.وانا صبي صغير نهاية العهد الملكي, وبداية العهد الجمهوري , علقت بذاكرتي الاحداث جيداً

اتذكر حينما كان يمتلك المرحوم والدي محلاً لبيع الاصباغ و المواد الانشائية في شارع الرشيد , منطقة باب الاغا, وكيف كان من ضمن ما يبيعه الى الصبّاغين و متعهدي البناء هي مادّة البورق ( البورك) و هي عبارة عن مادة الجبس ( الجص ) المحسّنة وكنا نشتريها بالجملة من ( كورة ) مطحنة جاسم ابو الجص, او ( الجصّاص ) بجانب الكرخ من بغداد0 وكانت كلما قربت كمية البورق ( البورك) بالنفاذ يرسل والدي خبراً الى جاسم ابو الجص ليأتيه بطلبية جديدة , وفي نهاية كل اسبوع ( يوم الخميس ) يأتي جاسم بنفسه لأخذ حسابة المترتب علينا0 المهم كان جاسم يرسل لنا يومياً او كل يومين حمولة عشرة الى خمسة عشر ( زمالاً ) حماراً محمّلاً بالبورق من منطقته في جانب الكرخ لتعبر هذه ( الزمايل ) الحمير ( الجسر العتيك ) جسر الشهداء قادمة الى جهة الرصافة حيث محلنا, كلّ هذا الطريق لوحدها وبدون ان يقودها احد0و بالطبع كانت هذه الحيوانات ( الزمايل ) قد تعوّدت بداية ولمرات عدّة على يد من يقودها على الطريق, وبالتالي صارت تعرفه جيداً, فصارت تأتي لوحدها بمجرّد ان يضعها صاحبها على اول الطريق , لتقف في نهاية مشوارها امام محلنا وتبدأ بهز رؤوسها لتسمعنا اصوات اجراسها المعلقة في رقبتها فيهرع عمال المرحوم الوالد ليفرغوا حمولتها من اكياس البورق المملوءه و يعيدوا ربط الاكياس الفارغة ليربطوها على ضهرها ثم يضعوا هذه الحيوانات على اول طريق الرجوع لترجع وحدها كما اتت بدون ان يرافقها احد0

اصبحت كل منطقتنا (باب الاغا ) تعرف هذه الحيوانات ب( زمايل جاسم الجصاص او جاسم ابو الجص ) 0

اصبحت زمايل جاسم ابو الجص مضرب مثل في منطقتنا , فأن صادف ان كرر احد ابناء اصحاب الدكاكين التجارية في منطقتنا. صادف ان كرر اخطائه يعيّره ابوه او استاذه بأن زمايل جاسم الجصاص احسن منه حالاً , واكثر منه فهماً و ذكاءً0
_:- _:- _:- _:- _:- _:-

:عزيزي القارئ الكريم

كثيراً ما كنت افكّر بقسم قليل من اخوتنا العراقيين والكثير من غيرهم الذين يتصوّرون ما يسمّى بالعمليات الانتحارية جهاداً والتي يقوم بها المخدوعون المغفّلون لقتل الكثير من , العراقيين و جلّهم من المدنيين العزّل و النساء والاطفال , وان صادف ان قتل او اصيب امريكياً , فيكون ذلك محض صدفة و بخسائر قليلة جداً لا تقاس بالخسائر و الضحايا من العراقيين0

بل اي امريكي كان في يوم عاشوراء عندما اعتدي على زوار العتبات المقدسة في النجف و كربلاء و الكاظمية؟

اي امريكي او اي غربي قتل عندما فجروا مقرات الشرطة العراقية او مقرات الحرس الوطني و الجيش العراقي؟

يا ترى ماهو حجم الضرر الذي اصاب الامريكان و القوات الغربية المتحالفة معها عندما دمرت محطات الكهرباء والمياه و دمرت مقاسم الاتصالات الهاتفية؟

اي امريكي او غربي قتل حينما فجرت صهاريج الوقود وسط زحام الناس في المناطق المكتظّة بالسكان؟

في رأيي ان ( زمايل جاسم الجصاص ) احسن حالاً بكثير من الذين يتصورون بان اعمال القتل التي تطال العراقيين الابرياء مقاومة للاحتلال , في حال انها ترسّخ لطول بقاء هذا الاحتلال, و ما يدرينا ان الكثير ممن يسمون انفسهم مقاومين هم عملاء لهذا الاحتلال يمهدون لطول بقائه , ويسببون للاحتلال اسباب البقاء باشاعة الفوضى و البلبلة وقتل النفس التي حرمها الله

وقتل الروح المعنوية للمواطن العراقي و ضرب البنية التحتية للبلد ؟

الم يأن لهؤلاء ان يفهموا ان ما يسمّى بجيش محمد لم يكن الا جيشاً لجرذ العوجة المهزوم (هدّام العراق ) ؟

الم يأن لهؤلاء ان يفهموا بان قناة موزة التي تبث برامجها من قرية قطر ما هي الاّ قناة

استعمارية زرعت لتسرطن فضائنا العربي الاسلامي بتحريضها على الارهاب ؟

ام ستأخذ هؤلاء العزة بالاثم و سيستمرون بعنادهم وسوف يكون مصيرهم المحتوم كما وصفهم القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن و الانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون. صدق الله العلي العظيم

عزيزي القارئ الكريم

لا اريد ان اخوض في تفاصيل شرعية الانتخابات التي جرت اول من امس او عدم شرعيتها , فذلك متروك لقناعات المواطن العراقي ورأيه الشخصي فقط , وانا احترم رأ ي الطرفين في ذلك , ولكن امام انبهاري بالاخبار التي كنت اسمعها والتي كانت تصل تباعاً عن مدى تدفق الناس على صناديق الاقتراع , وعن مدى اصرارهم للمشاركة بهذه الانتخابات , واذا بي

افاجأ بقناة موزة الفضائية من قرية قطر تبث خبراً للمدعو ( ابي مصعب الامريكاوي ) يفيد بان المدعو ابي مصعب قائد ما يسمى بقاعدة الجهاد في بلاد الرافدين قد افسد عرس العراقيين بان ارسل اليهم ثلاثة عشر انتحارياً قتل بواسطتهم اكثر من خمسين عراقياً , فهنيئاً للعراقيين باستشهاد ابنائهم و هم يؤدّون ما يعتقدونه الصواب , والخزي والعار للعملاء الذين يبررون ويخلقون الذرائع باعمالهم الاجرامية بحق الابرياء العزل لطول بقاء الاحتلال0

ودمتم لاخيكم : بهلول الكظماوي

امستردام في 31/1/2005

e-mail: bhlool2@hotmail.com

http://www.iraqsawad.net/art211.htm