تساؤلات واقعية . المنبروملكيته للامة ام من يحتله (الحلقة الثانية)

[align=center]بسمه تعالى[/align]

في هذه الحلقة سنتناول المنبر بأعتباره من اهم عوامل توعية وتثقيف الامة بالنظريه الاسلامية ,بل لربما كان من اهم العناصر المحركه لقطاع واسع من الامة خصوصا وقد سيطرت الاميه بكل مضامينها على مجتمعاتنا في العقود السابقه وحتى اليوم . وقد امتلئ التاريخ الاسلامي بالرموز والشخصيات التي لعبت دورا بارزا في نشر الرساله وكذلك الاحداث التي حصلت في التأريخ, اورثتنا مناسبات كثيره أعتدنا ان نقيم احتفالات لتجديد ذكراها واستلهام العضة والعبره منها , ويشهد الواقع اقبال الامة بشكل واسع على حظور مثل هذه المناسبات التي كان للمنبر بها دورا متميزا , فالناس تقبل على هذه المنابر لآسباب شتى منها المعرفه أو الثواب أو للقاء اخوه والاصدقاء في مثل هذه التجمعات خصوصا وأن مجتمعنا ينعم ايضا بحس اجتماعي عالي .
ومن هنا كان المنبر يشكل اهميه لا يمكن الاستهانة بها خصوصا اذا كانت الاميه متفشية بشكل خطير , لهذا يكون المنبر هو المصدر المعرفي للامة . وهنا نريد ان نقييم اداء المنبر وخصوصا المنبر الحسيني عند الشيعه .
ان الملاحظ في المنبر الحسيني افتقاده للتوجيه والاداره والاشراف , فهو كيفي الى حد ما وذاتي في اغلب الاحيان , ان الخطيب عادة يطرح مايريد ان يطرحه لا ان يلاحظ حاجة الامة في الطرح , فهناك عملية تركيز في بعض الطروحات على جوانب الخلافات التأريخيه في المسيره الاسلاميه مما يعزز روح التمزق في جسد الامة الاسلاميه , واخطر ما في المنبر هو جانب المأساة التي يتم التركيز على الجانب العاطفي في الانسان ,الذي يولد في عمق المتلقي احساسا بالكراهيه والحقد ليس للذين قتلوا الحسين (ع) بتلك الصوره البشعة والتي تعبرعن مدى رفضهم للحسين (ع) ونهجه الذي يتجاوز الواقعة (واقعة كربلاء ) تأريخيا الى ان يصل الى الحاضر, الى من هو ليس بشيعي وكأن الثار قائم و القتله موجودون بامتدادهم , لان المنبر يركز على ان واقعة كربلاء ليست الا نتيجه لخروج الرسالة عن مسارها وهي من نتاج السقيفه , وكأن غير الشيعي هو الامتداد الحي لتلك المأساة ونحن لا نحاول طمس هذه الحقيقة التأريخيه بخصوص السقيفه أو موضوع الخلافه فهما الحق فيما نعتقد , لكن المشكلة في العمليه الايحائيه التي يمارسها الكثير من الخطباء خصوصا وان الخطيب يلتقي بالامة من خلال المنبر مباشرة ويحاول ان يبرز كل انفعالاته من خلال اداءه الصوتي المتميز (النعي) وما يصحب ذلك من افتعال استثارة الحضور عاطفيا حتى يصلوا الى مرحله البكاء والبكاء العالي, ونعتقد ان هذا الاسلوب قد ساهم بشكل فعال في رفض الآخر وعدم امكانيه التعايش معه , ونحن نقصد بذلك الجسد الاسلامي بشتى مذاهبه و رغم اننا في بعض الاحيان نسمع من يتحدث بالوحده والاخوة الا سلاميه فهناك من يدعوا الى الطائفيه بمبررات الأانحراف والظلال والفرقه الناجيه الوحيده . وهذا الامر يكشف عن حالة التشرذم في واقعنا وعدم وجود اي منهجيه في عملية الطرح وليس هناك خطابا موحدا .مما يجعل غير الشيعي متحيرا في تكوين صوره واضحه عن الشيعه وتوجهاتهم , خصوصا وان هناك المتربصين بنا الذين يطرحون مفهوم التقيه على انه ( التظاهر للناس بخلاف ما نبطن) وهذا المثال يمكن ان يؤكد في عدم وضوحنا ونساهم في تأكيد تفسيرهم للتقيه وذلك من خلال التناقض في الطرح وغياب التوجيه وعدم تحمل المسؤليه فكيف يمكن لنا ان نغير قناعات الآخرين عنا أو ان نسهم في عملية التقارب ونبذ الخلافات في درب الوحده الاسلاميه أو حتى أن ندعي ذلك .
اما جانب غياب الاداره والتوجيه ,نلاحط ان من يدرس مقدارا في الحوزه أو من يمتلك بعض المعرفة من الثقافة الاسلاميه او عنده مقدره على التحدث ومن يمتلك صوتا جميلا ويجيد الاداء هؤلاء هم من يرتقي المنبر والادهى من ذلك ربما كان الصوت احد اسباب ولادة الخطيب .
وامر الآخر اننا لا ندري هل ان الخطيب يرتقي المنبر بعد ان يأخذ تصريحا من جهه او دائرة ما ولا نقصد هنا تأميم المنبر من جانب الحكومات حتى يتحول الى وعاظ السلطان بل نقصد مؤسساتنا الاسلاميه من مرجعية الى غيرها .وهل ان احدى هذه الجهات قد اعدت له منهاجا وحددت له مواضيعا الامة بحاجة لها ,أم ان المسأله كيفيه بحته, ان غياب التوجيه في طرح المواضيع التي تهم الامة يعني غياب الهدفيه في عملية التربية وتجعل الخطيب في احسن حالاته مجتهدا في حاجة الامة , ومن هنا شاعت المواضيع التي ليس لها اية صله في واقع الناس وحاجاتها , وهكذا تتحولت المنابر الى منابر عبثيه لا تنتج امة بمستوى رسالتها الاسلاميه ولا تلبث حتى ينكمش الناس من حولها .
وشئ اخر هو موضوع التمويل في قضيه المنابر فقد تحول المنبر الى مهنة للاسترزاق وليس دعوة في طريق الرساله ونحن هنا لانعيب عملية كسب الرزق فهي حاجه انسانيه طبيعية لكن استقلال الخطيب ماديا يعني انه لايخضع الى جهه كالمرجعيه وغيرها تشرف على ادائه وطروحاتة وتقوم بعملية التقويم والنقد وتصحح اعوجاجه أوتعاقبه او تمنعه من ارتقاء المنبر ثانيا , وهذا الامر ادى الى ان يتحول المنبر في بعض الاحيان الى منبر لتسقيط الآخرين أو الدعوه الى البعض , أوالتركيز على الخلافات الشخصيه مما يفقد المنبر احترامة وقدسيته في نفوس الناس ودوره الحقيقي تجاه الامة.
اما الجانب الخطير الآخر في هذا الموضوع فهو الامة , فان هذه السلبيات في المنابر قد اعتاد عليها الناس واستطابوها لذلك نرى الامه لا تهتم الا بالمنابر التي نشأت وتربت عليها وترفض اية عملية تغيير فيها فلو ان المنابر افتقدت الجانب الصوتي (النعي) لرأيت الناس تنفض عنها حتى وان كانت الطروحات تمس صميم حاجات الامة ومشاكلها وتعتبرها منابر المثقفين (استهزاءا) وهذا الامر لطالما ثقف له الخطباء للاسف .
والسؤال الهم متى يتصدى المعنيون بهذه الامة من علمائها لاصلاح هذا الخلل الكبير , فالمنبر الحسيني هو اساس في وعي الامة بنظريتها , واذا لم نتدارك هذا الامر فأن المنابرفي الفضائيات اليوم تزاحمنا في عملية التثقيف ستكون خسارتنا عظيمة .(وقفوهم انهم مسؤولون)