 |
-
سباق التحمل
سباق التحمل
لم يعد سباق الماراثون أمراً مبهرا، ففي يومنا هذا يختار الرياضيون خوض سباق التراياثلون Triathlon الذي يدفعهم إلى أقصى درجات التحمل عبر السباحة وسباق الدراجات والعدو
بقلم: نِك كولاكاوسكي
يهتم المصابون بمرض السكري، عادة، بأنفسهم بصورة متواصلة ويخضعون أجسادهم لمتابعة مستمرة كما يجنبونها الإجهاد المفرط الذي قد يؤدي إلى مضاعفات جانبية. إلا أن المحامي الشاب جاي هيويت يشذ عن تلك القاعدة بعض الشيء، ففي ولاية فلوريدا وفي يوم حار جداً انضم هيويت، البالغ من العمر 35 عاماً، إلى 1,700 شخص آخر لخوض سباق التراياثلون Triathlon الذي يبدأ بالسباحة لمسافة أربعة كيلومترات، ثم قيادة الدراجة لمسافة 180 كيلومتراً، وينتهي بسباق ماراثون كامل لمسافة 42 كيلومتراً دون أية راحة أو توقف. يُطلق على هذا التحدي اسم سباق فلوريدا للرجل الحديدي Florida’s Ironman، وهو يُعتبر واحدا من أهم سباقات التراياثلون ومن أصعب المنافسات الرياضية في العالم.
يقول هيويت: "اجتياز خط النهاية يبعث في نفسي شعوراً عظيماً بالبهجة والانفعال والإرهاق والإشباع. فأنا مولع بالتمرين والسباق إذ تستهويني صعوبتها".
هيويت ليس الوحيد في تعلقه بهذه الرياضة، فلسنوات طويلة خلت كان الماراثون يعتبر واحدا من أصعب السباقات الرياضية على الإطلاق، لكن ما لبث أن تغلّب عليه سباق التراياثلون الذي أصبح أشهر سباقات اللياقة والتحمل باعتباره حدثاً يجمع بين السباحة وقيادة الدراجة والعدو لمسافات طويلة. ويبلغ عدد المنتسبين إلى اللجنة الأميركية لسباق التراياثلون Triathlon USA أكثر من 40 ألف عضو في عام 2002، ويشكل هذا الرقم ضعف عدد الأعضاء المشاركين في عام 2000.
لياقة وتحمّل
يبدأ سباق التراياثلون بالسباحة، ثم قيادة الدراجة، وينتهي بالعدو. وتتبع كل مرحلة سابقتها مباشرة دون توقف. وتعتمد المسافة الواجب قطعها على نوع السباق، حيث يستطيع الذين يريدون خوض سباق أقصر مسافة وأقل صعوبة الاشتراك في سباق تراياثلون سبرنت Sprint، والذي يتألف من ثلاثة أرباع الكيلومتر سباحة، و20 كيلومتراً على الدراجة، و5 كيلومترات من العدو. أما في السباق الأولمبي الذي يعتبر الأكثر شهرة، فتبلغ مسافة السباحة فيه كيلومتراً ونصف، ومسافة سباق الدراجات تبلغ 40 كيلومتراً، ومسافة العدو تبلغ 10 كيلومترات. لكن هذين السباقين يعتبران أكثر سهولة ويسر مقارنة مع سباق الرجل الحديدي الذي خاضه هيويت.
وبغض النظر عن المسافة، فإن سباق التراياثلون يعتبر حدثاً هاماً. وإذا كانت الشهرة العالمية التي اكتسبها هذا السباق لا تدعو للاستغراب فإن السرعة التي بلغت بها هذه الرياضة تلك الدرجة من الشهرة تثير العجب. ففي الألعاب الأولمبية لعام 2000 التي أقيمت في مدينة سيدني أضيفت رياضتان جديدتان، سباق التراياثلون والتايكواندو. لكن رياضة التايكواندو عرفت ومورست منذ آلاف السنين، بينما بدأت سباقات التراياثلون عام 1974 فقط.
يعتقد جون كراولي، مدرب فريق سباقات التراياثلون الأميركي، الذي يدرب الفريق لخوض سباق التراياثلون الأولمبي أن سبب شهرة هذا السباق بسيط جداً. يقول كراولي: "أعتقد أن السباق ممتع جداً، فهو متنوع بحد ذاته ولا يقيد الرياضي بنوع واحد من الرياضة. كما يعتبر التراياثلون حدثاً اجتماعياً مميزا، وهذا يجذب المزيد من الاهتمام والأضواء".
أما بالنسبة لفرشد شارمفوروش، رياضي سباق التراياثلون المحترف الذي ولد في إيران والذي يعيش في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا، فإن أسباب اهتمامه بهذه الرياضة تعود إلى الظروف التي نشأ فيها والتي يصفها بقوله: "لقد نشأت في جو رياضي ولهذا كانت الرياضة جزءاً هاماً وحيوياً في حياتي. لقد كنت أمارس رياضتي السباحة وكرة الماء، لكنني انتقلت إلى ممارسة سباق التراياثلون لأنني لم أعد أستطيع ممارسة السباحة بدرجة الاحتراف. لكن التراياثلون وفر لي مجدداً فرصة السباحة بشكل تنافسي".
سباق الرجل الحديدي
وكان شارمفوروش قد أنهى سباق الرجل الحديدي الثلاثي في مدينة كايلوا كونا في هاواي منذ فترة وجيزة، ولا يعتبر سباق الرجل الحديدي أعظم سباقات التراياثلون فحسب، بل أهم سباق لرياضات التحمل في العالم. حيث يتوجب على المتسابقين قطع 3.8 كيلومتر سباحة، و180 كيلومتراً ركوباً على الدراجات، و42 كيلومتراً عدواً في حرارة تزيد عن 35 درجة مئوية وفي طقس رطب جداً وعلى أرض وعرة.
يقول شارمفوروش: "كل المتسابقين هنا محترفون ويجيدون خوض السباق. لكن ما يميزهم عن بعضهم البعض هو درجة التحمل التي يتمتع بها كل منهم على حِدةٍ، وهذا أمر ذهني بحت. فجميع الرياضيين المحترفين في هذا السباق على درجة واحدة من المهارة تقريباً، لكن ما يوفر لهم فرصة الفوز هي الطاقة الذهنية".
وينصح جون كراولي الراغبين بخوض سباق التراياثلون بالاحتراز أثناء التدريب، فيقول: "نصيحتي الأولى هي أن يتذكر الجميع ما هم مقبلون عليه، فهذا السباق حدث ممتع ومسل وليس هدفه المنافسة الحادة. ويجب أن يتدرب المتسابق بالتدريج، بدءاً من العدو لمسافات بسيطة وصولاً إلى مسافة الماراثون الكاملة". ويتوجب على المتسابقين أيضاً اكتساب الخبرة الكافية قبل خوض سباق على هذه الدرجة من الصعوبة.
يتدرب جو أمفينور، رياضي التراياثلون المحترف الذي يبلغ 34 عاماً من العمر، لخوض سباق الألعاب الأولمبية. حيث بدأ ولعه بسباق التراياثلون يظهر جليا إثر مشاهدته لسباق الرجل الحديدي في هاواي على شاشة التلفزيون. بدأ أمفينور مباشرة التدريب بشكل متدرج حتى وصل إلى درجة الجاهزية التي هو عليها الآن. يقول: "الاعتدال جيد دوماً أثناء تمرين الجسم". ويصف تمارينه قائلا إنه يمارس السباحة خمس أو ست مرات في الأسبوع، وركوب الدراجة أربع مرات، والعدو ست أو سبع مرات ليصل معدل التمرين إلى 15 – 17 تمريناً في الأسبوع. مما يعني أنه يمارس الرياضات الثلاث بشكل يومي تقريباً.
يجذب سباق التراياثلون الرياضيين الذين يميلون إلى تحدي طاقاتهم وذلك بدفع أنفسهم إلى أقصى درجات التحمل. يقول شارمفوروش في هذا الصدد: "أنا أخوض سباق الرجل الحديدي لأن مواهبي وطريقة تفكيري تناسب السباقات التي تحتاج وقتاً طويلاً لخوضها، حيث اكتشفت أن شخصيتي العنيدة وفرت لي فرصة التميز في تلك السباقات".
ويحتاج رياضيو سباقات التراياثلون إلى طاقة ذهنية فائقة لتحقيق النجاح في السباق. يضيف أمفينور مُصوِّرا إحدى أروع ذكرياته عن التراياثلون: "كسرت ذراعي، وخضت السباق الأولمبي في سيدني بعد ذلك بثلاثة أسابيع. إن السباق أمر ذهني أكثر مما هو جسدي". ويملك كل متسابق تقريباً قصة من هذا النوع، كالتواء كاحل، أو رضّة عضلية، أو كسر يتوجب عليهم الشفاء منه وبسرعة قبل السباق، فهذه هي طبيعة الرياضة، والرياضيون يشفون من هذه الإصابات بسرعة أكبر بحكم العادة واللياقة العالية التي يتمتعون بها.
وبغض النظر عما إذا كان الهدف من السباق هو مجرد المتعة أو الرغبة في تحقيق الفوز، يبقى التمرين الجاد أمراً أساسياً. وكمية التمرين هي أكثر العوامل أهمية في مواجهة صعوبات التراياثلون. ويشكل جاي هيويت مثالاً متميزا للذين يعتقدون أن مسافة السباق طويلة ويصعب خوضها، فهو يجتاز السباق كاملاً مع أنه مصاب بداء السكري. وحسب قوله: "كلما ازدادت الصعوبات والتحديات يزداد بالمقابل تقديرك للإنجازات التي تقوم بها".
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |