هل نبارك للشعب العراقي ام ماذا

[السيد الهاشمي]

هل نبارك للشعب العراقي هذه الخطوه الجديده بتسليم السلطه للحكومه العراقيه وانهاء حالة الاحتلال ولو بشكل صوري حيث اصبح العراق الان دوله غير محتله وحسب قرار مجلس الامن الاخير في تسليم السلطه للعراقيين؟ ام هناك توجس عند البعض بانتظار الانتخابات والتي من المقرر الشروع بها نهايه هذا العام؟

[المحجوب]

الجواب حسب اعتقادي.. لا .. لم يحن الوقت بعد للمباركة بتسلم السيادة..
الشعب العراقي لا يزال يشاهد الجنود الاجانب يجوبون طول البلاد وعرضها.. ويقيمون الحواجز، ولهم الصلاحيات لاعتقال من يريدون اعتقاله.. لا فارق الا على الورق حالياً..
انتهى - على الورق - الغزو الامريكي للعراق.. الذي دام 467 يوماً..وامتلك الشعب العراقي السلطة منذ الساعة 10 و 26 دقيقة صباحاً. كانت تكاليف الخلاص من نظام صدام 848 جندي امريكي..وآلاف الجرحى.. اما من الجانب العراقي، فالقتلى بعشرات الالاف.. انتهكت البلاد بكل طريقة ممكنة..
ربما يكون الشيء الوحيد الذي يمكن الاحتفال به هو رحيل بريمر، الذي ترك العراق البارحة الاثنين، بعد ان "سلم السلطة" (وهذا يعني الكثير من المشاكل العالقة والمستديمة) الى الحكومة الجديدة.. وهل يعتبر هذا نصراً، ام هروباً من فشل ذريع؟ ظهرت تقارير عن امكانية تعرض موقع الاحتفال لقصف صاروخي عنيف، وبما ان الجيش الامريكي غير قادر على فرض السيطرة الامنية، فقد تم اتخاذ القرار بعدم السماح للقوى المعارضة بافساد الحفل.. امام اعين العالم والاعلام الذي كان يستعد للتصوير.. وهكذا تم التسريع باحتفال وطقوس اعادة السيادة..
ومن الواضح ان الموضوع باكمله يتعلق بالاعلام.. الادارة الامريكية ترجوا ان يذهب الصحفي اليوم الى ..العلاوي بعد كل تفجير وكل ازمة في العراق..وان يتركوا الادارة الامريكية تواجه هموم الانتخابات التي لا تسير على ما يرام كذلك..
لم يكن هناك مظاهر احتفال البتة في الشارع العراقي.. حتى العادات السيئة التي نتمنى الخلاص منها مثل اطلاق النار في الهواء لم تحدث.. لا ادري ان احس الناس باي فرق او اي شيء جديد.. البعض قال ان هذه مسرحية للضحك على الذقون..والواقع هو انه ليس للسيد العلاوي شعبية في البلاد..ولم يصل للسلطة عن طريق الانتخابات. والناس ستعطيه الفرصة، ولكن ذلك لا يعني انهم يريدوه..
وماذا تغير؟ المفروض ان العلاوي يتحكم الآن ب 20 بليون دولار هو دخل العراق..نصفها ياتي من النفط، الذي تتعرض انابيبه للتفجير بشكل دائم، والنصف الاخر..لا احد يعرف مصدره.. فلا يوجد هناك ضرائب..ولا تصدير، والمساعدات الغربية قد لا تاتي..والحكومة العراقية في هذا الظرف الشائك تحتاج ل 30 مليار، ولا تملك سوى ثلث المبلغ..مما سيزيدها ضعفاً..
والعلاوي - الذي يريد دولة حقيقية وجيش، لا يملك سوى ثلث ما يحتاجه من المال، وثلث السلطة كذلك.. جيوش التحالف - بقيادة رامسفيلد - وتعدادها لا يقل عن 160 الف جندي، لها الثلث ايضاً، وللسفير الامريكي الجديد نجروبونتي (ذو الماضي الاستخباري الاسود في هاندوراس) له الثلث ايضاً.. وله الكثير من المال الذي قدمته الادارة الامريكية لاعادة الاعمار..
تواجه الحكومة الجديدة هموم تركها لها صدام وبريمر: منها تفكك البنية الاجتماعية.. وهذه من تركات صدام.. فالاكراد في الشمال وابناء الجنوب كذلك يخافون من حكومة مركزية قوية.. مما سيزيد الضغوط عليها ويقلل من قدراتها.. والحكومة ايضاً تواجه بنى تحتية تتآكل وتحتاج للتجديدات والصناية منذ 20 عاماً..وتواجه سيارات مفخخة قد تتفجر في اي مكان في اي لحظة..
وشرائط فيديو يتم فيها قطع الرئوس.. واعمال خطف وطلب فدية..وقد قال العلاوي: لا تقلقوا بشأن اعداء الاسلام.. بعضهم ذهب الى الجحيم، والبعض الآخر ذاهب ان شاء الله.."
دول الناتو ستساعد الحكومة الجديدة في تدريب بعض الجنود.. وهذا اقل بكثير مما ارادته الولايات المتحدة..
في المستقبل المنظور: سينشغل الناس بصور محاكمة صدام (مع ان الرجل صدر عليه حكم مسبق بالاعدام منذ الستينات00 وصرح في ايام مجده بشعور غريب يعتريه بانه يلعب في الوقت الضائع) وقضية الانتخابات التي يفترض ان تتم في موعد اقصاه "31 - 1 )
هناك ايضاً تساؤل بشأن السيد الياور.. الذي كان المفترض ان يكون له شعبية اكثر من السيد العلاوي.. فالياور على الاقل ليس له ماضي مع اجهزة استخبارات غربية.. ولكنه قليل التحدث امام وسائل الاعلام..مع ان منصبه االتشريفي يتطلب ذلك..
كل هذه الهموم تجعل الاحتفال باستعادة السيادة صورياً.. لا يستحق التهنئة..المستقبل حسب تصوري يبقى ملبداً.. وربما ستتطلب العملية سنوات لا اشهر لاستعادة البلاد لعافيتها..
المحجوب..