 |
-
برقية مستعجلة من سوسن العراقية الى مراجع الدين وجميع الوكلاء لابارك الله فيكم ان سكتم
سوسن العراقية تناشدكم
أميرة الطحاوي
هذه شهادتي حسب ما روته لي السيدة سوسن العراقية طالبة اللجوء السياسي في مصر ، و قد حذفت بعض الأسماء بالعراق التي قد تتعرض لسوء من جراء ذكر اسمها :
· قابلت في الساعة الخامسة و الربع و حتى العاشرة من مساء يوم الثلاثاء في أحد فنادق القاهرة السيدة سوسن هادي عبد الحسين محمد من مواليد العراق 21 أبريل 1962– جواز سفر رقم 00421628- ن الصادر في بغداد بتاريخ 17 مارس 2001 - و الذي لم تتمكن من إصداره إلا بعد دفع مبلغ و قدره 400 ألف دينار عراقي ! .
· كانت تعيش مع عائلتها منذ ولادتها في منزل الأسرة المكون من طابقين و الكائن بـ 6 شارع فلسطين بالرصافة ببغداد– صادرته لاحقاً السلطات العراقية و جعلته مقرا للجيش الشعبي ،ثم سكنته بعد ذلك عضوة في المجلس اللاوطني العراقي تدعى " نوار " ، بل و زوجت فيه مؤخراً أولادها في حين بُني البيت أساساً بحجراته المتعددة ليضم بنات حجي هادي ( والد سوسن ) و زواجهن فيه ، و هو ما لم يحدث أبداً .
· في أوائل الثمانينات 1981 ، و نظراً لنشاط الأب في العمل السياسي الإسلامي ، داهمت أجهزة الأمن العراقية منزله غير مرة لاعتقاله ، لكنه كان هارباً ، و وجدت بالمنزل آلة طباعة رينو و منشورات و كتب صماء و هويات مزورة ، فاقتادت الأم و ولديها الأكبر علي و هيثم لمقر الأمن كرهائن ، و لما لم يظهر الأب حكم عليه غيابياً بالإعدام ، و في يوم 4 أبريل عام 1982 اعتقلت سوسن و أخواتها البنات الستة أيضاً ، و في العام التالي 1983 تم إعدام الأم و الأخوين المذكورين ، و في العام نفسه و في الثاني عشر من مايو رحلت الأخوات السبعة من مديرية الأمن إلى سجن أبي غريب حيث واجها محكمة الثورة العسكرية و حكم على سوسن و أخت لها بالسجن لعشرين عاماً بتهمة الانتماء لحزب عميل هو حزب الدعوة ، و صودر محتوى منزلهم و بيع علنا كذلك أربع سيارات واحدة منها صودرت في الميناء عند وصولها مستوردة من اليابان ، و أجبرت سوسن و أخواتها بالتعذيب على الاعتراف بمكان مصوغاتهم الذهبية التي كانت كثيرة ، لحد أن الضابط الذي وصل لها قال " كل هاي ! لعد شنو يريد ؟ ايصير وزير ؟ و الله عنده أكثر من الوزير يعارض النظام ليش ؟ " و قد أوردنا ما قالته سوسن حرفيا في هذه النقطة لتقارنوا حال أسرتها وقتها بحالها الآن .
· و كان لها أخ يدعى حسين قضى أربع سنوات مسجوناً و اقتيد فور خروجه من السجن إلى جبهة الحرب ضد إيران ثم اختفى بعد ذلك ، و والدها هارب بين عدة بلدان منذ عام 1983.
· قضت سوسن سنوات السجن في معتقل الرشاد للنساء و كانت ضمن القسم الثالث الذي ضم 81 فتاة من المحكومات بقضايا سياسية ، و بينهن شيوعيات و كرديات ، و منهن من لم يتجاوز عمرها العشرين بعد ، ذكرت ممن كن معها أسماء مريم و فردوس – و هن لاجئات الآن بالسويد و فاطمة بلندن- شلت أطرافها من كثرة التعذيب ، و تطلب شهادتهن فيما تعرضن له من معاناة بالسجن ، حيث كان التعذيب يوميا ، و كانت الإقامة فيما يشبه العنبر المكون من صالتين بجدران أسمنتية تجلب البرودة القارصة شتاءً و أرضيتهما من التراب ، و كان البعض ينام في الممر الموصل بين الصالتين لضيق المكان معرضات لطفح الصرف الصحي عليهن و هن مستلقيات على الأرض ، و هناك محجرين صغيرين لحجز المخالفات و حجرتين للإعدام الذي كان يتم على مرأى السجينات في بعض الأحوال .
· لم يسمح لأي من نزيلات السجن بأي اتصال بالخارج أو بالزيارة ، و لم تلتق سوسن بأي من ذويها ممن بقوا على قيد الحياة إلا في عام 1988 أي بعد خمس سنوات من الاعتقال ، و بوجود ضابط أمن ، و أثناء احتدام المعارك في الحرب مع إيران نقلت السجينات ل 36 يوم إلى سجن أبي غريب ، خوفا من هجوم إيراني وشيك على السجن القريب من بعقوبة ، و كان ضمن من قاموا بتعذيب سوسن بضراوة العقيد حسن " أبو فلاح " و الذي قتل لاحقاً في انتفاضة شعبان – آذار 1991 ، بمدينة الثورة – صدام ، عقب اغتيال الإمام الصدر و ولديه حيث كان قد رقي قبلها لمنصب مدير أمن .
· تتذكر سوسن " ديفين بوليش " _*معذرة لامكانية الخطأ في الاسم _ المحكومة بالإعدام ، و التي كانت تقطن بسجن الجزء الرابع المخصص للمحكومات بالإعدام ، و تتذكر سوسن بتعاطف بكاءها و خوفها مما ينتظرها ، و ربما تكون ديفين قد ذكرت اسم سوسن عندما تحدثت عن فترة سجنها لهيئة الإذاعة البريطانية ، بعد أن أفرج عليها بوساطة دولية ، فربما يساعد ذلك سوسن في إثبات ما تعرضت له .
· بعد قضائها عشر سنوات بالسجن صدر عفو عام من صدام حسين رقم 156 على غير المحكومين بقضايا التجسس و العمالة ( أي المجموعتين أ و ب ) ، و جاء أحد السياسيين الأكراد و يدعى دارا لاستلام بعض الكرديات المفرج عنهن ، و وعد سوسن خيراً ، و بالفعل تم استصدار عفو عنها في 17 يوليو 1991 و لكنه لم ينفذ إلا في 22 ديسمبر 1991 ، و تتذكر سوسن السيدة ......... المسيحية – و هي الوحيدة تقريباً من مسئولات السجن التي كانت تعامل السجينات بعطف طوال الوقت ، و تضيف سوسن أنها لا تفرق في حياتها بين شخص و آخر على أساس الدين أو القومية فكلنا " عباد الله" .
· عند إتمام إجراءات الإفراج عنها كان لزاماً على سوسن التوقيع على تعهد ، يسمى وثيقة إعدام ، بأنها لن تسافر دون إذن من السلطات العراقية و لن تتقدم بمعلومات عن فترة اعتقالها لأي جهة ، و لن تمارس ما من شأنه الضرر بالنظام الحاكم .. الخ ، و إن خالفت أي بند من هذا التعهد تُعدم .
· بعد خروجها من السجن ، لم يكن لدى سوسن إلا التنقل في إقامتها من منزل لآخر لدى عوائل صديقاتها أو منازل أخوتها المتزوجات ، و لكن تعرضت لمضايقات أمنية شديدة جعلت من مقامها لا يطول عند أي منهن ، إلى حد أنها لجأت إلى مقر السيد علي المدني لفترة .
· عن طريق إحدى المعارف تقدم لزواجها المصري عماد محمد – المتجنس بالعراقية منذ عام 1986و لم يزر مصر أبدا منذ ذلك التاريخ ، و وافقت و أختها الكبرى ، على أساس أنه جاء عن طريق أشخاص ثقاة و وعد بتأسيس منزل مناسب ، و كان يعمل جزاراً – قصاباً ، لكنها فوجئت لاحقاً بعدم مقدرته المالية و استهتاره بمسئولياته تجاه المنزل . كما كانت ملاحقات الأمن لها منغصاً آخر ، حيث تحكي أن مفوض الأمن كان يأتي لمنزلها في أي وقت طالباً رشوة و يظل يسبها جالسا على كرسي في منزلها بكل فجاجة و يهددها ، و تظل هي تساومه على المبلغ المطلوب و تضيف " كان يجمع مني نقود أوفرها لغذاء أطفالي " .
· و الحال هكذا ، و لتدني الأوضاع الاقتصادية في العراق عامةً، لم يكن أمام سوسن إلا التفكير في السفر ، حاولت مرات عديدة استخراج جواز سفر دون جدوى ، و لجأت أخيرا للرشوة التي أعطتها لمفوض أمن يدعى " .... "مسئول في برج صدام للاتصالات . و حصلت على جواز سفر مسجل فيه أبنائها الأربعة و هم ( لينا مواليد 28 ديسمبر 1993 ، محمد مواليد 8 مارس 1995 ، شرف الدين 19 ديسمبر 1998 ثم علي 17 مارس 2001 ) .
· سافرت و زوجها براً حتى الحدود الأردنية ، التي وصلتها في الثانية صباحاً و طلب منهم موظف الحدود الانتظار للنهار للتأكد من أنها غير ممنوعة من السفر ، فنفحته سبعة آلاف دينار و عبرت إلى الأردن .
· في الأردن ازداد وضعها و زوجها سؤ ، كما كان الزوج يعاملها بغلظة و لا مسئولية ، و اضطرت سوسن لإعطاء بعض الدروس لأطفال العراقيين لتدبير حاجات أطفالها من الغذاء ، و مع ذلك تقدمت و زوجها بطلب لجوء لمقر مفوضية اللاجئين بالأردن لم يبت فيه حتى الآن ، فاتفقت و زوجها على القدوم لمصر ، و تعلل هو ببعض الأشغال واعداً إياهم أمام الجيران بالقدوم بعد أسبوع ، و مقرناً وعده بقسم على كتاب الله ، لكنه لم يأت لمصر أبدا .
· في أكتوبر 2002 استقلت سوسن و أطفالها الباخرة ، و استقبلها أهل زوجها بترحاب في ميناء العقبة ، و أخذوهم إلى مسكنهم في إحدى مراكز طنطا عاصمة محافظة الغربية ، لكن معاملتهم تغيرت معها تماماً بعد ذلك و درجوا على الإساءة المتعمدة لها ، فأمضت سوسن و أطفالها ثمانية أيام فقط مع أهل زوجها ، منتقلة بعد ذلك لمنزل بسيط استأجرته في طنطا أيضاً بعد أن سجلت نفسها و أولادها في الدوائر المختصة بمصر ، و بعد شهر و نصف عزمت أمرها على السفر لزوجها بالأردن .
· لم تجد سوسن لسداد قيمة تذكرة سفرها بالباخرة للأردن و تسديد قيمة غرامة مخالفتها لشروط الإقامة بها – حيث سافرت دون إخطار السلطات – و البالغة 300 دينار أردني ، 1800 جنيه مصري ، إلا الزكاة و الصدقات التي كان يجمعها لها أحد شيوخ مسجد بطنطا و يدعى الشيخ محمود و التي تذكره بالخير .
· بعد 14 ساعة من السفر البري و أربع ساعات في الباخرة ، وصلت إلى العقبة ، و دفعت سوسن قيمة الغرامة المتأخرة للسلطات على الحدود الأردنية المصرية لكنهم تعنتوا مشترطين إذناً من وزير الداخلية الأردنية بالسماح لها بالعودة للبلاد ، و ظلت على الحدود و أطفالها دون جدوى ، و عندما لم تحصل على الإذن عادت لمصر ، و هو ما اعتبرته السلطات الأردنية ترحيلاً لا يحق بعده لها دخول البلاد ، ظلت سوسن و أولادها على الطريق ستة أيام ، ساعدها بعض المصريين التي تقول أنهم عكس أهل زوجها تماما و سمحت لها بعض المحال التجارية على الطريق من العقبة و حتى السويس بالمبيت فيها ، و لكن حالتها الصحية و هي حامل و أطفالها الصغار قد تأثرت للغاية من هذه الرحلة الشاقة التي استمرت ستة أيام ، وصلت لطنطا و بمساعدة سائق مصري شهم على ما قالت وصلت لعنوان أهل زوجها الذي لم تكن تعرفه جيداً حيث لم تمض معهم سوي ثمانية أيام فقط كما أشرنا ! ، و مرة أخرى تطوع الشيخ محمود و بعض أهل الخير لجمع قيمة تذكرة سفرها و لكن هذه المرة بالطائرة و إلى سوريا و ليس الأردن ، ستذهب لسوريا للبحث عن والدها الهارب منذ 1983 بين عدة بلدان حتى استقر هناك ، و ذهبت سوسن لمقابلة القنصل السوري بالدقي و قال لها الأخير أنها ستعامل معاملة العرب ، و شرح لها أنه بعد تسجيها ستدفع رسم إقامة كأي عربي و لن يتم التعرض لها أو لأبنائها و بالطبع لن تجبر على العودة للعراق ، فاستبشرت خيراً .
· يوم الثامن من يناير 2003 و في مطار القاهرة بدأ فصل جديد من مأساة سوسن ؛ حيث رفضت شركتا الطيران المصرية - و السورية بعد ذلك - تسفيرها على متنها لكونها حاملاً زاعمين أنهم لا ينقلون حاملاً أو لاجئاً أو طفلاً !!!!! ، ثم عرفت من أحد موظفي المطار من الشباب المصريين أنه لاستثنائها من هذا – حسب ما وجد في الكومبيوتر الموجود أمامه ، فإن القانون السوري يلزمها إما بأن يكون معها تذكرة ذهاب و إياب ، أو تكون مسجلة إقامة من قبل بسوريا ، أو تثبت أن لديها من المال ما يكفي لثمن تذكرة سفرها من سوريا و إلا تُرحل إلى العراق في أربع و عشرين - كاحتمال وارد ، استقبلت سوسن هذه المعلومة برعب شديد متوقعة أن تعدم على الحدود العراقية ، خائفة لحد الفزع على أولادها الذين لا أهل لهم غيرها ، نعم ، خشيت سوسن على مصيرها و مصير أولادها من بعدها ، فرفضت السفر ، و حاول بعض المسئولين في الأمن المصري دفعها للسفر على طائرة الخطوط الجوية السورية التي كان موعد إقلاعها قد أزف ( السادسة و النصف مساء ، ساعة و نصف بعد موعد رحلة طائرة الخطوط الجوية المصرية لدمشق ) و حاولت معها مسئولة بأمن المطار تدعى ... – الاسم لدينا حيث كان مكتوب على بادج معلق على ملابسها - مدعية أن القنصل السوري تعهد لهم هاتفياً ألا تجبر على العودة للعراق لكن دون نص مكتوب بذلك .
· بناء على نصيحة أحد عقداء الأمن بالمطار و بعض الموظفين اقنعوها بطلب لجؤ سياسي ، فاعتصمت سوسن بمبنى المطار لأربعة أيام ، من مساء الثامن من يناير 2003 و حتى نحو الخامسة من الثاني عشر منه ، حيث جاء أحد موظفي مفوضية اللاجئين لها و قال أنها أصبحت الآن في حماية المفوضية ، و أخذها و أولادها الأربعة إلى بعض الفنادق للبحث عن غرفة مناسبة لها حتى استقرت في أحد الفنادق الأربعة نجوم بالقاهرة ، و باتت ليلتها و أولادها على سرير واحد و آخر سفاري صغير ، يا لها رحمة لها بعد كل هذا العذاب .
· قابلت سوسن بالفندق في اليوم التالي - الثاني عشر من يناير - موظفون من مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بمقرها في القاهرة ، و عبأت استمارة معلومات ، و زارتها طبيبة ، و لكن يوم الثلاثاء 14 يناير جاءها موظف من المفوضية لمراجعة حسابها في الفندق ، موظف محلي بمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين - بعد يومين من إقامتها في " حماية المنظمة " - يقول لها :
" إنتي فتحتيها على البحري ، كل دي مصروفات ؟ و إيه لازمة البامبرز للطفل – ذي العام و النصف " ، و يحضر لها معلبات و أجبان محفوظة ، و يقول هذه تكفيكي لمدة ثلاثة أسابيع .
· قطعوا عنها الغذاء و الاتصال الخارجي في الفندق بأمر من نفس الموظف المحلي لترشيد النفقات و طالبها الموظف إياه أن تغسل ملابسها بنفسها توفيرا لثمن الغسيل بالفندق – علما أنها لا تقوى على الحركة أو القيام من مكانها إلا بصعوبة ، و قد أرسل السيد محمد الدريني لها طعام هذا اليوم .
· الموظف يعرض عليها أن تتولى أسرة " ما " رعاية أطفالها و تسافر هي لأي بلد ، فهل هذه نخاسة من نوع جديد ؟ و ما موقف الأم المتحدة من هذا الموظف الغريب .
· أخطرت أنه ممنوع عليها الخروج من الفندق ، و عمليا ساقها اليسرى بها شلل منذ الطفولة و القدم ملتوية ،و وهنت ساقها كلياً بعد تعذيبها في سجن الرشاد للنساء طوال عشر سنوات ، و تعاني من ارتفاع ضغط الدم و ضعف عام ، و حالتها النفسية سيئة خاصة بعد ما قاله الموظف المذكور لها ، و لم يزرها عراقي واحد بالقاهرة حتى بعد نشر قصتها كما منعت عنها إدارة الفندق أحد الصحافيين المصريين من زيارتها .
· الأستاذ الفاضل سمير عبيد يتصل بها و تطوع شاكراً و بذل جهده لدى السلطات النرويجية لقبولها لاجئة ، و لكن يبقى الأمر معلقاً بانتظار موافقة مكتب المفوضية بالقاهرة و السلطات المصرية تعتذر بكونها دولة صديقة مع كافة دول العالم و ليس بوسعها إعطاء سوسن وضع اللاجئة في مصر ! .
· في شهرها الأخير من الحمل و لديها أربعة أطفال أعمارهم بين التاسعة و العام و النصف ، و لا يوجد معها حتى مربية أو ممرضة .
· محمد - ثمان سنوات و أصيب في حادث سير بالأردن في رمضان الماضي عقب صلاة العصر و كان صائماً ، صدمته سيارة فلسطيني و تهرب من مسئولية علاجه مما شوه ساقيه تماما ، و أدى لعطب أعصاب أصابع قدمه و قد أجري له تجبير خاطئة بإحدى مستشفيات الأردن أدت لقصر ساقٍ عن أخرى ، تعتبره هي رب الأسرة ، يقول لها : " انتظري يا أمي عندما أكبر قليلا و سأعمل في سبع أعمال و أشتري لكي كل ما تحبينه " و يرفض أن تستخدم أمه عكازا ليساعدها المشي و يقول " بعدج شابة يا أمي على العكاز ، آني عكازج و سندج " ، بعد أن تتسند عليه يمسك بكتفه الواهن و يقول " كليش حلو تعبج يا أمي " .
· لينا الكبرى – التي لم تتجاوز التسع سنوات و إن بدت مثل كل أخواتها أصغر من أعمارهم الحقيقية - هي التي ترعى وحدها أخوتها الثلاثة ، و تعاني من مشاكل في الإبصار .
· شرف الدين و علي لا يعيان شيئا مما يدور حولهما ، و شرف دائم الصراخ و الفزع ليلا، بينما علي صامت باكٍ حزين طوال الوقت .
· الأطفال أمضوا شهوراً في مصر و لم يزوروا أيّاً من معالمها و لا حتى مدينة ألعاب للصغار ، و لينا تتمنى أن تشتري فستان عيد هذا العام " كافي بعيد الفطر : ماكو فستان جديد ، ماكو لعب ،....... هاي شنو بالله ؟ "
· أخيراً ، لن استفيض في وصف ما رأيته ؛ فقد هزتني للغاية حالة هذه السيدة و إصرارها و أولادها بكل براءة أن أبقى معهم أكثر ، و هزني محاولة البعض – من أهل بلدي الأصلي مصر و من غيرها - المتاجرة بآلامها و التباهي بمساعدات وهمية لها ، لكن لدي سؤال لمن يستطيعون فعل شيء و لأجلهم كتبت هذا : هل كل ما سبق ليس بكاف لإعطائها إقامة كريمة في مصر – التي يتشدق إعلاميوها ليل نهار بكرمها و بأنها أم الدنيا و العرب الخ ، أو ليس ما عانته طوال عمرها الذي قضت ربعه في السجن و ربعه في التنقل عبر المدن و المواني أليس بكافٍ لاعتبارها لاجئة ، أم أن وفيق السامرائي و مشعان الجبوري و من شابههم هم أولى بهذه الصفة .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |