 |
-
العرب والعراق... عيون لا ترى إلا الدمار ...
[align=center]العرب والعراق... عيون لا ترى إلا الدمار
خليل علي حيدر ـ كاتب وباحث كويتي ـ الوطن الكويتية [/align]
فاجأ ذلك الاقبال الشعبي العراقي المنطقع النظير على مراكز الانتخاب يوم 30 يناير 2005 كل وسائل الاعلام الدولية وكل امم الارض ومثقفيها، وان كنا في العالم العربي ربما نسينا معاني ذلك الانجاز ودلالاته بعد ايام، فمن كاتب مركّز على مقاطعة «السنة» لها، ومن مستهجن الانتخاب في ظل «حراب الاحتلال»، ومن محذر من مخاطر هيمنة ايران او الشيعة او الاحزاب الدينية الاصولية... وغير ذلك! وليس ضياعنا في التفاصيل وترك الدلالات الرئيسية بالامر الجديد في تعاملنا مع ميلاد العراق الجديد والمخاض الصعب الذي يمر فيه، فقد نسينا كذلك اكثر من مئتين وخمسين من القبور الجماعية المرعبة، ونسينا طعم ومذاق الحرية في حياة العراقيين اليوم، ولم نكترث، في ظل هذا الاعلام المنحاز المسلط علينا، وهذا الارهاب الاجرامي الذي يحصد ارواح شباب العراق ويدمر البنية التحتية للبلاد، أي يحقق انجاز يحققه هذا الشعب العريق الذي فاجأ كل المراقبين بزحفه على صناديق الاقتراع، في العديد من الميادين، والتي تتجاهلها للاسف صحافة العالم العربي ومحطاته التلفزيونية. اعطوا العراقيين فرصة يا عرب! اتركوهم يبنون بلدهم! التفتوا الى الوجه الآخر للعراق غير الذي تعرضه الفضائيات! هذه ابرز نداءات الاستغاثة في الحديث المطول للكاتب والاعلامي العراقي الاستاذ زهير الدجيلي في جمعية الخريجيين بالكويت.
منذ عام ونصف العام على سقوط نظام صدام حسين، قال أ.الدجيلي، ووسائل الاعلام العربية تحاول ان تعطي صورة سوداء عن بلد يحاول ابناؤه الخروج من دمار الحروب ومن مساوىء الحكم الشمولي، وبدا العراق في الفضائيات العربية ووسائل الاعلام الاخرى وكأنه بلد سائر نحو الكارثة.. فلم يعد المشاهد والقارىء يرى غير صور السيارات المفخخة والقتلى والجرحى الغارقين في الدماء، والملثمين يقطعون رؤوس ضحاياهم، ومذيعين ومقدمي برامج متحمسين لاخبار «الزرقاوي» وعصابات القتل والخطف، اكثر من حماسهم لرؤية مصنع يشاد او حقل يزرع او تلميذ في المدرسة، ويبحثون عن كل كلمة او صوت يبكي حال العراق ويشتم كل ما فيه.
لا ننكر ان العراق يواجه مشكلات كبيرة، اضاف الدجيلي، وانه يعاني من سيئات لا تعد ولا تحصى، ومن الوان الفساد والرشوة، والوضع الامني المتدهور، ولكن الا ينبغي لهؤلاء الاعلاميين ان يتساءلوا كيف يعيش 27 مليون انسان في هذا البلد؟ وان كانت جرائم القتل والارهاب محصورة في خمس او عشر مدن، فماذا عن 4200 مدينة كبيرة وصغيرة وقضاء وناحية... يضمها العراق؟ وماذا عن آلاف الاسواق والورش والمصانع والمزارع والمدارس والجامعات والمعاهد والنوادي والمقاهي ودور العبادة والمحلات والادارات الحكومية والاهلية؟
عرض أ. الدجيلي مجموعة مثيرة من المعلومات والاحصائيات حول العراق الجديد بخصوص «انجازات عام 2004» وكان اول ما اشار اليه هذه الحرية السياسية النادرة المثال في العالم العربي، وتتمثل في حرية تشكيل الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وحرية اصدار الصحف وممارسة كل الوان النقد، حيث صدر حتى الآن ما يزيد على 300 صحيفة ومجلة، وبدأت 30 محطة اذاعة وتلفزيون في البث، وتوسع استخدم الكمبيوتر وانشئت العشرات من مقاهي الانترنت، وتشكلت اكثر من 60 رابطة ثقافية وأدبية وانبعثت من جديد الحياة الادبية والمسرحية والفنية والموسيقية. واخذت المرأة مكانتها السياسية من خلال 6 وزيرات في الحكومة و7 وكيلات وزارة و25 امرأة في المجلس الوطني. وارتفع الناتج المحلي الاجمالي في عام 2004 بنسبة 60% عن العام السابق، وتضاعفت حصة الفرد وازداد دخله ما بين 20 الى 30 ضعفا، حيث كان متوسط الدخل الشهري في عهد صدام لا يتجاوز ثلاثة دولارات وهو الآن ما بين 75 و150 دولارا، بعد ان اصبحت ميزانية الدولة توزع بشكل اكثر عدالة، وعاد الانتاج النفطي الى مستوياته السابقة.
وقد ارتفع سعر الدينار العراقي ازاء الدولار بما يقارب 33%، فصار الدولار يساوي نحو 1450 دينارا بدلا من 2500 دينار في الاعوام الماضية.
من جانب اخر قررت الدول الكبرى تقديم منح وقروض للاعمار في العراق تصل على مدى السنوات الخمس الى 31 مليار دولار، كما قررت دول منتدى باريس الغاء ما نسبته 80% من الديون على العراق، وتبع ذلك قرار الولايات المتحدة بالغاء ديونها على العراق التي تصل الى اربعة مليارات.
على صعيد الدولة، استعادت البلاد نسبة كبيرة من بنيتها، واعيد بناء الجيش والشرطة بأكثر من مائة الف لكل منهما، وتوفرت فرص العمل لعشرات الالاف من العراقيين رغم استمرار ازمة البطالة. وقد تم ترميم وبناء 3100 مدرسة، وخافظت الدولة وسط كل هذا الهجوم الارهابي على برنامج المعونة الغذائي، واعيد بناء الكثير من الجسور واصلاح 1200 كيلومتر من الطرق، وبلغت ميزانية وزارة الصحة قرابة الالف مليون دولار لاول مرة في تاريخها.
واعلنت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (يوسيد) انها بدأت منذ شهر ديسمبر الماضي بتنفيذ 1200 مشروع من مشاريع الاعمار بتغطية مالية من مبلغ الـ 18 مليارا، الذي منحته الولايات المتحدة لاعمار العراق. واعلنت الحكومة العراقية الشهر الماضي الميزانية العامة للدولة لعام 2005 والبالغة 24 مليار دولار، خصص منها 94% لبرامج التنمية ولوزارات الدولة و6% لشؤون الدفاع والامن، بينما كان صدام يعكس هذه النسب ويبدد دخل النفط بلا حسيب او رقيب على مغامراته، او يحولها لحساباته في الخارج.
غير ان الاستاذ الدجيلي بعد ان عدد هذه المنجزات، وأشار الى منجزات كثيرة أخرى في مجال تعزيز الديمقراطية والتعليم والزراعة وتطوير الاقتصاد وبناء الدولة، لا مجال لعرضها كلها في هذا المقال، أكد من جديد الاوضاع الصعبة التي يمر بها العراق، والنقص الحاد في الكهرباء والوقود، والمشاكل الامنية وجرائم القتل والاختطاف. غير ان النقطة الرئيسية التي تأكدت خلال ما طرح، هي الاهمال التام والعداء العام، من قبل الاعلام العربي، لكل جوانب عملية البناء، والتركيز المستمر على جرائم القتل والتفجير وحدها، وما يثير القراء والمشاهدين، وما يبعد جمهور هذه الصحف والمحطات عن «التعاطف» مع «الحرب الامريكية على العراق» كما اسمتها.
وقد انتقد أ. الدجيلي قيام القوات الامريكية بحل الجيش وقوى الامن بل وكذلك وزارة الاعلام دفعة واحدة وبلا مقدمات، مما وضع تحت تصرف الجماعات المسلحة والمتمردين والمعارضين والارهابيين عناصر بشرية مدربة جاهزة للقتال، وعلى علم دقيق بدخائل وخبايا العراق.. وشعابها!
وأضاف الدجيلي ان حل جهاز الاعلام بالذات وسط هذه المعركة الاعلامية التي تحاصر العراق كان خطأ فادحا ما زالت آثاره واضحة بعد اشهر طويلة من سقوط النظام.
وعندما فتح المجال للتعقيب، انتقدت دكتورة عراقية من بين الحاضرين استمرار تدهور الاوضاع في العراق، و«اللكنة الايرانية التي تسود البصرة هذه الايام» بسبب التدخل والتسرب الواسع وضعف الرقابة على الحدود. معقب ثان انتقد الاعلام العربي بشدة وقال: الى متى نراهن في العالم العربي على الحصان الخاسر؟!
وتساءلت بدوري: اين دور المثقفين العراقيين وهم كما نعلم، من ذوي المكانة المتميزة في الثقاقة العربية؟ وبالنسبة لحل الجيش هل كان حله قراراً خاطئاً ام خطوة لابد منها لمنع احتمالات الانقلاب وعودة بقايا النظام؟ والارجح ان هذه الخطوة مثل غيرها متروكة للدارسين في السنوات الطويلة القادمة.
وقد لفت نظري كذلك «اختفاء» السلاح العراقي ان صح التعبير. فمن حقنا، ربما بسذاجة، ان نتساءل: اين هي آلاف الدبابات والمدرعات العراقية، وطائرات الهليكوبتر او «السمتيات»؟
هل يمكن للمتمردين والارهابين وغيرهم ان يخزنوا ارتال المدرعات والمدافع والدبابات؟
ثم ان هذا التخريب الواسع النطاق في العراق يؤكد التدخل الخارجي على مستوى المال والرجال والعتاد.
فلماذا لا نرى الا محاولة متواضعة جدا من الحكومة لفضحها وكشفها؟
أشار الاستاذ زهير الدجيلي في ردوده الى تفاصيل كثيرة لا مجال لعرضها هنا، ولكن لفت نظري مشروع عراقي متميز لاعادة زراعة النخيل في المناطق المدمرة اسمه مشروع «ام الفسائل»
وهنا ايضا نجد تحولا ايجابيا في سماء العراق الجديد!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |