كتابات - صلاح التكمه جي

ظاهرة غزو الانتحاريين لمدن العراق بتقتيل و استئصال أهلها طائفيا وعنصريا وذلك بعملياتهم التكفيرية ، أصبحت حالة يومية ، مثيرة للاهتمام ،و أثارت غريزة الفضول لصاحب المقال ، في كيفية البحث عن عراب هؤلاء الانتحاريين ، وعن الشبكات التنظيمية التي تستدرج الشباب السذج لتحويلهم إلى قنابل بشرية عاقلة ، فالمعلومات بدأت تتوالى ، وشبكات وكالات الأنباء والصحافة العالمية أخذت تتحدث عن (عرآب) يغسل عقول الشباب ، ويسوقهم لمقبرة الإرهاب في العراق ،شبح هذا العرآب ، التي بدأت تتضح معالمه ، من بعض التقارير الخبرية من هنا وهناك ، فمثلا في خبر عن جريدة إيلاف الإلكترونية تتحدث عن ( صحيفة "واشنطن بوست" أن مواقع الإنترنت الإسلامية تجند الكثير من الأجانب لتعزيز حركة المناهضين للقوات الأميركية في العراق وان جزءا كبيرا منهم ينحدر من السعودية. وأضافت الصحيفة أن المواقع الإسلامية أصبحت أداة لتجنيد جيل بكامله من المتدربين الإرهابيين) وأضافت الصحيفة (انه وسط هذه الأعداد الكثيرة من المواقع الإلكترونية التي تتكاثر بسرعة، نجد إحصاء للانتحاريين والعمليات التي نفذوها ضد أهداف أميركية أو عراقية، وخلال الأسبوعين الأخيرين، شهد العراق موجة عمليات انتحارية أسفرت عن مقتل 400 شخص.) أمام هذا الزخم الواسع من المعلومات حول غزو الانتحاريين الواسع للعراق ، الذي يلاحظ فيه براعة المنظمات الإرهابية بالاستفادة من الانترنيت في حربها للإرهاب .

لهذا اصبح من الضروري في البحث عن خيط رفيع يرشدنا الى عراب الانتحاريين ، الذي يستخدم الانترنيت ، كقناع بارع في توجيه الشباب المسلم السذج ، وبالفعل كان خبر الإرهابي المصري ، الذي نفذ عمليته في إحدى الأماكن السياحية في القاهرة ، فقد ذكرت التقارير الخبرية ، ان أمير هذا الإرهابي كان هو ، الانترنيت.

البحث في شبكة العنكبوت ( كما تسميها مواقع التكفيريين) عن عراب الانتحاريين ، جعلتني انقاد لا شعوريا الى سلسلة متداخلة لمواقعهم ،والتي من اهمها ( السقيفة، المأسدة ، مفكرة الإسلام ، قوافل العائدين ، التوحيد والجهاد .... الخ )، وعشرات مواقع المنتديات ، كل له دوره في عملية معقدة ومنظمة بشكل مهني ، مواقع تتبنى الغطاء الشرعي لمنتديات الجهاد ، وتصدر فتاوى التكفير ، لتعطي مبررا لقتل المرتدين والمشركين والكفرة ، ومواقع اخرى تقوم بدور أعلامي ، تعكس أفلام الحرب النفسية وعمليات التعبئة على أنغام الجهاد ، لتلهب بها مشاعر الشباب السذج وتسوقهم لمحرقة الموت في العراق ، فقوائم قتلى الانتحاريين ، تنشر بالتتابع ، وبتفاصيلها الدقيقة ، من اسم القتيل إلى منطقة سكناه إلى تاريخ قتله ، ومنتديات أخرى للتدريب و للتطوع و للمحادثة...الخ .

في خضم الغوص في شبكة العنكبوت للتنظيمات الإرهابية ، حاولت أن أتعرف على أحد عرابي الانتحاريين ، وذلك بالدخول في إحدى منتديات المحاورة ، أخذت أراقب عملية الحوار بدقة ، واسمع لغة التكفير و إباحة دماء العراقيين ، بمنطق خال من أي معنى من معان الرحمة والإنسانية، في هذا الجو المفعم بالحقد والكراهية ، حدثت محاورة بين عرآب الشبكة واحد المتحاورين ،أبدى هذا المتحاور إعجابه ببطولات الانتحاريين في العراق و ولكن كانت لديه تساؤلات كثيرة ، تجعله غير متحمس للتطوع ، مادامت تلك الريبة مستقرة في نفسه ، فسارع أحد المشرفين والعرابين على عملية المحاورة ، أن يقوم بعملية غسل دماغ لهذا المتطوع الجديد .

بدأ العرآب بإرسال للمتطوع الجديد ، أفلام عمليات الانتحاريين ، وعمليات ذبح المرتدين وغيرها ، ومن ثم قصص بطولات الانتحاريين مع أسماءهم وصورهم إضافة لعدد من الملفات توضح عقيدة المنظمات التي تدير الغزو الانتحاري .

تساءل هنا المتطوع ، للعراب : أخي المجاهد أن كثير من تلك المشاهد التي أرسلتها ، تحتوي على مناظر مخالفة للتربية الإسلامية التي تربيت عليها ، فمناظر التمثيل بالموتى العراقيين بعد قتلهم ، أليس هذا مخالف للشريعة المحمدية ؟ وأيضا تلك المشاهد ،تظهر المجاهدين ، كأنها كائنات متوحشة خالية من الرحمة والإنسانية ، وهذا يتعارض مع الأخلاق المحمدية التي عبرت عنها آيات كثيرة ، حيث نعتت الرسول الكريم(ص) بالرحمة وعدم الفظة والخلق العظيم والمغفرة لقومه المشركين ، والحوار والموعظة الحسنة مع الإنسان الآخر ؟ من ثم ما هو المبرر الشرعي لقتل العراقيين في الأسواق والأماكن العامة بعملياتكم الانتحارية ؟

قاطع العراب صيده الجديد بالقول : ان أسئلتك تلك ، لشخص يعيش في أجواء رومانسية ، وليس في ساحة حرب ، فكتب السلف تحدثنا عن أحاديث مروية لدى رواة ثقات، ، (أن الرعب يسبق بشهر حركة المجاهدين والدعاة )ولهذا يجب على أبناء الطائفة المنصورة ، يسيرون للدعوة وصدى الرعب يسبق حركتهم ، لكي يتمكنوا من فرض أرادتهم على الأخريين ، أما حديثك عن أخلاق الرحمة والحوار ، فدونه خرط قتاد ، ان كتب حديث السلف ن تروي لنا ، ان الرسول علق المجرمين بالمسامير من عيونهم ، وانه كان يقطع الرقاب ، إضافة لسيرة التابعين والسلف التي تبين كيف علق رؤوس المرتدين على الرماح وقطعت ألسنتهم وقلعت عيونهم ، وقتل هؤلاء المرتدين في نظرنا ألان اخطر من الأعداء الكفرة ,، ولهذا أنصحك بمراجعة الملف المرسل اليك بأسم ( هذه عقيدتنا) ،والذي أصدرته (اللجنة الشرعية لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) ، فالفقرة 36 من هذا الكراس تتحدث بوضوح(وكفر الردّة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلي؛ لذا كان قتال المرتدين أولى عندنا من قتال الكافر الأصلي) تلك الأدلة التي لا تقبل الشك، تبين صواب أمراء مجاميعنا الانتحارية ، و أتمنى عليك أن تنزع تلك الأوهام من مخيلتك حتى لا تؤثر على الالتحاق بأقرانك في عراق الرافدين.

استدرك المحاور ، الظاهر من حديثكم ومن أد بياتكم أن ساحة حربكم ،معقدة و واسعة ،و أنكم تقاتلون على جبهات عديدة . فكيف لمتطوع جديد لا يملك أي مؤهلات قتالية وقدرات فنية وروحية ، يمكنه أن يخوض ذلك القتال الشرس؟و من ثم ما هو محل أعراب ، العراقيين من هذا الغزو الانتحاري ؟

استبشر العرآب بهذا السؤال وبادر صيده الدسم بالجواب ، أن حلاوة الحرب ،حين تستعر نيرانها ، وتعدد جبهاتها ، فتلك سياحة وما أجملها من سياحة ، واعلم أن الأمراء في العراق يمتلكون إمكانات عالية ، فهم قد ورثوا إمكانات بشرية لها خبرة متراكمة في فن الرعب ونشر ثقافة الخوف ، هذا إضافة فأمرائنا يتقنون لعبة الأدوار بشكل جيد ، فهناك خيوط تفاوض وخيوط أخرى تبث الرعب في الطرف الآخر لهزيمته نفسيا ، ولدينا جهات اخرى تلعب دور الحماية الشرعية والسياسية لخلايانا الانتحارية المنتشرة في ارض الرافدين وجهات أخرى تؤمن الدعم اللوجستي والمعلوماتي لقنابلنا الانتحارية . هذا اضافة فنحن قد وفرنا كل امكانات ،سياحة الجهاد في ارض الرافدين ، وتعتبر السياحة في العراق ذات خمسة نجوم ، فنحن نزف سائحنا الانتحاري إلى حوريته ، في عرس فريد من نوعه ، فالأناشيد الثورية والترانيم الروحية والهالة التي نحيطه بها ، تجعله يتعجل تفجير جسده لكي تطير روحه الى عشيقته التي وعده بها أمراء الجهاد في العراق .

هنا بادر الصيد بقوله للعراب ، كلامك ألهب مشاعري وروحي ، وياليت التحق بتلك السياحة الممتعة ، ولا أعلم هل ممكن أجد لي مكان في عراق فايف ستار ؟ خصوصا أني سمعت أن الانتحاري ينتظر لمدة شهرا حتى يأتي دوره في ملاقاة حوريته الموعودة ، وان السواح الانتحاريين يأتون للعراق زرافات زرافات .

أحس العرآب ان اللحظة المناسبة قد حانت ، وقال لصيده الثمين: ان أعداد الانتحاريين تتكاثر يوما بعد يوم ، فالاخبار تقول انه مايقارب 4000 انتحاري في العراق ، نصف هذا العدد هم من سواح الجهاد لارض الرافدين ، و قد نقلت جريدة الصباح العراقية عن الباحث روفن ( ان من بين 154 انتحارياً خلال الاشهر الستة الاخيرة كان هناك 61% سعودياً فيما يمثل 25% السوريون والكويتيون والعراقيون وان 70% من الاسماء التي تنشرها المواقع المتطرفة هي من السعودية، وان معظمهم متزوج ومثقف وفي اواخر العشرينيات من العمر) . ويحتل السعوديون في احصاء اجراه الباحث كولمان حوالي 44% ويكتفي السوريون بنسبة 15% مناصفة مع العراقيين. )

ومن ثم أسهب العرآب عن كرامات الانتحاريين بقوله لصيده ، انظر يا آخي لصور الانتحاريين ، فستشاهد أن أجسادهم طرية وقد حافظت على رونقها الجميل رغم تفجير أنفسهم ، وانظر الى ابتسامتهم ، فسوف تستشف منها ،سعادتهم وهم يعانقون الحوريات ، واعلم ان بعض موقع انترنيت كان قد هنأ رواده في بيان له بنسف جثة “ابو انس التهامي “ كشهيد بأنه كان يعشق الجنان والفوز بحور العين في الجنة وانه كان يقول:

يا اخوتي اني احب النوم على الأرض ولا احتاج الى فراش.

وكان يفترض به ان يتزوج في شهر شباط قبل تطاير شظايا جسمه في يوم الانتخابات نهاية كانون الثاني الماضي.

ويختتم البيان قوله لقد كان يعشق العيش مع الملائكة في الفردوس ويشرب من نهر اللبن وخمر الجنة هو لذة الشاربين، فيما تمسح فمه اكف الحور العين!!).

هنا توجه الصيد لعرابه بسؤال مهم : سيدي العرآب اذا كان هذا النعيم كما تحدثت لي ، وأن متعته متناهية الوجود ،بهذا العمل الانتحاري ، فلماذا لا اراك تلتحق بالشباب السذج الذين تسوقهم لمقبرة الموت في العراق ، وتكتفي بعرض خرافاتك واكاذبيك على مواقع الدجالين في شبكة العنكبوت

هنا انفجر غاضبا العرآب وقال بانفعال : اسمع يا مرتد وعميل نحن وبفضل خبرتنا العالية في استخدام الانترنيت ، قد حددنا موقعك بشكل جيد واعلم ، اننا قد هيئنا انتحاري خاص من شبكتنا العنكوبتية المنتشرة في أنحاء العالم و سوف نرسله إليك بالقريب العاجل ليدمرك انت واقرانك من المرتدين .