اتفق خبراء في الاقتصاد العراقي، الأحد، على إن تأثير الأزمة المالية على العراق لن يكون عابرا نظرا لانخفاض أسعار النفط، وفيما طالب برلماني بإصلاحات هيكلية واسعة، ودعا رجل أعمال إلى إعادة النظر بالسياسة النقدية، قدم خبير مصرفي رؤيته في إمكانية استفادة العراق من الأزمة





واعتبر النائب ووزير التخطيط السابق مهدي الحافظ أن “الحالة العراقية نموذج للخلل القائم بين بلد نام ومتطلع لبناء حياة جديدة وبين الوصفات القاصرة المقدمة لبلوغ هذه الغاية”.
وانتقد الحافظ إثناء حلقة نقاشية أقيمت في بغداد يوم (الاحد) لبحث تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد العراقي “الطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي الذي يعتمد أساسا على عوائد الصناعة الاستخراجية للنفط” لافتا إلى إن هذا الخلل “سيستمر لعدة سنوات طالما بقى الهيكل الاقتصادي للدولة بصيغته غير المتوازنة وكذلك القطاعات الإنتاجية والخدمية على صورتها الحالية”.
وأشار إلى أهمية العناية بـ” الإصلاحات وتمكين العراق من الانتقال إلى اقتصاد السوق باعتبارها مهمة جديرة بالاهتمام واحدى المفاصل الرئيسية للتغيير المنشود بعد زوال النظام السابق”.
وقال الحافظ إن “الصيغة المقترحة وفق حزمة الإصلاحات المقدمة من صندوق النقد الدولي ليست عملية ولا مناسبة للأوضاع الحقيقية في العراق” وذلك بسبب “المبالغة بتشديد السياسة النقدية التي أفضت إلى عواقب سلبية على تطور الاقتصاد”.
وأضاف أن “مصلحة التنمية تتطلب اعتماد رؤية اقتصادية متوازنة وتفادي الاستعلاء على ارض الواقع وتبني مناهج إنمائية مدروسة ذات طابع وطني شامل” لافتا إلى انه “بهذا فقط يمكن تفادي الهزات الاقتصادية والمالية الخارجية بما في ذلك عواقب الأزمة المالية الراهنة”.
اما رئيس اتحاد رجال الاعمال العراقي راغب رضا بليبل، فيرى انه ينبغي بالدرجة الاولى “تأكيد حقيقة تلقي الاقتصاد العراقي لاثار وانعكاسات الازمة العالمية” وبالتالي لابد من “اعتماد المعالجات الضرورية للعديد من القضايا وفي مقدمتها انخفاض اسعار النفط ومدى تاثيرها على الموازنة الاتحادية لعام 2009″.
واضاف بليبل انه لابد من دراسة “السياسة النقدية للبنك المركزي وهل ينبغي ان تستمر في تشددها، ام ان الضرورة تدعو لاعادة النظر في ذلك بما ينسجم وتداعيات الازمة”. مشيرا الى ان “المخاطر التي تواجه المبالغ العراقية المودعة في الاحتياطي الفيدرالي الامريكي، ينبغي ان تعالج اوضاعها ايضا بما ينسجم مع المصالح الوطنية العراقية”.
بدوره، تساءل المدير التنفيذي لرابطة المصارف العراقية عبد العزيز حسون عن “امكانية استثمار الازمة المالية العالمية لتتحول الى مصلحة العراق” طارحا فكرة مفادها ان الجميع “سيتحمل بطريقة او اخرى، جزءا من ثمن الازمة المالية، وان العراق قادر بعكس الآخرين على الانتفاع مما يجري” لافتا الى مقولة “احد المرشحين كنائب للرئاسة الامريكي، ان بلاده تنفق عشرة مليارات دولار شهريا في العراق في حين ان رصيد العراق لديهم يبلغ الثمانين مليار دولار”، معتبرا اياها “اشارة خطيرة فضحت النوايا الحقيقية تجاه الاموال العراقية في الفيدرالي الامريكي”.
وكانت فكرته لتحويل العراق الى البلد الوحيد المستفيد من الازمة، تتلخص في انه بما ان “معالجات الدول الكبرى لن تتجاوز كثيرا استبدال الادوات المالية الحالية بادوات جديدة تسندها الضمانات الحكومية التي تهدف الى الحفاظ على قيمة الاموال” فـ”بامكان العراق تحويل ارصدته الي نقود سائلة، ومن المكن استبدال كل او جزء منها بالادوات المالية الجديدة التي ستطرح باسعار معتدلة، وفي ضوء شحة الارصدة السائلة فان الثمانين مليار دولار ربما تكون قادرة على المناورة في السوق بهدف الحصول على البدائل من الادوات المالية التي يمكن ان تحفظ قيمتها، على الاقل على مدى السنوات الخمس القادمة ان لم تحقق عنها عوائد”.
من جهته، رأى الخبير المالي غازي الكناني ان “الازمة المالية العالمية التي تتمثل في الوقت الراهن بالركود، ستتحول بعد فترة من الزمن الى الكساد” لافتا الى انه “لن تكون هناك دولة بمنأى عن التأثر حتى لو كانت تصدر مادة خام”.
واشار الكناني في حديثه على هامش الحلقة النقاشية، ان “الحكومات المتعاقبة بعد 2003 لم تعالج هذا الموضوع”، داعيا الحكومة العراقية الحالية والحكومات القادمة الى ان “تستدرك هذا الخلل الهيكيلي وتعالجه، بدءاً من مراجعة شاملة لحسابات الموازنة للعام 2009″ وذلك بسبب “الانخفاض المستمر في اسعار النفط، وعلى الحكومة ان تجري مناقلات في التخصيصات لفرض الاهم على المهم” اذ لابد من “زيادة الانتاج المحلي الزراعي والصناعي لتجنب العجز العام 2009 ” راجيا ان تكون “الازمة عابرة وتعود اسعار النفط للأرتفاع بعد اجتماع منظمة الاوبك لتخفيض انتاج النفط وبالتالي رفع اسعاره”.
اصوات العراق