أفرج الأردنيون في نهاية السنة الماضية عن المدعو أبومحم مقدسي إمام الخلايلة مرشده الروحي (الزرقاي).
هذه معلومات عن هذا المجرم الذي له إبن مسجون في العراق لتنفيذه عمليات إرهابية هناك.
أصدرت محكمة أمن الدولة العسكرية الأردنية أمس أحكامها في القضية التي عرفت باسم "الحركة السلفية"، حيث برأت المحكمة "أبو محمد المقدسي" (المنظر الفكري والأب الروحي لتيار الجهاد الأردني) كما برأت سعود الخلايلة فيما حكمت على مجموعة من بينهم "أبو سياف" (الذي تتهمه المخابرات الأردنية بالقيام بدور تحريضي كبير في أحداث معان عام 2002) وكل من سامر الحسبان ومحمد السرحان وغيرهم بأحكام تتراوح مدتها بين 7-15 سنة.
وقد مثل المتهمون بالانتماء إلى تنظيم غير مشروع أمام محكمة أمن الدولة الأردنية، بتهمة العمل على القيام بأعمال ضد أهداف عسكرية أميركية في الأردن، وامتلاك أسلحة غير مشروعة، وتكوين تنظيم غير مرخص، والمفارقة المدهشة بالأمر أنه تم إسقاط تهمة القيام بأعمال ضد أهداف عسكرية أميركية في الأردن، نظرا لأن الأردن يعلن "رسميا" عدم وجود قواعد أميركية على أراضيه، وفي حين يسكن أبو محمد المقدسي في منطقة ياجوز (في محافظة الزرقاء) وأبو سياف (محافظة معان – جنوب المملكة) ينتمي أغلب المتهمين إلى محافظة المفرق وهي محافظة عشائرية ينتمي أغلب سكانها لعشيرة بني حسن، والتي ينتمي لها الزرقاوي أيضا، على الرغم أن العشيرة معروفة تقليديا بولائها للنظام الأردني، كما أنها عشيرة يعاني عدد كبير من أفرادها الفقر، وعلى خلاف العديد من القضايا المنسوبة للتيار السلفي الجهادي، فإن عددا من المتهمين بهذه القضية حازوا على شهادات علمية متقدمة.
وهذه المرة الثانية التي يبرأ فيها المقدسي من تهم أمام محكمة أمن الدولة بعد خروجه في العفو الملكي عام 1999، ويأتي الإفراج عنه وقد أصبح عدد من أفراد التيار السلفي الجهادي "الموحدون" من أبرز قيادات جماعات التوحيد الجهاد في العراق، وفي مقدمة هؤلاء أبو مصعب الزرقاوي، إلاّ أن المقدسي في الفترة الأخيرة وجه رسائل متعددة فيها انتقادات حادة للزرقاوي، ولم يتوقف المقدسي عن عادته في إلقاء خطبة سياسية عصماء في قفص الاتهام قبل صدور الحكم، وقد علمت العصر أن المقدسي سيفرج عنه اليوم بعد استكمال الإجراءات القانونية والأمنية الضرورية، ومن المتوقع أن يصبح المقدسي موضع تركيز الإعلام في المرحلة القادمة، خاصة وأنه يعتبر المنظر الفكري للتيار الجهادي، الذي ينتمي له الزرقاوي حاليا.
ويذكر أن "أبو محمد المقدسي" هو عصام بن محمد بن طاهر البرقاوي، المقدسي شهرة، من قرية برقا أعمال نابلس، في منتصف الأربعينات من عمره، انتقل مع عائلته صغيرا إلى الكويت حيث أكمل دراسته الثانوية، ثم درس العلوم في جامعة الموصل، بشمال العراق، وهناك اطلع على العديد من الجماعات الإسلامية، وتنقل بعد ذلك بين الكويت والسعودية ليطلب العلوم الشرعية، وقد اطلع في تلك الفترة على كتب بشكل أعمق على كتب محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية وعلماء نجد وأدبيات الدعوة السلفية، ثم سافر إلى باكستان وأفغانستان والتقى بالعديد من الجماعات الإسلامية، وبدأ هناك التدريس والتأليف حيث آلف كتابه المشهور "ملة إبراهيم وأساليب الطغاة في تمييعها"، ثم عاد إلى الأردن عام 1992 لينشر أفكاره ودعوته إلى أن اعتقل عام 1993 ومكث في سجون المخابرات العامة شهورا، وتم محاكمته بعد ذلك على خلفية قضية "بيعة الإمام" وحكم عليه بالسجن المؤيد، ولكن خرج بعفو ملكي عام 1999، ثم ما لبث أن اعتقل عدة مرات وبقي تحت السيطرة الأمنية المشددة، وانتهى به المطاف أخيرا في سجن "قفقفا" (شمال عمان) على خلفية ما يعرف بقضية "ألمفرق"، كما أن المقدسي متهم بالعلاقة مع العديد من الجماعات الجهادية في الخليج العربي في كل من السعودية والكويت وأنه بمثابة المرشد الروحي لمن قاموا بعدة تفجيرات، ويعتبر المقدسي من أبرز منظري التيار السلفي الجهادي في العالم وله عشرات الكتب والعديد من الرسائل والفتاوى، وأعداد كبيرة من المناصرين والأتباع، وقد أصبحت كتبه بمثابة الأدبيات الرئيسة للعديد من الخلايا التابعة للتيار السلفي الجهادي في العالم، وساعدت ثورة الانترنت على اتساع نطاق تأثيره ونشر أفكاره، وله موقع خاص على شبكة الانترنت اسمه "التوحيد والجهاد"، ومازال الموقع فاعلا وينشر أراء المقدسي وهو في السجن ومواقفه اتجاه الأحداث المختلفة، ويتجدد الموقع بشكل دوري وسريع.
ويتخذ المقدسي مواقف أقل تصلبا من "أبو مصعب الزرقاوي" على الرغم أن الأخير بمثابة التلميذ سابقا للمقدسي، ويؤكد المقدسي في حواراته ومقالاته أنه على الرغم من إيمانه بطريق الجهاد إلا أنه لا يرى الأردن مكانا مناسبا لذلك، فهو يرفض العمليات المسلحة في الأردن، ويسعى إلى نقل أفكاره ودعوته إلى فلسطين من خلال تشكيل تنظيمات هناك، وقد وجه انتقادات كبيرة لأبي مصعب الزرقاوي في الآونة الأخيرة، مما أثار الخلاف الحاد بينهما، الأمر الذي ألقى بظلاله على أفراد التيار في الأردن.
والمقدسي متزوج من امرأتين وله العديد من الأبناء وله ابن معتقل حاليا في العراق، ويرفض المقدسي أن يرسل أبناءه إلى المدارس ويدرسهم العلوم الشرعية عن طريق طلبة العلم المستقلين...
/منبر التوحيد والجهاد