 |
-
آخر التعيينات !
[align=center][glint]آخر التعيينات [/glint][/align]
نـــــــــــــــــــزار حيدر
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM
المصدر : وصلت من الكاتب بواسطة الايميل الشخصي
على الرغم من أن طريقة تعيين الحكومة العراقية الانتقالية ، التي أعلن عنها اليوم في بغداد ، لم تختلف عن طريقة تعيين أعضاء مجلس الحكم الانتقالي في تموز العام الماضي ، إلا أننا سنحترم الاختيار على قاعدة القبول بـ (أفضل الميسور) إذ ربما لم يكن بالامكان أفضل مما كان ، أو هكذا خيل للناظر على الأقل ، بالرغم من أن التشكيلة تعتبر خرقا فاضحا لقانون إدارة الدولة العراقية المؤقت الذي كان قد وقعه مجلس الحكم في (8 آذار)الماضي ، والذي نص على أن المجلس الوطني الذي سينتخبه العراقيون هو الذي سيختار الرئيس ونائبيه .
واعني هنا بتشابه طريقتي التعيين ، من عدة جهات ، وبالذات لجهة مصدر التعيين (الاحتلال) وان اختلفت ، هذه المرة ، أسماؤه ومسمياته وعناوينه ورجالاته ، سواء أولئك الذين عملوا من فوق الطاولة في تسمية المرشحين للمناصب ، أو من تحتها ، من جانب ، وطريقة التعيين والتي جاءت بكلا الحالتين على قاعدة المحاصصة المعروفة ، لتغطي مساحة الأحزاب والشخصيات التي تعاونت ، ولا تزال مع الاحتلال ، فقط .
الذي يأمله العراقيون ، هو أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يتم فيها اللجوء إلى طريقة التعيين والمحاصصة ، إذ يحدوهم الأمل الكبير في أن يلجا الجميع ، في المرة القادمة ، إلى صندوق الاقتراع على قاعدة (صوت واحد ، لمواطن واحد) لملء كل مقاعد المسؤوليات والمواقع ، لنضع حدا للتدخلات الأجنبية والإقليمية في فرض هذا الزعيم أو اقتراح ذاك الرئيس .
والسؤال ، كيف ننجز هذا الأمل ؟ .
أولا ــ الحمد لله ، فقد تشكلت الحكومة الانتقالية على حسب رغبة أعضاء مجلس الحكم ــ أو هكذا أعلن عنه على الأقل ــ فقد جاءت التشكيلة سياسية ، وليست تكنوقراط كما أرادها الإبراهيمي ، كما أنها غطت مساحة أعضاء المجلس ، بشكل أو بآخر .
وكما يبدو فان الاحتلال استرضى كل أعضاء المجلس بطريقة أو بأخرى ، ما يعني أن من المفترض والمؤمل ، أن يدعم كل هؤلاء ، هذه الحكومة وبكل الطرق لإنجاح مهمتها في الفترة الزمنية المتبقية إلى نهاية العام الحالي ، موعد إجراء الانتخابات العامة ، على اعتبار أنها حكومة انتقالية محدودة الصلاحية (زمنيا) والصلاحيات ، ليس أكثر .
ثانيا ــ لا احد ينتظر من هذه الحكومة ، أن تحقق أية معاجز في عمرها الزمني القصير، إذ يعلم الجميع بأنها لا تمتلك عصا موسى السحرية لتضرب بها البحر فينفلق للعراقيين كالطود الشامخ ، كما أنها لا تمتلك الكثير من السيادة والسلطة ، التي لن تنتقل إلا إلى حكومة وطنية منتخبة من قبل الشعب العراقي ، فلماذا ، إذن ، نحملها مسؤوليات وواجبات ، نعرف مسبقا أنها فوق طاقتها ، وخارج إرادتها ؟ .
فالعراقيون مثلا ، لا ينتظرون من الحكومة أن تحل مشاكلهم الأمنية ، لان الملف الأمني ــ ولأسباب كثيرة صنعها ، أو ساعد على صناعتها المحتل ــ ستظل سلطات الاحتلال تحتفظ به لنفسها ــ والتي سيستبدل اسمها من سلطة التحالف المؤقتة برئاسة بريمر ، إلى سلطة السفارة الاميركية الدائمة برئاسة السفير المعين ــ .
كما أنهم لا ينتظرون منها أن تبادر إلى تحسين مستواهم المعيشي ، لان عائدات النفط وميزانية الوزارات ستظل كذلك تحت إشراف وتصرف الاحتلال والمستشارين الأجانب الـ (200) .
كذلك ، فإنهم لا ينتظرون منها أن تضع حدا لنشاط جماعات العنف والإرهاب التي تسللت من دول الجوار وانتشرت في مختلف مناطق العراق ، من خلال ضبط حدوده مثلا مع جيرانه ، وبالذات مع الأردن (الشقيق) الذي ظل طوال العام الماضي يصدر لأشقائه العراقيين ، أفضل منتوجاته وسلعه ، وبامتياز ، واعني بهم الإرهابيين المتمرسين على القتل والمتفننين في وسائل التدمير ، لان القيادة العسكرية للجيش العراقي الجديد ستظل تحت إمرة قوات الاحتلال .
رحمة بالحكومة الانتقالية ، إذن ، سوف لن يتوقع العراقيون منها أن تتصدى لهذه المهام والمسؤوليات الجسام ، والتي ستتحملها بالنيابة عنها (مشكورة) سلطات السفارة الاميركية في بغداد ، التي نقل إليها الرئيس بوش الملف بالكامل ، الأسبوع الماضي .
شئ واحد فقط ينتظره العراقيون من هذه الحكومة العتيدة ، وهو أن تصب كل جهدها وتصرف كل وقتها من اجل الإعداد للانتخابات القادمة المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي .
سيقيس العراقيون مدى جدية وصدقية وحرص هذه الحكومة على سير العملية السياسية والديمقراطية ، برمتها ، في الاتجاه الصحيح ، بمدى جديتها في العمل المثابر للإعداد للانتخابات من اجل الالتزام بإجرائها في الوقت والموعد المحدد لها، من دون التعلل بأية أسباب ، لتأجيلها أو تزويرها أو التلاعب بها .
إن العراقيين لم يكترثوا كثيرا بأسماء ومسميات وعناوين الحكومة الانتقالية التي خلفت مجلس الحكم ، لأنهم ، وبصراحة ، لم يشاركوا أو يستشاروا في اختيار الأسماء التي جاءت كنسخ متطابقة إلى حد بعيد مع أسماء أعضاء مجلس الحكم الذي لم يستشر العراقيون وقتها ، كذلك ، في اختيارهم ، فكما رأينا كيف تجاهل العراقيون مجلس الحكم طوال العام الماضي ، لانشغالهم بهمومهم الأمنية والمعيشية اليومية ، إلى جانب هذا السبب الاستراتيجي الهام ، كذلك ، يغلب الظن على أنهم سيتجاهلون هذه الحكومة إلى حد بعيد لنفس الأسباب ، ولا زالت لم تولد من رحم صندوق الاقتراع ، ولم تفرزها الانتخابات العامة ، الحرة والمباشرة .
بانتظار أن تعمل الحكومة الانتقالية ، المستحيل ، من اجل الترتيب للانتخابات العامة القادمة ، فهي الطريقة الوحيدة :
أولا : لمعرفة حجم وواقع الأحزاب والشخصيات العراقية ، في الشارع العراقي العام ، ومدى قناعة العراقيين بمناهجهم السياسية ومشاريعهم العملية .
ثانيا : للتأكد من صدقية أهداف الاحتلال الذي يقول بأنه جاء إلى العراق لإسقاط الديكتاتورية ومساعدة العراقيين على إقامة الديمقراطية ، فالانتخابات العامة هي المحك الحقيقي والواقعي لإثبات ذلك .
كما أنها المحك الحقيقي لإثبات حسن نوايا الحكومة الانتقالية التي تشكلت في الأساس للإعداد لهذه الانتخابات فقط ، وان كل ما دون ذلك هراء وكلام فارغ وادعاءات لا تصمد أمام الحقيقة والواقع .
ثالثا : لتنبثق عن صندوق الاقتراع ، الحكومة العراقية الوطنية المنتخبة التي ستنتقل إليها ، بالفعل ، السيادة والسلطة ، بشكل سليم وصحيح وقانوني ، لان السلطة لا تنتقل إلى من يعينه الاحتلال ، والسيادة لا تسلم إلى من يختاره المحتل أبدا .
إن مواجهة استحقاقات الاحتلال بحاجة إلى حكومة قوية تستند ، بقوتها وشرعيتها ، إلى قوة وشرعية الشعب ، ولا يمكن تحقيق ذلك ، إلا عبر صندوق الاقتراع حصرا .
ثالثا : لنضع حدا ، والى الأبد ، لطريقة التعيين التي تتناقض كليا مع الديمقراطية ، التي تعني فقط وفقط ، صندوق الاقتراع ، كما هو معمول به في كل دول العالم الحر والمتحضر .
رابعا : كما سنضع بها حدا ، والى الأبد ، للعبة المحاصصة وبكل أشكالها ، التي ضاق بها العراقيون ذرعا ، والتي جاءت في اغلب الأحيان على حساب الكفاءة والأمانة ، اللتان تعتبران الميزان الحقيقي والواقعي لاختيار (الرجل المناسب ، في المكان المناسب) كوسيلة وحيدة لإنجاح التجارب الديمقراطية التي تتبناها الشعوب عادة لتحقيق التنمية ، وعلى مختلف الأصعدة .
نأمل من الحكومة الانتقالية ، إذن ، أن لا تشغل نفسها بالقضايا الجانبية ، ولا تحمل أوزار غيرها على ظهرها وأثقالا فوق طاقتها ، إنما تتفرغ فقط للإعداد للانتخابات العامة القادمة ، من خلال العمل على تهيئة كافة وسائلها اللازمة ، كتدوين قانون الانتخابات وقانون الأحزاب والتعداد السكاني العام ، وغير ذلك ، والتي تتطلب جميعها ، التعاون مع كل شرائح المجتمع العراقي ، الدينية منها والعشائرية والسياسية والثقافية والحقوقية والأكاديمية وغيرها .
عليها كذلك ، أن تعمل على استيعاب البؤر المتوترة في مختلف مناطق العراق ، من خلال التحلي بسعة الصدر ، للمساعدة على تهيئة الأجواء الايجابية لإنجاح الانتخابات العامة القادمة .
يبقى أن تنتبه الحكومة الانتقالية إلى ما يلي :
فلقد جرى الحديث كثيرا عن فساد إداري ومالي تورط به مجلس الحكم الانتقالي ووزارته السابقة .
من المفيد للحكومة الانتقالية ، إذا أرادت أن تنجز مهامها على أحسن وجه ، أن لا تتورط بمثل ذلك ، وعليها أن تنئا بنفسها ، عن كل أنواع الفساد ، على الأقل رحمة بالعراقيين الذين أصيبوا بالإحباط الشديد ، طوال العام الماضي ، وهم يتابعون ويقرؤون ويسمعون ، عن الفساد الإداري والمالي الذي تورط به زملاءهم السابقون .
سلطة التحالف ، كذلك ، عليها أن تثبت للعراقيين أنها لم تتورط بأي فساد مالي ، طوال الفترة الزمنية التي تحملت خلالها المسؤولية في العراق ، ليحتفظ العراقيون بصورة جيدة في أذهانهم عن رئيس السلطة بريمر وهو يودع العراق عائدا إلى بلاده نهاية هذا الشهر .
من المفيد هنا ، إذا أرادت واشنطن أن تكسب ثقة العراقيين ، وهي تسدل الستار على فترة (الاحتلال المباشر) للعراق ، أن تطلب من السيد بريمر تقديم كشوفات مفصلة عن كل سنت (اميركي) تصرف به خلال فترة (رئاسته) للعراق ، حتى لا يتهمه المغرضون والمتربصون بسمعة الولايات المتحدة الاميركية (لا سامح الله) بالسرقة واللصوصية والتلاعب بأموال العراق ، سواء تلك التي دخلت ميزانيته من عائدات النفط ، أو من مساعدات الدول المانحة .
إنها تذكرة ، نأمل أن تعيها أذن واعية .
والله من وراء القصد .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |