عدنان حسين
من دون قصد، ربما، قدمت فضائية «الجزيرة» يومي الاحد والاثنين الماضيين خدمة كبيرة للشعب العراقي ببثها مرات عدة شريط الفيديو الذي تسلمته من المجموعة الارهابية التي خطفت مترجما كوريا جنوبيا وهددت بالصوت والصورة بنحره.
الشريط وثيقة اخرى تدين «المقاومة العراقية»، فهو يؤكد ما يقوله العراقيون بأن هذه «المقاومة» انما قادمة من وراء الحدود بتسهيلات من دول مجاورة، او في الاقل من اجهزة في هذه الدول.
«الجزيرة» لم تدرك هذا، لكن العراقيين الذين شاهدوا الشريط واستمعوا اليه، بمن فيهم الذين يعملون في الفضائية ذاتها، ادركوا في الحال ان قائد المجموعة الذي وقف خلف ضحيته مباشرة والقى بيان التهديد من خلف اللثام هو شخص غير عراقي، فلهجته ليست لهجة اهل الموصل، ولا لهجة أهل الشمال الاوسط (تكريت وسامراء)، ولا لهجة اهل الغربية (الفلوجة والرمادي وسائر مناطق الدليم)، ولا لهجة البغادّة او اهل الفرات الاوسط او اهل الاهوار او البصاروة.
اللهجة دلت على ان قائد المجموعة المكونة من ثلاثة اشخاص، هو من منطقة الجزيرة والخليج. ولقد اعادت لهجة الرجل والعرض الذي قدمه امام الكاميرا الى الاذهان مشهد الارهابي عبد العزيز المقرن وهو يهدد بالقتل والتدمير قبل ايام قليلة من مقتله في مواجهة مع الامن السعودي بعد ان نفذ تهديده بنحر مواطن اميركي.
منذ اول عملية انتحارية شهدها العراق في العام الماضي قال العراقيون انها ليست من فعل عراقيين.. صحيح ان عناصر نظام صدام هم احد مكونات «المقاومة» لكن لم يعرف عنهم انهم يضحون بأنفسهم من اجل قضية.
في الاسابيع الاخيرة ظهرت دلائل عدة تؤكد على نحو قاطع رأي العراقيين. و«الشرق الأوسط» وغيرها نشرت تقارير عن مقتل شبان خليجيين في عمليات انتحارية وهجمات في العراق الذي وصلوه عن طريق سورية وايران. والحكومة الاردنية اعلنت صراحة ان العديد من الاردنيين التحقوا بتنظيم ابو مصعب الزرقاوي الارهابي المتهم الاول بتنفيذ الهجمات الانتحارية وعمليات السيارات المفخخة التي اصبح ضحاياها الآن جميعهم عراقيين، فيما افادت مصادر اردنية بأن هناك مئات من الاردنيين التحقوا بالنشاط الارهابي في العراق ولم تبلغ عنهم عوائلهم خشية افتضاح امرهم.
الارهابيون الاجانب لم يدخلوا الى العراق وهم يرتدون طاقيات الاخفاء او يركبون البساط السحري.. لقد مروا بنقاط الحدود، الرسمية وغير الرسمية، التابعة لدول الجوار.. ونحن نعرف ان كل دول الجوار العراقي تبسط سيطرة محكمة على حدودها، وان الطير اذا ما اجتاز الحدود فان واقعة العبور هذه ستدون في سجلات اجهزة المخابرات. وبالتالي فلا احد يمكنه التهرب من مسؤوليته والادعاء بعدم معرفته باجتياز الارهابيين لحدوده.
الحكومة العراقية الانتقالية التي ستتولى السلطة والسيادة الاسبوع المقبل مطالبة ليس فقط باتخاذ اجراءات رادعة لمكافحة الارهاب وضبط الحدود، وانما ايضا باعلان الحقائق المتوفرة لديها عن التسهيلات التي يتلقاها الارهابيون من دول مجاورة.. والحكومة لديها ما يكفي من هذه الحقائق حسبما اعرف استنادا الى معلومات من اصدقاء اثق بهم من اعضاء هذه الحكومة.