الطب البديل


الأدوية المتممّة والطب البديل يصبحان السبيل الجديد لمعالجة الأمراض وتقوية الجسم. بالطبع ابن سينا من الآباء الأوائل للطب في العالم العربي والعالم أجمع


بقلم: روب كامبوس


قرّر بروس بيرنهارد الذي يقيم في ضاحية بروكلن، بمدينة نيويورك، قبل 12 سنة، عندما كان عمره 25 سنة، إشباع فضوله في العلاج بالأعشاب، وهو المجال الذي بدأ يعرف في أميركا "بالطبّ البديل" Alternative Medicine. والتحق بإحدى الدورات العلمية المتوفرة في أميركا في هذا الشأن. وأصبح انتهاج العلاج الطبيعي من المرض وسيلته المفضّلة منذ ذلك الوقت. يقول بيرنهارد: "إنني أستعمل العلاج بالأعشاب معظم الوقت، فإذا لم يحقق العلاج غرضه أو يحتاج إلى وقت أطول لإظهار مفعوله، آخذ دواء من الذي يباع بدون وصفة طبية، لكنني مقاوم عنيد. وسأحاول التمسّك بالعلاجات الطبيعية. وهي تحقق نتائج جيدة في معظم الوقت".

ولا يعتبر بيرنهارد الأميركي الوحيد الذي يميل إلى الوسائل الطبية البديلة. فطبقا لدراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية American Medical Association، فقد ازدهر استعمال العلاج البديل أثناء التسعينات، وحقق زيادة مطردة تصل إلى 10% في السنوات من 1990 إلى 1997. ويقوم أكثر من 42% من الأميركيين الذين يشترون بعض أنواع الأدوية الآن، بشراء بعض أنواع العلاج البديل أيضا.

وطبقاً للدراسة فإنّ السبب يعود إلى أن هؤلاء الناس يجدون هذه البدائل في الرعاية الصحية أكثر مطابقة لقيمهم الخاصة، ومعتقداتهم، وتوجهاتهم الفلسفية في شأن الصحة والحياة. وكل نوع من أنواع الطب العضوي له استعمال معيّن لمرض معيّن أو لأحد أعضاء الجسم. ويقول بيرنهارد إن لديه علاجاً لكل شيء: "إذا كنت أحتاج للنوم، آخذ جذر نبتة النردين، أما إذا كان لدي التهاب في الحنجرة فآخذ قطعة من نبتة الدردار". ويعتقد بيرنهارد بأن الأشكال الطبيعية للعلاج تعمل بشكل أفضل مع نظام الجسم". ويضيف: "إن استخدام لحاء نبات الصفصاف الأبيض بدلاً من الأسبرين يعطي نفس المفعول إن لم يكن أفضل. فاستخدام المادة في شكلها الطبيعي بدون معالجة يجعل الجسم يميل إلى قبولها بدرجة أفضل".

ويقول الدكتور مارتن إرليك، الذي يساعد على إدارة مركز للعلاج الطبيعي في نيويورك، إنّ الوسائل الأكثر فاعلية للطبّ البديل تتطلب تغييرات في أسلوب الحياة، تتضمن التمرينات الرياضية، وتخفيض التوتر، والتغذية، وإن "التغذية تبدأ بالحمية وأخذ الفيتامينات والأعشاب". والمعالجة بالأعشاب يمكن أن يثبت أنها مصدر ممتاز أيضاً للشفاء لأن أغلب العقاقير الطبية اليوم مشتقة من النباتات. ويقول إرليك: "إن الأدوية التقليدية هي مركبات منفردة اشتقت من مواد طبيعية، وهي أحيانا تكون قوية جداً كثيراً ما يكون لها آثار جانبية. أما الأعشاب من الناحية الأخرى، فتميل إلى أن تكون خليطا من المركبات المتعددة، وهي أقرب إلى أن تكون أقل قوة وأقل خطرا عند الاستعمال".

ويقسم المركز الوطني للطب البديل والمكمِّل National Center for Complementary and Alternative Medicine، الطب البديل إلى صنفين: الأدوية المتممة: التي تستخدم إضافة إلى المعالجة الطبية التقليدية وتتضمن العلاج الطبيعي، والوخز بالإبر والعلاج بالعطر؛ والطب البديل: الذي يستعمل بديلا عن الطرق التقليدية. ويتضمن الطرق التي تتعامل مع الجسم مثل العلاج بتقويم العمود الفقري، والمعالجة اليدوية للعظام، والعلاجات الحيوية التي تستعمل المواد الطبيعية كملاحق غذائية، ونظام الطب البديل الذي يتضمّن المعالجة المثلية "الهوميوباتي" homeopathy.

معالجة الهوميوباتي نظرية شعبية جداً، وهي تدعو إلى معالجة "المثل بالمثل"، ويعني ذلك إعطاء جرعات من كميات صغيرة ومخففة إلى حد كبير من المواد الطبية لمعالجة أعراض المرض، والتي إذا ما أعطيت نفس المواد في جرعات كبيرة أو عالية التركيز فإنها تسبب تلك الأعراض في الحقيقة.

وتقول دانا أولمان التي ألفت تسعة كتب عن "العلاج بالمثل" وأحد خبراء العالم البارزين في ذلك: "إن العلاج بالمثل طريقة أكثر أماناً في المعالجة، فبدلا من مهاجمة الجسم بالمواد الكيماوية، فإنها تدعم وتغذي قدرة الجسم على مساعدة نظام المناعة على مكافحة المرض". وتقول أولمان إن العلاج بالمثل له جاذبيته أيضاً لأنه يقدم عناية خاصة. "فالأدوية على اختلافها تتفاعل بشكل مختلف من شخص إلى آخر، ولذا فإن تشخيص المريض له "خصوصيته". وتضيف: "ليس هناك طب معين لشخص معين- فالناس يتفاعلون بشكل مختلف مع الأشياء المختلفة".

وبالرغم من أن معالجة المرض بهذه الطريقة تبدو أمرا غريبا، تقول أولمان إن سبب اكتساب الطب بالمثل لهذه الشعبية هو نتيجة لسرعة فعالية المعالجة: "فهي أسرع في الحقيقة من بعض المعالجات التقليدية".

وهناك بعض القضايا الجدية المتعلقة بالطب البديل، التي تؤكد كونه سيبقى طبا بديلا، ومن غير المحتمل أن يصبح جزءا من الطب التقليدي. أولاً: على خلاف الطب التقليدي، فإن الإشراف على هذه الطرق البديلة أقل بكثير من الإشراف على الطب التقليدي، سواء من ناحية المجموعات الصناعية أو من ناحية الحكومة. والذين يمارسون الطب البديل يُمكنهم بسهولة إعطاء الوعود التي قد تكون أو لا تكون صحيحة. ثانيا: ما زالت الأدوية الحديثة تمثل للعديد من الأمراض أفضل العلاجات المعروفة، وأولئك الذين يتجنبونها يسيئون في أغلب الأحيان إلى أنفسهم بإصرارهم على الالتزام بمبادئهم.

ويقول إرليك إنه يعتقد أن جزءا كبيرا من الناس يتجهون إلى الطب البديل بسبب رغبتهم اتخاذ طريق طبيعي صرف للرعاية الصحية: "فالناس قلقون بشأن الآثار الجانبية والتأثيرات الضارة للعقاقير الطبية"، ويقول: "هم يريدون أيضا أن يكون لهم دور فاعل في صحتهم الشخصية والحفاظ عليها". وتجادل أولمان من جهتها بأن بعض هذه العلاجات يتوافق أكثر مع أبو الأطباء، اليوناني القديم أبوقراط، وحكمته التي يقول فيها لكل طبيب: "أولا، لا تؤذي أحدا".

وهذه القاعدة عليك بأتباعها أنت أيضا، ولهذا السبب تقريبا نجد كل المسؤولين من الداعين للطب البديل، يوصون بمواصلة الذهاب للطبيب التقليدي عندما يشعر المرء بمرض خطير. ويقول إرليك: "من الأفضل عموما أن يكون عندك اتصال بطبيب متدرب تقليديا، على أن يكون من الذين يتمتعون بالعقل المنفتح للعمل مع المريض".