في مؤتمر القاهرة الثالث - الصدريون يخوضون الحرب على عدة جبهات
راسم المرواني
في مؤتمر القاهرة الأخير الذي عقد للمدة من 24-27 آذار ، والذي دعت لعقده قوى المعارضة المصرية ، والذي كان من المفترض به أن يتناول لموضوعة الاحتلال الأمريكي للعراق ، والاحتلال الصهيوني لفلسطين ، ومناقشة أخطار العولمة ، في هذا المؤتمر انبثقت الكثير من النقاط التي يجب الإشارة إليها عبر هذا المقال – التغطية ، وذلك كي يفهم البعض من أين تبدأ المشكلة في التصور لشكل وحجم المقاومة العراقية ، وسأحاول أن أدرج النقاط المهمة على شكل مقاطع ، مشيراً عناية القارئ الكريم إلى أنني سأتحدث عن تجربتي الشخصية ، وما صادفني في المؤتمر ، مؤكداً على حجم الجهد الذي قام به وفد العراق برئاسة الشيخ حسن الزركاني ، ولأن آلية المؤتمر قد حتمت علينا كأعضاء للوفد أن نفترق في أروقة المؤتمر ، ولا نلتقي ببعض إلا في ساعات متأخرة من الليل لذا سأكتب تجربتي ورؤيتي الشخصية لما وجدته في المؤتمر .
1- لدى دخولنا الى المؤتمر ، استطاع الحاضرون أن يميّزوا العمامة الشيعية ، ويعرفوا أن هناك وفداً من الشيعة يحضر المؤتمر ، وبذلك بدأ التهامس ، والنظرات التي نستطيع تمييزها دون ذكاء مفرط .
2- كانت كلمة الوفد العراقي من الكلمات التي تم الالتفاف عليه وتأخيرها ، ولذا فقد انتفضنا منزعجين من تقديم كلمات من لا يعنيهم الأمر ، وتأخير كلمة العراق ذات المساس بماهية عقد المؤتمر ، وقررنا مغادرة القاعة ، وحال دون ذلك التفاف اللجنة المشرفة حولنا طالبين منا العودة لاستئناف المؤتمر ، ومعتذرين عن تأخير كلمة العراق ، وادّعوا أن العملية غير مقصودة .
3- عندما قام حسن الزركاني لإلقاء الكلمة ، فاجأنا الحضور بالصراخ وشتم السيد السيستاني والسيد عبد العزيز الحكيم والجعفري وغيرهم ، حتى أن مرشد الجماعات الإسلامية في مصر ، قام على قدميه ، ونادى بالشيخ الزركاني :- إنزل .. أنتم الشيعة خونة .. أنتم لا تمثلون المقاومة في العراق ، وتعالت الأصوات في القاعة ، ونهضت أنا من مكاني للرد المباشر على الهتافات وتفنيدها ، واستمر الزركاني في إلقاء كلمته ، وبعد أن ساد القاعة الهدوء ، بدأ بعض الحضور باحداث ( شوشرة ) عبر استخدام المزامير ، وقطع التيار الكهربائي عن القاعة ، وتشغيل أجهزة الإنذار من الحريق ، ولكن الزركاني استمر في إلقاء الكلمة ، وأجبر الحضور على الإنتباه ، وبقدرة قادر انقلب الصمت الى تصفيق ، وحدث شرخ بين الحاضرين ، وبدأوا هم يتبادلون الشتائم بينهم .
4- في مساء اليوم ، كان من النفترض أن يتم عرض فلم وثائقي عن معارك جيش الإمام المهدي ، وكان من المفترض أن يتم عرض فلم عن المقاومة في الفلوجة ..... وفي القاعة ، قالت المشرفة على العرض بأنها ستعرض فيلماً عن معاك جيش المهدي الشيعية ، وبعدها سيتم عرض فيلم عن الفلوجة ، فتعالى الصياح ، وندد الحاضرون بالمشرفة ، وأجبروها على عدم عرض فيلم جيش المهدي ، وصاحوا بأصوات عالية ، نريد فيلم الفلوجة ، لا نريد أكاذيباً شيعية ... فرضخت المشرفة لمطاليبهم ، فهدأوا ، ولكن لأسباب فنيّة لم يقم جهاز العرض بقبول السي دي الخاص بالفلوجة ، وحاولوا مراراً وتكراراً دون فائدة ، فلم يكن هناك بد من عرض فيلم جيش المهدي .. ورضخ الحاضرون للأمر الواقع ، وشعرت في نفسي أن الله سيسددنا ، وسيسدد جيش المهدي المظلوم والمفترى عليه ، وسيسدد أخوتنا من المقاومة الشريفة في الفلوجة ، وتم عرض الفيلم ، وانقلبت القاعة بالتصفيق والهتاف بحياة أبطال جيش المهدي ، وهتفوا بمواقف الشيعة ، وأنا – شخصياً – قمت باستنساخ أكثر من مئة نسخة من الفيلم ووزعتها على الصحف والوكالات بطلب منهم .
5- كان علينا في المؤتمر أن نعمل ضمن محاور عدة ، ونقاتل في عدة جبهات ، كجبهة المتطرفين الإسلاميين ، وجبهة البعثيين الذين يبثون بين المؤتمرين أن المقاومة في العراق هي مقاومة البعث ، وكذلك يجب المحاربة على جبهات الصحافة المصرية ، والصحافة العربية والعالمية ، وواجهتنا عدة نقاط يجب علينا أن نفندها ونوضحها للمتسائلين ، أهم ما كنّا نواجهه:-
• إيضاح وتأكيد وجود المقاومة الشيعية
• الرد على تخرصات الذين يشتمون المراجع الشيعية
• إيضاح مواقف الساسة العراقيين من الشيعة
• الرد على المتخرصين على الموقف الشيعي العام من الاحتلال
• الرد على البعثيين الذين يريدون تجيير المقاومة العراقية الشريفة لصالحهم
• التفريق بين المقاومة والإرهاب
• الرد على الشبهات المتعلقة بعدم مقاومة المحافظات الجنوبية لقوات الاحتلال عند بدء الغزو الأمريكي للعراق .
هذا بالإضافة إلى الكثير من التهافتات الموجهة ضد الشيعة في العراق ، والشيعة في العالم ، وكان المفترض أن ندافع عن المواقف ، والرجال ، والمشاريع ، ورغم أنني شخصياً من دعاة الوحدة الشيعية السنية – كما تعلمت من مقتدى الصدر وأبيه – ولكن الحالة كانت تستدعي مني أن أتحدث عن الشيعة بشكل خاص ، وهذا ليس تجاوزاً لمواقف الشرفاء من أبناء السنّة ، ولكن مقتضى الحال كان يحتم علي ذلك .
6- إن أشد المسائل عويصة في المؤتمر ، هي فكرة التقريب بين الرؤى الشيعية المختلفة في العراق ، وجمعها تحت عنوان الوطنية الواحد ، وكان يجب أن نصل بالمؤتمر إلى شكل من أشكال الفهم لواقع الشيعة في العراق ، وقد واجهتنا الكثير من ألأسئلة .. أهمها :-
• لماذا لم تقاوم قرى الجنوب الشيعي قوات الاحتلال إبان الغزو الأمريكي ؟؟؟
• لماذا جاءت المعارضة الشيعية تحت غطاء الاحتلال ؟؟؟
• لماذا يدعو السيد السيستاني إلى الانتخابات ؟؟
• لماذا نزع جيش المهدي سلاحه ؟؟؟
• ما هو موقف الشيعة من الفيدرالية ؟؟
وغيرها من الأسئلة ، والتي كنا من خلالها نفهم بأن المجتمع المصري ، والعربي ، وحتى المجتمع الغربي ، خاضع للآلة الإعلامية الأمريكية الصهيونية ، ولمسنا أن التعتيم والمصادرة يطالان شكل وحجم وأهداف المقاومة الشريفة في العراق ، حتى أن الأغلبية من الصحفيين المصريين يسمون السيد مقتدى بـ ( مقتضى ) ويكتبونها هكذا ، ولم يصلهم عن جيش المهدي سوى ما يكتبه الحثالة من الذين يدعون أنهم أبناء الشيعة ضد مقتدى ، وكثيراً ما واجهني الصحفيون بكتابات ضد مقتدى وجيشه ، كان قد كتبها عراقيون من الشيعة .
7- بعد عرض فلم جيش المهدي ، تغيرت الصورة كثيراً ، وجاء الصحفيون العرب الأجانب ليستطلعوا الخبر اليقين ، ويبحثوا عن الحقيقة ، وبدأت آلة اللقاءات الصحفية ، والحوارات ، والندوات التي دعونا لها ، وعرفنا أن هناك مؤامرة تحاك ضد المقاومة الشيعية في العالم ، وليس لدى الصحافة إلا تشويه سمعة مقتدى وأتباعه ، وأن الآلة الإعلامية الصهيونية قد رسّخت في أذهان الناس أن مقتدى :-
• أن مقتدى أصله إيراني ، وجاء للعراق بعد سقوط السلطة
• أنه يستقطب المجرمين وقطاع الطرق
• لديه محكمة لإعدام السنّة في العراق ، ويقوم حالياًً بإعدام أكثر من 100 سني يومياً في ضريح أمير المؤمنين ،
• أن مقتدى لديه شبكة عالمية لتجارة المخدرات ، يمولها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية .
• أن مقتدى هو إبن أخت السيد السيستاني .
• أن جيش المهدي هجم على الفلوجة مع الأمريكان والبيشمركة وقوات بدر .
إلى الكثير من الاتهامات التي يحصل عليها البعض من خلال المواقع الشيعية المضادة لجيش المهدي ومقتدى الصدر ، ومن الإعلام الغربي المضاد للمقاومة الشيعية السنية الوطنية العراقية ومن البعثيين ( من أصحاب الحواسم الكبيرة ) المقيمين في النوادي الليلية المصرية ومن دعاة الحرب الطائفية في العراق والذين يعملون وفق الأجندة الأمريكية الصهيونية.
8- كان علينا أن نرد على كل ذلك ، وغيره ، وكان من تسديد الله أننا قد اصطحبنا معنا فيلماً عن معارك جيش المهدي ، وفيلماً عن الانتهاكات الأمريكية في العراق ، ورسائل السيد مقتدى لأطفال ونساء وشرطة وجيش وطلبة العراق ،وقمنا بتوزيعها في المؤتمر التي نفذت بشكل غريب .
9- في اليوم الثالث كنا نعاني من مشكلة النقص في المطبوعات ، وكانت الصحافة تطلب المزيد ، واستطعنا أن ندل الصحافة العربية على المواقع المهمة على الإنترنت ، وموقع كتابات ، وموقع الممهدون ، وغيرها ، وبدأت الصحافة المصرية تصدر بمانشيتات تشيد بالشيعة في العراق ، وتشكك بالمقاومة البعثية المزعومة ، وتشيد بمواقف مقتدى الصدر من الوحدة الوطنية في العراق ، وتشيد بمواقف الشيعة في العراق
10- وتزامن مع عقد المؤتمر تظاهرة للمعارضة المصرية ، كانت السلطات المصرية قد اعتقلت 60 شخصاً من المتظاهرين ، فتجمع الصحفيون بباب نقابة الصحفيين ، ونددوا بالحكومة المصرية ومواقف أمريكا ، ورفعوا المطبوعات التي وزعناها عليهم في المؤتمر ،واللتي تحتوي صور السيد مقتدى ، ورفعوا العلم العراقي ، وهتفوا بحياة المقاومة الشيعية السنية الوطنية في العراق .
11- لقد لحظت أن الصحافة المصرية والعربية والعالمية متعطشة لمعرفة الحقيقة ، ومن الغريب أن ( جورج كالاوي) الذي كان حاضراً في المؤتمر ، كان يشيد بمواقف المقاومة العراقية ، وذكر أسماء المدن التي تقاوم الاحتلال ، الفلوجة ، والرمادي ، وسامراء ، والموصل ، ولكنه لم يأت لذكر واحدة من المدن الجنوبية ، فقلت له ، نحن نتشرف بالمقاومة العراقية الشريفة في هذه المدن ، وهم أهلنا ، ولكني وجدتك قد تجاوزت النجف والكوفة والناصرية والبصرة والحلة والعمارة والكوت وكربلاء .. ولم تذكر حجم المقاومة الشريفة الوطنية فيها ، وفي خطابه لليوم التالي قام – على مضض – بذكر المدن الجنوبية المقاومة .
12- في نهاية المؤتمر ، قالوا ، إن ( الإمام مقتدى ) – هكذا أسموه – يمثل رأس الحربة في المقاومة الحرة العراقية ، وهو الوحيد الذي قدم نفسه – علناً – كمقاوم للمحتل .
13- كانت الحوارات الصحفية ، واللقاءان تمتد من الصباح وحتى الساعة الخامسة صباحاً لليوم التالي في بعض الأحيان ، والحمد لله الذي سددنا في الحصول على الوثائق والمستندات التي كانت تؤيد أطروحتنا ، والغريب أن الصحفيين والوكالات الخبرية كانوا – حتى المحترفين منهم – يندهشون لما نقوله لهم ، وليس بوسعهم تصديقنا لولا الوثائق التي كنا نحصل عليها يومياً عبر الإنترنيت .
14- ما أحوجنا الآن إلى وسيلة للإعلام الجاد ، الذي يستطيع إيصال صوت الحقيقة إلى العالم ، وما أحوج المتخرصين والذين يسيئون لمقتدى وأنصاره أن يعيدوا النظر في ما يكتبونه ، فهذا الرجل يبني ، وهم ينقضون بناءه بمعاولهم .......
ومتى يبلغ البنيان يوماً تمامه ........إذا كنت تبنيه ، وغيرك يهدم ؟؟؟؟
15- عبر هذه الملاحظات السريعة والبسيطة ، الا يمكننا أن نفهم حجم المؤامرة على العراق ، بشيعته وسنته ، ألا ينبغي لنا أن نحقق الوحدة الوطنية ( الشيعية – الشيعية ) و ( الشيعية – السنية ) التي يسعى لها مقتدى الصدر بحثاً عن بناء صرح عراقي يمكنه الوقوف بوجه الهجمات التي تستهدف العراق ؟؟؟ ألا ينبغي لنا أن ننزل من أبراجنا العالية العاجية ، ونصل الى شفافية الحوار ، والمصالحة ، والتكاتف ، ونعيد النظر بمواقفنا التي سيجد أعدائنا منها ذريعة لقتل العراق والعراقيين ؟؟؟؟ ألا ينبغي لنا أن نكون كما يريد الله لنا أن نكون ؟؟؟ أم أننا وصلنا الى مفترق الطرق ؟؟ والى مرحلة الـــلا جدوى من الحوار ؟؟؟؟
ملاحظة / أرجو من القارئ قبول اعتذاري عن الاختصار ..