مقتدى.. رمز التضحية - جريدة الرأي العام الكويتية
مقتدى.. رمز التضحية
لا نستغرب تلك الحملة الشعواء التي يمارسها الاحتلال الأميركي في العراق للنيل من حياة شخصية إسلامية هي سماحة السيد مقتدى الصدر، وإن تطلب الأمر نسف المنازل وقتل مئات الأبرياء وهدم البنى التحتية وانتهاك حرمات العتبات المقدسة، بل الغرابة أن نجد من المسلمين من ينجر الى دعم هذه الحملة الظالمة والشعواء!
التهمة التي يريد الاحتلال اقناعنا بها هي أن السيد مقتدى متورط في مقتل السيد مجيد الخوئي، وهو شخص كم عولت عليه أجهزة المخابرات الأميركية في استقطاب الحوزة وعلمائها لصالحها، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سياسات البنتاغون، فأصبحت تلك التهمة تبطن حقيقة جلية هي أن الذنب الأول والأخير للسيد مقتدى هو أنه مازال صامداً منذ اليوم الأول لسقوط النظام العراقي في مطلبه بطرد المحتل، ومازال صامداً في رفض دخول اللعبة السياسية التي سبقته اليها أحزاب المعارضة كي لا يكرس الاحتلال كما هو حاصل اليوم.
فكل ذنب السيد مقتدى أنه جنح الى المقاومة السلمية لتحقيق مطلب وطني شريف هو تحرير أرض العراق من براثن الاحتلال الأجنبي، ولو استسلم - والعياذ بالله - لحظة لمبدأ قبول هذا الاحتلال لفتحت عليه أبواب الخير والمنفعة والمصلحة، ولما رأيناه بأقل منزلة ممن هم اليوم في مجلس الحكم من الذين قبلوا بخوض معترك العمل السياسي مع الاحتلال والاعتراف بشرعيته، وما يرافق ذلك من التغاضي عن الكم الهائل من تجاوزات الاحتلال في حق الشعب العراقي ابتداء من القتل الجماعي اليومي للأبرياء وانتهاء بنهب مقدرات العراق وخيراته في وضح النهار.
مقتدى اليوم بخطابه السياسي العقائدي الوطني الشفاف أصبح الاقرب الى قلوب العراقيين بشكل خاص، وشعوب العالم العربي والاسلامي بشكل عام, فهو يبرر التزامه الكامل بالشريعة الإسلامية، بل يثبت في تحركه يوما بعد يوم ذكاءه وحماقة أعدائه، كرس ذلك حين قرر اللجوء الى الشعب العراقي ومطالبته اياهم الاستمرار في المقاومة السلمية، وأيضاً حين اعلانه الخضوع التام لرأي المرجعية والتزامه بالعناوين الأولية للرأي الشرعي، في وقت انجر الاحتلال الى مواجهة العراقيين، بل ووجد الاحتلال نفسه متورطا في المزيد من القتل والبطش والتنكيل الذي اعتاد على ممارسته في حق الشعب العراقي منذ دخوله العراق.
لقد كشف السيد مقتدى الوجه القبيح للاحتلال، وكرس منهج الرفض الشعبي له مهما كانت النتيجة، وعرى دعاة الانفتاح مع المحتل، وترجم حالة البؤس التي يعيشها العراقيون نتيجة لاستمرار جشع الاحتلال في نهب خيراتهم والسيطرة على أموالهم، وفرض مبدأ الشفافية في مواجهة العدو، ويكفيه هذا التوجه ليكون رمزاً للتضحية حين صاح بـ «لا» للاحتلال في وقت عجزت عنها كل رموز المعارضة السابقة.
كاتب كويتي د.سامي ناصر خليفه الراي العام
السلام عليك يا ابا عبدالله