النتائج 1 إلى 9 من 9
  1. افتراضي إلى مقتدى الصدر والحركات الأصولية : القرآن ليس بدستور

    إلى مقتدى الصدر والحركات الأصولية :
    القرآن ليس بدستور



    د.هادي نعيم المالكي
    hdk72@yahoo.com
    2005-05-25




    [align=justify]تقف الحركات الأصولية الإسلامية ، ومنها حركة مقتدى الصدر في العراق ، موقفا عدائيا من الدساتير في البلاد العربية والإسلامية ، يدفعها إلى ذلك تلك المقولة الإيديولوجية العامة بالقول " إن القرآن دستورنا " . هذه المقولة التي ترددها هذه الحركات الأصولية باستمرار كغيرها من المقولات الإيديولوجية العامة لا تكاد تصمد لبرهة عندما يسلط عليها أي ضوء من البحث القانوني والإسلامي المتأني .

    يردد الأصوليون دائما إن " القرآن دستورنا " . وهنا أرجو أن يوسعوا صدورهم ، الضيقة عادة وللأسف بحكم تشددهم المفرط وغير المبرر ، و أن يسمحوا لي بان أقول لهم إن القرآن ليس دستورنا ؛ بل القرآن هو الكتاب المقدس للمسلمين ، وهو الكتاب الذي أنزل على النبي محمد ، صلى الله عليه وآله وسلم ، والذي يستمد منه المسلمون عقائدهم و حكمتهم وقصصهم وأمثالهم وأحكامهم الشرعية المختلفة فضلا عن المصادر الشرعية الأخرى للأحكام الشرعية وفي مقدمتها السنة الشريفة للنبي محمد ( ص ) و آل بيته الأطهار .

    ولكن كل هذا هل يجعل من القرآن الكريم دستورا بالمعنى الاصطلاحي لكلمة دستور على ما يعرفها القانون الدستوري ؟ وهل التاريخ الإسلامي لم يشهد على طوله يوما عملية وضع دستور بالمعنى الاصطلاحي للكلمة ؟

    ابتداء يقصد بكلمة " دستور " في القانون الدستوري مجموعة القواعد القانونية المدونة أو العرفية أو الاثنين معا التي تحدد شكل الدولة والنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي فيها وطبيعة العلاقات بين السلطات المختلفة في الدولة واختصاصات كل منها والحقوق والحريات الأساسية للأفراد . وهذه القواعد توضع مع إنشاء كل دولة جديدة أو تشكيل حكومة جديدة . وبعد ذلك ، فلفظة " دستور " ليست بعربية الأصل ، إنما هي ذات اصل فارسي ، وتعني القاعدة أو الأساس ؛ وبدأت هذه الكلمة تدخل بتردد وممانعة إلى الثقافة القانونية العربية مع بداية القرن العشرين مع التأسيس الحديث للدول العربية ومع موجة وضع الدساتير فيها في كل من مصر والعراق وسوريا ولبنان . لذلك فقد وجدنا المجلس التأسيسي العراقي الذي كلف بوضع الدستور العراقي الأول بعد استقلال العراق عن الإمبراطورية العثمانية قد ناقش الأصل اللغوي لكلمة الدستور و أطلق على الدستور الذي وضعه تسمية " القانون الأساسي " بدلا من " الدستور " بعد ما تبين له الأصل الفارسي للكلمة .

    إذن فإذا كانت كلمة دستور ذات اصل غير عربي فيصبح مجرد القول بان " القرآن دستورنا " غير لائق وغير مناسب على الأقل من الناحية اللغوية . فمن غير المناسب أن يصوغ المسلمون العرب احد مبادئهم السياسية العامة التي تستخدم القرآن لتصفه بكلمة أخرى غير عربية . ولكن يبدو إن هذه المقولة الإيديولوجية قد صيغت من قبل الإسلامويون من ضمن موجة الرد والمقابلة الإيديولوجية لكل ما اعتبروه من مؤثرات الحضارة الغربية . و الأدهى والأمر من ذلك إن بعض الأنظمة العربية الشمولية قد وظفت هذه المقولة الإيديولوجية لصالحها لكي لا تكلف نفسها عناء وضع دستور لشعوبها لتبقى هي تتصرف بالدولة ومقدراتها كما تمليها عليها عقليتها الدكتاتورية وأحيانا مزاجية حكامها ، لان الدستور هو ببساطة مجموعة القيود المقررة على سلطات الحكام واختصاصاتهم . على أية حال واستمرارا على جوابنا على السؤال الأول ، فان القرآن الكريم بحد ذاته لا يصلح بجميع آياته أن يكون دستورا لبلد من البلاد الإسلامية لأنه يتضمن أمورا لا علاقة لها بالحكم وشكل الدولة لا من قريب ولا بعيد وذلك مثل القصص والحكم والأمثال التي يتضمنها القرآن الكريم . أما تلك الآيات التي من المكن أن تكون لها علاقة بأمور الدولة ونظام الحكم ، إن وجدت ، فهي تقرر مبادئ و قواعد عامة غير تفصيلية ، كما هو معروف ، تصلح لئن تكون مبادئ لعدة أشكال وأنظمة من الدول والأنظمة الإسلامية . فإذن ، إذا كان الأمر كذلك ، فلابد من أن يصار إلى استخراج مثل هذه المبادئ من القرآن الكريم وجمعها وتبويبها في وثيقة خاصة لتشكل الدستور بالمعنى الاصطلاحي للكلمة وسيكون بطبيعة الحال من الواجب أن يضاف إليها ما يمكن إضافته من مبادئ وقواعد تفصيلية أخرى ما دامت لا تعارض الشريعة الإسلامية بفهمها المرن . وإذ ذاك سنكون أمام وثيقة قانونية أساسية تحدد لنا شكل الدولة ونظام الحكم وطبيعة السلطات والعلاقات بينها وحقوق الأفراد وحرياتهم والقيود التي ترد فيها على سلطات الحكام . وسواء أطلقنا على هذه الوثيقة اسم الدستور أو القانون الأساسي أو قانون إدارة الدولة أو غيره من التسميات ، فإنها وفي كل الأحوال من المؤكد ستكون وثيقة أخرى غير القرآن الكريم . وهي الوثيقة التي يطلق عليها أهل هذا الزمان تسمية " دستور " بمعناها الاصطلاحي .

    وهذا ما فعله النبي الأكرم محمد ( ص ) ، وهنا يأتي جوابنا على السؤال الثاني ، وذلك بعدما وصل إلى يثرب ليشرع في تأسيس دولته الإسلامية في المدينة المنورة وذلك بوضعه للوثيقة المشهورة التي سميت بوثيقة المدينة ويطلق عليها المعاصرون أيضا " دستور المدينة " والتي رأى النبي ( ص ) أن يضع الأسس التي يعتقدها مهمة لتنظيم الحياة العامة فيها ، وذلك حتى تتضح الأمور وتتحدد العلاقات وتضبط المسؤوليات التي تترتب على جميع الفرقاء الذين يشتركون في العيش قي مدينة واحدة ، لاسيما وإنهم من أصول مختلفة ويعتنقون أكثر من ديانة ، ولا تجمعهم وحدة الموقف أو المصلحة . وهذه الوثيقة على ما أوردها ابن إسحاق ، هي نص الوثيقة التي كتبها الرسول ( ص ) ، وحدد فيها صورة العلاقات في المجتمع المدني الجديد بفئاته المختلفة وما يترتب من حقوق وواجبات على كل فئة من هذه الفئات . ومما جاء في هذه الوثيقة ، من جملة أمور كثيرة :

    " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذه كتاب من محمد النبي صل الله عليه وآله وسلم ، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم إنهم امة واحدة من دون الناس ". وهنا يمكن القول ، إن النبي ( ص ) يحدد ركن الشعب في الدولة .ومما جاء في الوثيقة أيضا ، " إن يهود بني عوف امة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، مواليهم وأنفسهم " . وهنا يبدو إن النبي ( ص ) يتعرض لحقوق الأقليات . وجاء في الوثيقة أيضا ، " وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وان بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة ، وان بينهم النصح والنصيحة ، والبر دون الإثم ، وانه لم يأثم امرؤ بحليفه ، وان النصر للمظلوم ؛ وان اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين ؛ وان يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة ...... " . راجع السيرة النبوية لابن هشام ، ط1 ،ج2 ، مصر ، المنصورة : دار الغد الجديد ، 2003 ، ص ص 101- 103.

    إذن يبدو بوضوح لا يعتريه أي لبس من هذه الوثيقة إن النبي محمد ( ص ) كان أول من وضع دستورا في الإسلام بالمعنى الاصطلاحي لكلمة دستور .وعلى هذه النحو ، إذا كان النبي محمد ( ص ) أول من وضع الدستور في الإسلام ويجهل رجال الدين ذلك وهم الذين يدعون إنهم علماء الأمة ، فهل نكون قد بالغنا أو ذهبنا شططا إذ ما قلنا " إنما نحن امة ابتليت بجهل بعض علماءها " . [/align]

  2. #2

    افتراضي

    اقتباس
    بقلم:د هادي نعيم المالكي
    _________________________________________________
    تقف الحركات الأصولية الإسلامية ، ومنها حركة مقتدى الصدر في العراق
    _________________________________________________

    حبذا لو يتكرم الكاتب ويعرف لنا ما هو مفهوم الاصولية الاسلامية؟؟ ومن ابتدعه ؟ ولماذا ؟ وهل ان مقتدى الصدر اسلاميا اصوليا في نظر الكاتب ؟

    وماهو تعريف الدستور ؟ وماهي مكونات الدستور ؟
    albasry

  3. افتراضي

    السلام عليكم

    الاخ البصري العزيز ارجو ان تسامحني ان قلت لك اني اشم في اسئلتك هذه رائحة استهزاء
    ارجو ان لا يكون الامر كذلك
    على العموم في معرفة الحركات الاصولية بامكانك الرجوع الى الكتب العديدة التي تتكلم عن ها الموضوع والتي تزخر بها المكتبة العربية
    اما عن حركة مقتدى الصدر هل هي اصولية ام لا ، فمن وجهة نظري واخرين كثيرين ،نعم بالطبع هي كذلك ولا شي غير ذلك


    اما عن الدستور وتعريفه ومكوناته فاعتقد ان المقالة قد تضمنت ذلك وبايجاز واذا رغبت بمزيد من التفصيل فبمكانك الرجوع الى كتب القانون الدستوري


    وتقبل فائق احترامي وتقديري

  4. #4

    افتراضي

    اقتباس
    بقلم; د هادي نعيم المالكي

    ________________________________________________
    الاخ البصري العزيز ارجو ان تسامحني ان قلت لك اني اشم في اسئلتك هذه رائحة استهزاء
    ارجو ان لا يكون الامر كذلك
    ________________________________________________


    معذرة استاذنا الفاضل ، اذا كنت تشم رائحة الاستهزاء
    بمقالك ، فانا لا استهزء باحد ،فقط استهزأ باعمال حكام المنطقة الخضراء!!!! احببت ان تعطني تعريفا للاصولية الاسلامية ؟؟ وحددت السؤال بمن ابتدعها ؟؟ وماعلاقة امريكا بهذا والغرب ايضا ؟؟؟ ولكن ان كان سوء الظن قد سيطر عليك في اول رد على مقالك ... فاني
    اتأسف عن المداخلات والردود معك ....

    وتقبل اعتذاري
    albasry

  5. #5

    افتراضي

    من يقول بان القرآن دستور، فهو اما ان يكون لا يعرف الدستور، او انه لا يعرف القرآن.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    الدولة
    طائر لا أرتضي الأرض مسكنا
    المشاركات
    4,759

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة albasry2003
    حبذا لو يتكرم الكاتب ويعرف لنا ما هو مفهوم الاصولية الاسلامية؟؟ ومن ابتدعه؟
    من بحث لجعفر الموسوي بهذا الصدد و ينقل فيه رأي العلامة فضل الله و هو الأقدر على الكلام بخصوص الحركات الإسلامية و مصطلحاتها من غيره.
    .......................
    مصطلح الاصولية:
    لم يبرز مصطلح الاصولية في المعاجم والموسوعات الغربية الا حديثاً، فهو لم يظهر في معجم روبير الكبير سنة 1966، ولم يظهر في الموسوعة العالمية في 1968 سوى ما ورد في قاموس لاروس الصغير سنة 1966 وبكيفية عامة جداً حيث يقول «ان الاصولية هي موقف اولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة مع الظروف الجديدة».
    وفي قاموس لاروس الجيب الصادر في 1979 اقتصر المفهوم على الكاثوليكية وحدها حيث ورد «انها استعداد فكري لدى بعض الكاثوليكيين الذين يكرهون التكيف مع ظروف الحياة الحديثة».
    اما هربرد كمجيان (استاذ العلوم السياسية في جامعة نيويورك) فيرجع اصل الاصولية إلى فرقة من البروتستانت التي تؤمن بالعصمة الحرفية لكل كلمة في «الكتاب المقدس» ويدعي افرادها التلقي المباشر عن الله بالاضافـة إلى معاداتهم للتفكير العلمي وميولهم إلى استخـدام العنف والقوة لغرض فرض معتقداتهم.
    وفي عام 1984 ظهر معجم لاروس الكبير في(12) جزءاً وعرفها على انها موقف جمود وتصلب مارض لكل نمو
    أو تطور، وهكذا يذهب غارودي في كتابه «الاصوليات المعاصرة، اسبابها ومظاهرها» إلى ان المكونات الاساسية للاصولية هي: «رفض التكيف، جمود معارض لكل نمو، عودة إلى الماضي، انتساب إلى التراث والجذور، المحافظة، وعدم التسامح، التحجر المذهبي، تصلب، كفاح، عناد».
    ومنذ السبعينات وعلى اثر تنامي ظاهرة الاحياء الاسلامي وازدياد عمقها في المجتعات الإسلامية وازدياد ظهور الحركات الإسلامية في العالم، ذهبت الدوائر الغربية إلى التحري عن الايديولوجيا والمفهوم الذي تقوم على اساسه تلك الظاهرة المتنامية، بالاضاف إلى الدراسة التي تقتضي مجابهة هذا التيار الاسلامي بطرق ووسائل متعدة، وهكذا نعتت ظاهرة الاحياء الاسلامي بالاصولية الإسلامية في الكتابات الغربية، حيث يأتي استخدام مثل هذا المفهوم الذي لا يرتبط بخصائص الحركة الإسلامية وسماتها الذاتية محملاً بأنحيازات ايديولوجية واضحة، فغالباً ما تؤكد الدراسات الغربية على ان الجماعات الاصولية الإسلامية تدعو إلى التشدد والتمسك بالقديم وترفض ـ بل تعادي ـ العلم والحداثة!، ولا شك ان هذا الاستخدام يتضمن نظرة تشويهية للحركة الإسلامية الاحيائية، بل للاسلام عموماً.
    وفي هذا الصدد يقول العلامة السيد محمد حسين فضل الله: «ان الاصولية مفهوم غربي ينطلق من خلال الاصولية المسيحية التي كانت تتحرك على اساس الغاء الآخر، اننا لا نتبنى مصطلح الاصولية لان الإسلام ليس حركة عنف ضد الآخرين، وانما العنف يمثل محورا يتحرك فيه المسلمون في مواجهة القوى التي تريد ان تقهرهم أو تلغي حريتهم، وهكذا فان الإسلام لا يلغي الآخر ولكنه يحاور الآخر، وعندما نريد ان نقرأ القرون نجد انّه حاور المشركين والملحدين وحاور اهل الكتاب والمنافقين، وجعل الحوار عنوان كل حركته في الدعوة إلى الله وساحة الصراع، ولكن التخطيط السياسي الغربي حاول ان يضع هذه الكلمة كعنوان للحركة الإسلامية وخاصة الحركة الإسلامية المنطلقة في الدائرة الشيعية، ولكنه اضفاها فيما بعد على الحركات الإسلامية (السنية والشيعية) حتى يعزل الرأي العام عن التعاطف مع هذه الحركة ليعتبرها حركة عنف وارهاب والغاء للآخر وتجميداً له، باعتبار ان هؤلاء يريدون ان يعيدوا التاريخ للوراء ليفرضوا على الواقع المعاصر ما كان يعيشه الناس في عصر الجمل وما إلى ذلك من التعابير والكلمات، وهكذا فان اعطاء الاصولية عنواناً للحركة الإسلامية ينطلق من اساس محاصرة كل حركة وانتفاضة».


    http://www.iraqcenter.net/vb/showthread.php?t=13291

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    325

    افتراضي

    تقديري للدكتور هادي المالكي لطرحه موضوعاً يلامس صميم فكر الحركات الإسلامية ، مقولة "دستورنا القرآن" التي تتصدر كافة الواجهات السلفية تقريباً. والسلفية لا تمس الموضع الطائفي للسنة، وإنما تمس واقع حركات ذات توجه سلفي شيعية أو غيرها. أتصور أن السلفية تعني تتبع سيرة الذين مضوا والتشبه بهم والوقوف على افكارهم. هؤلاء السلف قد يكونون صحابة او علماء او فقهاء او سياسيين وربما كانوا آباء أو أقارب لبعض المتصدين لواجهات اسلامية معروفة.

    اعود الى مصطلح اصولية الذي نقل الاخ صفاء جزء من تعريف السيد فضل الله له، ومن يقرأ هذا التعريف يفهم ان فضل الله يدافع عن كل ما هو حركي اسلامي من يمينه المتطرف الى يساره المتشدد. وهذه الحركية الاسلامية التي كان ومايزال فضل الله من المنظرين لها، لم ينجح هو ولا غيره في الاتفاق -رغم نجاحه الباهر في تنظيره- على صياغة معيار واضح يحدد مستويات الالتزام بأسس ومبادئ الشريعة التي تستند اليها هذه الحركية. واصبحت آراؤه وآراء من سبقوه مجرد هوامش نظرية يستند عليها كل من يقول عن نفسه انه حركي اسلامي.

    كي نستطيع فهم الحركية الإسلامية بشكلها الذي نشأ وتحرك من خلال مفهوم ارتباطها بالسلف، وتحركها على مواضع اثر السلف -أياً كان شكله- يجب علينا دراسة شكل هذا السلف، واسس تحركه وظروف تحركه. وهذا هو المشكل الرئيس الذي تعاني منه الحركية الاسلامية، فالحركية الاسلامية التي يسميها الغرب اصولية، وهي تسمية بها شيئ كثيرمن مواقع الدقة والصحة، وإن حاول فضل الله او منظرو الحركية الاسلامية ان يحبسوها في افق الإستعارة اللفظية الضيقة لهذه الكلمة في اللغة الأصلية، اقول لم تنجح في ان تحدد لنفسها مساراً انسانياً واضحاً يجعل الانسان محوراً لها -مهما كان شكله او انتماؤه- كما ان الله هو محور لها.

    الأصولية كمصطلح يمكن ان يكون وصفاً دقيقاً لحالة من تشرذم كبير وضياع يصل الى التهافت والتناقض في مسيرة حركة تسمى اسلامية. خطاب السيد فضل الله بشكله العام واحياناً بتفاصيله لا يختلف كثيراً عن خطاب القرضاوي أو حسن الترابي أو حتى الحركية الفوضوية التي تسود العالم اليوم. وعلى سبيل المثال لا الحصر فان حركية مقتدى الصدر او السيد الصرخي لا تختلف كثيراً عن حركية القاعدة السلفية او حركية فدائيو الاسلام او مجاهدي خلق الايرانيتين من حيث تشابه الاساليب والاهداف (الهدف رفع راية التوحيد والدولة الاسلامية، والاسلوب الفعل العنيف والمسلح) وهي حركية مازالت تعيش السلفية النسبية، وحركية تتحرك في هدف استراتيجي هو "ارجاع الامة الى الثوابت"، اي هذه الحركية تتحرك في طريق الارجاع وفي طريق الثوابت. رغم ما تحمله كلمة ارجاع من معاني لا تخفى على من يحلل مسيرة هذه الحركية ورغم ما تحمله الثوابت من نسبية كبيرة في التعاطي مع الاحداث والقيم والشعارات. ورغم ما تحمله عقلية التغيير الحركية الاسلامية -بمفهومها الحالي- من نظرة قاتمة وسوداوية الى المجتمع والعالم والاحداث.

    مشكلة هذه الحركية الاسلامية ذات البعد الاصولي والسلفي انها لا تمتلك لحد الآن سقفاً واحداً من القيم تتحرك على اساسه. رغم ان كافة اطيافها تتحدث نفس اللغة وترفع نفس الشعارات، شعارات اسستها حركة الاخوان المسلمون المصرية منذ بداية تأسيسها وتركت اثرها على اغلب منظري الحركية الاسلامية دون ان يبتكر احد ما نظريات بديلة أو اساليب عمل بديلة لهذه الافكار التي ليس من الضرورة ان تكون هي الافضل او الاحسن.

    عند مراجعتنا لأدبيات الحركية الاسلامية التي يتبناها كثيرون من المسلمين اليوم، تظهر ان القاسم المشترك بينها هي هذه الشعارات التي تحمل في طياتها مشاكل عويصة على الفهم وعلى التطبيق تتناقض احياناً كثيرة مع الفهم الاوسع للدين الاسلامي. فالقرآن دستورنا يوظف كشعار كي يحرك المسلمين ضد اي قانون يبرز الى الوجود يراه هؤلاء الذين يرفعونه انه ضد مصالحهم. والدولة الاسلامية شعار يرفع من قبل اية جهة تريد تخريب موقع سياسي متنافس معها، والامام المهدي والمرجعية ترفع من اية جهة تبحث عن حيز مشروعي لعملها وهكذا. ولا ادري ما هي التسمية البديلة التي يمكن ان تسمى بها مثل هذه الامور غير الاصولية ؟ اصولية الكلمة والشعار والرمز والايحاء بل وحتى الفعل.

    يبقى الكثيرون من الحركيين الاسلاميين يعيشون في مسارات عقدية من كثير من متغيرات العالم، تبقيهم يتقوقعون في مربعات الرهاب من كل ماهو جديد. الرهاب الذي يؤدي الى ان تصل المسالة الى اعطاء فتاوى القتل وممارسة القتل وتبرير قتل الابرياء وتحت نفس المسميات والقواعد السلفية . ويبقون يعيشون نسبية هذه الاصول التي يؤمنون بها، فالاصول والقيم ككلمات هي واحدة ، لكنها تحمل مدولات ومعان نسبية تحمل في طيها انواع متعددة من الازدواجية في التعاطي مع الموضوع ككل، ومعان كثيرة من الانتقائية والتحايل على الاصول الاسلامية نفسها.

  8. #8

    افتراضي

    سلامي للأخوة في هذا المنتدى

    حول موضوع الأصولية الدينية فهي بلا شك ذات منابع غربية بروتستانتية واطلاق هذه الكلمة على الحركات الإسلامية المعتدلة كفكر السيد فضل الله أو غيره فيها نوع من الإجحاف والظلم.
    الأصولي (fundamentalist)حسب اعتقادي هو الذي يأخذ معتقد الاخرين كتهمة كافية لإدانتهم وهذ التعريف ينطبق على الزرقاوي وبن لادن لأنهم اعتقدوا بأن أدلتهم اللاهوتية هي أساس الحق ومن يحيد عنها فهو كافر وخارج عن الملة. نحن هنا يجب أن نميز بين التطرف الفكري وأساس الفكر المتطرف فمثلا فكرة الحاكمية للسيد قطب هي فكرة بالأساس تلغي الأخر وتنفيه لذلك نستطيع أن ندعي بأن فكرة الحاكمية هي فكرة بالأساس متطرفة وتستلزم التطرف كأحد نتائجها أما التطرف الفكري فهي حالة اجتماعية ملازمة للفكر المتطرف أو قد تكون ليست بالضرورة ملازمة له لأنها حالة مرضية تصيب جميع الأفكار الموجودة في العالم سواء الفكر الديني أو اللاديني .
    الذي أريد أن أركز عليه في هذه المداخلة هو أنه مستحيل علميا وضع جميع الحركات الإسلامية في سلة واحدة ووصمها بأنها حركات أصولية دينية.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    الدولة
    طائر لا أرتضي الأرض مسكنا
    المشاركات
    4,759

    افتراضي

    الأخ فياض أذا أنصف أصحاب العقد و المرضى النفسيين بحق السيد فضل الله فقد ملأت الأرض قسطاً و عدلا.
    مشكلة هؤلاء المتفلسفين و أرباع المثقفين أنهم لا يستطيعوا حتى أن يقرأوا كلامه كما هو مكتوب.
    لازم يخلوله أدين و رجلين

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني