النتائج 1 إلى 12 من 12
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2002
    الدولة
    البحرين
    المشاركات
    16

    افتراضي من هو الشيخ محمد مهدي الخالصي؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    كثر الحديث هذه الأيام حول الشيخ محمد مهدي الخالصي، وذلك لأنه دخل في الحوار الذي تبثه قناة المستقلة الفضائية، بين الشيعة والسنة، فمن يكون هذا الرجل؟

    http://forum.hajr.org/showthread.php...adid=402698837

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    824

    افتراضي

    هذا دليل عليكم لا لكم

    ابوذر ، ومن لف لفه
    انظر المناظرة الراقية والحجج الواهية
    كيف ان الخالصي الاب والابن كيف حكم عليهم بالضلال

    اين انتم من هذا المنهج

    والا خرست افواهكم وعميت بصرائكم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2002
    الدولة
    البحرين
    المشاركات
    16

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الأخ ابن العراق،

    أولا: ليس لي علاقة بأبي ذر،

    ثانيا: أرجو توضيح كلامكم،

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    824

    افتراضي

    اخي الكريم
    الشيخ الخالصي الاب رجل مجتهد معروف في الاوساط العلمية وقصة ابعادة الى ايران معروفة . فلا يمكن ان يوصف بالضلال بهذه الطريقة .

    وارى ان هناك تصفية حسابات مع الخالصي الابن نتيجة موقفه الاخير ضد المجلس الاعلى .

    وانصحك يمكنك اخي الكريم بالاتصال بالسيد محمود الشاهرودي ، والسيد الحائري ، والسيد على الخامنئي واستيضاحهم عن ضلال الشيخ الخالصي رحمه الله .

    والا سيطبق جماعة المرحوم الخالصي نفس اسلوبكم على المراجع الاخرين وهنا الطامة الكبرى .

    وانتظر منك جواب الاستفتاء ان اردت طلب الحقيقة .

    اخوك
    ابن العراق

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2002
    الدولة
    البحرين
    المشاركات
    16

    افتراضي

    الأخ ابن العراق،

    هل اسم الأب واسم الابن هو واحد؟
    بمعنى آخر، هل اسم الأب هو محمد مهدي الخالصي، واسم الابن هو أيضا محمد مهدي الخالصي؟

    وشكرا،،

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    824

    افتراضي

    الاخ العزيز الحيدري
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الشيخ محمد مهدي الخالصي

    ابن
    اية الله الشيخ محمد الخالصي

    صاحب حركة اجتماعية في مدينة الكاظمية له تاثير كبير في توجهات هذه المدينة المقدسة .
    تحرك بشكل فاعل على العوائل الغير متدينة ، حيث اثر حتة على شقاوات هذه المدينة وما اكثرهم في تلك الفترة . حيث سلكوا طريق التدين والايمان بفضل جهود هذا الرجل .

    من افكاره التي سببت ردود فعل متباينة وبعضها حادة هي وجوب صلاة الجمعة . حيث عارضه السيد محسن الحكيم رحمه الله بان صلاة الجمعة وجوبها عند وجود الامام المعصوم فقط .

    واسقاطه الشهادة الثالثة من الاذان .

    وامر انصارة بالصلاة في مساجد الشيعة والسنة .


    وكل هذه الامور لم ينفرد بها لوحدة ، لذا اخي الطيب وصفه بالضلال تجاوز على المذهب .

    ومما استفزني ان طريقة النقاش التي وضعت وصلتها اتت باحكام ضلال وكفر جاهزة




    من هو ؟
    محمد مهدي الخالصي ?

    هذا محكوم عليه وعلى ابيه من قبل المرجعية بالضلال ..... محمد الخالصي الذي كان يقول بان حذاء مس بيل البريطانية اشرف من عمائم النجف !!! ووالده الذي منع الشهادة الثالثة في الكاظمية

    مشاركة من حسن حيدر في شبكة هجر
    بعد هذه المشاركة بثلاث مشاركات ياتي الشيخ الكوراني ( شارك هنا باسم العاملي ) ليقول

    بســـم الله الرحمن الرحيم

    آراؤه وآراء أبيه ،

    شبيهة برأي فلان ....،

    وموسى الموسوي ،

    وفيها شبه من آراء عبد الرسول لاري ( أحمد الكاتب )

    وخلاصتها أن الشيعة منحرفون عن التشيع الأصيل ،

    وأنهم يحتاجون الى هداية وتصحيح ،

    ويجب عليهم أن يتركوا علماءهم ومراجعهم ،

    ويقلدوه حتى يصيروا شيعة !!

    مشاركة الكوراني في شبكة هجر
    http://forum.hajr.org/showthread.php...adid=402698958
    في الختام تحياتي للاخ الكريم الحيدري


    اخوك
    ابن العراق

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    824

    Lightbulb

    الاخ الحيدري دام موفقا
    ماهي الامور التي ادت الى الحكم بضلال الشيخ واباه هل ممكن كتابتها كنقاط هنا .


    ودمت لاخيك
    ابن العراق

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2002
    الدولة
    البحرين
    المشاركات
    16

    افتراضي

    الأخ ابن العراق،

    شبكة هجر الثقافية - بالنسبة إلي - تعتبر جريدة رسمية للشيعة،
    لذا فإذا كتب بها شيء، وأيده كثير من أعضائها -خصوصا الفضلاء منهم-، فلا يبعد أن يكون صحيحا، مالم يعلم غير ذلك من مصادر أخرى.

    حتى الآن لم أكون رأيا محددا حول هذا الرجل،

    ولكن خلاصة ما فهمته، أنه -أي الابن- ضابط بالجيش البعثي، وأنه قد قام بقتل الكثير من الشيعة و علماء الشيعة، وأنه (شهد للسيد فضل الله بالاجتهاد)!
    وللعلم فقد أكد أكثر من مصدر، سواء على شبكة هجر، أو في أماكن أخرى هذا الكلام، لذلك لا مجال -لي على الأقل- ألا أصدقه، والله العالم.

    إذا صح أنه قام بقتل الكثير من الشيعة في الكاظمية كما يقال، فلا أظن أننا بحاجة إلى البحث في مسألة ظلاله، ففي هذه الحالة سيكون البحث نوعا من الترف الفكري!

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    824

    افتراضي

    الاخ الحيدري وهذه حجة عليك لذا اتمنى اخي العزيز ان تبقى بعيدا عن تقييم بعض الاخوة في هجر التي اكن لها كل الاحترام . وقد شاركت فيها قبل مشاركات الشيخ الكوراني .
    اما كل مايكتب فيها هو صحيح ، هذا مااعارضك اخي الكريم
    فحتى كتبنا الاربعة لاتجد من يقول ان كل ما كتب فيها فهو صحيح .


    نعم ان الشيخ ضابط عسكري عراقي . وما اكثر الاخوة الذين يكتبون في هجر هم من العسكريين الذين حاربوا ايران لكن الله سبحانه وفقهم فبان لهم الحق .

    فهل يعني ذلك اننا نشكك في نواياهم .

    اما انه قتل الكثير من الشيعة فهذه اشاعات لا مصداق لها .
    وانا اعرف الكثير من الاخوة اهالي الكاظم المطلعين على هذه الامور فهناك حزازيات بين بعض المناطق ادت الى بروز اشاعات ضد هذا وذاك .

    ويبقى السؤال ماهي الامور التي ادت الى الحكم بضلال على هذا الرجل .

    تقبل تحياتي
    ابن العراق

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    824

    Question

    الاخ الحيدري اليك هذا الموضوع المنشور على صفحة كتابات ، الذي يوجب علي من الناحية الشرعية ان اتريث في الحكم على الشيخ .. اليس كذلك والا المنهج الذي اتبعه فيه غلط !!!!

    -----------------------------------------------------------------------------
    قناة المستقله و النقله النوعيه في الحوار بين المسلمين

    علي كاظم الأعرجي

    بعد البرامج التي قدمتها قناة المستقله في شهر رمضان المبارك الفائت و التي اتصفت بالتشنج الطائفي و الأبتعادعن الواقع الشرعي و روح العصر و الأخطار المحدقة بالأمه الأسلاميه و العراق خاصه و قد انعكست هذه البرامج بشكل سيء على المشاهدين و اثارت اشمئزاز كل مسلم وطني حريص على دينه و وطنه,بعد ذلك بادرت قناة المستقله الى أستضافة العلم المجاهد و الفقيه البارز الشيخ محمد مهدي الخالصي المتظلع بالفقه و الشريعه أضافة الى دراساته القانونيه الحديثه ليحول مسار تلك الحلقات المنغلقه الضيقه الى الأفق الأوسع لما فيه خدمة الأسلام و المسلمين و الدفاع عن مصالحهم و وجودهم ازاء الهجمه الأستعماريه الصهيونيه التي تستهدف الأسلام والعراق و اظهر مدرسة اهل البيت عليهم السلام بالشكل الحقيقي المتطابق لحقيقتهم و رسالتهم و رد الشبهات عن اتباع هذه المدرسة الأخيار و منزها لها مما حاول بعض الجهله الصاق الأنحرافات و البدع بها و أظهرها الأمام الشيخ محمد مهدي الخالصي كما هي على حقيقتتها محاربة كل بدعة و خرافه.



    لقد كان لهذه الحلقات التي بثتها قناة المستقله اثر رائع لكل من شاهدها من الحريصين على دينهم و وطنهم و المعادين لأحقاد المستعمرين و قد انعكس ذلك من خلال الأتصالات التي جاءت من العلماء و غيرهم في المنطقة الشرقيه من السعوديه و من جنوب العراق و لبنان و أيران و غيرها و هم فخورون بهذا الطرح العلمي الشامخ بالدفاع عن وحدة المسلمين و مدرسة اهل بيت النبي صلى الله عليه و اله و سلم,و لا عجب في ذلك فالذي ظهر في هاتين الحلقتين هو الفقيه المجاهد الشيخ محمد مهدي الخالصي و هو عالم نحرير لامع ذكي و متفاني في اخلاصه لدينه و وطنه يتمتع بافق واسع و هو رمز ديني عراقي وطني شامخ يثير حفيظة كل من يرتزق من الأجنبي و يعمل ضد دينه و وطنه و لقد شاهدت ندوة للأية الله الشيخ محمد مهدي الخالصي في تلفزيون القاهره عام 1965 ميلادي و هو يرد الشبهات التي كانت تطرح على الهواء مباشرة بخصوص التشيع و الشيعه مما أثار عاصفة في الأوساط العلميه و الشعبيه في مصر,حيث كان يؤصل مدرسة اهل البيت عليهم السلام الى أصولها في القران الكريم و في سنة النبي محمد صلى الله عليه و اله و سلم مما دفع عن التشييع الكثير من الشبهات الرائجه ضده و بعد (38)عاما يعيد الكرة لينصر الحق و يدافع عن محمد و ال محمد (صلوات الله عليهم اجمعين) و عن المسلمين و بلادهم.



    شكرا لأية االله العظمى الشيخ محمد مهدي الخالصي على مواقفه و صراحته في الحق و اما المتحجرون و المنحرفون فلم يبقى امامهم الا الكذب المطلق يلوكونه بألسنتهم مادامت النفس لا تعرف مخافة الله سبحانه و تعالى و لا ترقبه فأن لسانها مؤتمر بأمر الشيطان ينطق نيابة عنه و الحق منتصر دائما و الباطل مندحر ابدا و شكرا لقناة المستقله على هذه النقله النوعيه من الفرقه الى الوحده و من الضار الى النافع و من امهاترات الى العلميه و الموضوعيه و نطالبكم بالمزيد فأن في ذلك خدمة لديتتا و تبيان لما هو عليه التشيع الأصيل و الشيعه الأخيار بعيداعن دسائس الأعداء و جهل الأبناء.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    628

    افتراضي لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه

    شبكة هجر الثقافية - بالنسبة إلي - تعتبر جريدة رسمية للشيعة،
    لذا فإذا كتب بها شيء، وأيده كثير من أعضائها -خصوصا الفضلاء منهم-، فلا يبعد أن يكون صحيحا، مالم يعلم غير ذلك من مصادر أخرى.

    حتى الآن لم أكون رأيا محددا حول هذا الرجل،

    ولكن خلاصة ما فهمته، أنه -أي الابن- ضابط بالجيش البعثي، وأنه قد قام بقتل الكثير من الشيعة و علماء الشيعة، وأنه (شهد للسيد فضل الله بالاجتهاد)!
    وللعلم فقد أكد أكثر من مصدر، سواء على شبكة هجر، أو في أماكن أخرى هذا الكلام، لذلك لا مجال -لي على الأقل- ألا أصدقه، والله العالم.

    إذا صح أنه قام بقتل الكثير من الشيعة في الكاظمية كما يقال، فلا أظن أننا بحاجة إلى البحث في مسألة ظلاله، ففي هذه الحالة سيكون البحث نوعا من الترف الفكري!
    أعلاه ما كتبه ((الحيدري))
    -----------------------------------------
    1 - (وأيده كثير من أعضائها )
    هذا مخالف لقول ( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه)
    والذي قائله هو الفصل بين الحق والباطل
    ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج
    -----------------------------------------
    2 - (خصوصا الفضلاء منهم)
    الفضلاء لا يكفرون ولا يسبون أحداً
    لان (قالع باب خيبر يقول لا تكونوا سبابين)
    --------------------------------------------------------
    3 - (مالم يعلم غير ذلك من مصادر أخرى)
    البينة على من أدعى واليمين على من أنكر
    أين البينة(البينة)= الواضحة
    --------------------------------------------------------
    4- (ضابط بالجيش البعثي)
    لا سلام الله على مؤتمر لندن
    نص نصهم ضباط بالمخابرات والامن ((((البعثي))))
    عفواً كانوا كانوا كانوا كانوا كانوا كانوا كانوا كانوا
    -------------------------------------------------------
    5 - (شهد للسيد فضل الله بالاجتهاد)!
    واذا ما كان (شهد للسيد فضل الله بالاجتهاد)! ما كان السيد فضل الله
    لتجرء وأفتى .
    من الذي شهد للذين أصبحوا أية الله(مجتهد)
    بعد وفاة السيد الخميني

    (روح الله الموسوي الخميني) لعدم الاشتباه مع أبن الخميني أو أبن أبن الخميني!!
    -------------------------------------------------------
    ما يلفض من قول الا لديه رقيب عتيد
    سؤال ؟
    الكتابة عبرة الانترنت هل لديه رقيب عتيد؟؟؟؟
    أجب , أم ستبحث عن الجواب في موقع أجب؟؟
    http://www.ajeeb.com
    ---------------------------------------------------------
    والسلام

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي

    الموقف التأريخيّ العظيم للشيخ مهدي الخالصي شباط سنة 1924

    الجذور التاريخية للحركة الإسلامية في العراق

    سامي العسكري

    في شباط «فبراير» 1924 اصدرت الحكومة العراقية قراراً سمحت بموجبه لعلماء الدين المنفيين بالعودة إلى العراق، وبالفعل فقد وصل السيد ابو الحسن الاصفهاني والميرزا حسين النائيني وعدد من العلماء الآخرين بعد ان قدموا تعهداً خطياً إلى الملك فيصل بعدم التدخل في الامور السياسية(1) ولم يعد الشيخ مهدي الخالصي الذي رفض تقديم مثل هذا التعهد.( 2)

    وبعودة العلماء المنفيين طويت آخر صفحة من مرحلة تاريخية هامة في تاريخ العراق السياسي الحديث تميزت بالدور الفعّال الذي نهض به علماء الدين في قيادة الجهاد الذي خاضه الشعب العراقي ضد الاحتلال البريطاني والحكم «الوطني» الذي اقامه الانكليز في العراق.

    فقد كان التعهد الذي قدمه مراجع الدين انتكاسة اصابت التحرك الاسلامي الذي كان يتولى تحريك الجماهير العراقية ويقودها من اجل انجاز مهمة استقلال العراق وانشاء حكم وطني حقيقي فيه، كما شكل بادرة خطيرة امتدت آثارها داخل المؤسسة الدينية في العراق لعقود تالية. وساهم في عزل هذه المؤسسة عن جماهيرها، التي وجدت نفسها تقف لوحدها في مواج ه مؤامرات الانكليز ودسائسهم.

    ان قبول علماء الدين بالابتعاد عن السياسية، مثّل تحولاً خطيراً عن المسار الذي رسمه هؤلاء العلماء وغيرهم منذ مطلع هذا القرن، وهو التصدي لحمل هموم الاُمّة الإسلامية والدفاع عن قضاياها الحيوية ومواجهة الحكومات الفاسدة وسياسات الدول الكافرة، ولقد سجل العلماء مواقف مشرفة خلال الازمات والمحن التي تعرضت لها الشعوب الإسلامية ولم تستطع الحدود الجغرافية أو التباين المذهبي أو الاختلافات العرقية حجبهم عن الدفاع عن المسلمين في كل مكان.. فكانت لهم مواقف مشهودة من الاحتلال الروسي لايران(1911) والاحتلال الايطالي لطرابلس(1912) وغيرها من الاحداث البارزة في بلاد المسلمين.

    مرحلة الجهاد

    دخلت الدولة العثمانية الحرب إلى جانب المانيا بعد هزيمة الاخيرة في معركة المارن في 19 ايلول (ديسمبر) 1914 وسعيها للاستفادة من الرأي العام الاسلامي واثارته ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا من خلال تصوير النزاع وكأنه بين الدول الغربية المسيحية والدولة العثمانية المسلمة(1).

    وفعلاً اصدر شيخ الاسلام خيري أفندي في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1914 فتوى اعلن فيها ان الجهاد فرض عين على جميع المسلمين في العالم، ثم نشرت هذه الفتوى في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) في بيان وقعه ثلاثون عالماً، وتليت فتاوى الجهاد هذه في جوامع بغداد(2)، الا انها لم تأت بالاثر المطلوب، فقد اختار علماء المؤسسة الدينية الرسمية موقف القعو د عن الجهاد، ثم عقدوا اجتماعاً في دار عبد الرحمن النقيب ببغداد حين اتخذوا قراراً بتأييد الانكليز كما ارسل طالب النقيب التماساً إلى اللورد غليسفورد نائب ملك بريطانيا في الهند يعرض فيه خدماته(1).

    وإذا كان موقف علماء المؤسسة الدينية الرسمية كان التخلي عن الدولة التي يمثلونها ويرتبطون بها مذهبياً ويستفيدون منها مادياً، والانحياز إلى الدولة الكافرة والاستعداد للعمل في خدمتها...

    فان موقف علماء الدين الشيعة كان مغايراً لذلك الموقف تماماً فحينما وردت برقية من البصرة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى علماء الدين في المدن المقدسة تقول «ثغر البصرة،.. الكفار محيطون به، الجميع تحت السلاح، نخشى على باقي بلاد الإسلام، ساعدونا بأمر العشائر بالدفاع»(2). تحرك العلماء لهذا الحدث وافتوا بوجوب الجهاد دفاعاً عن بيضة ال إسلام ضد العدو الكافر، ولم يكتفوا بذلك بل قادوا بانفسهم كتائب المجاهدين.

    ففي النجف افتى السيد محمد سعيد الحبوبي بالجهاد(3)، وفي الكاظمية اصدر الشيخ مهدي الخالصي حكماً اوجب فيه على جميع المسلمين صرف جميع اموالهم في الجهاد(4)، كما افتى الميرزا محمد تقي الشيرازي في سامراء بوجوب محاربة الانكليز وارسل ابنه محمد رضا للالتحاق بالمجاهدين(5).

    وكان لهذه الفتاوى اثر كبير في تعبئة العراقيين وخاصة العشائر العراقية ودفعها في مواجهة القوات البريطانية، رغم ان هذه العشائر لم تكن راغبة في ذلك في بداية الامر بسبب المعاملة السيئة التي كانت تلقاها من الحكم العثماني،

    _____________________________


    1حيث كان الولاة والموظفون الاتراك يبالغون في الاساءة إلى العراقيين الشيعة. ورغم اندفاع العشائر العراقية إلى ساحات الجهاد استجابة لفتاوى العلماء فان سياسة الاضطهاد التركي لم تتوقف، ففي الوقت الذي كان المجاهدون يشتبكون مع القوات البريطانية كان القائد التركي حسين رؤوف يهاجم القرى في الفرات الاوسط ويقتل الناس ويسلبهم اموالهم وكان م ن جملة من قتلهم بعض طلاب العلوم الدينية الذين كانوا يدعون الناس للجهاد مع الاتراك(1).

    كما ان السياسة التي اتبعتها الدولة العثمانية تجاه الشيعة في العراق، كانت تقوم على اساس الاضطهاد والحرمان والتنكيل بهم وعدم الاعتراف بالمذهب الجعفري.. كما كانت المؤسسات الدينية الشيعية محرومة من اموال الاوقاف والمنح السلطانية.

    رغم كل ذلك، فان علماء الدين الشيعة اختاروا الوقوف مع الدولة العثمانية في مواجهة بريطانيا وحليفاتها، منطلقين من فهم دقيق للموقف الشرعي، وقفزوا على كل تركة الماضي وآلامه، وراحوا يدافعون عن الوطن الاسلامي الذي يتهدده غزو كافر.

    وقد نجح العلماء في تحشيد قوات كبيرة اشتركت مع القوات التركية في قتال الجيش البريطاني، وكانت قوات المجاهدين تفوق احياناً القوات النظامية، ففي الشعيبة كان للاتراك 7600 مقاتل في حين بلغ عدد المجاهدين 18000 مجاهد(2)، وفي منطقة القرنة بلغ عدد المجاهدين حوالي 40 الفاً(3).

    الا ان الاتراك قد فشلوا في الاستفادة من قوات المجاهدين بسبب سوء الادارة، وطريقة المعاملة مع المجاهدين العراقيين القائمة على الاستعلاء والتعصب بعيداً عن روح الشهامة، وكانوا في كثير من الاحيان يحملّونهم

    مسؤولية الهزائم التي تمنى بها القوات التركية.

    العمل السياسي

    لقد كشفت مرحلة الجهاد طبيعة الصراع والقوى الفاعلة فيه، وحددت معالم المراحل التالية من كفاح العراقيين لنيل استقلالهم.

    فادرك الانكليز الدور الكبير الذي يلعبه علماء الدين في تحريك الجماهير في مواجهة قوات الاحتلال، والانصياع المذهل الذي تبديه العشائر العراقية لعلماءها، وما تمثله هذه العشائر من ثقل بشري قادر على التأثير على مسار الاحداث في العراق، كما وجدوا من جانب آخر مدى الاستعداد الذي يبديه رجال العهد التركي ورموزه في العراق للتعاون مع الانكلي ز وتغييرهم الولاءات بحسب المصالح، وهو استعداد غدت فصوله واضحة خلال سنوات الحرب. وامتدت آثاره طوال فترة الاحتلال البريطاني وما تلاه من حكومات تعاقبت على حكم العراق.

    من جانبهم استوعب العلماء ومن خلفهم جماهير العراقيين ان مواجهة الاحتلال لابد ان تقوم على ضوء خطة منظمة لبناء عمل ثوري يستهدف اخراج القوات البريطانية من العراق واقامة حكومة اسلامية فيه(1).< /SPAN>

    فبعد سيطرة القوات البريطانية على كامل الاراضي العراقية وانتهاء الحرب العالمية الاولى بتوقيع اعلان هدنة (مودروس)، واصل العلماء جهادهم ضد الانكليز، مستفيدين من مشاعر الرفض والتمرد التي نمت وتعمقت في نفوس العراقيين، والاجواء التي كانت مهيئة لقبول نشاط سياسي، خاصة وان جذور العمل السياسي باشكاله المختلفة كانت قد امتدت في العراق منذ نهايات العهد العثماني، وما افرزه الصراع السياسي داخل الدولة العثمانية من انعكاسات على الاوساط العراقية.(1)
    فشهدت هذه المرحلة نشاطاً سياسياً لم تألفه الساحة العراقية من قبل، حيث تصدى علماء الدين إلى تشكيل الاحزاب والجمعيات السياسية والتي كانت سرية بحكم الظروف التي اوجدها الاحتلال، واخذت بعض هذه التنظيمات طابعاً عسكرياً.

    وكانت الخطوة الاولى في هذا السبيل تشكيل جمعية النهضة الإسلامية عام 1917 برئاسة السيد محمد بحر العلوم والشيخ محمد جواد الجزائري، وهذه الجمعية هي التي تولت تفجير ثورة النجف عام 1918(2)، والتي كانت اول مواجهة مسلحة مع القوات البريطانية بعد الحرب.

    وتأسس الحزب النجفي السري في تموز 1918(3) وضم عدداً من علماء الدين كالشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ محمد جواد الجزائري والشيخ جواد الجواهري وآخرين كما ضم عدداً من رؤساء العشائر والشخصيات الاجتماعية كالحاج محسن شلاش والسيد هادي زوين والسيد علوان الياسري والشيخ شعلان ابو الجون، وقد حظي هذا الحزب بدعم المرجع الديني الميرزا محمد ت قي الشيرازي(4).

    كما تأسست في كربلاء في تشرين الاول 1918 الجمعية الإسلامية التي ترأسها الشيخ محمد رضا نجل الميرزا الشيرازي وضمت في عضويتها السيد هبة الدين الشهرستاني والسيد حسين القزويني وآخرين.

    وفي شباط 1919 تأسست جمعية حرس الاستقلال وكان من ابرز
    اعضاءها الشيخ محمد باقر الشبيبي وعلي البازركان وجلال بابان ومحمد رامز ومحي الدين السهروردي وشاكر محمود والسيد محمد الصدر وجعفر ابو التمن ويوسف السويدي والدكتور سامي شوكت. وكان هدف الجمعية هو تحقيق «استقلال البلاد العراقية استقلالاً كاملاً»(1).

    ان الملاحظ على هذا النشاط السياسي هو الدور البارز لعلماء الدين فيه، الذين اما كانوا هم المبادرين إلى تأسيس التنظيم الاسلامي أو يتخذون موقف التأييد والمباركة له، كما ان الاسلاميين الذين تحركوا في تلك الفترة وفي طليعتهم مراجع الدين لم ينطلقوا على اساس التحدث باسم طائفة معينة أو وضعوا في اهدافهم تحقيق مصالح لمذهب دون آخر، انما كا ن التحرك يجري باسم العراق والعراقيين جميعاً، كما ضمت التنظيمت السياسية الإسلامية الشيعة والسنة معاً، ولعل اوضح الامثلة في هذا المجال جميعة حرس الاستقلال التي ضمت إلى جانب العلماء والشخصيات الاجتماعية الشيعية، شخصيات دينية واجتماعية سنية.

    كما ان النشاطات التي كانت تمارس كان يشارك فيها كلا الفريقين، فكان تقام احتفالات اسلامية في جوامع بغداد، تتلى فيه قصة الامام الحسين عليه السلام وتعقبها قراءة المنقبة النبوية الشريفة.

    الاستفتاء

    في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 1918 تلقى السير ولسن الحاكم المدني في العراق تعليمات من حكومته، تطلب منه اتخاذ الخطوات الضرورية لاجراء استفتاء للشعب العراقي يتضمن الاجابة على الاسئلة التالية:

    1 ـ هل يرغبون في دولة عربية واحدة تحت الوصاية البريطانية تمتد من
    الحدود الشمالية لولاية الموصل حتى الخليج (الفارسي)؟

    2 ـ هل يرغبون في هذه الحالة في رئيس عربي بالاسم يحكم هذه الدولة الجديدة؟
    3 ـ من هو الرئيس الذين يريدونه في هذه الحالة؟(1)

    كانت قضية الاستفتاء تحدياً كبيراً واجهته المعارضة العراقية، بعد فشل ثورة النجف التي اندلعت في نفس العام والتي استطاعت القوات البريطانية القضاء عليها، دون ان تحظى بالدعم المنتظر من قبل بعض مراجع الدين.

    ولعل ابرز موقف من قضية الاستفتاء جاء في فتوى الميرزا محمد تقي الشيرازي الذي اكد على ان «ليس لاحد من المسلمين ان ينتخب أو يختار غير المسلم للامارة والسلطنة على المسلمين»(2). ولقد ايد هذه الفتوى 17 عالماً من كربلاء فكان لها «اثر عميق في نفوس المسلمين من اهل العراق لا في اوساط الشيعة فحسب»(3).

    لقد جاءت نتائج الاستفتاء مخيبة لآمال الادارة البريطانية ومؤكدة على الاصرار الذي ابداه العراقيون في المطالبة باستقلال بلادهم.

    ففي الكاظمية عقد اجتماع حضره علماء ووجهاء المدينة واتفق على مضبطة وقعها الشيخ مهدي الخالصي والسيد حسن الصدر والسيد محمد مهدي الصدر والشيخ عبد الحسن آل ياسين والسيد احمد الحيدري والميرزا ابراهيم السلماسي والحاج عبد الحسين الجلبي اضافة إلى 143 توقيعاً آخر(4)، حيث اكدت المضبطة على المطالبة بحكومة عربية اسلامية يرأسها ملك عربي مسل م هو احد
    انجال الملك حسين على ان يكون مقيداً بمجلس تشريعي وطني(1).
    وفي بغداد عقدت عدة اجتماعات حول موضوع الاستفتاء وجرى الاتفاق بين الشيعة والسنة على المطالبة بانشاء عراق موحد له حكومة عربية يرأسها ملك مسلم، واعد بيان بهذا المضمون وقعه 47 شخصاً إلى الكولونيل بلفور الحاكم العسكري البريطاني في بغداد(2).

    وفي النجف وهي المدينة الاولى التي جرى فيها الاستفتاء وحضره ولسن بنفسه، فشل البريطانيون في الحصول على النتيجة التي كانوا يريدونها، وقد سلمت مضبطة طالبت بحكومة مستقلة ناجزاً برئاسة ملك عربي مسلم مقيد بدستور ومجلس تشريعي منتخب(3).

    لقد فشلت الادارة البريطانية فشلاً ذريعاً في موضوع الاستفتاء، نتيجة للموقف المعارض الواضح الذي إتخذته المعارضة الإسلامية التي تصدى لقيادتها مراجع الدين وكبار العلماء في المدن المقدسة.

    إلاّ ان الملاحظ على موقف المعارضة الإسلامية هو اتفاقها على المطالبة بحاكم عربي مسلم وتحديداً احد انجال الشريف حسين ملك الحجاز، وهي قضية تثير الاستغراب، فمن المعروف ان الشريف حسين كان حليفاً للبريطانيين خلال الحرب العالمية الاولى، وموقفه كان مخالفاً تماماً لموقف العلماء في العراق، ففي الوقت الذي كان فيه علماء الدين يقودون قوات المجاهدين ويقاتلون جنباً إلى جنب القوات التركية، كان الشريف حسين يعلن الثورة المسلحة على الدولة العثمانية ويصطف مع البريطانيين على امل وفاء البريطانيين بالوعود التي قطعوها له بتشكيل دولة عربية يكون هو زعيماً لها، وهي الوعود التي سرعان ما تخلى عنها البريطانيون.

    فما معنى المطالبة بتنصيب احد اولاد الشريف حسين حاكماً للعراق!. اننا لا نجد جواباً شافياً لهذه القضية في الدراسات والابحاث التي تناولت تلك الحقبة من تاريخ العراق السياسي.

    وربما كانت الكلمة القصيرة التي القاها عبد الواحد الحاج سكر في الاجتماع الذي عقد في دار الشيخ محمد جواد الجواهري والتي لاقت استحساناً من الحاضرين، ما يكشف بعضاً من الفهم الذي كان سائداً يومذاك، فقد قال عبد الواحد الحاج سكر «اننا لم ننضج بعد إلى حد اعلان نظام جمهوري، ونحن لسنا فرساً أو اتراكاً أو بريطانيين، بحيث نختار حاكماً من هذه الامم، ولكننا عرب ولذلك يجب ان يكون حاكمنا عربياً، ولما كان البيت الشريفي هو اعلى البيوتات شأنا في العالم العربي، لذلك يجب ان نطالب بحكومـة عربية مستقلة يراسها احد انجـال الشريف»(1).

    فاذا كانت القضية كما يقول الحاج سكر من ان الوعي السياسي في العراق لم يرق إلى مستوى قبول فكرة النظام الجمهوري، وكان لابد من حاكم عربي وان يكون هذا الحاكم من ذوي الانساب الشريفة المرتبطة بالنبي محمد (ص)، فلماذا هذا الاصرار على استيراده من خارج العراق.. الم يكن في رجالات العراق وعلماءه من يحوز على تلك الصفات التي ذكرها الحاج سكر؟ . لماذا لم يطالب بتنصيب احد العلماء العراقيين البارزين(2).. سؤال يظل دون اجابة، ويكشف عن احد نقاط الضعف التي ابتلي بها التحرك الاسلامي في تلك الفترة والذي ساهم كثيرا اضافة إلى عوامل اخرى في اضاعة العديد من الفرص التي لو احسن توظيفها لتغيرت معالم الوضع السياسي في العراق، ولتبدلت موازين القوى فيه.

    ثورة العشرين 1920

    لقد برزت جمعية حرس الاستقلال كافضل التنظيمات السياسية تنظيماً في تلك الفترة واكثرها فاعلية، فقد استطاعت فروعها المنتشرة في مدن العراق كسب تأييد علماء النجف وكربلاء وزعماء العشائر في الفرات الاوسط(1). كا قامت بتنسيق اعمالها مع الحزب النجفي السري، حيث عقد اجتماع حضره الحاج عبد المحسن شلاش والسيد هادي زوين ممثلين عن الحزب النجفي السري وحضره من حرس الاستقلال السيد محمد الصدر والشيخ يوسف السويدي والشيخ احمد داود وجعفر ابو التمن ورفعت الجادرجي وفؤاد الدفتري والشيخ عبد الوهاب النائب والشيخ سعيد النقشبندي ومحمد مصطفى الخليل(2). حيث تقرر ايفاد جعفر ابو التمن ممثلاً عن المجتمعين إلى كربلاء للالتقاء بالمرجع الديني الميرزا محمد تقي الشيرازي وبقية العلماء، حيث عقد اجتماع في دار الشيرازي في 2 مايس 1920(15 شعبان 1338هـ)، حيث جرت مبايعة الميرزا الشيرازي زعيماً للتحرك الاسلامي واقسم الحاضرون من علماء الدين ورؤساء العشائر على العمل وفق اوامر ال امام الشيرازي وعدم التراجع عن قراراته وتوجيهاته(3).

    وقبل ذلك كانت خطوة الميرزا الشيرازي بالانتقال من سامراء إلى مدينة كربلاء تطوراً كبيراً في حركة المعارضة وبداية لمرحلة تصدى فيها هذا المرجع الكبير لقيادة حركة المعارضة الشعبية، حيث بات قريباً من مراكز التحرك الجماهيري في الفرات الاوسط، وعلى مقربة من النجف الاشرف مركز الحوزة العلمية.

    وقد حافظ الميرزا الشيرازي على علاقات وثيقة مع جمعية حرس الاستقلال وقدم لها من الدعم والتاييد الشيء الكثير، فقد كتبت رسالة إلى الحاج جعفر ابو التمن يقول فيها «ان حركتكم الإسلامية في بغداد قد افعمت قلوبنا غبطة، اننا نضم اصواتنا اليكم في الهتاف.. نطالب بالاستقلال التام بدون تدخل اجنبي»(1).

    قررت جمعية حرس الاستقلال تصعيد العمل جماهيرياً، واتخاذ المساجد مراكز للعمل، حيث نظمت مجموعة من الاحتفالات الإسلامية التي كانت تمثل ظاهرة جديدة لم تألفها الساحة العراقية من قبل إذ كان يشارك في هذه الاحتفالات الشيعة والسنة في وحدة حقيقية جسدت الوعي الذي كان يحمله قادة الجمعية وادراكهم لاهمية حشد الطاقات الإسلامية باتجاه هدف اسلا مي نبيل يتمثل في طرد قوات الاحتلال.

    ولقد اثارت هذه الاحتفالات مخاوف السلطات البريطانية التي حاولت دون جدوى منعها أو صرف الناس وخاصة الشباب عنها(2)، وقد تطورت هذه الاحتفالات فتحولت إلى مهرجانات سياسية تناقش فيها قضايا الساعة وتهاجم سياسة الانكليز، وفي احد تلك الاحتفالات جرى طرح موضوع تفويض 15 مندوباً لمفاوضة سلطات الاحتلال ومطالبتها بالغاء الادارة البريطانية في ا لعراق، حيث تم انتخاب هؤلاء المندوبين(3)، وعقدوا اجتماعاً لهم وقرروا ايفاد جعفر ابو التمن إلى كربلاء لاطلاع الميرزا الشيرازي على سير الاوضاع والاستماع إلى توجيهاته.

    وقد حصل جعفر ابو التمن من الميرزا الشيرازي على رسالة ذات اهمية بالغة، طالب فيها العراقيين في المدن المختلفة بارسال وفود عنهم إلى بغداد للمطالبة بحقوقهم، واوصاهم بعدم الاخلال بالامن والمحافظة على الطوائف من غير المسلمين وحفظ اموالهم واعراضهم.. وقد جرى طبع وتوزيع هذه الرسالة في جميع انحاء العراق.

    وقد التقى وفد بغداد بالحاكم البريطاني العام في 2 حيزران 1920 وطرح عليه المطالب التالية:

    1 ـ الاسراع في تأليف مؤتمر يمثل الاُمّة في العراق ليعين مصيرها، فيقرر شكل ادارتها في الداخل ونوع علاقاتها في الخارج.

    2 ـ منح الحرية للمطبوعات ليتمكن الشعب من الافصاح عن رغباته وافكاره.

    3 ـ رفع الحواجز الموضوعة في طريق البريد والبرق بين انحاء القطر اولاً وبينه وبين الاقطار المجاورة له والممالك الاخرى ثانياً(1).

    وقد طلب الحاكم العسكري من الوفد اعطاءه مهلة لمدة شهرين ريثما تصدر الاوامر بالاستجابة لهذه المطالب.

    وفي مدينة الحلة اقيم تجمع جماهيري كبير في 20 حزيران لانتخاب المندوبين، فسارع الحاكم العسكري بارسال نائبه ليأمر المجتمعين بالتفرق الا انّه لم يلق استجابة وارتفعت الهتافات التي تدعو إلى اللجوء إلى القوة في إنتزاع الحقوق من البريطانيين(2).
    ويبدو ان سلطات الاحتلال بدأت تشعر بالخطر الذي يسببه استمرار الاجتماعات والمظاهرات، فقامت باعتقال زعيم حرس الاستقلال في الحلة رؤوف الامين وخيري الهنداوي وابعدا إلى جزيرة هنجام في الخليج(1)، كما قام الحاكم العسكري في كربلاء باعتقال 12 شخصاً بمن فيهم نجل الميرزا الشيرازي، حيث اثار اعتقالهم موجة من السخط والاحتجاج الشعبي، فارسل زع ماء الشامية في 28 حزيران طلباً إلى الحاكم السياسي باطلاق سراح المعتقلين فوراً. كما ارسلوا رسالة إلى مندوبي بغداد في 29 حزيران ابلغوهم فيها بانباء الاعتقالات، ودعوا إلى ضرورة اللجوء إلى القوة كاسلوب وحيد لتحقيق استقلال العراق(2).

    كما ارسلوا رسائل مماثلة إلى شيوخ عشائر الرميثة، وفي اليوم نفسه امر الميجر دالي في الديوانية باعتقال شعلان ابو الجون، وعند تلقي هذه الانباء قام الظوالم من بني حجيم باطلاق سراح ابو الجون بالقوة، وكانت هذه العملية هي الشرارة التي بدأت بها ثورة العشرين، التي سرعان ما سرت نارها لتعم منطقة الفرات الاوسط بكامله(3).

    لقد كان قرار الثورة قد اتخذ في الاجتماع الذي عقده رؤساء وزعماء الفرات الاوسط في 29 حزيران في منطقة المشخاب، حين اختير يوم 3 تموز يوم اعلان للثورة الا ان اعتقال شعلان ابو الجون عجّل بالثورة(4).< /o:p>

    وقد اصدر الميرزا الشيرازي فتوى اجاز فيها اللجوء إلى القوة في انتزاع
    الحقوق من السلطات البريطانية «مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين ويجب عليهم في ضمن مطالبتهم رعاية السلم والامن ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الانكليز عن قبول مطالبهم»(1).

    وقد تظافرت عوامل اخرى في احباط الثورة، منها عدم وجود قيادة ميدانية قادرة على توجيه العمليات العسكرية في المناطق المختلفة، ورداءة وسائل الاتصال بين الثوار.

    وامتدت الثورة خارج منطقة الفرات الاوسط إلى كركوك وبعقوبة، واصبحت القوات البريطانية تفكر بالجلاء عن الموصل(2). إلاّ إنها تخلت عن هذه الفكرة حين لم تقم اية حركة في المدينة.

    ورغم النجاحات الباهرة التي حققها الثوار والخسائر الفادحة التي اوقعوها في صفوف القوات البريطانية، الا ان انعدام التكافؤ في ميزان القوة العسكرية قد مكن القوات البريطانية من اعادة السيطرة على مناطق الثورة، بعد ان ظلت تحت سيطرة الثوار لاكثر من خمسة اشهر.

    وقد ساهم في اضعاف الثورة، وفاة المرجع الديني الميزرا محمد تقي الشيرازي في آب 1920 الذي كان بحق هو قائد الثورة، فتولى القيادة والمرجعية بعده شيخ الشريعة الاصفهاني الذي دعى الاُمّة إلى مواصلة الجهاد حتى تحقيق استقلال العراق(3).

    ورغم ان ثورة العشرين لم تحقق هدفها الاساسي في تحقيق استقلال العراق، الا انها كانت عاملاً حاسماً في تحديد مسار الاوضاع السياسية في العراق، فبالاضافة إلى الخسائر الكبيرة التي منيت بها القوات البريطانية والتي قدرت بحوالي 906 قتلى و2476 مفقوداً و671 جريحاً(1)، وكلف الخزينة البريطانية اكثر من اربعين مليون جنيه.

    فانها احدثت تغييراً جذرياً في السياسة البريطانية تجاه العراق، وقضت تماماً على مشروع ولسن الذي كان يدعو إلى الحاق العراق بالهند، كما اجبرت الانكليز على التخلي عن سياسة الادارة المباشرة للعراق والتفكير في اقامة حكومة عراقية وهذا الامر بحد ذاته يمثل تراجعاً في السياسة البريطانية.

    الحكومة المؤقتة

    لقد مثلت ثورة العشرين بداية مرحلة جديدة في تاريخ العراق الحديث، حيث بدأ المخطط البريطاني في رسم معالم وضع سياسي يتم فيه مصادرة اهداف ثورة العشرين والالتفاف عليها، من خلال انشاء حكومة عراقية مرتبطة ببريطانيا.

    وكانت الخطوة الاولى هي المجيء بالسير برس كوكس إلى العراق حيث وصل بغداد في 11 تشرين الاول (اكتوبر) 1920. وكانت خطوته الاولى تشكيل حكومة عراقية مؤقتة برئاسة عبد الرحمن الكيلاني نقيب اشراف بغداد(2).

    لقد وجد كوكس في الكيلاني شخصاً نموذجياً لتولي ذلك المنصب في تلك المرحلة.. فهو من ناحية لا يخفي كرهه الشديد لعلماء الدين الشيعة، ومن ناحية اخرى فهو معجب بالانكليز ومستعد لخدمتهم في كل ما يكلف به.

    وقد قوبلت هذه الخطوة بالمعارضة من قبل علماء الدين وزعماء العشائر، فقد طالب علماء الكاظمية بتأليف حكومة منتخبة من قبل الشعب، واستمر المرجع الديني شيخ الشريعة في معارضته لهذه الحكومة حتى وفاته في كانون الاول (ديسمبر) 1920(1).

    وفي مؤتمر القاهرة الذي عقد في 12 آذار 1921 تقرر وضع خطة لتنصيب فيصل ملكاً للعراق(2).

    وقد اثار ترشيح فيصل ملكاً للعراق مشكلة داخل الاوساط الإسلامية في العراق، فبعض الزعماء الذين كانوا في الحجاز امثال محسن ابو طبيخ وعلوان الياسري بايعوا الامير فيصل ملكاً على العراق(3).

    في حين عارض السيد ابو الحسن الاصفهاني والشيخ محمد حسين النائيني ترشيح فيصل أو اي شخص آخر في ظل الانتداب، وكان هذا الراي يحظى بشعبية واسعة باعتباره يمثل رأي المرجعية الدينية(4).

    كما ان بعض علماء النجف ارادوا ترشيح امير المحمرة الشيخ خزعل الكعبي(5). وأيد السيد محمد الصدر ترشيح فيصل، كما ان الشيخ مهدي الخالصي أيد هذا الترشيح واضاف إليه شرطاً وهو ان يسير فيصل بالحكم سيرة عادلة وان يكون الحكم دستورياً نيابياً وان لا يتقيد العراق باية قوّة اجنبية(6).

    وواضح ان هذه الشروط غير عملية، ففيصل لا يملك لنفسه امراً الا تنفيذ السياسة البريطانية ولا يستطيع مخالفتها وان اراد ذلك.

    وقد مثل اختلاف وجهات النظر بين علماء الدين حيال مسألة تنصيب فيصل ملكاً للعراق بداية التصدع في المعارضة الإسلامية، ذلك لان هذا
    الاختلاف قد انعكس على القواعد الشعبية واثار الحيرة والبلبلة في صفوفها.

    وفي 23 آب 1921 جرى تنصيب فيصل ملكاً في العراق واقيم حفل بهذه المناسبة في ذكرى الغدير 18 ذي الحجة(1). وهكذا انجز الانكليز الخطوة الاولى في مخطط الالتفاف على ثورة العشرين.

    وكانت الخطوة التالية تشكيل المجلس التأسيسي، فقرر مجلس الوزراء في 17 تشرين الاول (اكتوبر) 1922 اتخاذ التدابير اللازمة لاجراء انتخابات المجلس. وحدد موعد الانتخابات في 24 تشرين الاول وانيطت بوزير الداخلية عبد المحسن السعدون تنفيذ هذا الامر(2).

    وقد قوبلت هذه الخطوة بمعارضة قوية من قبل علماء الدين، الذين كانوا يدركون ان اجراء الانتخابات في مثل هذه الظروف لن يكون نزيهاً وحراً وستجري عملية تزوير لايجاد مجلس موال للانكليز.

    وقد دعى العلماء إلى مقاطعة الانتخابات، وقد اصدر السيد ابو الحسن الاصفهاني فتوى جاء فيها «الى اخواننا المسلمين، ان هذا الانتخاب يميت الاُمّة الإسلامية فمن انتخب بعد علم بحرمة الانتخاب حرمت عليه زوجته ولا يجوز رد السلام عليه ولا يدخل حمّام المسلمين»(3).

    ثم جرى تأكيد هذه الفتوى في فتوى مشتركة وقعها اضافة إلى السيد الاصفهاني كل من الميرزا محمد حسين النائيني والشيخ مهدي الخالصي ونشرت في تشرين الثاني (نوفمبر).

    ونتيجة للمعارضة الشديدة التي قوبلت بها فكرة الانتخابات قدمت وزارة النقيب استقالتها بعد ان رأت عجزها عن انجاز الانتخابات.

    وتولى عبد المحسن السعدون رئاسة الوزارة الجديدة، الذي حاول اضعاف
    المعارضة من خلال جملة اجراءات منها توقيع بروتوكول ملحق بمعاهدة 1921 بين بريطانيا والعراق خفضت فيه مدة المعاهدة من عشرين سنة إلى اربع سنوات(1).. في خطوة لاظهار السعدون بمظهر الوطني امام الشعب.</ o:p>

    الا ان ذلك لم يغير من قوّة موقف المعارضة، التي خطت خطوة جديدة في معارضة الحكومة تمثلت في نقض الشيخ مهدى الخالصي بيعته للملك فيصل، ثم افتى بحرمة الدخول في اجهزة الدولة واداراتها معتبرا ذلك بمثابة تعاون مع الكافر(2).

    واستمر العلماء تأكيد موقفهم المعارض للانتخابات باصدار فتاوى التحريم بين فترة واخرى.

    وتواطأ الملك فيصل مع السعدون في توجيه ضربة للمعارضة، فقام فيصل بجولة في المناطق الجنوبية في العراق حيث زار الحلة والديوانية والناصرية والبصرة حيث راح يؤكد على ضرورة انعقاد المجلس التأسيسي، واستطاع التاثير على بعض رؤساء العشائر من خلال منحهم امتيازات كبيرة(3).

    وكان موقف هؤلاء الرؤساء مؤشراً آخر على حالة الضعف التي بدت تسري في وسط المعارضة.

    ثم قامت الحكومة في خطوة استفزازية باعتقال اولاد الشيخ مهدي الخالصي، التي اثارت ردود فعل قوية من قبل الشيخ الخالصي، فقرر السعدون اعتقال الشيخ ونفيه إلى خارج العراق، حيث داهمت الشرطة منزله في 25 حزيران واعتقلته. وجرى نفيه إلى الحجاز ومنها سافر إلى ايران(4).

    واجتاحت مدن الكاظمية والنجف موجة احتجاج واسعة امتدت لتشمل
    كربلاء، فاعلن علماء النجف عزمهم على مغادرة العراق احتجاجاً على نفي الشيخ الخالصي، فبادرت الحكومة إلى اعتقالهم ونفيهم وكان في مقدمتهم السيد ابو الحسن الاصفهاني والميرزا حسين النائيني واكثر من عشرين عالماً آخر(1).

    لقد كان نفي العلماء اكبر ضربة وجهت إلى التحرك الاسلامي في العراق، وانتكاسة خطيرة لجهاد الشعب العراقي، ونجاح للمخطط البريطاني في احتواء آثار ثورة العشرين والالتفاف عليها، وتثبيت ركائز الحكم البريطاني في العراق من خلال حكومة عملية تنفذ كل ما يطلبه الانكليز منها.

    لقد اشترطت الحكومة العراقية لعودة مراجع الدين المنفيين تعهدهم بعدم التدخل في القضايا السياسية، وهو يعني التخلي عن دورهم في قيادة الاُمّة ومواجهة مخططات بريطانيا في العراق.

    وقد رفض الشيخ مهدي الخالصي هذه الشروط واعتبرها تراجعاً عن مسؤولياته الشرعية التي فرضها الإسلام على علماء الدين، فيما وافق الآخرون على هذا الشرط وقدموا تعهداً خطياً للملك فيصل بذلك(2).

    كانت عودة العلماء المنفيين نهاية رسمية (إذا جاز التعبير) لمرحلة الجهاد، وخاتمة لحقبة كان التيار الاسلامي فيها يتولى قيادة الشعب العراقي في معاركه السياسية ضد الاحتلال البريطاني والحكومة العميلة التي اوجدها.. كما شكل التعهد الذي قدمه العلماء بعدم التدخل في الشؤون السياسية سابقة خطيرة كانت لها اخطر الآثار على مسار الحركة الإسلام ية في العراق، حيث تسربت في اوساط العلماء وطبعت سلوكهم شيئاً فشيئاً. وانصرف العلماء عن البحث في الشؤون السياسية، لاكثر من نصف قرن، وكان لابد من بذل جهود جبارة من قبل العلماء الواعين لاعادة بناء كيان الحركة الإسلامية التي تتصدى لحمل هموم الاُمّة ومعالجة قضاياها.
    ويعزي بعض الباحثين السبب الذي دعى علماء الدين إلى القبول بالشروط التي املتها الحكومة العراقية هو الحرص على الحوزة العلمية في النجف الاشرف(1).

    وهذه ليست المرة الاولى التي تختلف فيها مواقف العلماء حيال القضايا السياسية التي تواجه الاُمّة ولعل من ابرز الاحداث التي بدا فيها الاختلاف واضحاً هو قضية المشروطة في ايران، فبالرغم من ان الصراع بين انصار المشروطة وخصومها كان يجري داخل المجتمع الايراني، الا انّه امتد إلى داخل الحوزة العلمية في النجف الاشرف، وانقسم العلماء بين مؤ يد لفكرة المشروطة ومعارض لها.

    فوقف الشيخ محمد كاظم الخراساني وبقية المراجع مؤيدين للمجلس النيابي في ايران، فيما عارض السيد كاظم اليزدي هذا المجلس، وتفاعلت هذه القضية داخل الاوساط العراقية وامتدت لتشمل العشائر العراقية، وقد وصلت الامور سوءاً إلى حد تعرض كلاً من السيد اليزدي والشيخ الخراساني إلى محاولات اغتيال(2).

    ورغم ان دخول القوات البريطانية إلى البصرة قد وحّد مواقف العلماء ـ حيث شاركوا فى الدعوة إلى الجهاد وشاركوا بانفسهم في كتائب المجاهدين، وحتى السيد اليزدي كان قد ارسل ابنه مع المجاهدين.. الا ان سيطرة بريطانيا على العراق، قد اعاد مواقف العلماء إلى سابق عهدها.. والملاحظ ان الذين وقفوا مع المشروطة كانوا في غالبيتهم من المعارضين للاح تلال والمتبنين لمنهج المواجهة امثال الشيخ محمد حسين النائيني والشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ محمد رضا الشبيبي الذين كانوا من اقطاب مدرسة المشروطة في العراق، ومن ابرز المجاهدين ضد الاحتلال البريطاني.
    فيما اختار السيد اليزدي ومن على منهجه موقف المستبدة وعدم التعاون مع رجال التحرك الاسلامي ضد الغزاة المحتلين.

    ولربما لا يرضي هذا القول البعض ولكن استعراض ما توفر لدينا من شواهد ووثائق وكتابات عن تلك الفترة تعطينا انطباعاً بان موقف السيد اليزدي كان اقرب إلى الليونة والمسالمة مع البريطانيين، ولا تستطيع كل محاولات التبرير المقدمة ـ لحد الآن ـ تفسير الكثير من المواقف الغريبة.

    ففي اعقاب ثورة النجف عام 1918، تلك الثورة التي فجرتها جمعية النهضة الإسلامية والتي اسسها عام 1917 السيد محمد بحر العلوم والشيخ محمد جواد الجزائري، وصدور الاحكام باعدام 11 مجاهداً، رفض السيد اليزدي ان يتشفع للشيخ محمد جواد الجزائري عند الانكليز، وقد اتصل بلفور باليزدي قبل ان يقدم على تنفيذ احكام الاعدام وسأله ان كان لديه ما يقو له في حق المحكوم عليهم فلم يقل شيئاً(1).

    كما رفض ان يشارك بقية العلماء في موقفهم من قضية الاستفتاء وقوله لهم انّه لا يعرف شيئاً في السياسة وان معلوماته محصورة في (الحلال والحرام)(2)الامر الذي استحق ثناء المس بيل التي كتبت تقول «ان اولئك الذين شاركوا معنا في الدراما لن ينسوا المساندة التي تلقيناها من النقيب والسيد محمد كاظم اليزدي»(3).

    وحين قصفت الطائرات البريطانية مسجد الكوفة والحقت به اضراراً، وما اثار ذلك الحدث من احتجاجات عارمة في الهند وايران وبقية البلدان الإسلامية.
    ارسل برسي كوكس رسالة إلى السيد اليزدي حملها الحاكم البريطاني في سوق الشيوخ هارولد ديكسون، وقد شرحت الرسالة ان الحادث لم يكن مقصوداً وان الطائرات كانت تقصف بعض مناطق ابو صخير، وقدم كوكس اعتذاره نيابة عن الحكومة البريطانية، وحين قرأ السيد اليزدي رسالة كوكس التفت إلى ديكسون قائلاً له بهدوء، لم تلق اية قنبلة على المسجد، انها اكذوب ة يقصد بها الاجحاف بالانكليز. وحين اكد ديكسون لليزدي ان الحادث وقع فعلاً.. انتفض قائلاً.. لا. لا. انها اكذوبة شريرة، ان شيئاً من هذا لم يحدث، ساكتب إلى السير بيرس كوكس بهذا المعنى، وحين طلب منه ديكسون بكتابة فتوى بهذا المعنى وافقه واشار إلى كاتبه ان تكتب الفتوى(1).

    ثم جاء موضوع ترشيح الملك فيصل والذي وجدنا كيف اختلفت فيه مواقف العلماء، بين مبايع له ومتحفظ ورافض.

    الا ان تلك الاختلافات في وجهات النظر، وان اضرت في بعض الاحيان، بمسيرة الجهاد الذي يخوضه الشعب العراقي، إلاّ انها لا ترقى في آثارها السلبية إلى خطوة التعهد بعدم التدخل في الشؤون السياسية، تلك الخطوة التي تحولت على مرور الزمن إلى منهج سارت عليه الحوزة العلمية، وبات تعاطي قضايا الاُمّة السياسية وهمومها ينظر إليه على انّه إنحراف ع ن منهج الإسلام.

    لقد كان طبيعياً ان ينحسر المد الاسلامي بعد هذه الحادثة، فالمخطط الذي وضعته بريطانيا ونفذه فيصل كان يشق طريقه، فبعد التخلص من معارضة العلماء جرى التحرك على زعماء العشائر العراقية حيث تمت إستمالة العديد منهم بالاغراءات خصوصاً وان هؤلاء الزعماء وجدوا انفسهم يقفون لوحدهم في مواجهة الحكومة العراقية بعد ان خسروا دعم المرجعية الدينية وتأييدها.

    ولقد شهدت الحوزة العلمية حالة من الانكفاء الذاتي والعزلة عن المجتمع
    العراقي، فلم تعد تهتم بما يجري داخل الساحة العراقية من احداث، الا بعض المواقف المتفرقة من بعض العلماء الذين تفاعلوا مع الاحداث السياسية في العراق، ولكنهم عجزوا عن ان يكونوا تياراً اسلامياً قادراً على توجيه المجتمع، بل اصبح البعض منهج جزءاً من مشاريع الآخرين، واداة لتنفيذ سياسات الزعماء السياسيين أو رغبات رؤساء العشائر.< SPAN dir=ltr>

    إلاّ ان ذلك لا يعني خلو الساحة تماماً من العلماء الذين شكلوا استثناءاً عن الحالة العامة وشاركوا في الحياة السياسية العراقية وحاولوا التأثير في مجرياتها، كما واصلوا الاهتمام بقضايا المسلمين العامة، خاصة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، الذي كانت له مواقف مشهودة في العديد من المناسبات(1).

    كان غياب الاتجاه الاسلامي عن الساحة العراقية، فرصة ثمينة توفرت للاتجاهات العلمانية التي بدأت تنشط داخل المجتمع العراقي، فبرزت الافكار الالحادية والتبشيرية، وراحت التنظيمات الإسلامية تستقطب الشباب العراقي الذي كان يتطلع إلى الخلاص من الاوضاع السياسية الفاسدة ومن الهيمنة الاستعمارية على مقدرات العراق، ولم يكن يجد حركة أو اتجاهاً اسلامياً قادراً على توجيهه وتوظيف طاقاته، كما ان الحملات التي شنت على علماء الدين وعلى المفاهيم الإسلامية قد شوهت صورة الإسلام في اذهان الجيل الشاب وعززّت هذه الصورة الممارسات السيئة التي كانت تمارس باسم الدين والشعائر الحسينية.

    لقد وصل الغزو الفكري والثقافي إلى مراكز التوجيه الديني في العراق، وتحولت المدن المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية إلى قواعد نشطة للفكر الالحادي، وغُزي علماء الدين في عقر دارهم.

    لقد كانت الثلاثينات والاربعينات من هذا القرن فترة غياب التيار الاسلامي عن الساحة العراقية، وانتشار للافكار والمبادىء والتنظيمات اليسارية والقومية.

    الا ان الساحة لم تخل من المصلحين الذين سعوا إلى احداث نقلة في وعي الاُمّة وفهمها للاسلام وتصدوا لحملات التشويه التي تتعرض لها المفاهيم الإسلامية، خصوصاً بعد انتشار الكتب الالحادية بتشجيع من الانكليز خلال الحرب العالمية الثانية في محاولة للوقوف بوجه الافكار النازية التي بدت تتسرب إلى المجتمع العراقي آنذاك.< /SPAN>

    وكان من ابرز المصلحين الرواد هو الشيخ محمد رضا المظفر الذي انشأ عام 1935 جمعية منتدى النشر(1)، التي عملت على اصلاح الاوضاع الدراسية في الحوزة العلمية فانشأت في عام 1955 كلية(2)، الفقه التي نجحت في تخريج العديد من العلماء الذين كان لهم دور كبير في بناء الحركة الإسلامية في العراق من جديد.

    كما حاولت جمعية منتدى النشر اصلاح المنبر الحسيني باعتباره وسيلة فعالة في توجيه الرأي العام وتوعيته بالمفاهيم الإسلامية. فانشأت عام 1946 الجمعية مدرسة للوعظ والخطابة لتدريب الخطباء وتزويدهم بالمعارف الضرورية من ادب وفقه وتاريخ، الا ان هذا المشروع لقي معارضة شديدة من الخطباء التقليديين الذين رأوا في هذا المشروع تهديداً لمصالحهم الشخصية، فنجحوا في اثارة الراي العام ضد هذا المشروع مما اضطر الجمعية إلى ايقافه(3).

    كان نشاط جمعية منتدى النشر البداية الحقيقية لبدايات الوعي الاسلامي الجديد، وهو وعي اخذ ابعاداً جديدة بالدور الرائد الذي اضطلع به الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، الذي يعد بحق مؤسس التحرك الاسلامي المعاصر في العراق.. فقد تميّز الامام الصدر (رض) بوعي عميق للمشكلات التي يواجهها الإسلام في الساحة العراقية وادراك قل نظيره للاساليب الناجعة في اصلاح الاوضاع التي كانت سائدة وبهمة عالية قادرة على تحدي الصعوبات، وتفان كبير في سبيل تحقيق الاهداف الإسلامية.

    لقد ارسى السيد الشهيد دعائم التحرك الاسلامي في العراق، فقد مثلت كتاباته وابحاثه الاسس الفكرية النظرية التي كانت تشكل مقدمة ضرورية للشروع في تحرك سياسي منظم، وجاءت خطوته بتشكيل جماعة العلماء كعمل رائد لتحريك الحوزة العلمية واخراجها من حالة التقوقع الذي وضعت نفسها فيه منذ عودة العلماء المنفيين.

    ثم جاءت مبادرته بتأسيس حزب الدعوة الإسلامية كتعبير عن ادراكه لاهمية التنظيم في احداث عملية التغيير الاسلامي داخل الامة(1).

    ان نظرة فاحصة لتاريخ العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، تكشف عن الدور الذي لعبه التيار الاسلامي في الحياة السياسية العراقية، وباستثناء حالة التراجع التي شهدها هذا التيار بعد انسحاب العلماء من المعترك السياسي، فان التيار الاسلامي كان الظاهرة البارزة في الصراع الذي ظل دائراً بين الشعب العراقي وقوى الاستعمار والانظمة العمي لة التي تعاقبت على حكم العراق.

    ان جذور الحركة الإسلامية في العراق، تعود في انطلاقتها المعاصرة إلى ملحمة الجهاد التي خاضها الشعب العراقي ضد القوات البريطانية الغازية، وتضرب في عمق التاريخ الاسلامي حيث كان العراق قاعدة للوعي الاسلامي ومنطلقاً لحركات الاصلاح والثورة


    المصادر
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    - عبدالرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية ج1 ص 134.
    د. علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج4 ص20.
    - حسن العلوي، الشيعة والدولة القومية في العراق ص56.
    د. وميض نظمي، الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية في العراق ص111 - 112.
    - عبد الحليم الرهيمي، تاريخ الحركة الإسلامية في العراق ص165.
    - حسن شبر، تاريخ العراق السياسي المعاصر ص149.
    د. عبد الله النفيسي، دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث ص86.
    - حسن الاسدي، ثورة النجف، ص92.
    - حسن شبر، العمل الحزبي في العراق ص39.
    - عبد الجبار مصطفى، تجربة العمل الجبهوي في العراق ص105.
    - محمود علي كمال الدين، الثورة العربية الكبرى، ج2، ص11.
    - عبد الغني الملاح، تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق ص18.
    - هارولد ديكسون، الكويت وجاراتها ج1 ص270.
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني