[align=center]مع القيادة لا خلفها[/align]

إن قضية أن تكون إنساناً هي قضية عقلك عندما يتعمق لينطلق من خلال هذا العمق الفكري ليجول في كل الآفاق، فلا يبقى هناك أفق لا ينفذ إليه العقل، لأن مسألة أن تكون عقلاً هي أن تكون حراً، أما الذين يعيشون الزنازين على كل المستويات فإنهم يعيشون الجهل وإن أعطوه بعض صفات العقل.

إن الذين يحرسون الأفكار في سجونهم هؤلاء هم المسؤولون عن تجميد الأمة منذ مئات السنين حتى الآن، بعض الناس يقولون إن الحرية الفكرية يمكن أن تسقط الدين، إنني أتصور أن الحرية الفكرية هي التي يمكن أن ترفع الدين، هي التي تنقذ الدين من الخرافة، هي التي تنقذ الدين من التخلف، هي التي تنقذ الدين من الفهم الخاطئ الذين فكروا دينياً في الماضي كانوا رجال ونحن رجال، ما عندهم عندنا وما عندنا ليس عندهم، لننطلق ونحن نعرف أن القران الكريم أكد في خط الدعوة هذه الحرية الفكرية " وجادلهم بالتي هي أحسن " ، والجدال فيه شي‏ء من العنف أكثر من الحوار.

ليقل كل واحد رأيه في كل القضايا الاجتماعية. في الجمعيات، وفي النقابات لا نريد أن تكون هناك مراكز القوى، هناك مراكز قوى تعطي الفكرة والخطة وتفسح المجال للآخرين أما مراكز القوى عندما تقول أنا لا الآخر فهذا هو إسقاط للآخر.

علينا أيها الأحبة أن نملك الحرية السياسية، فلا نرث أشخاصاً لأن آباءنا تركوهم لنا في التركة، كما كان يقول بعض الناس في الماضي لولده أنا أورثك ألف صوت، يعني ألف رأس غنم، والناس أيضاً يقولون نحن رجال فلان ورجال فلان، الإنسان لا يكون رجل أحد الإنسان يكون مع أحد.

هكذا تعلمنا من القران، لأن الله لا يريدك أن تكون تابعاً ومنقاداً لأحد، في حوار بلقيس مع النبي سليمان عليه السلام أكدت أنها لا تمش خلفه، بل معه، فقالت: " وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين " ، نحن عندما يكون لدينا في المجتمع قيادات تملك فكراً وحكمة وخطة وإخلاصاً ونقتنع بما عندها نكون معها وليس خلفها.

عقيدتنا أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو سيد ولد آدم، لكن الله تعالى عندما يتحدث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم . لا يتحدث أنه هو ينطلق والناس تسير خلفه بل: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " ، إن نكون مع القيادة، لا أن نكون وراء القيادة، معها نقويها وتقوينا، معها ندعمها وتدعمنا، القيادة التي تتميز بالمعنى القيادي هي القيادة التي تحمي أتباعها من نفسها كما تحميهم من الآخرين، وبذلك تستطيع الأمة أن تنقد قياداتها وتستطيع أن تعترض عليها وتستطيع أن تؤكد حريتها، وتستطيع أن تشاركها في صنع المستقبل.

المرجع والمفكر الإسلامي السيد محمد حسين فضل الله حفظه الله