وقد تكون الدعوة غريبة تثير التساؤل .. ولكن الضرورات تبطل المحظورات .. والخلل اصلا في الاحتلال وما افرزه الاحتلال من معادلات وقوانين وانتخابات انتهت الى النتيجة المعروفة .. وهي نتيجة لم تكن حاسمة مع انها وضعت القائمة السيستانية في المقام الأول .. لكنها لا تمكن القائمة هذه من تشكيل الحكومة الا بالتحالف مع طرف آخر من الاطراف التي فازت في الانتخابات .. مع لعنة بريمر التي تركها في قانون ادارة الدولة العراقية " الجديدة " .. والطرف المرشح للتحالف لدى جميع الطامحين الى رئاسة الحكومة العراقية هو الأكراد .. خاصة بعد ان وضعهم التلاعب الكردي بالإنتخابات وهبة جميع اكراد البلاد المحيطة في العراق الى التصويت على انهم أكراد عراقيون من خلال الثغرات التي تركها قانون بريمر الانتخابي .. في المقام الثاني .. وللأكراد اجندتهم الخاصة بهم والتي يقف الانفصال في نهاية السباق ليقتطفوه جائزة لتعاونهم التأريخي مع كل جهد اجنبي يستهدف العراق .. وعلى رأس اولوياتهم كما هو معلن كركوك التي يضعونها شرطا للتعاون مع اي طرف عراقي آخر .. والتسليم بكركوك خاصة مع النوايا الإنفصالية التي لا تخفى للأكراد خيانة وطنية عظمى ..
البديل الآخر هو التحالف مع قائمة علاوي .. والثمن المطلوب دفعه هو تسليم رئاسة الحكومة للأخير ..
في الخيار الأول ستكون حكومة الجعفري عرضة للإبتزاز المستمر من الأكراد الذين لاسقف لمطالبهم وشروطهم .. وفي الخيار الثاني سيكون الإئتلاف السيستاني صاحب اليد الطولى في فرض شروطه وفي السيطرة على حركة الحكومة المقبلة خلال الفترة التالية .. وفي الحالتين ستكون المسألة مسألة كسب وقت بإنتظار ان تحقق الانتخابات التالية لإعداد الدستور تغييرا في الخارطة السياسية التي ستفرزها .. وبذلك سيحفظ الإئتلافيون للعراق حقوقه ومصالحه الوطنية بالممكن بدلا من التفريط بها لمصالح شخصية او حزبية زائلة .. وقد يدفع ثمنها فضلا عن العراق الطرف الذي يتورط في مثل هذا التفريط الكبير ..
وبينما لايمتلك الائتلاف على غالبيته خيارات اخرى فإن علاوي يمتلك خيارا آخر .. ففضلا عن علاقته الوثيقة بالمحتلين اصحاب المونة على مختلف الأطراف .. فإن قائمة الإئتلاف معرضة للإنشقاق بفعل وجود اطراف عديدة خاصة على مستوى الأفراد المعروفين بعلاقاتهم مع اجهزة الاستخبارات الامريكية في فترة المعارضة السابقة ناهيكم عن كتلة الجلبي ومؤتمره لا يمكن ضمان انها لن تقف مع ما يقرره الأمريكان في النهاية .. حفاظا على مكاسبها وعلاقاتها الوثيقة مع المحتلين بعد ان استطاعت ان تقفز الى الجمعية الوطنية بتزكية المرجعية لها .
وقد يثور هنا سؤال عن علاقة علاوي مع الاحتلال واندكاكه العميق في مخططاته .. والأمر ليس في جانب المفاضلة بينه وبين الجعفري من هذه الناحية .. وحقيقة الأمر ان لاخلاف بين الطرفين حول الموقف من الإحتلال في هذه المرحلة بشكل خاص .. ولن يغير من وضع الاحتلال ووجوده ودوره وجود علاوي او الجعفري او غيرهما ممن انخرطوا فيما يسمونه بالعملية السياسية ..
أمر واحد يستدعي مثل هذه التضحية وهو المحافظة على وحدة العراق كما تعهدت القائمة السيستانية في برنامجها الانتخابي .. وتحقيق هذا الأمر دون تنازلات على مستوى الوطن .. يقتضي تنازلا شخصيا او حزبيا لطرف آخر في خيارات احلاها مر .. فهل يضحي الجعفري بطموحه الشخصي من أجل مصلحة الوطن .