السيطرة «بصورة وشيكة». وكانت القوات الاوكرانية التي تسيطر على الكوت، غادرت مواقعها اثر هجمات عنيفة شنتها الميليشيا الشيعية. وافاد مراسل وكالة فرانس برس ان المدينة خاضعة تماما لسيطرة «جيش المهدي».
بانتظار أربعينية الحسين
وفيما اتخذت قوات التحالف مواقع لها بعيدا عن النجف، اختفت عناصر الشرطة - باستثناء شرطة المرور - عن كافة المراكز بعد ان قاموا بتسليمها الى ميليشيات الصدر. والهدوء الملاحظ في الشوارع والاسواق، لا يمكنك ان تقرأه في وجوه الناس بسبب احساسهم بأنهم على موعد مع مواجهات مقبلة قد تندلع عقب الانتهاء من ذكرى اربعينية الامام الحسين التي تحل الاحد المقبل وسط توقعات في ان تتحول هذه المناسبة الى حشود ضخمة تدعو الى زوال الاحتلال وتندد في شعاراتها و«رداتها الحسينية»، بالاساليب التي اعتمدها التحالف في معالجة الازمة الملتهبة في عدد من المحافظات العراقية، يشجعهم على ذلك فتوى المرجع الديني الاعلى آية الله السيد علي السيستاني الذي انتقد وبوضوح مثل هذه الاساليب.
وفيما لاحظنا تنقل رؤساء عشائر الفرات الاوسط بين مكاتب رجال الدين الكبار للتداول في شؤون الاوضاع المحتملة ما دامت سلطة التحالف لم تتراجع عن عزمها القبض على الصدر وتفكيك قواته، سمعنا ايضا من مصاد مطلعة ان عددا من اعضاء الانتقالي بينهم الدكتور احمد الجلبي وابراهيم الجعفري وكريم ماهود المحمداوي والسيدة سلامة الخفاجي يعتزمون مطالبة المرجعية العليا بإصدار بيان يدعو فيه اعضاء مجلس الحكم الى الانسحاب من العملية السياسية ليكون مثل هذا البيان حجة لمن يتخذ قرار الانسحاب اذا ما مضت قوات التحالف في نهجها التصعيدي.
وعلمت «القبس» ايضا من مصدر مطلع ان السيد محمد رضا السيستاني نجل المرجع الديني قد استقبل امس الاول عددا من مسؤولي مكاتب الحركات السياسية الشيعية - اسلامية وعلمانية - وحذرهم من مغبة التساهل حيال اي محاولة تهدف الى اعتقال الصدر. واضاف المصدر الذي كان حاضرا هذا الاجتماع نقلا عن نجل السيستاني «اذا سمحنا لهم باعتقال الصدر فسوف يتمادون باعتقال من يشاءون من رجال الحوزة العلمية».
.. وبانتظار لقاء مقتدى الصدر
توجهنا الى مكتب الصدر فجوبهنا بمجموعات مسلحة كانت تقف عند بوابة الزقاق المؤدي الى المكتب، تقدم احدهم باتجاهي قائلا «تفضل اخي».
قلت: انا صحافي وارغب في اللقاء مع السيد الصدر؟
- السيد ليس موجودا عزيزي.
> اين؟
- لا ندري.
> ومدير مكتبه، نحن نعرفه جيدا وسبق ان التقته «القبس»؟
- انتظر لحظات.
انتظرت نحو عشر دقائق كان الحراس يعاينونني بنظرات مريبة فيما طلب مني تشغيل الكاميرا والمسجل في اطار اجراءاتهم الامنية، بعدها خرج علي الشيخ قيس الخزعلي مدير المكتب واعتذر لي عن عدم امكانية استضافتي داخل المكتب لأنه مشحون بالوافدين من العشائر، ثم اصطحبني الى الشارع المقابل واتكأ على احدى السيارات الواقفة قائلا يمكنني ان اجيبك عن سؤال او سؤالين لأني متعب جدا.
> حسنا كيف تقيمون موقف المرجعية العليا من السيد مقتدى؟
-موقف تضامني طبعا ونحن جميعا جنود سماحة السيد السيستاني.
> كنتم غير راضين عنه في زمن سابق؟
ـ علينا بالحاضر فليس هناك مجال للرضا أو الزعل في مثل هذه الظروف، كما ان الموقف الشرعي يقتضي عدم مخالفة المرجعية العليا.
> اشتكى بعض من التقيناهم من عمليات النهب التي قام بها أصحابكم؟
ـ سؤالك في محله، دعني أعطك البيان الذي أصدره الصدر قبل لحظات بهذا الخصوص وسنقوم بتوزيعه، ثم أشار الى أحد حراسه بجلب البيان الذي ورد فيه «أهيب بالأخوة الأعزاء التعاون مع اخواننا الشرطة الشرفاء، وان لا يتعدوا على الأموال العامة، والا سرنا خلف مخططات الغرب التي يريد منها القول ان الشعب العراقي غير قادر على إدارة بلده إلا بالسلب والنهب، فاحذروا، ومن يقم بمثل هذه الأعمال فسيقدم الى محاكمنا الشرعية وسينال العقاب المناسب بعونه تعالى.
من جهة ثانية، ينتقد خصوم الصدر في النجف بعض القوى السياسية الاسلامية من قبيل «حزب الدعوة الاسلامية، والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق» بسبب ما يشاع عن هذه القوى تضامنها مع الصدر.
ويشير هؤلاء الخصوم الى ان هذا النوع من التضامن هو بدافع المصلحة يتمثل في الرهان على مرحلة ما بعد الصدر، ذلك لأن اتباعه الذين يمثلون تياراً كبيراً سيلتحقون بهذه القوى إذا ما قتل الصدر أو اعتقل.
وفي ظل هذه الأجواء لا يخفي بعض المطلعين في النجف تفاؤله بحدوث اختراق للأزمة الراهنة، مشيرين الى ان سلطة التحالف لا يمكنها المضي في نهجها الراهن بعد كل الذي حصل، خصوصاً ان هذه السلطة تعلم جيداً مدى التداعيات المحتملة فيما إذا اتخذت المرجعية الدينية موقفاً حازماً حيالها.
ويعتقد هؤلاء المطلعون ان التسوية لهذه الأزمة ستتم عبر قبول كافة الأطراف بارجاء قضية الصدر الى مرحلة ما بعد تسليم السلطة للعراقيين لأن القوى الحاكمة في الوقت الراهن ليست شرعية من وجهة نظر كافة الفقهاء ورجال الحوزة العلمية، وبالتالي يصعب القبول بتسليم رجل دين مثل مقتدى الصدر أو غيره إلى جهات غير شرعية.
-----
نفس المصدر
http://www.alqabas.com.kw/news_detai...ate=2004-04-09
السلام عليك يا ابا عبدالله