 |
-
عبدالكريم قاسم .... الحاضر الغائب - زهير كاظم عبود
عبد الكريم قاسم …. الحاضر الغائب
زهير كاظم عبود
لم يسبق لكتل سياسية واجتماعية متصارعة ومختلفة ومتناقضة في بلد ما أن توحدت في الموقف العدائي مثلما وقفته بعض الحركات السياسية القومية والدينية والاجتماعية العشائرية العراقية ضد الزعيم عبد الكريم قاسم .
والمتابع لهذا التوحد الغريب الذي لم يسبق له أن حدث في تاريخ العراق ، سيجد عدة أسباب تدفع هذه القوى للالتقاء والتقارب والتنسيق بغية تحقيق حلمها في أسقاط سلطة عبد الكريم قاسم بأي ثمن .
وعبد الكريم قاسم بالرغم من مرور هذا الزمن الذي تقلبت فيه هذه الأحزاب والتجمعات في مواقفها انقلبت على بعضها وهمشت بعضها البعض الأخر وأستلمت سلطات ثم انقلبت عليها ، لكنها لم تستطع أن تمحو الأثر الوطني الذي زرعه عبد الكريم قاسم في قلوب الطيبين من أهل العراق ، مثلما لم تستطع كل هذه القوى أن تدنس وطنية عبد الكريم قاسم ، في حين كشف لنا التاريخ حقائق كثيرة تثبت عدم وطنية الكثير ولاأقول الجميع ممن وقفوا العداء لعبد الكريم قاسم ، وقد كتب العديد من الرجال الذين كانوا يحاربون عبد الكريم قاسم بحقد وبضراوة معترفين بفداحة الخسارة والخطأ الجسيم الذي أرتكبوه في عدائهم لشخص وطني عراقي أصيل مثل الزعيم عبد الكريم .
أن الزعيم عبد الكريم قاسم من طينة بشر العراق ، وفي زحمة التطاحن السياسي والتداخل الحاصل وامتداد أصابع الشياطين ، وكان لابد له أن يقع في أخطاء وهفوات ومواقف سلبية سجلت عليه ، لكن هذا لايبرر لأعداءه التحالف مع قوى مشبوهة وخسيسة وعميلة لترتكب جريمتها الكبرى في اغتياله _ بأي ثمن _ وباستشهاده بعملية جبانة سجلها التاريخ بفخر وشجاعة لعبد الكريم قاسم ورفاقه الأبطال وبخسة المرعوب الرعديد للقتلة المجتمعين في دار الإذاعة العراقية صبيحة التاسع من رمضان 1963 .
وأثناء عملي القضائي في مدينة الموصل كشف لي المرحوم عبد الباسط يونس وهو صاحب جريدة فتى العرب والمثال الموصلية وصاحب مكتبة المكتبة الشهيرة في شارع النبي شيـــت بمدينة الموصل التي كنت أتردد عليها يومياً ، قال لي عبد الباسط أنه شخصياً من قام بإذاعة بيان مؤامرة عبد الوهاب الشواف ضد الزعيم وكان يعاونه في تركيب أجهزة الإذاعة وتنظيم موجات الصوت والإرسال مهندس ( بريطاني ) منسب من قبل المخابرات البريطانية وبالتعاون مع المخابرات المصرية وأنه نادم أشد الندم على ذلك وترحم كثيراً على روح عبد الكريم قاسم .
لقد تكاتفت القوى الظلامية والعميلة والتي خسرت مواقعها الطبقية والاجتماعية ومصالحها من ثورة تموز التي حررت العراق من الارتباطات الاستعمارية وحررت نقده الوطني من كتلة الإسترليني وأممت النفط وشيدت في العراق قلعة لقوى التحرر الوطني في العالم وبدأت نهضة وطنية تأخذ مسارها وأبعادها ، مما أستوجب من كل قوى الشر أن توحد صفوفها لمواجهة المد الوطني ووأد الثورة في سنواتها الأولى ، وكان كل هذه التجمعات تلح وبإصرار على إنهاء حياة الزعيم لما شكله من رمز للفقراء في العراق بتفقده لمعيشتهم وسكنهم وتنظيم حياتهم ، وقد مضت عقود من الزمن لم تزل الناس تترحم على عبد الكريم قاسم .
بقي الزعيم عبد الكريم مثالاً يحتذى به في العفة والأمانة والعفو عند المقدرة والزهد والبساطة وعدم التكلف لم يسبق للعراق أن ولد له شبيه بين الزعماء مثلما لم يأتي من بعده من يبشر العراق بخير ، والتاريخ سجل حافل وأمين على ذلك .
سيبقى عبد الكريم قاسم مقترنا بالوطنية العراقية ، ويتذكره أهل العراق كلما تذكروا الجمهورية والفقراء والوطنية ، ويتذكره التاريخ من أنه أول من تكاتفت عليه قوى وطنية بقصد أو دون قصد مع القوى الرجعية والمتخلفة والعميلة ، لا يربطها رابط ولا توحدها أهداف سوى كراهيتها لعبد الكريم قاسم وبالتالي فهي تصب في كراهية العراق .
أن ماحدث صبيحة التاسع من رمضان لم يفصح عن أسبابه الحقيقية لحد الآن ، والحقيقة تطالب الكتاب والباحثين أن يتعمقوا أكثر في اكتشاف الأسباب الخفية التي لم تدفع الزعيم عبد الكريم قاسم للقضاء على القتلة والمأجورين مع أنه كان بإمكانه ذلك ، والأسباب الخفية التي شلت حركة القوى الوطنية والعناصر المؤيدة للحكم الوطني لعبد الكريم قاسم ، ولماذا وقفت جموع الفقراء تطالب بالسلاح للقضاء على المؤامرة التي وصلتنا بقطار أمريكي ولم يتجاوب أحد معها حقنا لدماء العراقيين ، ولماذا لم تتحرك قطعات الجيش العراقي الوطني للقضاء على زمرة الانقلاب الفاشي ؟
أسئلة كثيرة تدور في البال ونحن نسترجع أسماً من أسماء قادة العراق النجباء الذين خدموا الجيش بشرف وشجاعة واقتدار ، ومن ثم قاد أعظم ثورة حقيقية في تاريخ العراق المعاصر ، وذهب الى سبيل ربه لم تدنس
سمعته أقلام كل الحاقدين عليه وأعداءه أبداً .
(:
-
يرفع بمناسبة الذكرى الأربعين لمقتل ابن العراق البار ، رحمه الله.
ربما قصد صاحب المقال أن يقول التاسع من شباط و ليس التاسع من رمضان.
أليس الله بكاف عبده ؟
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |