جيش المهدي.. قوة سياسية
أحمد الربعي

قرار جيش المهدي بوقف العنف والتحول الى قوة سياسية هو قرار حكيم ويستحق الاشادة بغض النظر عن دوافعه، ولو استمر جيش المهدي باستخدام القوة فسيتحول الى قوة معزولة في الشارع، فالعراقيون ملوا وتعبوا من كثرة الدماء والعنف والقتل.
القوى الفاعلة في المجتمع العراقي ومعها الحكومة يجب ان تتحرك لاستيعاب جماعة جيش المهدي واقناعهم بان الطريق الوحيد الممكن للتعبير عن الارادة الوطنية هو صندوق الانتخابات. وبالتأكيد هناك قوى تخاف من صندوق الانتخابات لانها قوى صوتها عال ولكن وجودها الحقيقي في الشارع ضعيف، والانتخابات ستكون فرصة لكشف المستور ومعرفة وجود كل الشخصيات والقوى السياسية في العراق داخل الشارع العراقي.
الحكومة العراقية يجب الا تقف امام قضية نزع اسلحة جيش المهدي فهي ليست قضية اساسية، والمشكلة ليست في الاسلحة بل في العقول، واذا سادت القناعة بالسلام فلن يلجأ احد الى السلاح، اضافة الى ان الحصول على سلاح جديد، لو تم نزع اسلحة جيش المهدي، هو امر سهل بسبب وجود الملايين من قطع السلاح في العراق. وهناك اسلحة مكدسة في بيوت كثير من العراقيين ولكنهم لا يستخدمونها لايذاء بلدهم، وهناك اسلحة كثيرة عند الاحزاب الكردية في شمال العراق ولكنهم يتصرفون بحكمة ولا يوجهون اسلحتهم الى وطنهم واهلهم.
الظاهرة المقلقة هي ان من ظهروا في وسائل الاعلام والفضائيات العربية متحدثين باسم مقتدى الصدر وباسم جيش المهدي لا يتحدثون لغة مشتركة، وهناك طروحات متناقضة، مما يعني انه ليس هناك خطاب سياسي موحد، هناك من يتحدث بالتصعيد والمقاومة والرغبة في الشهادة، وهناك من يتحدث في البرنامج السياسي السلمي لهذه الجماعة، وهناك من يرفض التحدث مع المحتل، وهناك من اجتمع مع قائد القوات البريطانية في البصرة للتنسيق الامني. ولن يستطيع احد ان يجيب على اسئلة كثيرة حول جيش المهدي قبل اعلان مقتدى الصدر مبادرته التي قيل انه سيعلنها، ولكن المهم ان اعلان مبادرة سياسية سلمية محددة باسم جيش المهدي سيضع خطا فاصلا بين من يؤمنون بالسيد مقتدى وطروحاته ومن استظلوا بظل لافتة جيش المهدي من بقايا نظام صدام ومن اللصوص وقطاع الطرق وهو امر مهم. والاهم الا يعتقد احد سواء في جيش المهدي او غيره من القوى السياسية ان باستطاعته ان يبني العراق منفردا او ان يحتكر الحقيقة لنفسه.