لهذه الاسباب لن اشارك بالانتخابات المقبلة



بقلم : أ.د. أمير حيدر : استاذ جامعي ميلانو ايطاليا

ان الانتخابات هي احدى وسائل الديمقراطية والتي من المفروض انها ستؤدي بنهاية المطاف
الى مجتمع يتمتع بعدالة اجتماعية تضمن ليس فقط حقوق الكبار بل حتى الافراد ممن لا حول ولا قوة لهم.
ولكن خوض الانتخابات لا يعني ان الديمقراطية على الابواب واننا بصدد مجتمع متمدن
لا يستطيع احد ان يقفز فوق القانون ,وانا ارى ان الانتخابات القادمة بالعراق
لن تنجح بأرساء الديمقراطية ودعوني اذكر لكم لماذا:

اولا: تشارك بالانتخابات عادة احزاب سياسية معروفة ولها برامج سياسية واضحة المعالم وتقوم هذه الاحزاب بالاعلان عن برامجها هذه امام الجمهور عبر وسائل الاعلام المختلفة وتنتقد برامج الغير من الاحزاب بطرق سلمية ولا تلجأ الى العنف: فهل يا ترى عندنا الان بالعراق احزابا سياسية لها برامجها السياسية التي تعلن عنها ويناقشها العموم؟ الاحزاب القوية التي نسمعها الان بالعراق هي قومية او مذهبية مع بعض الشواذ . انظروا هنالك المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وهو تجمع شيعي لا برنامج سياسي له واضح ويريد تطبيق تجربة ايران, وهذا نفس الشيء بالنسبة لحزب الدعوة: فماذا سيكون اتجاهات هذين الحزبين نحو بقية المسلمين غير الشيعة؟ ومع غير المسلمين؟ وهنا من حقي ان اخاف اذا كنت من السنة او مسيحي او زيدي او صابئي...وهذا ينطبق على الحزبين الكرديين , فهذان حزبان لا نعرف عن برامجهما السياسية اي شيء وقد يبدأ العربي والتركماني بالخوف لو ان احد الحزبين تمكن وحكم العراق باسم حزبه.وهذا ينطبق على الكثير من التكوينات الحزبية وقد نستثني بعضها.

ثانيا: كيف لي ان اصدق احزابا تريد الانتخابات العامة وهي لا تمارس الديمقراطية داخل احزابها؟هل سمعتم مثلا عن انتخابات داخل حزب الدعوة؟ او حزب البرزاني؟ او الحزب الشيوعي؟ او الاخوان المسلمون؟... والله انا لم اسمع, فحتى رئاسة هذه الاحزاب بالوراثة وتنتقل من الاب الى الابن ومن الاخ الى الاخ...فكيف سيقبل الطلباني ان يخسر رئاسة الجمهورية لاحقا لو وصل الى الرئاسة؟ سؤال مخيف حقا.

ثالثا :كيف تتم انتخابات باحزاب ومليشيات مسلحة ومدججة بانواع من السلاح ولا تعرف حتى الالتقاء بالخصم عبر ندوات بل تلجأ الى تصفية الغير عبر القتل بالشوارع وتنادي بالثأر هكذا دون وازع قانوني او اخلاقي ولقد شهدت الساحة العراقية تصفية متبادلة بين الاحزاب المتصارعة: فهل يا ترى من له مليشيات مسلحة سيقبل بالهزيمة يوم الانتخابات؟ ومن يضمن لنا انه لو تم انتخاب حزبا ان لا يلجأ هذا الحزب وهو بالحكم بتصفية الخصم على طريقة المافيا الايطالية الامريكية؟

رابعا : لماذا هذا الاستعجال للانتخابات ومازال العراقي غير مستقر حتى ماديا؟اليس من الاجدى التوجه الى لملمة جراح وطن عانى الكثير ومنذ قرون تحت الاحتلال والتدمير الموجه من الغريب؟كيف نطلب ممن لا يعرف القرأة والكتابة ان ينتخب اسماء لم يسمع عنها الا بعد دخول القوات الغازية الى العراق؟ هل سنقول له مثلا ان هذا من قائمة السيد وعليه ان يصوت له؟ ام علينا ان نعلمه اللعبة السياسية اولا وننمى لديه القدرة على التمييز بين الصح والخطأ؟

خامسا: هل سمعتم انتخابات جرت باحزاب يتم تمويلها من خارج الوطن؟ مثلا لو ان الحزب الجمهوري الامريكي استلم مبلغا من المال من خارج امريكا , فهل هذا قانوني ويمكن للحزب هذا ان يفوز, اما ان جورج بوش سيكون بخبر كان ؟ قولوا للانسان العراقي البسيط من اين تصرف الاحزاب عندنا على كوادرها وفعالياتها؟ هل تستلف من بنوك؟ او مؤسسلات وطنية ام ان فلوسها كلها من خارج الوطن؟ قولوا لهم ان اللعبة السياسية يجب ان تنحصر داخل البلد نفسه واي تدخل من خارج الحدود لهو جناية لا تقبل بها قوانين الانتخابات البريطانية او الايطالية او الفرنسية او الامريكية,فلماذا تقبل امريكا وبريطانيا لنا بشيء لا تقبله لنفسها؟

سادسا: اين قانون الانتخابات العراقية: هل سمعتم عن بلد يريد انتخابات بدون قانون انتخابات ولا محكمة عليا تؤكد الانتخابات او تلغيها؟ فمثلا لو خسر حزب ما وارد الاعتراض فاين سيقدم شكوته؟ الى السفير الامريكي؟ ام الى علاوي؟ ان التزوير وارد جدا بل مؤكد: فمن سيقرر نزاهة انتخاباتنا؟

دعونا لا نكون عاطفين فهذه مصيبة كبرى عندما يراد لنا كتابة دستور تحت الاحتلال وهذا ما لم يحدث بالتاريخ مطلقا, هذا الدستور سيقيد العراق كوطن وثقافة الى اجل غير منظور, ولهذه الاسباب وغيرها ارى ان الانتخابات لن تكون لصالح المواطن العراقي البسيط, ومع ذلك سأشارك بانتخابات يوم يكون عندنا احزاب سياسية لا تلجأ الى العنف وتحترم الغير ولا تستلم اموالها من خارج الحدود ولها انتخابات داخلية وتؤمن بتناوب السلطة حتى داخل حزبها, فالى ذلك اليوم يجب ان نتطلع.



http://www.alrafdain.com/1.18.2005.12.htm