[align=center]الإرهاب والتطرف … والمناهج التربوية[/align]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد الأمين وآله الطيبين الطاهرين .
لم يزل السحرة يلقون عصيهم أمام أعين الناس حتى يخيل إليهم إن عصيهم تسعى فيسحرون أعينهم ويسلبون عقولهم لتتحول إلى جماد لا يعطي ولا يأخذ يتربع على مملكة جسد خاو دب في أوصاله العجز والوهن أمام ذلك الصرح الخيالي الكبير ، وما أن تصحو أعينهم على حقيقة تلك العصي حتى يُدخلهم السحرة في دوامة أخرى وهكذا (( ليقضي الله أمراً كان مفعولا)) .
كذلك هي لعبة السياسة التي تلعبها الدول العظمى ـ العظمى بمكرها واستكبارها ـ بأساليب مختلفة ومتنوعة ، فتارة تكون الحرب ساخنة وأخرى تكون باردة ، و التلاعب بالألفاظ أحد أضخم الأساليب المتبعة للتمويه على الرأي العام وإلباس اللاشرعية لباس الشرعية ، وما أكثر الألفاظ التي لها القابلية على التمدد والتمطي حتى أصبحت الكثير من الأفعال القبيحة تصاغ على هيئة حسنة من خلال تغير العناوين ليختلط المعنون على السامعين ، فنجد إن الزنا الذي لا يشك في قبحه أياً من العقلاء صار يعبر عنه بشفافية تحت عنوان (الصداقة) و (الحب) ، واللواط والمساحقة ب( التزاوج) و (اللهو) ، والتميع والتحلل ب(الحرية) ، ويُعرض فساق الخلق وفجارهم على صورة المشاهير ذوي الرسالات السامية في الفن والموسيقى وهلم جرا.
واليوم وبعد نهاية الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتي تلوح في الأفق حرب أخرى ضد ما أطلق عليه (الإرهاب و التطرف) وليست هذه الحرب حديثة عهد بل هي من المؤامرات المحاكة منذ عقود سابقة من الزمن إلا أنها أُجلت لحين الفراغ من الأهم ليُلتفت إلى المهم ، ومن العجائب والغرائب أن بدأت ولم يُحدد المعنى الاصطلاحي الذي يقوم عليه هذا الاصطلاح ، فقد أخفقت مناقشات الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في اللجنة السادسة القانونية منذ عام 1973 في الوصول إلى تعريف للإرهاب والتطرف واختلفت وجهات النظر نحوه ، وعند التمعن في حقيقته العملية لعُرف أن المعنى الحقيقي الذي يحمله الإرهاب والتطرف عند أمريكا وأمثالها هو : مصطلح يُطلق على كل من لا يذعن لسياستها الخارجية ويلعب بعيداً عن ساحتها ولا يخضع للقطب الأوحد لرحى العالم .
ويا للمأساة فإن خصم البارحة أصبح قاضياً اليوم ! ومن أشد إرهاباً من أمريكا التي سجلت الرقم القياسي في استعمال أدوات الحرب المسموحة وغير المسموحة ؟! وهي البلد الوحيد الذي استخدم الأسلحة النووية علناً وهددت باستخدامها مرات عديدة ! ، وأغلب الأسلحة النووية أو الكيماوية المستخدمة والممتلكة في العالم هي من صِنع الولايات المتحدة الأمريكية وحتى الجمرة الخبيثة التي استُعطف بها الرأي العام العالمي كمرتكز لانطلاق حربهم ضد ما يدعونه بالإرهاب أثبتت تحليلات العينة منها والتي أُرسلت إلى مكتب (توم داسكل) فوجد إنها تنتمي إلى سلالة (أميس) وهي سلالة جرثومة الجمرة الخبيثة التي تم تطويرها في الولايات المتحدة وقد حاول الجيش الأمريكي استخدامها كأسلحة في ستينيات القرن العشرين ، كما اكتشف الباحثون أيضاً مادة (السيليكا) في تلك الجمرة في رسالة (داسكل) ، وكان صنّاع الأسلحة الأمريكية قد خلطوها مع الجمرة الخبيثة لتكون أسهل انتشاراً في الهواء ، ومن خلال هذه الحيل وغيرها من حيل شياطين الأنس ، بدأت الولايات المتحدة حملتها الجدية على مختلف الأصعدة ( العسكرية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، … ) ولم يغب عن مكرها المنهج التربوي الذي تربي عليه الأمم أجيالها تمهيداً للتطبيع الثقافي ومسخ عقول الأجيال اللاحقة ، فتوجهت بكل ما تحمله من قوة منذ زمن ليس بالقريب إلى تغيير المناهج التربوية في دول العالم وخاصة الإسلامية منها ، وكان الثقل الأكبر لذلك التوجه هو على التربية الدينية ، لأنهم يعتقدون إن حضارات الشعوب متفرعة على دياناتها ، فلأجل مسخ روح العداوة للباطل المتمثل بالصهيونية والإمبراطورية الأمريكية بدأت حملتها، إذ من السهل أن تنتزع سلاح الخصم إذا كانت القوتان غير متكافئتين ولكن ليس من السهل اجتثاث العداوة من قلبه ، وهذا عين ما تريده من خلال تغيير المناهج التربوية ، فأخذت تمارس الضغوط على بعض رؤساء الدول الإسلامية ، وتصريحات ذلك البعض توحي ضمناً بتلك الضغوطات ، فهذا الرئيس اليمني يصرح : بأن اليمن كان من الممكن أن تتعرض لقصف مماثل لما تعرضت له أفغانستان لما لم تقم الحكومة بضبط المدارس الدينية ، وقد شن حملات واسعة على المدارس الدينية بعد وصول وفد أمريكي عقيب أحداث (11أيلول) ، وأعلنت دولة قطر رسمياً عن عقد مع مؤسسة (راند) الأمريكية للأبحاث لأعادة صياغة منهجي اللغة العربية والتربية الإسلامية تحت شعار(( إسلام أقل إنكليزية أقل)) !!! ، وصرح أحد أعضاء المجلس الكويتي بتصريح مماثل وأشار إلى تغيير كلمة (جهاد) بكلمة (تضحية) ، وفي الباكستان أُعلن عن التفاهم مع الإدارة الأمريكية لاستبدال عشرة آلاف مدرسة دينية بمدارس مركزية ترعاها الحكومة، وعبر الرئيس الباكستاني عن المدارس المستبدلة بأنها تسيء للإسلام ويجب إغلاقها ، وفي الأردن وضعت الحكومة يدها على مدارس جمعية (المحافظة على القرآن الكريم) تحت عنوان تنظيم الأوقاف ومنع المدارس المستقلة ، وكذلك فإن مصادر سعودية ذكرت إن ورشة كبرى تقوم بإعداد وتنقيح الكتب الدراسية الإسلامية ، ولم تزل الضغوطات مستمرة على الأزهر منذ ثلاث سنين لتغيير وحذف أمور العقيدة وكل ما له علاقة بالجهاد كالآية الشريفة المباركة (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم …)) ، ولا شك إن المقصود من هذه التغييرات هو ما قاله العليم في الذكر الحكيم (( يحرفون الكلم عن مواضعه )) لتسهيل عملية مسخ الدين وانهيار الشخصية الإسلامية الفذة كما انهارت الشخصية المسيحية واليهودية بحيث لا يعرف المسيحي أو اليهودي انتماءه لدينه إلا في الأعياد ، وحينما يشيع ميتاً يشير للصلاة عليه ،إلا أن ذلك قتل للإسلام في نفوس معتنقيه ، وإن حصل الذي يبيتون لا سامح الله فسوف تقتل الشجاعة والإقدام والتضحية والشرف والسماحة والصدق وكل المعاني السامية التي أفاضها الله علينا ببركة أبي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد صرح (كولن باول) بشكل صريح بتاريخ 12/12/2001كما أوردته جريدة (السفير) [ لسنا بصدد حملة ضد الإسلام ولكننا أزاء سعي حثيث لصياغة إسلام معدل] .
وهل أنزل الله تبارك وتعالى ديناً ناقصاً يحتاج لمثل هذا المعتوه كي يعدله ؟!، وأي صراط مستقيم أكثر استقامة من دين الله الذي لا يقبل الله غيره من الأديان ((و من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ..)) .
بعد أن عرفنا الهدف نتساءل كيف يكون التغيير في المناهج التربوية ؟ وللإجابة على هذا التساؤل نأخذ عينة من التغيرات في المنهج التربوي المصري ، في ذلك البلد العظيم الذي كان عضادة القومية العربية ، بلد الأزهر والعلماء ، بلد الشجاعة والإباء ، انظر كيف خمل دوره في مختلف الساحات الفعالة منذ عشرات السنيين بعد أن تكاثرت عليه لدغات العقارب السامة وسُلم زمام أمره بأيد أثيمة ملطخة برجس الخيانة والتي عقدت تحت ستار العلم صفقة الخيانة لبيع الأجيال اللاحقة والتي أُطلق عليها ( المساعدات الأخوية الأمريكية ــ المصرية) وكان من سمومها التي نفثتها في صدر التعليم المصري ( مركز تطوير المناهج الأمريكي) الذي يشرف عليه خبراء أمريكان من الرجال والنساء ، وينقل لنا الأستاذ( محمد طيل) الخبير بوزارة التربية المصرية ، إن مديرة المركز المذكور أرسلت إليه لحضور لجنة تطوير منهج التربية الدينية ، قال : ذهبت أحمل معي كتاباً ألفته لتدريس الدين ، ولكنني فوجئت بأن المركز يعطيني دليل منهج الدين للتعليم الإسلامي ، ويحدد فيه الموضوعات التي ينبغي الحديث عنها ، وعندما فتحت الدليل وتفحصت موضوعاته وجدت أنها تركز على العبادات فقط ولا توضح حقيقة الإسلام فصرخت قائلاً : … إنها مؤامرة… .
وكتب ( سماح رافع محمد ) رئيس قسم التدريب في مركز البحوث التربوية تقريراً عن المركز الأمريكي رفعه إلى وزير التربية قال فيه : ( من المهازل التي ابتليت بها مصر في نظامها التعليمي التغلغل الأمريكي تحت ستار العلم والمساعدات الأخوية الأمريكية ــ المصرية والتي هدفها السيطرة على تربية الشباب المصري وتسيير الاختراق الغربي لعقول الأجيال الجديدة من أبناء مصر وذلك تدريجياً من خلال النظام التعليمي ودون أن يدري المسؤولون عن أخطار ذلك المخطط في المستقبل وما سوف يؤدي إليه من تقلص مشاعر الانتماء عند الشباب نحو وطنهم وعروبتهم وإسلامهم …) .
أما التغيرات التي أحدثوها في المناهج فكانت في مواضع متعددة حذف بعضها واختزل بعض آخر ، فحذف نشيد ( قرآن ربي) من كتاب الصف الخامس الابتدائي لما فيه من مدح للرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحذفت من الصفحة 75 (نشيد الحج) وحذف نشيد (أنا يا قوم مسلم) من الصفحة156 ، وفي كتاب الصف الأول الثانوي تأليف الدكتور عبد المنعم النمر حذفت الآيات التي تتحدث عن فرعون وطغيانه ( سورة الجاثية) ومنها الآية التي تحث على تطبيق الشريعة (( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون)) ، كما وألغي الحديث النبوي الشريف الذي يحث على الجهاد في سبيل الله ، ووضع الخمر والمخدرات تحت عنوان (الممنوعات) بعد أن كانت تحت عنوان (المحرمات) وحذف موضوع (الرشوة) و (البركة) في (الصدق) ، وحذف من كتاب الصف الثاني في موضوع (أهلاً وسهلاً) هذه العبارة [ إذا مررت بجماعة أقول لهم السلام عليكم ..] وحل محلها [ إذا مررت بجماعة ألقي عليهم التحية ] !! ، وفي كتاب الصف الرابع في موضوع (شجاعة مصرية) الصفحة 68 عن حرب العاشر من رمضان ، حذفت منه العبارة التالية [العدو المحتل كان اليهود ، احتلال الأراضي المصرية لا أرضى به] وبذلك حذفت العبارة الوحيدة التي ترشد التلاميذ إلى العدو المعني في الموضوع وهم اليهود (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود …)) ، ومن ذلك كثير . وما تلك التغييرات إلا لأجل الغاية التي ذكرناها آنفاً إلا أنهم كما يحرفون المناهج يحرفون الأهداف التي يسعون إليها ، فلأن سألتهم لماذا هذه التغييرات ؟ ، لقالوا : إننا نريد أن ننتزع الإرهاب و التطرف من التعليم لتنشأ الأجيال اللاحقة وهي مبتعدة عنه خالية منه . ولعمري (إن فاقد الشيء لا يعطيه) فلو كانوا صادقين فيما يدّعون لكان المواطن الأمريكي والتلميذ الأمريكي أبعد الناس عما يسمونه بالإرهاب إلا إننا نجد العكس ، فإن مواطن الجريمة والإرهاب وتجارة المخدرات وفعل المحرمات وتجاوز المحذورات نجده في المجتمع الأمريكي وخاصة في مدارسه ، ففي 11/3/2000 قُتل شاب رمياً بالرصاص وأصيب اثنان آخران بجروح في إحدى المدارس الثانوية في ولاية جورجيا الأمريكية ، وفي نفس العام قَتَل تلميذان (11) من زملائهم وإحدى المُدرسات بعد أن أطلقا النار بشكل عشوائي في إحدى مدارس دينفر بولاية كولورادو ، وفي مايو ــ آيارــ أصاب تلميذ ستة من زملائه بجروح حين أطلق النار عليهم في مدرسة ثانوية قرب مدرسة ثانوية قرب بلدة لونيرز في ولاية جورجيا ، وقبل فترة أطلق صبي في العاشرة من عمره النار على زميل له فأرداه قتيلاً في إحدى مدارس ولاية ميتشيجان ، هذا في المدارس الأمريكية !!! ، فلماذا لا ينظر في مناهجهم التربوية أم (( يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم)) ، ثم أين حملات قمع الإرهاب عن ظاهرة الاباء الحمر في السلفادور ، والأب كاميليو توريش (كثال) ولاهوت التحرر(كاطار) ، وكاثوليك ايرلندا الشمالية وجيشها السري ، فلماذا لم تتهم القومية أو المسيحية بأنها مصدر الإرهاب وهذه جميعاً تنطلق منها ، وإن نسينا أحداً فلا ننسى الإرهاب الصهيوني في الأرض الإسلامية المحتلة المتمثل في ( الها غانا ــ وشيترن) من المنظمات الإرهابية ، وفي إسرائيل نسبة 31% من تلاميذهم هم من تلاميذ التعليم الديني ، وقد أجري لقاء مع طالب عمره (17) عاماً يدعى ( دانيال بانوليجي) فقال : إن الكتب التي ندرسها تعلمنا إن ما يفعله اليهود هو الصحيح والشرعي!! ، وتصور لنا العرب إنهم دائماً على خطأ ويحاولون إرهابنا!! ، وذكر أحد أصدقائه إنه شعر بالسخط في أعقاب محاضرة سمعها في المدرسة ، وأحس برغبة شديدة في قتل أول عربي يقابله!! . فلماذا لا توصف مثل هذه المناهج بالإرهاب والتطرف أم إن باءهم تجر وباءنا لا تجر ؟؟!! لا جرم إن السكوت على مثل تلك المناهج من المسلمات لأن الولد لا يعق أباه ن ليصدق الاعتقاد السائد عند بعض المسيحيين فما دام اليهود بخير مجتمعين في أرض واحدة فسوف يعجل ذلك من ظهور المسيح !! ، يا لها من عقيدة فاسدة ، وهل تستدرج الطاعة بالمعصية؟! وهل تجلو العتمة عن النور أستاره؟! .
لقد توضح من خلال هذه الكلمات اليسير من المؤامرة المحاكة ضد إسلامنا و وجودنا ، فلا وجود لنا بدون الإسلام ، ء نبقى مكتوفي الأيدي لا نحرك ساكناً حتى يأتينا الندم ولات حين ندم فيحملنا اليأس على الخضوع والخنوع أم نجدد العهد لله ، فإنهم يشاءون ونحن نشاء ( والله يفعل ما يشاء) ولقد وعدنا الله تعالى بأن يتم نوره علينا . لقد ألقى السحرة عصيهم أمام موسى الكليم (عليه السلام) وقالوا إنهم بعزة فرعون لهم الغالبون ، وألقى موسى (عليه السلام) عصاه بعزة الله الواحد القهار ، فإذا هي تلقف ما كانوا يأفكون (( ألا إن حزب الله هم الغالبون)) .
أخي المعلم أختي المعلمة ، أخوتي الطلبة والطالبات ، معاشر المسلمين … فلنحذر جميعاً من لعنة الله والأجيال القادمة ، فلو حدث ما تبين فسوف يلعنوننا ألف مرة لأننا لم نرع ما جعلنا الله مسؤولين عنه ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .
والحمد لله أولاً و آخراً