 |
-
بيان الشيرازي: رفض الدستور المؤقت والفدرالية القومية والمحاصصة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين. قال الله تعالى: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ». أما وقد جرت الإنتخابات العامة في العراق، ومن المتوقع أن ينعقد المجلس الوطني خلال الأيام القادمة، فمن اللازم على الأعضاء المنتخبين الذين منحهم الشعب ثقته أن يكونوا على مستوى المسؤولية، ويؤدوا الأمانة الى الشعب في تشكيل الحكومة، وفي كتابة الدستور، مراعين ضوابط العدل.
(1)
أما بالنسبة الى الحكومة الموقتة القادمة: فإن من المبادئ الأولية للشورى والديمقراطية، حكم الأكثرية التي تفوز في الإنتخابات، واستقلالها بتشكيل السلطة ـ مع حفظها حقوق الجميع ـ. ومن الواضح أن الشيعة هم الأكثرية في العراق ـ إذ يشكلون ما لايقل عن الثمانين بالمائة بمختلف قومياتهم من عرب وأكراد وتركمان وشبك وغيرهم ـ وقد فازوا بأكثر الأصوات في الإنتخابات، فلهم الحق طبقاً للموازين الشرعية والديمقراطية في تشكيل حكومة وطنية ـ تحفظ حقوق الأقليات ايضاًـ. وعليه يجب الغاء المحاصصة الطائفية الظالمة، لأنها تقع على طرف النقيض من الموازين الشرعية والديمقراطية، إذ معناها ضمان المناصب حتى لمن يرفضهم الشعب، بمجرد كونهم من طائفة معينة، وهذا من مصاديق الدكتاتورية، مضافاً الى أن المحاصصة تتضمن في طياتها مخاطر نشوب حرب أهلية، كما حدث ذلك في لبنان وغيره. فالمحاصصة الطائفية ظلم على العراقيين الذين خاطروا بحياتهم وشاركوا بكثافة في الإنتخابات، على رغم التهديدات الموجهة اليهم، كما أنهم وجهت اليهم ـ لتأييدهم الإنتخابات ـ سهام الإتهامات الظالمة عبر بعض وسائل الإعلام والدول، والمأمول أن يكون أعضاء المجلس الوطني المنتخب في مستوى المسؤولية عندالله وأمام الجماهير وأمام التاريخ في هذه المسألة المهمة.
(2)
أما بالنسبة الى الدستور فيلزم على الجمعية الوطنية المنتخبة اتخاذ الخطوات التالية: 1- الغاء قانون إدارة الدولة الموقت فوراً، إذ لا يصح فرض قانون وقّعه عدد محدود، على الشعب العراقي وعلى الجمعية الوطنية المنتخبة، مضافاً الى أن بعض بنوده يتعارض مع الشرع ومع الديمقراطية بوضوح. 2- يجب إعتبار كل قانون يعارض الإسلام باطلاً، مع العلم بأن الإسلام يضمن جميع الحريات المشروعة وحقوق الإنسان، وقد أثبت تاريخ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأميرالمؤمنين علي عليه السلام أيام حكومتيهما ذلك، فكان يعيش في كنف حكومتيهما حتى الكفار والمنافقين بكامل الحريات، مع استيفاء حقوقهم العامة كالمؤمنين ـ سواء بسواء ـ، كما أن الإسلام لا يعارض تدوير السلطة عبر الإنتخابات. 3- يلزم أن تكون الفدرالية إدارية لكل محافظة على إنفرادها، لأن الفدرالية القومية في هذه المرحلة الحساسة ربّما تهدد وحدة العراق والتعايش السلمي بين العراقيين، بل قد تتضمن في طياتها مخاطر حرب داخلية ـ لا سمح الله ـ . وإن الفدرالية الأدارية لكل محافظة بإنفرادها تضمن للأقليات القومية والمذهبية حقوقهم كاملة، لأنهم سيتولون إدارة شؤون المحافظات التي يشكلون أكثرية فيها عبر الإنتخابات الحرة والنزيهة، فلا فرق من جهة تولي الأقليات شؤون محافظاتهم عبر الإنتخابات بين فدرالية قومية واحدة أو فدرالية إدارية لكل محافظة، سوى أن الفدرالية القومية ربما تتضمن اخطاراً جسيمة لا سمح الله، ومن تلك الأخطار إحتمال نشوب حرب داخلية بين نفس الأقليات، كما حدث ذلك مكرراً خلال العقد الماضي. 4- ضمان حقوق الأقليات، ومساواة جميع المواطنين ـ مع قطع النظر عن قوميتهم ومذهبهم ـ أمام القانون المشروع، وتكافؤ الفرص للجميع، وليس معنى ذلك ظلم الأكثرية وسلبها بعض حقوقها ومنحها للأقليات بل بمعنى عدم ظلم الأقليات وإعطائها حقوقها كاملة غير منقوصة. وعوداً على بدء: إن الأكثرية التي تفوز في الإنتخابات هي التي تشكل الحكومة، ولكنها لا تظلم الأقليات، فحتى الديمقراطيات الحاكمة في دول عالم اليوم تكون المناصب العليا مسؤولية الأكثرية، مع تواجد أقليات متعددة في تلك الدول، ويجب أن لا تكون الديمقراطية في العراق مستثناة من هذه القاعدة. نسأل الله تعالى أن يأخذ بيد منتخبي الشعب العراقي الكريم لتحقيق الآمال المشروعة التي راح ضحيتها الملايين من الجماهير قتلاً وتعذيباً وتهجيراً، ونسأله سبحانه أن يأخذ بيد العراق وأهله إلى حيث الإيمان والحرية والرفاه والسلام.
2/المحرم الحرام/1425هـ 11/2/2005 م
مكتب آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله
http://www.alshirazi.com/news/news1426/qomnews_01.htm
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |