أكد في حوار مع الخليج انه تم نسف المفاوضات للانتقام من المدينة
الشيخ حارث الضاري: الزرقاوي ليس موجوداً في الفلوجة وقد اتهمني بالجبن
نرفض قطع الرقاب لأن ذلك يسيء للدين الإسلامي
قبل يوم واحد من مداهمة منزله، وقبل ساعات من بدء الهجوم الامريكي على مدينة الفلوجة التقت “الخليج” الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق وحاورته حول التطورات على الساحة العراقية، حيث اكد ان قوات الاحتلال تعد العدة ل “طحن” مدينة الفلوجة للانتقام منها وتصفية الحسابات معها، وحمّل الحكومة العراقية مسؤولية فشل المفاوضات مع أهالي مدينة الفلوجة، وأشار الى ان الزرقاوي اتهمه ب “الجبن” ونقص “الغيرة” وتمنى له الموت.. وتالياً الحوار:
بغداد حوار: زيدان الربيعي:
ماذا بالنسبة للفلوجة.. وكيف ترى صورة الوضع حولها؟
ليس الفلوجة وحدها التي تعاني من ازمة بل ان العراق كله متأزم، العراق كله يواجه امتحاناً صعباً، يواجه عدواً شرساً، عدواً يريد كل شيء بالقوة وإن ادعى الحوار والتفاهم احياناً، فإنه يرجع الى القوة دائماً، والفلوجة كانت احدى القضايا التي تواجه ارادة شريرة لا ترى الا الحل العسكري والقوة وان تظاهرت احياناً بالرغبة بالحوار بطلبها المباشر او بوساطة الحكومة العراقية، لقد اثبتت الشهور الاربعة الماضية انه لا جدية في كل المحادثات وان الاحتلال والحكومة يريدان كسب الوقت واعطاء الفرصة للآلة العسكرية لطحن الفلوجة جزءاً بعد جزء وذلك من خلال القصف الجوي المستمر على احيائها وتدمير الكثير من بيوتها ومحالها التجارية ومعاملها ومظاهر العمران والحياة فيها، فأصبح قسم كبير من المدينة معطلاً ومدمراً ولقد ذهب المئات من خلال القصف اليومي الذي تتعرض له المدينة والذي أتى على الكثير من العوائل كاملة بدعوة انها تضرب بيوتاً يسكنها الارهابيون وتعني بهم المقاتلين العرب. نعم انها قد اصابت بعض هذه البيوت، لكن أغلب ما خرب منها هو بيوت لعراقيين من اهالي المدينة حيث دمرت بما فيها ومن ضمنهاعائلة كاملة لاحد اصدقائي هو الدكتور كامل الذي لم يخرج من عائلته سوى ابنته التي لا يزيد عمرها على سنة واحدة، وهكذا هو حال الكثير من العوائل العراقية التي تدمر يومياً.
هم يقولون ان اهل الفلوجة يؤوون “الزرقاوي” وجماعته؟
أنا أقول بالنسبة ل “الزرقاوي” وحسب قول اهل الفلوجة انه غير موجود في المدينة ولا سيما في الايام الاخيرة لأنه قبض على الكثير من اعوانه وقتل آخرون منهم مما ادى الى خروج معظم انصاره من مدينة الفلوجة، فلم يبق في الفلوجة الا بضع عشرات كما تشير الاخبار الواردة من المدينة ومن اهلها الخبيرين بهذا الموضوع. اما “الزرقاوي” فلم يعرفه اهل الفلوجة ولم يشاهدوه.
قلت ان الزرقاوي لم يكن موجوداً في الفلوجة في الايام الاخيرة، هل يعني هذا انه كان موجوداً فيها قبل ذلك؟
اهل الفلوجة لم يروا “الزرقاوي” لا سابقاً ولا لاحقاً، ولكن على فرض وجوده في الاحداث الاولى لمدينة الفلوجة في شهر ابريل / نيسان الماضي فإنه الآن ليس موجوداً في المدينة، اهل الفلوجة لا يجزمون لأن مدينتهم بمرمى الاعداء واذا كان موجوداً فإن حياته ستكون في خطر ولذلك اهل الفلوجة يقولون انه غير موجود واذا كان موجوداً فيها سابقاً فانه لم يعد له أي وجود الآن، كما لم يبق فيها من المقاتلين العرب الا بضع عشرات ممن لا يوافقون الزرقاوي على نشاطه واتجاهاته واعماله.
لماذا فشلت المحادثات بين الوفد المفاوض لمدينة الفلوجة مع الحكومة العراقية؟
كلما وصلت المحادثات الى حل اضيف اليها شرط تعجيزي من قبل الحكومة العراقية لانها مأمورة من قبل الاحتلال، اذ هي تفاوض من خلاله وتنهي المفاوضات بطلب من الاحتلال وتبدأ بطلب منه، وان تظاهرت انها هي المفاوضة وهي الآمرة والناهية، لكن رشحت اخبار من خلال الاجتماعات ومن خلال افواه المفاوضين انفسهم سواء كان رئيس الوزراء اياد علاوي او وزير الدفاع حازم الشعلان او غيرهما، حيث نقل عنهما في اكثر من لقاء ان الامر قد فلت من أيديهما، انهما لا يستطيعان اكثر مما قدما، وعلى اية حال كلما انتهت المفاوضات الى نهاية استبشرها وفد الفلوجة المفاوض خيراً واذا بهذا الوفد يواجه بشرط تعجيزي جديد، آخرها ما اعلنه رئيس الوزراء اياد علاوي على الملأ ان على اهل الفلوجة تسليم “الزرقاوي” وإلا فسيتعرضون الى اجتياح واسع، ثم بعد ذلك تظاهرت الحكومة بأن المفاوضات لم تنته وعندما ذهب وفد الفلوجة المفاوض للقاء الحكومة قالت: الحكومة لرئيس الوفد، “الامر خرج من ايدينا يا شيخ خالدٌ”.
اما نحن فقد كنا على ثقة ومنذ البداية ان المفاوضات لن تأتي بخير وان قوات الاحتلال ومعها القوات العراقية ستجتاحان الفلوجة وذلك لا لأن (الزرقاوي) والعرب فيها ولكن لأن في نفس امريكا شيئاً على اهل الفلوجة.
ما هو هذا الشيء؟
هذا الشيء يتمثل في ان امريكا ربما تشعر بأن الفلوجة حطمت كبرياء الاحتلال في المعركة الاولى حيث ارغمته على المفاوضات ثم قبول الانسحاب، لذلك نراهم حاقدين على هذه المدينة كما يجري الآن.
لماذا فشل وفد المجلس الوطني في التفاوض مع اهل الفلوجة؟
علمت ان وفداً من المجلس الوطني ذهب الى رئيس الوزراء الدكتور اياد علاوي وقابله وكلّمه عن الفلوجة وكان جواب علاوي لهذا الوفد: “هل تعتقدون اننا حكومة؟ او من كل عقولكم اننا حكومة”، هذا كان رد علاوي للوفد كما ابلغني احد اعضائه، انا شخصياً لا أصدق هذا الكلام. لأن الحكومة تريد أيضاً فعلاً مهاجمة الفلوجة.
لا للانتخابات
هل ستشارك الهيئة في الانتخابات؟
نحن كهيئة لن نشارك في الانتخابات لأننا طالبنا بعدم اجراء الانتخابات قبل اربعة او خمسة اشهر لأسباب في مقدمتها يقف الجانب الامني الذي ما زال غير مستتب لحد الآن وقد ازداد الوضع سوءاً بعد مهاجمة الفلوجة كما اتضحت الكثير من القضايا التي كنا قد حذرنا منها وهي سيطرة الكثير من الفئات التي جاءت مع الاحتلال على مرافق الدولة ومفاصلها ولم تبق لغيرها شيئاً، فنتيجة سوء احوال المؤسسات المدنية والهيمنة الفئوية وكذلك السيطرة العسكرية الاحتلالية الواضحة المعالم والتي تضاعفت الى اكثر مما كانت عليه في عهد مجلس الحكم المنحل، امام كل هذه الاشياء لا نرى مصلحة في الانتخابات ولا في المشاركة فيها.
محاولات زرع الفتنة
ما هي المشاكل التي تواجه عمل الهيئة؟
الهيئة منذ تم تأسيسها بعد الاحتلال واجهت مشاكل كثيرة من اهمها المساعي المشبوهة لتقسيم العراق الى طوائف او كانتونات ومنها اشاعة الفتنة بين ابنائه لاجل اشعال فتيل الحرب الاهلية.بين طوائفه، فالهيئة قاومت كل هذه الاشكال بطريقتها الخاصة عبر البيانات العامة التي اصدرتها حيث دعت فيها اهل الحل والعقل مثل المراجع الدينية والسياسية في البلد للقيام بواجبها نحو العراق ونحو توحيد ابنائه والقضاء على الفتن التي تؤجج بين الحين والآخر، في هذه المدينة او تلك، في هذا الحي او ذاك، وقد حدثت للاسف اغتيالات كثيرة طالت ابناء البلد الخيرين من سنة وشيعة وكنا ننبه دائماً في بياناتنا وعبر صحيفتنا “البصائر” وفي خطبنا وفي لقاءاتنا الإعلامية مع الصحف والفضائيات الى خطورة هذا الوضع ونناشد القوى الفاعلة لتجتمع وان تضع حداً لمثل هذه الامور التي من شأنها ان تضع البلد في اتون حرب لا يعلم مداها الا الله.
كذلك مددنا يد العون الى كل من اراد التعاون معنا من ابناء هذا الوطن من سنة وشيعة واكراد وتركمان ومسيحيين حيث وفقنا والحمد لله اذ ان الكثير من ابناء هذا الشعب على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم كانوا متجاوبين معنا في دعوتنا الى التهدئة وجمع الكلمة ورفض الاحتلال، وقد تجمع الكثير من ابناء العراق الاخيار الى ما دعونا اليه وكانت الدعوة تتمثل برفض الاحتلال ورفض الفتن من أي طرف جاءت وعدم الكلام في أي شيء يساهم في تفرقة صفوف ابناء هذا البلد وان يمزق وحدة العراق والعراقيين، ومن اجل رفض ما افرزة الاحتلال من مظاهر سياسية ومظاهر اجتماعية نرى انه اذا استمرت فإنها ستمزق العراق وانها ستضع العراق بيد اعدائه الى مدى غير منظور.
والهيئة عارضت مجلس الحكم الانتقالي واعتبرته غير شرعي، لانه لا يتمتع بالشرعية القانونية ولا الشرعية الدينية، وبالتالي كل الاطراف الداخلة في تشكيلة مجلس الحكم وقفت من الهيئة موقفاً معادياً وشنعت بها في مواقف كثيرة عبر وسائل اعلامها الخاصة، حيث هناك الكثير من الصحف تتكلم علينا يومياً، وتتهمنا باتهامات كثيرة بأننا قوميون مع العلم اننا لا نتكلم بالقومية وهناك اتهام لنا بممارسة الطائفية ولم نتكلم يوما بالطائفية ولم يصدر عنا أي شيء في كل بياناتنا التي زادت الآن على ال 60 بيانا ما يدل على ان توجهنا طائفي، حيث لم نسم الفئات التي آذتنا مباشرة ولم نتهمها اعلاميا او نتكلم عليها في محافلنا، هناك اكثر من عشر صحف عدا الفضائيات التي تتكلم على هيئة علماء المسلمين وتتهمها بالطائفية واننا مختطفون واننا متواطئون مع الخاطفين.
ندين الذبح
على ذكر الاختطاف والعمليات التي تتم بطريقة بشعة مثل الذبح بالسيف وخطف مدنيين جاؤوا لمساعدة الشعب العراقي ما هو موقفكم من الخاطفين بصراحة؟
لقد قمنا بإدانة الذبح بالسيف والخطف العشوائي واستلام الاموال بين بعض الفئات التي تقوم بالخطف باسم المقاومة وهي ليست من المقاومة اصلاً، نحن كنا اول الذين تكلمنا على هذه القضايا وقمنا بإدانتها وبياناتنا واضحة في ذلك، كما كنا اول من دان عمليات الذبح وقطع الرقاب بالسيف وتكلمنا بصراحة في هذا الموضوع وقلنا ان هذا ليس من الدين ولا يخدم القضية العربية وسيسيء الى سمعة الاسلام والمسلمين، كما تكلمنا عن الارهاب واستنكرنا الكثير من عمليات الارهاب التي طالت المؤسسات المدنية والمؤسسات ذات النفع العام والتي ذهب فيها الكثير من الابرياء من المدنيين والعسكريين، ومع ذلك كله لم يرض هذه الجهات او رئيس المختطفين، ولم يكن لدينا من ذنب سوى اننا كنا الوحيدين الذين حينما نشأت ظاهرة الارهاب التي تبلورت بعد احداث الفلوجة التي حدثت في ابريل / نيسان الماضي مباشرة كنا وما زلنا وحدنا في الميدان نناشد الخاطفين بضرورة الافراج عن المختطفين بينما لم تناشد قوات الاحتلال ولا مجلس الحكم المنحل ولا الحكومة العراقية المؤقتة، كذلك لم تناشد الفئات المنخرطة في التشكيلات الحكومية في ظل الاحتلال، وقد نجحنا بفضل الله تعالى وبفضل مناشداتنا اطلاق سراح 90% من المختطفين الا من ساء حظهم ووقعوا بيد بعض الفئات المتزمتة او التي تدعي المقاومة وهي ليست من المقاومة، وقد واجهنا استنكار الكثير من الفئات التي تقوم بعمليات الاختطاف، بل منهم من هددنا، حيث تكلم علينا “الزرقاوي” في الانترنت ووصفني انا شخصياً بالجبن والهزيمة وتمنى لي الموت لأنني “جبان” او قليل “غيرة” اذكر هذا للواقع ليس الا.
بالمقابل اعضاء الحكومة يقفون من الهيئة موقفاً معادياً ويتهمونها باتهامات شتى مثل انها رئيسة الاجرام وانها صانعة الاجرام وان لها صلة بالخاطفين وقد قال وزير الخارجية في الحكومة العراقية المؤقتة هوشيار زيباري يوم كان ايضاً وزيراً للخارجية في مجلس الحكم ان للهيئة مسيس صلة بالمختطفين، ومنهم من اتهمنا بأننا نقبض الآلاف او المئات من الملايين من الدولارات من بعض الجهات التي اختطف رعاياها في العراق، على كل حال نحن نواجه كل هذا وذاك ايماناً منا بأن طريقنا صحيح وان عملنا حق ولذلك نتلقى هجومات واتهامات وطعون وما الى ذلك وبالمناسبة نحن كنا نتوقع شيئاً من هذا ولكن ليس كل هذه المواقف العدائية علماً اننا لم ننافس احداً في شيء من توافه الدنيا ولا من جيفها لأننا لا نريد المناصب ولا الاموال ولا نريد أي شيء مما يريدونه هم وقلنا ذلك لهم ونقولها اليوم من خلال صحيفة “الخليج” اننا لا نسعى ان نكون شيئاً او جزءاً من أي تشكيل في ظل الاحتلال مهما كان عنوانه ومهما كانت مغرياته.
http://www.alkhaleej.ae/articles/sho...cfm?val=120755