العراقيون يصومون مرتين.. الأولى لرمضان والثانية لارتفاع الأسعار

بغداد: رعد كامل

تشهد اسواق بغداد هذه الايام اقبالا شديدا من قبل المواطنين للتبضع مع بدء شهر رمضان المبارك. وعلى الرغم من المعاناة التي تواجهها العائلة العراقية من ضعف في القدرة الشرائية نتيجة البطالة التي يشهدها العراق والتي تشكل نسبة 70 في المائة حسب الاحصاءات التي اكدتها وزارة التخطيط والتعاون الانمائي، إلا ان المواطن العراقي يحدوه الأمل على التمسك بالعادات والتقاليد المتبعة في هذا الشهر الفضيل وتوفير الحد الادنى منها لإدامة الحياة والتطلع الى مستقبل قد يبدو له قريب المنال. تجولت «الشرق الاوسط» في عدد من اسواق بغداد للبيع بالجملة، وبالتحديد في منطقة البياع حيث المحال والشوارع المكتظة بالناس الذين يتوزعون ما بين متبضع واصحاب محال في مناطق اخرى جاءوا الى سوق الجملة للتبضع استعدادا لهذا الشهر الكريم. المواطن جليل حمود قال لنا «جئت الى هذا السوق على اعتبار ان الاسعار تكون فيه اقل مما هي عليه في المحال التجارية المنتشرة في عموم المناطق في بغداد، فوجدت انها ومنذ ايام قد ارتفعت فيها الأسعار عما كانت عليه قبل هذه الفترة». ويضيف حمود «انني مضطر لشراء الحاجات الرئيسية من المواد الغذائية، (الحبوب خاصة) التي يتناولها الصائم في رمضان لانني لا اقوى على شراء اللحوم الحمراء والبيضاء لان اسعارها مرتفعة وانا اعمل حارسا في احدى العمارات مع افراد عائلتي». وقالت الحاجة ام فلاح «جئت للتبضع من هذا السوق لأجد انني لا اقوى على شراء الامور الضرورية التي تدخل ضمن الاكلات الرئيسية في شهر رمضان، فبعض المواد ارتفع سعرها عشرات الاضعاف عما كان عليه قبل ان يقترب موعد حلول رمضان، وان الحصة التموينية لا تكفي العائلة العراقية لان البقوليات الموزعة ضمن البطاقة التموينة قليلة ولا يمكن ان تقتصر العائلة العراقية على الاكتفاء بها فضلا عن عدم وجود مواد اخرى ضمن تلك البطاقة». وعن اسباب الارتفاع في الاسعار، قال ضياء الحسني صاحب احد محلات بيع الجملة «المواطن يتصور اننا السبب في ارتفاع الاسعار لنكسب ربحا حراما، غير ان الحقيقة تكمن في ان هناك اناسا هم المسؤولون عن هذا الارتفاع». ويستطرد قائلا «ان هناك مستوردين لكل البضائع يوزعونها على تجار في السوق الرئيسي للجملة في العراق وهو سوق «جميلة» الذي تتسوق منه كل محال الجملة المتوزعة في بغداد والمحافظات العراقية وان هذه السوق تعتبر كالبورصة التي يمكننا ان نقول او ان نجزم انها هي التي تتحكم في ارتفاع وانخفاض الاسعار». ويضيف الحسني «اننا على سبيل المثال عندما نتسوق لمحلنا فان علينا الذهاب الى جميلة والتسوق منها بالاسعار السائدة لذلك اليوم ونضع عليها ارباحا نسبية ونبيعها لاصحاب المحال التجارية وللمستهلك الراغب في الشراء منا اضافة الى وجود معامل وشركات معنية بالمواد الغذائية العراقية تسوق انتاجها الينا بالاسعار التي تحددها تلك المعامل او تلك الشركات المعروفة». ثامر ابراهيم صاحب محل تجاري استوقفناه وهو حريص على نقل البضاعة التي اشتراها من عدد من المحال التجارية لنسأله عن ظاهرة ارتفاع الاسعار في شهر رمضان فحدثنا على عجل قائلا «ان هذا الامر اعتدنا عليه في كل عام عند حلول هذا الشهر الكريم لأن (المستوردين) باعتقادي هم السبب الاول وليس الاخير، لان المعامل والشركات العراقية وغير العراقية تعودت على كسب ربح غير حلال باعتباره يشكل استغلالا لهذا الشهر». وحول الاسعار الذي يحددها في محله يقول ابراهيم انني لا اضيف الا الشيء البسيط لان الربح القليل يكون قد بارك به الله في رمضان وفي باقي اشهر السنة لأن المواطن العراقي يعاني من أزمة البطالة والفقر وهذا يتطلب من الجميع مستوردين كانوا او اصحاب معامل وشركات ومحال تجارية لان يتكاتفوا ويساعد بعضنا البعض ونساهم بشكل او بآخر في ادخال البهجة والسرور في نفوس اخواننا العراقيين». انتقلنا من هذا السوق المكتظ بالسيارات والمواطنين لننتقل الى محل لبيع الحلويات في منطقة العامرية، وبالتحديد في شارع العمل الشعبي لنلتقي وضاح طه صاحب محل حلويات ونسأله حول استعداده لشهر رمضان فأجابنا ان شهر رمضان يشهد اقبالا غير عادي على الحلويات التي نعمل في الليل والنهار لتهيئتها للمواطنين. وعن ارتفاع الاسعار، قال لنا طه «انني معروف في منطقة العامرية اسعاري هي اقل من الاسعار الموجودة في محلات الحلويات الاخرى على الرغم من انني استخدم الدهن الحر الاصلي في صناعة الحلويات وهذا ما يفضله المواطن العراقي». خرجنا من اسواق بغداد وهي تستقبل رمضان بالتهاب اسعارها التي لا تقوى العائلة العراقية عليها فكيف ستقوى على صوم هذا الشهر الفضيل سؤال تجيب عنه الايام المقبلة في ظل وجود من سيدخلون الفرح والبهجة في نفوس تلك العوائل.