تحقيقات: حوار مع مختطف ... ابناء بلدي عذبوني وهجوم الامريكان على المنطقة انقذني



لقاء يجعل مشاعرك تنتقل بدون سابق إنذار من الدهشة إلى السخرية إلى الحزن المشوب بالألم.. صورة بشعة للعالم السفلي للقتلة والإرهابيين تجعلك تتيقن أن ليس للإرهاب هوية ولا دين معين دينهم دنانيرهم.. أو هم كما قال قول الشاعر:
عبيدٌ للأجانبِ هُمْ ولكن
على أبناءِ جلدتهم أسودُ
*أسمك وعملك؟
- أسمي (أ.ع.م. المحمداوي) إطفائي في مديرية الدفاع المدني.
*أين تسكن وما هي ظروف الإختطاف؟
- أنا أسكن في حي أور.. وكانت زوجتي حاملاً ورمت أن أذهب بها إلى أهلها وكنت قد أستلمت من الدائرة سيارة نيسان دبل قمارة.. وفي أثناء توجهي عبر الطريق السريع الذي يتفرع من معسكر الرشيد بإتجاه الطريق السريع المتوجه إلى الدورة (طريق القادسية السريع) وجدت أن الطريق كان مقطوعاً بسبب وجود عبوة ناسفة فنزلت كل السيارات في طريق خدمي بإتجاه البساتين التي تقع قبالة مصفى الدورة، ونزلت معها.. وكانت في نقطة النزول إلى الطريق الجانبي مفرزة من الشرطة وبعد مشينا مع باقي السيارات لمسافة ليست بالبعديدة شاهدت عبر مرآة السيارة أن هناك سيارة أوبل فكترا تجتاز السيارات خلفي محاولة اللحاق بي فأستشعرت بالخطر فقمت بإنزال زوجتي من السيارة وتركت السيارة في إتجاه آخر في نفس اللحظة التي فتحت فيها أبواب سيارة الأوبل ونزل منها خمسة مسلحين شاهرين بنادقهم تجاهي وأنا أنظر بإتجاه زوجتي التي أتخذت تستنجد بالسيارات ولا مجيب!!.


حملتي العصابة إلى صندوق سيارتهم وأنطلقوا مسرعين بسيارتهم وسيارتي (وقد علمت فيما بعد أن زوجتي هرعت إلى مفرزة الشرطة القريبة مشيرة إليهم بإتجاه سيارة الخاطفين فطلبوا منها بكل برود أن تسجل دعوى في مركز الشرطة أولاً لأنهم في واجب)!!.
مشت بي سيارة الخاطفين مسافة عشرة دقائق وأنزلوني غير بعيد عن مكان إختطافي في مقبرة قرية ووضعوني لمدة نصف ساعة في غرفة ملاصقة لأحد القبور.
بعد ذلك أمروني بالمشي صامتاً وسط قرية محاذية للشارع العام وهددوني بالقتل إذا ما تفوهت ببنت شفة، وبعد قليل وجدت سيارتي مع سيارة نوع بروكَهام حليبية وسيارة الخاطفين، فأصعدني في سيارة البروكهام كأي راكب وبشكل طبيعي وتوجهوا عبر البساتين إلى منطقة سكناهم وقد عرفت ذلك من خلال سلامهم على كل من يواجهونه من السكان في الطريق!!.
وصلنا إلى السدة القريبة من (البوعيثة) فقاموا بشد وثاق على عيوني قائلين بكل جدية.. سيحقق معك الضابط.. بعد قليل؟!!.
وفعلاً أنزلوني في نزل وسط بستان وأوثقوا قدماي ويداي وجاء شخص لا أعرفه ينادونه بـ(سيدي) فبدأ التحقيقي معي!!.
سألني عن عملي وعنواني وأقرب نقطة دالة وكان خبيراً بمنطقة سكناي حيث سألني عن حسينية المصطفى وعن مذهبي فقلت: محمداوي شيعي، وزوجتك؟! قلت: سنية.. وإذا بالضرب ينهال عليّ بشكل هستيري صارخين: كيف رضا أهلها أن يزوجوك أبنتهم وأنت شيعي؟!!.
طلب مني (سيدهم) أسماء الشيوخ في الحسينية المجاورة لمنزلي وكذلك أسماء جيش المهدي والتيار الصدري في المنطقة وعن عناصر منظمة بدر وعمّن يغتال أئمة المساجد من السنة في المنطقة فكان جاوبي: أنني لا أعلم أي شيء عن هذه الأمور أنا إطفائي في الدفاع المدني ولا أعرف أكثر من بضعة جيران ولا علاقة لي بما يدور في المناطق من حوادث أمنية من أي نوع.
بعد ذلك أمرهم بتركي دون ضرب وقال لهم أنه ذاهب للتحقيق عني في منطقتي؟!.
والغريب في الأمر أنه ما هي إلا ساعة عاد بعدها وهو يحمل معلومات كاملة عني وعن كنيتي!!، قائلاً لي سنرحمك لأن تأريخك نظيف ولأنك ساهمت أثر سقوط النظام بإطفاء الحرائق التي سببها قصف الأمريكان.. فتشجعت وطلبت منهم فتح عيني وإذا بالضرب يأتيني من كل جاتب حتى فقدت الوعي فأفاقوني بالماء ووضعوني في صندوق سيارة أخرى وقال لي (الضابط): لن نعمل لك أي شيء فأنت نظيف!! ولكن سنبيعك إلى مجموعة أخرى!!، وأغلق عليّ صندوق السيارة مرة أخرى.
وفعلاً مشت السيارة عبر طريق زراعي غير مبلط.. وسمعت صوت أطفال يتهافتون: (جاءوا.. جاءوا!!) وتوقفت السيارة وفتح الصندوق فلطمني أحدهم بقوة على وجهي.. فأسرع (سيدهم) بالنزول من السيارة صارخاً بهم لا تضربوه ليس عليه أي مؤشر.. فقط سنأخذ سيارته!!.
في هذه الأثناء جاء أحدهم يصرخ: (أتركوه.. أتركوه!! هذا أبن عمي عزاوي.. محمداوي!!) فأمسك بي وأبعدني عنهم وظننته سيرأف بي فعلاً وإذا به ينهال عليّ ضرباً وركلاً فيما أنصرفت المجموعة الأولى تاركة مصيري لمجموعة أشرس منها أشترتني منهم!!.
أدخلوني إلى منزل وفكوا وثاقي وأنزعوني ملابسي وسلبوني حلقة الزواج وحتى شحاطتي أخذوها وألبسوني ملابس عفنة بالية وقيدوا قدماي وكفاي بقيود من التي تستعمل في مراكز الشرطة.. وأبتدأ التحقيق بالكيبل الكهربائي والضرب واللكمات وهذه المرّة أنقلبت الأسئلة في إتجاه مغاير فمثلاً سألوني عن العبوات الناسفة التي أدعوا أنني حملتها إلى الوهابيين والإرهابيين في سيارتي قبل أيام!!.. وحين قلت لهم أنني مرة أسئل عن بدر والتيار الصدري ومرة أتهم أنني مع الوهابيين والإرهابيين وأنا لا من هؤلاء ولا من أولئك فأتبدأ الضرب بلا رحمة لمدة تجاوزت بتقديري 7ساعات.
بعد ذلك طلب المحقق (حربة) فنطقت بالشهادتين وضربني في رقبتي وظهري بسقوف في الحربة ثم ملأ الشقوق ملحاً وأدار عليها ماءً وصراخي إلى السماء وأعاد الكرّة مرة أخرى ملح على الجروح وضرب بلا رحمة ولا أستطيع أن أصف مقدار الألم الذي ألمّ بي وبعد أن تعبوا رموني في سطح المنزل مقيداً ومعصوب العينين ووضعوني في فراش وغطوني ثم أستثنوا بعد عشرة دقائق وأنزلوني إلى داخل المنزل لأنام من شدة التعب والألم!!.
بعد ساعات قليلة أخذروني بصندوق سيارة مع سجين آخر ضخم الجثة حشروه معي في الصندوق ومشت السيارة مسافة لا أتذكرها ليلاً وأنزلوني بعدها من السيارة وضربوا السجين المرافق لي بلا رحمة وهو رجل كبير السن ووضعونا في منزل آخر ثم عادوا قريب الفجر وأرجعونا إلى المنزل الأول.
*ألم يساومونك على مبلغ من المال؟
- في صباح اليوم الثاني طلبوا مني رقم موبايل لأحد أقربائي وأتصلوا بهم وطلب أقربائي أن يتحدثوا معي وسألهم أخي عن الموضوع فكان جواب الخاطف: أنا مُلازم ضياء والموضوع مجرد إشتباه وأن (السيد!!).. سينهي الموضوع بخير إن شاء الله.
*عن أي (سيد) يتحدثون؟
- لا أدري هم كذبوا على أخي مدعين أنهم من التيار الصدري بينما أنا في بساتين (البوعيثة) والعاقل يفهم!!.
*وبعد ذلك.. ماذا طلبوا من أخيك؟
- طلب منه أن يأتيه بـ(20) كرات عراقنا فئة (20) دولار، وحين سأله: أخي كيف أسلمك الكارتات.. قال له: أنا أخبرك حالما تشتريها.. ثم أعطاني الهاتف لثواني لأكلم أخي وأرجوه بتنفيذ كل ما يطلبه.. بعد ذلك أتصل بأخي الذب أخبره أنه أشترى الكارتات وأنه جاهز لتسليمها في أي مكان فقال له المتحدث: لا داعي فقط أطلب منك أن تحك بشفرة الأرقام السرية للبطاقات وترد لي أرقام كل البطاقات!!.. وبهذه الطريقة الجهنمية نقل الأرقام ثم قام أثر ذلك بالأتصال بعصابته ووزع عليهم الأرقام السرية وأنزلوها في أرصدتهم ثم كرر العملية مرة أخرى مع أخي بـ(20) كارت آخر.
بعد ساعات أتصل بأخي وقال له كن مطمئناً إلى أنني لا أضربه مطلقاً وطلب من أمي أن تتحدث معي وفعلاً تحدثت معها قليلاً بعدها أمسك هو الهاتف وتحدث مع أمي وهي تتوسل إليه أن لا يضربني وهو يقول لها بكل وداعه أنه يداريني ولا يضربني مطلقاً وفي نفس الوقت يركل بي برجله في رفسات قاسية مؤشراً لي بأن أصمت ولا أصرخ من الألم!!.
في نفس الليلة أتصل المدعو بـ(السيد) بأخي وقال له: أسمع على الموبايل صراخ أخيك.. وجلب الموبايل قربي وطلب من الآخرين ضربي بوحشية وبدأت أصرخ إلى السماء من الألم ثم أعطاني الهاتف لأكلم أخي فقلت لأخي: أعطوهم كل ما يريدون حتى لو بعتم المنزل.. وأبتدأت المفاوضات بـ(50000) دولار وأنتهت بـ(10000) دولار.
*وما هو حال السجين الذي كان معك؟
- لقد كان الضرب عليه شديداً ولطالما سمعته يئنُ من الألم طالباً إلى الله أن يأخذ أمانته وبعد أيام من هذا اليوم أخذوه قائلين له: قضيتك أنتهت وسنعيدك إلى أهلك ولم أره بعدها ولا أدري أن كانوا أعادوه أو قتلوه؟!!.
*أكمل لنا موضوع المفاوضات؟
- نقلوني إلى مكان آخر وقبل ذلك آلمني موقف حين أجلسوني على ركبتي وأتوا بطفلين من أطفالهم ودربوهم على ضربي وهم يتضاحكون!!.
وفي الليلة (ليلة الأحد) هددوا أخي في إتصال هاتفي أما الدفع أو يأمر (السيد) بقتله بـ(الدريل) ورميه في المزبلة.
وفي الصباح نقلوني إلى مكان آخر وأتصلوا بأخي الذي أخبرهم أنه جاهز للدفع وأنتظر منهم الردّ إلى الساعة الرابعة فجراً.. وعند الصباح أعادوني إلى ذات المنزل وأخرجوني إلى الشمس خارج الدار وكنت أسمع بوضوح صوت الأطفال والنساء وهم بالتأكيد يرونني ولا أراهم!! وكنت أسمع صوت طائرة إستطلاعية ظلّت تحوم في السماء.. وعند المساء شعرت بحركة غريبة وركض وجَلبَة شديدة ودخلوا عليّ ونقلوني بكل سرعة وإرتباك إلى صندوق السيارة وأنطلقوا بالسيارة وبعد (100) متر قصف المكان بصاروخ طائرة فتركوا السيارة وهربوا تاركيني فيها مرعوباً وأستمر القصف لساعة وبعد ذلك عادوا إلى السيارة التي تركوها في العراء وأنطلقت السيارة بجنون وبعد حوالي ألنصف ساعة من المشي بالسيارة وقفت السيارة وفتح أحدهم الصندوق قائلاً: أن الأمريكان داهموا المكان فإذا أنسحبوا مساءً فسنتركك تذهب لأهلك وإلا سنضطر إلى أن نبقيك في السيارة إلى الصباح!!.
وفي الصباح وبعد ليلةٍ ليلاء ما أطولها.. أحسست فجاءة بدوران محرك السيارة وأعادوني إلى ذات المنزل الأول وفكوا قيودي قائلين أنهم سيرجعوني إلى أهلي ولاحظت أن معظم أفراد العصابة أختفوا وسمعت من خلال حديث الأثنين الباقيين أن لا أحد من باقي الجماعة يردّ على الهاتف!!، والمهم أنهم أصعدوني أخيراً في المقعد الخلفي للسيارة ومشت بي السيارة حولي الساعة وأوقفوا السيارة ووضعوا (5) آلاف دينار في جيبي وأن عليّ أن أحسب إلى ألـ(50) ثم أفتح عيني!!.. وبعدها فتحت عيني ورغم سوء حالي ووضعي وشكلي الغريب إلا أن أولاد الحلال كثيرون حيث نقلوني إلى أقربائي ثم إلى أهلي والحمد لله رب العالمين.
*الحمد لله على السلامة..