كتب المدعو (العلامة) حسين فقيه مقالا بعنوان ( المقال الصحيح لسماحة العلامة حسين فقيه) جاء فيه :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيد الأنام محمد و آله الطيبين الطاهرين
أخبرنا بعض تلاميذنا ان العوام لا زالوا يكتبون في الانترنيت مطالب لا يعرفون وجه الحق فيها ولا نظر الشرع حولها ، ومما يحرق القلب ان هذه المطالب تنال من قدسية مراجع و علماء الطائفة . و العجب أنهم يطلبون من العلماء ترك وظائفهم و تضييع الوقت معهم في مناظرات باطلة في الانترنيت .
و كنا قد أرشدناهم قبلا ً الى السبيل القويم و المنهج الصحيح في بحث هذه الامور وفق موازينها الشرعية و في أماكنها الطبيعية لكنهم مع الاسف لم ينصاعوا لتلك النصائح الثمينة و ذلك طبعهم و تلك مشكلتهم مع الائمة سلام الله عليهم مما جعلنا نقوم مرة أخرى بواجبنا في تفهيمهم المطالب الآتية محاولين قدر الإمكان تبسيط البحث ليسهل على غير أهل الف ن التوجه إليها و الله المستعان :
1- إن مراجع التقليد هم الأولى بالإتباع في كافة شؤون الدين من عقائد وأحكام و مواعظ و آداب و عبادات ومعاملات و على المكلف أن يرجع اليهم و يسألهم عن كل شؤون الدين قال تعالى ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون))
و لا يجوز للعامي أن يرجع مباشرة الى القرآن لأن تفسيره لا يعلمه إلا من أنزل عليه و هو النبي (ص)ثم أهل بيته (ع) الذين ورثوا علمه ثم الفقهاء الذين هم نواب الإمام ، أما الرجوع المستقيم الى القرآن فمنهي عنه بالحديث الشريف ((من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)) .
كما لا يجوز الرجوع المستقيم الى الأحاديث بدون واسطة العلماء لأن الاحاديث فيها الصحيح و فيها السقيم ولا يستطيع العامي التمييز بينهما الا أن يخبره العلماء أهل الخبرة في علم الرجال ، والقدر المتيقن من هؤلاء هم الفقهاء.
ومن هذا يتبين أن رجوع العامي إلى القرآن أو الى أحاديث النبي (ص)
أو الأئمة (ع) لا يخلو من إشكال لاحتمال الوقوع في معصية التفسير بالرأي أو الأخذ بحديث موضوع و ما يستتبع ذلك من تحريف الدين و العياذ بالله .
إنما ينبغي على العوام الرجوع إلى الفقهاء في كل الأمور الدينية الإعتقادية و العبادية .
إن رجوع العوام إلى العلماء قد دل عليه الدليل لفظا و عقلا و قد أشرنا بإجمال الى الدليل اللفظي و على من أراد التفصيل أن يطلبه في مظانه .
أما الدليل العقلي فمبنيا على بداهة حسن إتباع العالم و قبح إتباع الجاهل .
2- إن العلم يؤخذ من أهله و هم الذين يتناولونه و لو كان معلقا في أقداح الثريا كما قال رسول الله (ص) و لا يؤخذ من الذين وصفهم القرآن بأنهم أجدر ان لا يعلموا حدود ما أنزل الله و لا ممن يشتغل بالزراعة و نحوها كما يظهر من أسمائهم أو أسماء مدنهم فهؤلاء يستحب لهم بل يجب عليهم على نحو الكفاية الإنصراف الى أشغالهم وعدم تضييع الوقت في قراءة كتب عسرة المطالب يقدم لهم العلماء خلاصاتها إن كانت نافعة أو يحذرونهم منها إن كانت ضارة .
3- إن العوام بحسب المصطلح الشرعي هم كل الذين لم يؤتوا حظا من العلم ، والع لم الذي ورد ذكره في النصوص الشريفة هو علم أهل البيت أي العلم بأحكام الدين و تعاليم الشرع ، وليس المقصود به العلوم الحديثة التي جاءت من دار الكفر . و معلوم أن المتبحر في العلوم الحديثة يبقى عاميا بالملاك الشرعي مهما بلغ في تلك العلوم الجعلية لأنه جاهل بالعلم الحقيقي .
كذلك يدخل في عنوان العامي من يسمون في زماننا هذا بالمثقفين الرساليين الذين يحاولون عبثا التشبه بالعلماء في قراءة كتب التفسير و سيرة المعصومين و ربما يتمادون في الجهل فيؤلفون كتبا لا نعرف ما فيها ، فإذا أفتى الفقيه الجامع للشرائط بضلالها زعل العوام من الفتوى وإحتجوا على العالم بعدم قراءتها و كأنهم يريدون إشغال الفقهاء بقراءة كتب لم يؤلفها العلماء ، و لعلها توطئة لإضعاف الحوزة العلمية بصرف جهود الفقهاء عن الدرس والتدريس الى مطالعة أكداس من كتب ألفها العوام بدون إجازة أو نظارة من الفقيه الجامع للشرائط.
و أننا إذ نكرر نصيحتنا للعوام بعدم الخوض في هذه المباحث حول الحوزات العلمية و خصوصاً في الإنترنيت فإننا نحذرهم من عاقبة هذا الأمر الذي قد يجر إلى الضلال و العياذ بالله .
6- من القواعد المهمة التي يمشي عليها العلماء في باب التعارض قاعدة تقديم الأهم على المهم ،و هي قاعدة تجري في الأحكام و الموضوعات على حد سواء،و من مصاديقها جواز قتل المسلمين اذا تترس بهم الكافرون اثناء الحرب و توقف النصر على قتل المسلمين، و يحق للفقيه ايضا العمل بالعناوين الثانوية بدل العناوين الأولية في الموارد التي يرى فيها الفقيه – وطبق تشخيصه _ان العنوان الاولي مضر بمصالح أكبر .
فمثلا إذا كان الإعتذار لمؤمن وقع عليه ظلم غير مقصود من قبل فقيه يضر بالوجود الديني و يؤدي الى إنفضاض الناس عن العلماء و خدش قداسة المرجعية فإن العنوان الثانوي هنا هو الذي نمشي عليه تقديما للأهم على المهم .
7- صحيح أن العدالة تسقط بالمعصية و لكنها تعود بالتوبة . وليس من شروط التوبة أن تكون أمام جمع المؤمنين وعلى رؤوس الأشها د ، فإن الله تعالى غفار ستار ، يغفر الذنب ويحب الساترين وقد قال تعالى :إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
8- يحاول بعض الجهلاء اساءة الأدب بتقديم النصائح الى العلماء ليعلموهم واجباتهم و وظيفتهم الشرعية كأنهم أعرف من العلماء بالأحكام والموضوعات و هؤلاء الجهلاء لم يدرسوا العلوم الكلية التي يدرسها العلماء في الحوزات المقدسة و التي تعطي للعالم الأهلية للنظر في مختلف شؤون المكلفين و إرشادهم الى صلاح دينهم ودنياهم وتبيين الحكم الشرعي ، فما من واقعة الا ولله فيها حكم ، والفقيه يقوم نيابة عن الامام بتعليم المكلفين أحكام دينهم و عليهم طاعته لأننا سبق أن بينا أن الراد عليهم كالراد على الله و هو على حد الشرك ، والشرك ذنب لا يغتفر قال تعالى :إن الل ه لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
9- ولا بد أن نذكر عموم المكلفين بوظيفتهم الشرعية في طلب العلم فعن النبي (ص) : (طلب العلم فريضة على كل مسلم) و ينبغي لت نجيز هذا الواجب السعي وبذل الجهد فكما يبحث العطشان عن الماء و يجوب الفيافي حتى يصل الى منبعه و يشرب منه كذلك على المكلف أن يسعى بنفسه إلى العلماء في مراكزهم ليتعلم أحكام دينه و أصول إعتقاداته ولا يكسل و يجلس في بيته و يريد أن يأتي العلماء اليه أو يقومون بخدمته في الإنترنيت وهو جالس في بيته يأكل الشلغم أو يشرب الشاي من السماور، فالعالم كالبحر يؤتى ولا يأتي .
10- حيث أن العلماء مكلفون بالحفاظ على شأنيتهم ومراعاة لوازم مقامهم فانه لا ينبغي لهم الدخول في المجالات التي قد تنـزل من هذا الشأن وتنال من قداسة نيابة الامام أرواحنا لتراب مقدمه الفدا.ومن هذا يتبين صواب مسلك العلماء الذين يحتاطون من الدخول في الانترنيت فعلى العوام أن يفهموا ذلك ولا يطلبوا منهم خلاف الاحتياط (ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم)
هدانا الله للتمسك بالعلماء الذين هم حجج الله على خلقه ،و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ