عرفات ... الصنم الذي هوى

[تركماني]

جريدة الوطن

عرفات الصنم الذي هوى

كما ان عرب الجاهلية كانوا يصنعون الأصنام ثم يعبدونها فإن عرب الحاضر مولعون بصناعة أصنام من قيادات تقود الشعوب الى الكوارث والنكبات، وشخص مثل جمال عبدالناصر داس على حقوق الإنسان وأدخل مئات الالاف الى السجون وصادر الحريات ودمر الاقتصاد المصري وقاد العرب الى كارثة 1967 وضياع المسجد الاقصى ثم لما مات خرجت الملايين من الخليج الى المحيط يبكون عليه.
بالأمس دفنوا ياسر عرفات، وأقامت الحكومة ومنها السلطة الفلسطينية المناحات عليه وامتلأت الفضائيات ـ بما فيها تلفزيون محمد أبوالحسن ـ بتقارير المديح والتبجيل لقائد النضال الفلسطيني المزعوم، يبكون على الذي ورط الثورة الفلسطينية الوليدة عام 1969 بمعركة دامية مع النظام الأردني، ثم الذي أقحمها في اتون الصراع اللبناني الداخلي عام 1974، القائد الذي «نجا» من يد القتل الإسرائيلية 40 عاما بينما اختطفت هذه اليد كل القيادات الفلسطينية الاخرى التي يمكن ان تنافسه على الزعامة، من أجل أن يتنازل هو بعد ذلك عن كل شيء من أجل بقائه في زعامة فارغة.
عرفات لم يمت في 11 نوفمبر 2004، لقد مات في اغسطس 1990 عندما عض اليد التي أكرمته، وألقى الحجارة في البئر التي سقته واصطف مع الطاغية العراقي مؤيدا عدوانه على الكويت، عرفات الذي يقود شعبا قضيته ان معتديا غاشما احتل أرضه يأتي ليؤيد معتديا اخر احتل بلدا آخر، وأي بلد، الكويت التي قدمت مصلحة القضية الفلسطينية على مصلحتها في كل المناسبات، البلد الذي انطلقت منه حركة فتح وياسر عرفات نفسه.
وعرفات مات مرة اخرى في 13 سبتمبر 1993 عندما قام ـ وفي الذكرى الحادية عشرة لمذبحة صبرا وشاتيلا ـ بمصافحة اسحق رابين في حديقة البيت الأبيض متخليا عن أكثر من 80 في المائة من أرض فلسطين لليهود، ثم عندما عاد الى أرض فلسطين باذن اسرائيلي ليقيم شبه دولة فلسطين تحول شرطيا لليهود يطارد المجاهدين ويعتقل المقاومين بأوامر تل أبيب.
وعرفات مات مرة ثالثة عندما تخلى عنه اليهود وتخلت عنه واشنطن بأمر اليهود فبات محاصرا في مقره بمدينة رام الله عاجزا عن تقديم مزيد من التنازلات لأنه لم يبق بيده ما يتنازل عنه، وهذا مصير من ظن ان الدهاء السياسي والمناورات والتذاكي هو الطريق الى النصر وليس القيم والمبادىء وثوابت الشعب الفلسطيني التي هي ثوابت الإسلام.
http://www.alwatan.com.kw/default.as...7&topic=299602