النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    algiashi Guest

    افتراضي مناظرة هشام بن الحكم في مجلس هارون العباسي

    [align=center]
    مناظرة هشام بن الحكم مع بعض المتكلمين في مجلس هارون[/align]


    قال هارون العباسي لجعفر بن يحيى البرمكي : إنّي أُحبّ أن أسمع كلام المتكلّمين من حيث لا يعلمون بمكاني فيحتجّون عن بعض ما يريدون ، فأمر جعفر المتكلّمين فأُحضروا داره ، وصار هارون في مجلس يسمع كلامهم ، وأرخى بينه وبين المتكلّمين ستراً ، فاجتمع المتكلّمون وغصّ المجلس بأهله ينتظرون هشام بن الحكم ، فدخل عليهم هشام وعليه قميص إلى الركبة وسراويل إلى نصف السّاق ، فسلّم على الجميع ولم يخصّ جعفراً بشيء .
    فقال له رجلٌ من القوم : لِمَ فضّلت عليّاً على أبي بكر ، والله يقول : ( ثاني اثنين إذ هُما في الغار إذ يقولُ لصاحبه لا تحزن إن الله مَعنا ) . فقال هشام : فأخبرني عن حزنه في ذلك الوقت أكان للّه رضا أم غير رضا ؟) فسكت !
    فقال هشام : إن زعمت أنّه كان للّه رضا فلم نهاه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : « لا تحزن » ؟ أنهاه عن طاعة الله ورضاه ؟ وإن زعمت أنه كان للّه غير رضا فلم تفتخر بشيء كان للّه غير رضا ؟ وقد علمت ما قال الله تبارك وتعالى حين قال )) فأنزل الله سَكينته على رَسوله وعَلى المؤمنين)) .
    ولكنّكم قلتم وقلنا وقالت العامّة : الجنة اشتاقت إلى أربعة نفر : إلى عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ، والمقداد بن الاسود ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذرّ الغفاريّ . فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة ، وتخلّف عنها صاحبكم ، ففضّلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة .
    وقلتم وقلنا وقالت العامّة : إنّ الذابّين عن الاسلام أربعة نفر : عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ، والزبير بن العوّام ، وأبو دجانة الانصاري ، وسلمان الفارسيّ ، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلّف عنها صاحبكم ، ففضّلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة .
    وقلتم وقلنا وقالت العامّة : إنّ القرّاء أربعة نفر : عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ، وعبد الله بن مسعود ، وأُبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلا في هذه الفضيلة ، وتخلّف عنها صاحبكم ، ففضّلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة .
    وقلتم وقلنا وقالت العامّة : إنّ المطهّرين من السماء أربعة نفر : علي ابن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ ، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلّف عنها صاحبكم ، ففضّلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة .
    وقلتم وقلنا وقالت العامّة : إنّ الابرار أربعة : عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ ، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلّف عنها صاحبكم ، ففضّلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة .
    وقلتم وقلنا وقالت العامّة : إنّ الشهداء أربعة نفر : عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ وجعفر وحمزة وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب ، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة ، وتخلّف عنها صاحبكم ، ففضّلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة .
    قال : فحرّك هارون الستر وأمر جعفر الناس بالخروج ، فخرجوا مرعوبين ، وخرج هارون إلى المجلس .
    فقال : من هذا فوالله لقد هممت بقتله وإحراقه بالنار .

  2. #2

    افتراضي

    اشكر السيد algiashi على تقديم هذا النص القيم من تراثنا.
    واهم ما فيه توضيحه لاسباب وصول العراق لما وصل اليه في ذلك العصر.. حين صارت بغداد عاصمة للعلم والفكر والتعددية الثقافية.
    وانظر الى العالم هشام بن الحكم في مجلس الخليفة لا يخاف من قول كلمة الحق.. ويتحاور بجرأة وعقلانية وصوت معتدل رزين..
    وانظر الى الخليفة، الذي يقول: "لقد هممت بقتله" ولكنه لا يفعل.. وهل كان من الصعب على هارون الرشيد ان يسفك دم العالم؟ هو لا يفعل لادراكه بضرورة احترام التعدد الفكري في حاضرة الخلافة..
    واين نحن من كل ذلك اليوم؟ واين هذا العالم الذي لا يخاف ان يقول لبوش كلمة حق، في البيت الابيض؟
    واين هذا الحاكم الذي يقول: "هممت بالقتل" ثم لا يقتل.
    وعسى حكومتنا المنتخبة تتعلم درساً من هذه القصة: فلا تخاف من مواجهة سيد البيت الابيض بكلمة حق، كما فعل هشام بن الحكم..
    وعساها تتعلم من هارون الرشيد، وتتحرص قبل ان تسفك دم اي عراقي.
    مع خالص التمنيات بالتوفيق.
    المحجوب.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني